
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَحَمامَــةٌ نــاحَت عَلــى الأَعـوادِ
أَحَكَيتَنــي فـي النَـوحِ وَالإِنشـادِ
وَقَنَــت حيـنَ شـَهِدَت مِنّـي لَوعَـتي
رَفُّ القَــوادِمِ مِــن خَـوفِ فُـؤادي
جَـلُّ المُصـابِ وَحَـلُّ سـُلطانِ الأَسـى
وَعُـدتُ عَلـى الصـَبرِ الجَميلِ عَوادِ
وَكَــأَنَّ ذاكَ اليَـومَ أَصـبَحَ ذابِلاً
بـانَ النَقـا جَزعـاً وَضالَ الوادي
بَلـوا التَـرائِبِ بِالـدُموعِ فَإِنَّما
نــارَ الجَـوى عَلِقَـت بِكُـلِّ زِنـادِ
وَدَعـوا التَعَلُّلَ بِالتَأَسّي وَاِربِطوا
يـا قَـومَ بِالأَيـدي عَلـى الأَكبـادِ
هَـيَ صـَولَةُ الأَيّـامِ لا تَقـوى لَهـا
بِتَجَلُّــــــدٍ مِنّــــــا وَلا بِجَلادِ
فَتَكــتَ بِمَحمـودٍ وَمـا نَهَـدتَ لَـهُ
بِــالجَيشِ فـي عَـدَدٍ وَفـي أَعـدادِ
قَـد كـانَ يُـؤثِرُ أَن يُكَفِّـنَ جِسـمَهُ
فـي حَومَـةِ الهَيجـاءِ نَقـعُ طِـرادِ
وَفـي الحُتـوفِ إِذِ السـُيوفُ لَوامِعٌ
وَقَضـى وَبيـضُ الهِنـدِ فـي الأَغمادِ
طَودُ العُلى الراسي الَّذي قَد قَصُرَت
فـي المَجـدِ عَنـهُ شـَوامِخُ الأَطوادِ
مُتَقَلِّــدُ الشـَرَفِ الطَريـفِ وَمالِـكٌ
كَــرَمُ العُــروقِ وَنَزعَـةُ الأَجـدادِ
هُـوَ مَشـرَعُ الأَفضـالِ فـاضَ مَعينُـهُ
لِلـــوارِدينَ وَكَعبَـــةُ الإِســعادِ
يَجلـو الشَدائِدَ وَهيَ حالِكَةُ الدُجى
بِذُبالَـــةٍ مِـــن خــاطِرٍ وَقــادِ
إِن أَقبَـلَ الخَطـبُ الجَليلُ مُساوِراً
تَلقـــاهُ ســَدَّ طَريقَــهُ بِســَدادِ
عِلـمُ البَلاغَـةِ كـانَ رَحـبُ فَنـائِهِ
لِـذَوي الحَصـافَةِ نَجعَـةَ المُرتـادِ
عَشــِقَتهُ أَخيـارُ الرِجـالِ فَـذِكرُهُ
زَيــنُ الحَــديثِ وَطُرفَـةَ الإِسـنادِ
غَيــثٌ تَصــَبَّبَ بِالجَميــلِ كَأَنَّمـا
هُـوَ فـي الأَيـادي مِثـلَ كَعبِ إِيادِ
تَصـبو الطُـروسُ إِلـى مَحابِرِهِ كَما
تَصــبو إِلـى الأَنـواءِ أَرضَ جَمـادِ
يـا بُلبُـلَ الشُعَراءِ أَذواكَ الرَدى
فــي ســاعَةٍ عَـن غُصـنِكَ المَيّـادِ
أَمســَكتَ عَــن نَظـمِ الكَلامِ قَلائِداً
فَــأَرى المَهــارِقَ عَطـلَ الأَجيـادِ
الشـِعرُ بَعـدَكَ قَـد تَـداعى بَيتَـهُ
مُتَقَطِّـــعُ الأَســـبابِ وَالأَوتـــادِ
لَـكَ خالِـدُ الشـِعرِ الَّذي ما قالَهُ
مِــن أَهـلِ عَصـرِكَ نـاطِقٌ بِالضـادِ
شــِعرٌ تَــرى فيــهِ سَلاسـَةَ حاضـِرٍ
سـَهلُ الطَريقَـةِ فـي جَزالَـةِ بـادِ
يَختـالُ فـي حَـلِّ الفَصـاحَةِ زاهِياً
كَــالرَوضِ أَخضــَلَهُ ســَحابٌ غــادِ
لَــكَ مِنــهُ كُــلَّ قَصـيدِةٍ سـَيّارَةٍ
يَتَرَنَّــمُ الشـادي بِهـا وَالحـادي
أَقـوتُ عُكـاظٌ بَعـدَ مـا حَلَّ القَضا
يَومــاً بِنابِغَــةِ القَريـضِ زِيـادِ
أُثنـي عَلـى تِلـكَ الخِصـالِ تَفَجُّعاً
فَالشــَمسُ غانِيَــةٌ عَــنِ الأَشـهادِ
وَأُعــاتِبُ الـدُنيا عَشـِيَّةَ أَصـبَحَت
تِلــكَ الخِصــالِ رَهينَـةَ الأَلحـادِ
يــا راحِلاً خَلَّفــتَ فينــا لَوعَـةً
مَلَكَــت مِـنَ العَزَمـاتِ كُـلَّ قِيـادِ
أَهـدَت وَحَقُّـكَ مِصـرَ مِـن نارِ الأَسى
قَبَســاً إِلــى الأَمصـارِ وَالأَجنـادِ
فَالـدَمعُ مِـن كُـلِّ المَـدامِعِ سائِلٌ
وَالشـُجوُ فـي كُـلِّ المَسـافِرِ بـادِ
رَعَــتِ الأَدانــي وَالأَقاصـي جُملَـةً
لِلَـــهِ فَضــلُكَ جــامِعُ الأَضــدادِ
يَبكـي اليَراعُ عَلَيكَ وَالسَيفُ الَّذي
عَزَّزَتــهُ فــي كُــلِّ يَــومٍ جِهـادِ
أُفضــي سـِلاحَكَ لِلـرَدى فَفَـرى بِـهِ
بِيَــدِ المَصــابِ جَـوارِحُ الأَجسـادِ
أَهــوَنُ بِمُهلَــةِ كُــلِّ حَـيٍّ إِنَّمـا
يَســعى إِلــى أَمَــدٍ مِـنَ الآمـادِ
نُحَيّــي وَنَفنــي وَالحَيـاةُ تَعِلُّـهُ
وَدَلالَــةُ الإِعــدامِ فــي الإِيجـادِ
نُلقـي البَلاءَ فَمـا يُفـارِقُ عُمرَنا
حَتّــى نَصــيرُ إِلـى بَلـى وَنَفـادِ
نسيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان.شاعر، من الكتاب المفكرين، من نوابغ الأمراء الأرسلانيين، ولد في بيروت، وتعلم بالشويفات، ثم بمدرسة الحكمة ببيروت، وأولع بشعر الجاهليين والمخضرمين، فحفظ كثيراً منه، وقال الشعر وهو في المدرسة، فنظم (واقعة سيف بن ذي يزن مع الحبشة) في رواية ذات فصول، وأتم دروسه في المدرسة السلطانية ببيروت. وعين مديراً لناحية الشويفات (بلبنان) فأقام نحو عشر سنوات، محمود السيرة، واستعفى، وسكن بيروت. ولما أعلن الدستور العثماني انتخب رئيساً لنادي جمعية الاتحاد والترقي في بيروت. ثم نقم على الاتحاديين لسوء سيرتهم مع العرب، فانفصل عنهم، وانضم إلى طلاب (اللامركزية) وأخذ ينشر آراءه في جريدة (المفيد) البيروتية، فكان لمقالاته فيها أثر كبير في الحركة العربية، ثم استمر مدة يلاحظ تحرير تلك الجريدة متطوعاً. كان مجلسه في مكتبها مجمع الكتاب والادباء وقادة الرأي. ولما نشبت الحرب العامة (سنة 1914م) انقطع عن أكثر الناس ولزم بيته. ثم انتقل إلى الشويفات (سنة 1915) وانصرف إلى استثمار مزارعه ومزارع شقيقيه شكيب وعادل، ولم يزل في انزوائه إلى أن توفي، وكان أديباً متمكناً، جزل الشعر، حلو المحاضرة، سريع الخاطر في نكتته وإنشائه، بعيداً عن حب الشهرة، يمضي مقالاته في المفيد باسم (عثماني حر).