
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســـواءٌ يكــف الــدمع أم يتصــبب
فــؤادي بحكــم الحــالتين معــذب
رقـا الـدمع مـن عينـي والهم ثابتٌ
إذا انجــاب منـه غيهـبٌ جـن غيهـب
ســترث عـن الأبصـار باديـة الجـوى
وهــل يملــك الأنفــاس صـدرٌ مغلـب
وأدرجـت سـري فـي جنـاني فلـم تزل
تنــــم عليـــه جمـــرة تتلهـــب
لقــد دوخــت عزمـي وأفنـت تجلـدي
كتــائب مــن جنــد الأســى تتكتـب
فمـا عـاج سـلوان علـى ربـع مهجتي
وللحـــزن فيـــه ســاكن لا يرحــب
غـدا الصـبر عنـدي وهـو زعـم مفندٌ
وقـد ينكـأ الجـرح القـديم المطبب
أجــل طرقتنــا الحادثــات بنكبـةٍ
ونــاح بوادينــا الهـزار المطـرب
عشــية لــم نخــش الزمـان وصـرفه
ولـم نـدر مـا كـن القضـاء المغيب
عشــية رحنــا كــل يــوم وليلــةٍ
نجـــرر أذيــال الأمــاني ونســحب
فــوا كمــداً لمــا تــولى محمــدٌ
محـا اليـأس مـا حط الرجاء المحبب
لعمــرك جهــد النائبــات مصـابنا
فــــأي مصـــاب بعـــده نتجنـــب
فمــن مبلــغ الأقــوام أن بخطبنـا
قـد انفـل مـن سـيف النـوائب مضرب
مضـى طرفـة الدهر الذي غاله الردى
بـداراً كمـا يهـوي مـن السعد كوكب
مضـى زينـة الشـرق الـذي عند ذكره
ترنـــح للشـــرقي عطـــف ومنكــب
مضـى عمـدة القـوم الـذي شـد أزره
بــه العربــي المحــض والمتعــرب
كريـمٌ بنـى المجـد الأثيـل مجاهـداً
وكــم يقتـل المجـد الأثيـل وينكـب
مــآثره الشــماء فــي كــل غايـةٍ
علــى هامــة التاريـخ تـاج مركـب
لــه فـي مجـال الفضـل بنـد مشـهر
وفــي طــرق العليــا منـارٌ منصـب
ودون خطــاه فــي المحامــد شــقة
تشــق علــى أهــل الكمـال وتصـعب
تـدرب فـي الأعبـاء مـن بـدء عمـره
ويــا حبـذا غصـن الشـباب المـدرب
وســـاد بـــأخلاقٍ حســـانٍ كأنهــا
أزاهــر غاداهــا مـن القطـر صـيب
هـو البحـر فـي أي المعـاني أردته
تحيــرت فــي أي المنــاقب تطنــب
منــاقب لــو رام المعــرف وصـفها
لقـــل لـــديه الجــوهري وثعلــب
فيــا عصــبة النــواب هلا ذكرتــم
أخــاكم إذا صــر اليـارع المشـطب
لـه الخـاطر والوقاد والحكمة التي
بأكنافهـــا روض الأمـــاني مخصــب
روى الـبرق منعـاه فأصـعق بالنبـا
يــدك مــن الصـبر الجميـل ويحـزب
بليــلٍ مــن الأشــجان ضــاوٍ هلالـه
وعقــد الثريــا دمعــه المتصــبب
كـأن السـماك الرامـح اعتقل القنا
لثـأر أخ والنسـر فـي الجـو مـوكب
كـأن بنـي نعـش علـى نعـش مـن ثوى
نــوائح ترثــي المكرمــات وتنـدب
كــأن بشــير الصــبح أجفـل رهبـةً
مـــن الأرض يــدنو تــارةً وينكــب
كــأن عبــوس الأفــق يلطــم خــده
فلا عليـــه أحمــر اللــون أصــهب
كـأن الضـحى قـد شـق جلبـابه أسـى
فلــم يــدر أنــي بعــده يتجلبـب
كــأن زفيــر القــوم صـار ضـبابةً
أنـاقت علـى الغـبراء الجـو أكهـب
غـداة اختـتى بالنطق من كان ناطقاً
وأعجــم بالإنشــاء مـن كـان يعـرب
طوى اللحد من آثاره الغر ما انطوت
تشـــرق مـــا بيــن الملا وتغــرب
بكنــه الأدانــي والأقاصـي وأقبلـت
علـى رمسـه الأحيـاء في الموت ترغب
تســـيل مــآقيهم بنــار شــجونهم
وبالنــار ينشــق الســحاب ويسـكب
شــهيد حفــاظٍ رام إيفــاء عهــده
فــأرداه تيــارٌ مـن الحتـف يزعـب
وكــان لـه عـن حومـة الشـر معـدلٌ
لــو أن التــوقي مـا يحـب ويطلـب
جـزى اللَـه مـن صبوا الدماء بفتنةٍ
يضــج لهـا الـدين الحنيـف ويغضـب
إذا مــا أضــل اللَــه أحلام معشـرٍ
فــاعجم لفــظٍّ مــا يقـول المـؤنب
لقـد وجـدوا الدسـتور لدناً وفاتهم
بــأن ختــام الرمــح نصــلٌ مـذرب
فـــدونهم جنـــداً كآســاد بيشــةٍ
يفتـــش عمــن قــد بغــى وينقــب
كـأن الـثرى لـم يـرض مـس دمـائهم
فــدار علــى الأعنــاق حبـل مكـرب
فلا تعـــش الأحـــرار إن دفـــاعهم
عــن الحــق مـا فـي شـأنه مـتربب
حمالــك يــا رب الحصــافة مصـطفى
وكيــف بحكــم مــا عليــه معقــب
وعزمــك فــي كــل النـوازل وافـرٌ
وعــودك فــي كــل المجــامر طيـب
لئن دهــم الــرزء الـذي جـل جلـه
فــأنت فتــاه والعــذيق المرجــب
مـن الحامل الخطب الجسيم الذي عرا
إذا كــل عنــه الأحــوذي المجــرب
ومــا نكـد الـدنيا جديـداً وإنمـا
يجــد علــى مــر الســنين ويقشـب
فحــتى م نغــري بالأصـائل والضـحى
ونــذهل عــن ســاجي الظلام ونضـرب
يـود الفـتى طـول الحيـاة ولو غدا
علــى الجمـر مـن أتراحهـا يتقلـب
سـقى اللَـه محبـوب الرخاء فلم يكن
علــى بــابه فـي العـالمين مخيـب
ســتبقى عظـات الكـون مغلقـةً لنـا
ولـو أسـهب الشـرح الزمـان المؤدب
نسيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان.شاعر، من الكتاب المفكرين، من نوابغ الأمراء الأرسلانيين، ولد في بيروت، وتعلم بالشويفات، ثم بمدرسة الحكمة ببيروت، وأولع بشعر الجاهليين والمخضرمين، فحفظ كثيراً منه، وقال الشعر وهو في المدرسة، فنظم (واقعة سيف بن ذي يزن مع الحبشة) في رواية ذات فصول، وأتم دروسه في المدرسة السلطانية ببيروت. وعين مديراً لناحية الشويفات (بلبنان) فأقام نحو عشر سنوات، محمود السيرة، واستعفى، وسكن بيروت. ولما أعلن الدستور العثماني انتخب رئيساً لنادي جمعية الاتحاد والترقي في بيروت. ثم نقم على الاتحاديين لسوء سيرتهم مع العرب، فانفصل عنهم، وانضم إلى طلاب (اللامركزية) وأخذ ينشر آراءه في جريدة (المفيد) البيروتية، فكان لمقالاته فيها أثر كبير في الحركة العربية، ثم استمر مدة يلاحظ تحرير تلك الجريدة متطوعاً. كان مجلسه في مكتبها مجمع الكتاب والادباء وقادة الرأي. ولما نشبت الحرب العامة (سنة 1914م) انقطع عن أكثر الناس ولزم بيته. ثم انتقل إلى الشويفات (سنة 1915) وانصرف إلى استثمار مزارعه ومزارع شقيقيه شكيب وعادل، ولم يزل في انزوائه إلى أن توفي، وكان أديباً متمكناً، جزل الشعر، حلو المحاضرة، سريع الخاطر في نكتته وإنشائه، بعيداً عن حب الشهرة، يمضي مقالاته في المفيد باسم (عثماني حر).