
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مالِكُ بنُ نُويرَةَ اليَربُوعِيُّ التَّمِيمِيُّ، أَبو حَنظَلَةَ ويُلقَّبُ بِالجَفولِ، شاعِرٌ مُخَضرَمٌ، وسَيّدٌ مِن ساداتِ قَومِهِ فِي الجَاهليّةِ وكانَ مِن أَردافِ المُلوكِ، وعِندما أَسلَمَ جَعلَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على صَدَقاتِ قَومِهِ، فَلمّا قُبِضَ عَليهِ السَّلامُ أَمسَكَ مالكٌ الصَّدَقَةَ وفَرَّقَها فِي قَومِهِ، فَبعثَ إِليهم أَبو بَكرٍ رَضي اللهُ عنهُ خالدَ بنَ الوليدِ فَأَسَرَهُ وطائفةً مِن قَومِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ، وقد أَثارَ مَقتَلُ مالِكٍ كَثيراً مِن الجَدلِ حَولَ صَوابِهِ وخَطَئِهِ، وقَدمَ مُتمِّمٌ أَخو مالِكٍ على أَبِي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهُ فأَنشَدَهُ مَرثِيَّةَ أَخيهِ، وناشَدَهُ فِي دَمِهِ وفِي سَبيهِم فَردَّ أَبُو بَكرٍ السَّبْيَ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
مالك بن نُوَيْرَةَ بنِ جمرةَ بن شَدَّادِ بنِ عبيدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بن يَرْبُوع بنِ حَنظلةَ بنِ مالكِ بنِ زَيدِ مَناةَ بنِ تَميمِ بنِ مُرِّ بنِ أُدِّ بنِ طابِخةَ بنِ إِلياسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزارٍ. ويُكنَّى أَبا حَنظلَةَ.
ويَربوعُ قبيلةُ مَالكٍ هِي إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ تَميمٍ، ولَها أَيَّامٌ فِي الجاهِلِيّةِ كَيومِ الصَّمدِ بَينَها وبَنِي شَيبانَ ويومِ ذاتِ كَهفٍ بَينَها والمَناذرةَ وغَيرِها مِنَ الأَيامِ والوَقائِعِ. ثُمّ كانتْ فِي الإِسلامِ مِنَ القبائلِ الّتي ارتدَّ بَعضُها وكانَ لَها ذِكرٌ فِي حُروبِ الرِّدَّةِ، وقدْ قُتِلَ مالِكٌ أَثناءَ هذِهِ الفَترَةِ.
وزَوجةُ مالكٍ هِيَ لَيلَى بِنتُ سِنَانَ بنِ رَبيعَةَ بنَ حَنْظَلَةَ، ولَهُ ابنٌ اسْمُهُ جَراد.
عاشَ مالِكٌ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ وَأَسْلَمَ، فَكانَ مِن الشُّعَراءِ المُخْضْرَمِينَ، أَمّا فِي الجاهِلِيَّةِ فقد كانَ مالكٌ سَيِّداً مِنْ ساداتِ قَوْمِهِ وَعُرِفَ بِفُرُوسِيَّتِهِ وَعِظَمِ مَكانَتِهِ، فَهوَ مِنْ أَرْدافِ المُلُوكِ كَما وَرَدَ فِي (الكامِلِ) لِلمُبَرّدِ، وَيُشِيرُ المُبَرّدُ أَنَّ لِلرِّدافَةِ مَوْضِعانِ: أَحَدُهُما أَنْ يُرْدِفَهُ المَلِكُ عَلَى دابَّتِهِ فِي صَيْدٍ أَوْ تَرَيُّفٍ أَوْ ما أَشْبَهَ ذلِكَ مِنْ مَواضِعِ الأُنْسِ، وَالوَجْهُ الآخَرُ أَنْبَلُ، وَهُوَ أَنْ يَخلُفَ المَلِكَ إِذا قامَ عَنْ مَجْلِسِ الحُكْمِ فَيَنْظُرَ بَيْنَ النَّاسِ بَعْدَهُ.
وَكانَ مَالِكٌ فارِساً شُجاعاً، وَكانَتْ فِيهِ خُيَلاءُ وَتَقَدُّمٌ كَما يَذْكُرُ ابْنُ سَلَّامٍ، وَكانَ ذا لِمَّةٍ طَوِيلَةٍ وَكانَ يُقالُ لَهُ الجُفُولُ، وَهُوَ يُلَقِّبُ بِفارِسِ ذِي الخِمارِ، وَذُو الخِمارِ هُوَ اِسْمُ فَرَسِهِ، ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ:
مَتى أَعْلُ يَوماً ذا الخِمارِ وشِكَّتِي حُـسامٌ وصَـدقٌ مارِنٌ وشَلِيلُ
وَتَبْرُزُ فُرُوسِيَّةُ مالِكٍ وَما اتّصفَ بهِ من شَجاعَةٍ وسيادةٍ فِي شِعْرِ أَخِيهِ مُتَمِّمٍ الَّذِي رَثاهُ بِهِ بَعْدَ مَقْتَلِهِ، وَمِمّا يُشِيرُ إِلَى عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ ما قِيلَ عَنْهُ وَأَصْبَحَ مَثَلاً (فَتىً وَلا كَمالِكٍ).
ذَكَرَ ابنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْرِ وَالشُّعَراءِ) أَنَّ مُتَمِّمَ بنَ نُوَيْرَة دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ فَتَحَدَّثَ عَنْ مَكانَةِ مالِكٍ، وَمِنْ بَيْنِ ما ذَكَرَ أَنَّهُ أُسْرَتُهُ بَنُو تَغلِبَ فِي الجاهِلِيَّةِ فَجاءَ مالِكٌ لِيَفْتَدِيَهُ، فقال: فَلَمّا رَآهُ القَوْمُ أَعْجَبَهُمْ جَمالُهُ، وَحَدَّثَهُمْ فَأَعْجَبَهُمْ حَدِيثُهُ، فَأَطْلَقُونِي لَهُ بِغَيْرِ فِداءٍ.
وَبَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ مالِكٌ احْتَفَظَ بِمَكانَتِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ فَوَلّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقاتِ بَنِي يَرْبُوع بنِ حَنْظَلَةَ، فَلَمّا قُبِضَ عَلَيْهِ السَّلامُ، مَنَعَتْ بَعْضُ القَبائِلِ الصَّدَقاتِ وَكانَ مِنْ بَيْنِها بَنُو يَرْبُوع، وفَرَّقَ مالِكٌ ما فِي يَدَيْهِ مِن إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَلَعَلَّهُ كانَ يَنْتَظِرُ اسْتِقْرارَ الأُمُورِ فِي تِلْكَ الفَتْرَةِ كَما يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ:
وقــالَ رِجـالٌ سـَدَّدَ اليومَ مالـكٌ وقـَالَ رِجالٌ مالِكٌ لم يُسـدَّدِ
فَقُلتُ دَعُونِي لا أَبــاً لِأبيكُمُ فَلَمْ أَحظَ رأْياً فِي المُقامِ ولا النَّدِي
فَدُونُكُمُوها إنَّما هِيَ مالُكُم مُصَوَّرَةٌ أَخلاقُها لم تَجَدَّدِ
وقُلـتُ خُذُوا أَمـوالَكُم غيرَ خـائفٍ ولَا نــاظِرٍ فِيمــا يجِيْءُ بِـهِ غَدِي
ســَأَجْعلُ نَفسـِـي دُونَ مـا تحـدرونه وأرهنكــم يومـاً بمـا قُلتُـهُ يـدي
فإنْ قـامَ بِـالأَمرِ المُجَدَّدِ قـائِم أَطعَنـا وقُلْنـا الـدِّينُ دِينُ مُحمَّـدِ
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ فِي (الأَغانِي) أَنَّهُ لَمّا تَنَبَّأَتْ سجاحٌ اتَّبَعَها مالِكٌ. ثُمَّ أَتاهُمْ خالِدُ بنُ الوَلِيدِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ، وَأَسَرَ مالِكاً وَجَماعَةً مِنْ قَوْمِهِ، ثُمَّ أَمَرَ ضِرارَ بنَ الاِزُورِ وقيلَ عبدَ بنَ الأزْوَرِ بِضَرْبِ عُنُقِ مالِكٍ، وَتَخْتَلِفُ الرِّواياتُ حَوْلَ هذِهِ الحادِثَةِ مِنْ مُبَرِّرٍ لِفَعْلَةِ خالِدٍ وَمِمَّنْ يَراهُ أَخْطَأَ وَتَسَرَّعَ فِي قَتْلِ مالِكٍ، فَقَدْ طُعِنَ عَلَيْهِ فِي ذلِكَ جَماعَةً مِنْ الصَّحابَةِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ، وَأَبُو قَتادَةَ الأَنْصارِيُّ، لِأَنَّ خالِد تَزَوَّجَ امْرَأَةَ مالِكٍ بَعْدَهُ. وَقَدْ دَعاهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَ خالِدٌ الخَبَرَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَعَذَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَتَجاوَزَ لَهُ عَمّا كانَ فِي حَرْبِهِ تِلْكَ، وَوَدَى أَبُو بَكْرٍ مالِكاً.
قُتِلَ مالكُ بنُ نويرةَ فِي حُروبِ الرِّدَّةِ، وقَد أَمَرَ خالِدُ بنُ الوليدِ ضِرارَ بنِ الأَزوَرِ بِقتلِهِ وقِيلَ قتلَهُ عبدُ بنُ الأَزوِرِ. وفِي سَبَبِ مَقتلِهِ وظُروفِهِ كَثيرٌ مِنَ الآراءِ أَورَدَها أَبو الفَرَجِ فِي (الأَغانِي). وقَد رَثاهُ أَخوهُ مُتمِّمٌ بِعدَّةِ قَصائِدَ أَشهَرُها قَصيدَتُهُ العَينيَّةُ المَشهورَةُ ومَطلَعُها:
لَعَمْرِي وما دَهْرِي بِتأْبِينِ هالِكٍ ولَا جَزَعٍ مِمّا أَصابَ فَأَوجَعا
جَزَيْنا بَني شَيبانَ أَمسِ بِقَرضِهِم وعُدْنا بِمثلِ البَدْءِ، والعَودُ أَحمَدُ
فَقالَ النَّاسُ: العَودُ أَحمَدُ. وقالَ بَعضُ المُحدَثِينَ:
وأُحسِنُ فِيما كانَ بَينِي وبَينَهُ فَإِن عادَ بِالإِحسانِ فَالعودُ أَحْمَدُ
فَخِرَتْ بَنُو أَسَدٍ بِمَقْتَلِ واحِدٍ صَدَقَتْ بَنُو أَسَدٍ عُتَيبَةُ أَفْضَلُ
فَخِرُوا بِمَقْتَلِهِ ولا يوفِي بِهِ مَثْنَى سَراتِهِمُ الّذينَ تَقَتَّلُ
(ابنُ سَلَّامٍ/ طَبقاتُ فُحولِ الشُّعراءِ).
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(مِنَ الأَمثالِ وقالَهُ مُتمِّم أَخُو مالِكِ بنِ نويرةَ).
(المَرزُبانيّ/ معجم الشعراء).