
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَمرُو بنُ شأْسٍ، مِنْ قَبِيلَةِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَيُكَنَّى أَبا عرارٍ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ كانَ ذا قَدَرٍ وَشَرَفٍ فِي قَوْمِهِ، عاشَ أَكْثَرَ حَياتَهِ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وَشَهِدَ مَعْرَكَةَ القادِسِيَّةِ وَلَهُ فِيها أَشْعارٌ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ العاشِرَةِ فِي كِتابِهِ (طَبَقاتُ فُحُولِ الشُّعَراءِ، تُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 20 لِلهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
هُوَ عَمرُو بنُ شَأْسِ بنِ عُبَيدِ بنِ ثَعلَبَةَ بنِ ذَؤَيبَةَ (وقِيلَ رُويبةَ) بنِ مالِكِ بنِ الحارِثِ بنِ سَعدِ بنِ ثَعلبةَ بنِ دُودانَ بنِ أَسَدِ بنِ خُزَيمةَ.
وَبَنُو سَعْدٍ الَّذِينَ يَنْتَمِي إليهِمْ عَمْرُو بْنُ شَأْسٍ كانُوا مِنْ أَشْهَرِ بُطُونِ بَنِي أَسَدٍ فِي الجاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ، وَمِنْهُمْ عَدَدٌ مِنَ الشُّعَراءِ مِثْلُ عَبيْدِ بْنِ الأَبْرَصِ، وَالكُمَيْتِ بنِ زَيْدٍ وَغَيْرِهِما، وَكانَتْ مَساكِنُ بَنِي أَسَدٍ فِي نَجْدٍ شَرْقِيٍّ جَبَلِي طَيّئٍ: أَجَأَ وَسَلْمَى، وَكانَتْ تُجاوِرُها قَبائِلُ طَيّئٍ وَغَطَفانَ وَهَوازِنَ وَكِنانَةَ، وَكانَ بَنُو أَسَدٍ تَحْتَ سَيْطَرَةِ مُلُوكِ كِنْدَةَ مِنْ بَنِي آكِلِ المرارِ، حَتَّى تَمَرَّدُوا عَلَيْهِمْ وَقَتَلُوا حُجرَ بْنَ الحارِثِ أَبا امْرِئِ القَيْسِ. وَوَرَدَ كَذلِكَ أَنَّ عَدِيّاً ابْنَ أُخْتِ الحارِثِ بنِ أبي شمَّرٍ الغَسّانِيَّ غَزاهُمْ فِي الجاهِلِيَّةِ فَقَتَلُوهُ وَفِي ذلِكَ يَقُولُ عَمْرٌو:
وغسّانَ حتَّى أَسْلَمَتْ سَرَوَاتُنا عَدِيّاً وَكانَ المَوتُ فِي حَيثُ أَوقَعا
وَأَبُو عَمْرٍو شَأْسٌ كانَ مِنْ أَسْيادِ قَبِيلَتِهِ وَكانَ شُجاعاً حَكِيماً لَهُ أَخْبارٌ فِي يَوْمِ شِعْبِ جَبَلَةَ حَيْثُ كانَتْ بَنُو أَسَدٍ أَحْلافاً لِبَنِي تَمِيمٍ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْهُمْ إِلّا نَفَرٌ قَلِيلٌ كانَ مِنْهُمْ شَأْسٌ وَكانَ ذا رَأْيٍ فِيهِمْ.
ووَرَدَ مِنْ أَوْلادِ عمرٍو عرارٌ وهو ابنُ أمةٍ سوداء لأبيهِ، وَلعمرٍو ابْنَةٌ اسْمُها شَوْكَةُ ذَكَرِها فِي شِعْرِهِ، وأمّا زَوْجَتُهُ فيُقالُ لَها أُمُّ حَسّانَ وَاسْمُها حَيَّةُ بِنْتُ الحارِثِ بْنِ سَعْدٍ، وَهِيَ الَّتِي عاتَبَها فِي أَبْياتِهِ المَشْهُورَةِ حِينَ كانَتْ تُؤْذِي ابْنَهُ عِراراً وَتُعِيِّرُهُ بِسَوادِهِ.
عاشَ عَمرُو بنُ شَأْسٍ الأَسَدِيُّ أَكْثَرَ عُمْرِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وكانَ مُقدّماً وشَريفاً فِي قَومِهِ بَنِي سَعدِ بنِ ثَعلبَةَ بنِ دُودانَ، وأَشهَرُ ما وَرَدَ عَنهُ قِصَّتُهُ مَعَ زَوجَتِهِ وابْنِهِ عِرارٍ، فقد كانَ عِرارٌ ابناً لهُ مِن أَمَةٍ سَوداءَ، وكانتْ زَوجَتُهُ أُمُّ حسّانَ تُؤذِي ابْنَهُ عِراراً وتُعيِّرُهُ وتَشْتُمُهُ ويَشْتُمُها، فَقالَ فِيها عَمرٌو أَبياتَهُ المَشهورةَ:
أَرادَتْ عِــراراً بِــالهَوانِ وَمَــن يُـرِدْ عِــراراً لَعَمْري بِـالهَوانِ فَقَـد ظَلَـم
فَــإِنَّ عِــراراً إِن يَكُــنْ غَيــرَ واضـِحٍ فَـإِنّي أُحِـبُّ الجَـونَ ذا المَنكِـبِ العَمَم
وَإِنَّ عِـــراراً إِن يَكُـــنْ ذا شـــَكِيمَةٍ تُقاسِــينَها مِنــهُ فَمـا أَملِـكُ الشِّـيَم
فَإِن كُنـتِ مِنّي أَو تُريـدينَ صـُحبَتي فَكــونِي لَــهُ كَالسَّـمْنِ رُبَّـتْ لَـهُ الأَدَم
وَإِلّا فَسِــيري مِثــلَ مــا ســارَ راكِـبٌ تَيَمَّــمَ خِمْســاً لَيــسَ فـي سـَيرِهِ يَتَـم
وقد جَهِدَ عَمرُو بنُ شأْسٍ أَنْ يُصلِحَ بَينَ ابْنِهِ وامرأتِه أمِّ حسَّانَ فلمْ يُمكنُهُ ذلكَ، وجَعلَ الشَّرُّ يزيدُ بينَهما. فلمّا رأَى ذلكَ طلَّقَها، ثمَّ نَدِمَ ولامَ نَفْسَهُ فَقالَ فِي ذلكَ:
تَـذَكَّرَ ذِكـرى أُمِّ حَسـّانَ فَاقشـَعَر عَلـى دُبُـرٍ لَمّـا تَبَيَّنَ ما ائْتَمَر
فَكِـدْتُ أَذوقُ المَوتَ لَو أَنَّ عاشِقاً أَمَـرَّ بِمُوسـاهُ الشَّـوارِبَ فَانتَحَر
تَـذَكَّرْتُها وَهْنـاً وَقَد حالَ دُونَها رِعانٌ وَقِيعانٌ بِها الزَّهرُ وَالشَّجَر
ويُذكَرُ أَنَّ ابْنَهُ عراراً كانَ فِي مَجلسِ عَبدِ المَلِكِ بنِ مَروانَ، فلمّا رآهُ عبدُ الملكِ وهو لا يَعرِفُهُ تَمثَّلَ بِقولِ عَمرٍو: (فَــإِنَّ عِــراراً إِن يَكُــنْ غَيــرَ واضـِحٍ / فَـإِنّي أُحِـبُّ الجَـونَ ذا المَنكِـبِ العَمَم)، فضَحِكَ عرارٌ مِن قَولِهِ ضَحِكاً غاظَ عَبدَ المَلِكِ، فقالَ لهُ: ممَّ ضَحِكْتَ ويْحَكَ قالَ: أَتَعرِفُ عراراً يا أَميرَ المُؤمنينَ الّذي قِيلَ فيهِ هذا الشِّعرُ، قال: لا. قالَ: أَنا واللّهِ هُوَ. فضحكَ عبدُ الملكِ ثُمَّ قالَ: حَظٌّ وافَقَ كَلِمَةً، وأَحْسَنَ جائِزَتَهُ وسَرَّحَهُ.
وَكانَ عَمْرٌو رَجُلاً كَرِيماً شُجاعاً يَحْفَظُ الجِوارَ، جاءَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ جاوَرَ عَمْرَو بْنَ شَأْسٍ وَمَعَهُ بِنْتٌ لَهُ مِنْ أَجْمَلِ النّاسِ وَأَظْرَفِهِمْ، فَخَطَبَها عَمْرٌو إِلَى أَبِيها. فَقالَ أَبُوها: أَمّا دُمْتُ جاراً لَكُمْ فَلا، لِأَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ النّاسُ غَصَبَهُ أَمْرَهُ، وَلكِنْ إِذا أَتَيْتُ قَوْمِي فَأَخْطُبْها إِلَيَّ أُزَوِّجكَها. فَوَجَدَ عَمْرٌو مِنْ ذلِكَ فِي نَفْسِهِ وَاعْتَقَدَ أَلّا يَتَزَوَّجَها أَبَداً إِلّا أَنْ يُصِيبَها مَسْبِيَّةً. فَلَمّا ارْتَحَلَ أَبُوها هَمَّ عَمْرٌو بِغَزْوِ قَوْمِها، فَسارَ فِي أَثَرِ أَبِيها. فَلَمّا وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَيْهِ وَظَفِرَ بِهِ اسْتَحْيا مِنْ جِوارِهِ وَما كانَ بَيْنَهُما مِنْ العَهْدِ وَالمِيثاقِ، فَنَظَرَ إِلَى الجارِيَةِ أَمامَهُمْ وَقَدْ أَخْرَجَتْ رَأْسَها مِنَ الهَوْدَجِ تَنْظُرُ إِلَيْهِ. فَلَمّا رَآها رَجَعَ مُسْتَحْيِياً مُتَذَمِّماً مِنْها. وَكانَ عَمْرٌو مَعَ شَجاعَتِهِ وَنَجدَتِهِ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ فَقالَ فِي ذلِكَ:
إِذا نَحـنُ أَدلَجنـا وَأَنـتِ أَمامَنـا كَفــى لِمَطايانــا بِرَيّـاكِ هادِيـا
أَلَيــسَ يَزيــدُ العيـسَ خِفَّـةَ أَذرُعٍ وَإِن كُـنَّ حَسـرى أَن تَكـوني أَمامِيا
وَلَولا اِتقاءُ اللَهِ وَالعَهدُ قَد رَأى مَنِيَّتَــهُ مِنّــي أَبــوكِ اللَيالِيـا
وَنَحـنُ بَنـو خَيـرِ السـِباعِ أَكيلَـةً وَأَحرَبِـــهِ إِذا تَنَفَّـــسَ عادِيـــا
وقدْ أَسْلَمَ عَمرُو بنُ شأْسٍ وشَهِدَ القَادِسيَّةَ، حَيثُ شاركتْ بَنُو أَسَدٍ فِي هَذهِ المَعركَةِ وأَبْلَتْ بلاءً حَسَناً، ومن أبياتِهِ فِي هذهِ المَعركَةِ:
جَـلَبْـنـا الخَـيلَ مِنْ أَكْنافِ نيقٍ إِلى كِــسْــرى فَـوافَـقَهـا رِعـالا
تَرَكنَ لَهُم عَلى الأَقسامِ شَجْواً وَبِــالحَــقــوَيـنِ أَيّـامـاً طِـوالا
وَداعِــيَــةٍ بِـفـارِسَ قَـد تَـرَكْـنـا تُــبَــكِّــي كُــلَّمـا رَأَتِ الهِـلالا
قَـتَـلْنـا رُسْـتَـمـاً وَبَـنـيهِ قَسْراً تُـثِـيـرُ الخَـيلُ فَوقَهُمُ الهِيالا
لم يَرِدْ فِي المَصادِرِ الأَدبيةِ والتَّاريخيَّةِ تَحديدٌ لِوفاةِ عَمرِو بنِ شَأْسٍ الأسديِّ، ولكنَّهُ كانَ قد شَهِدَ مَعركةَ القادِسِيَّةِ (13-15هـ) وقالَ فِيها أَشعاراً، فَيكونُ قد تُوفِّيَ بعدَ هذا التَّاريخِ، وقد حدّدَ الزَّركليُّ فِي كِتابِهِ (الأَعلام) سنةَ وَفاةِ عَمرِو بنِ شَأسٍ بِنَحوِ سَنَةِ 20 لِلهجرَةِ.
عدَّهُ ابنُ سلَّامٍ الجُمحيُّ مِنَ شُعراءِ الطَّبقةِ العاشِرَةِ وَهُم: أُميَّةُ بنُ حَرثانَ بنِ الأَسكَرِ وحُريثُ بنُ مُحَفِّظٍ والكُميتُ بنُ مَعْرُوفٍ، وعَمرُو بنُ شأسٍ، وأَشارَ ابنُ سلَّامٍ أَنَّ عَمراً أَكثرُ أَهلِ طَبَقَتِهِ شِعرًا.
وَأَســيافُنا آثـارُهُنَّ كَأَنَّهـا مَشافِرُ قَرحى في مَبارِكِها هُدلُ
أَخَذَهُ الكُميتُ فَقالَ:
تُشـَبَّهُ فِي الهـامِ آثارُها مشافرَ قَرْحَى أَكَلْنَ البَرِيرا
(ابنُ سلَّام/ طبقات فحول الشّعرء).
(المرزبانيّ/ معجمُ الشُّعَراءُ).