
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
القَتّالُ الكِلابِيُّ هُوَ عَبْدُ اللّٰهِ بنُ مُجِيبٍ المَضرحِيّ، مِنْ بَنِي كِلابِ بنِ رَبِيعَةَ، وَهُمْ مِنْ بُطُونِ قَبِيلَةِ عامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَهُوَ شاعِرٌ شُجاعٌ وَمِن الفُتّاكِ فِي الإِسْلامِ، فَقَدْ لُقِّبَ بِالقَتّالِ لِتَمَرُّدِهِ وَفَتكِهِ، وَكانَتْ عَشِيرَتُهُ تُبْغِضُهُ وَلا تَمْنَعُهُ مِنْ مَكْرُوهٍ يَلْحَقُهُ لِكَثْرَةِ جِناياتِهِ، وَقَدْ حُبِسَ فِي أَيّامِ مَرْوانَ بنِ الحَكَمِ فَقَتَلَ حارسَ السِّجْنِ وَهربَ. عاشَ حَتَّى أَيّامِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوانَ وتُوُفِّيَ نَحْوَ عامِ 70 لِلهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
تَعَرَّضَ اسْمُ القتَّالِ الكِلابيِّ لِتَغَيُّراتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فِي المَصادِرِ الأَدَبِيَّةِ، فَقد وردَ أنُّهُ عَبْدُ اللّٰهِ وَقِيلَ عُبادَةُ وَقِيلَ عُبَيدٌ، وَكَذلِكَ اسْمُ أَبِيهِ وَرَدَ محبب أَوْ مُجِيب، وَجَدُّهُ هُوَ المضرحِيّ مِنْ أَبْناءِ عامِرِ بنِ الهَصّانِ (وَقِيلَ الهَضّانُ) بنُ كَعْبِ بنِ عَبْدِ اللّٰهِ بنِ أَبِي بَكرِ بنِ كِلابِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ عامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ. وَالقَتّالُ لَقَبٌ غَلَبَ عَلَيْهِ لِتَمَرُّدِهِ وَفَتْكِهِ، وَيُكَنَّى أَبا المُسَيَّبِ.
وَقَبِيلَةُ كِلابِ الَّتِي يَنْتَمِي لَها القَتَّالُ تَعِيشُ فِي نَجْدٍ، وَيَتَفَرَّعُ مِنْها عِدَّةُ بُطُونٍ مِنْها بَنَو جَعْفَرِ بْنِ كِلابٍ وَبَنُو أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلابٍ وَالضِّبابِ وَغَيْرِهِمْ.
وَأُمُّ القَتّالِ هِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ حُرْقَةَ بنِ عَوْفِ بنِ شَدّادِ بْنِ رَبِيعَةَ بنِ عَبْدِ اللّٰهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بنِ كِلابٍ، وَفِيها يَقُولُ القَتَّالُ مُفْتَخِراً:
لَقَـــدْ وَلَـــدَتْنِي حُـــرَّةٌ رَبِعِيَّــةٌ مِنَ اللّاءِ لَمْ يُحْضِرْنَ في الْقَيْظِ دِنْدِنا
وَلِلقَتَّالِ وَلَدانِ هُما: المُسَيَّبُ وَعَبدُ السَّلامِ. وَقِيلَ أَبْناؤُهُ أَرْبَعَةٌ هُمْ: حَبِيبٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمن، وَعَبْدُ الحَيِّ وَعُمَيْرٌ، وَأُمُّهُمْ رَيّا بِنْتُ نَفَرِ بنِ عامِرِ بنِ كَعْبِ بنِ أَبِي بَكْرٍ. وَلَهُ ابْنَةٌ اسْمِها جَنُوبٌ وَأُمُّها هِيَ أَمُّ رِياحٍ بِنْتُ مَيسرَةَ بنِ نُفَيْرِ بنِ الهَصّانِ.
عاشَ القَتّالُ الكِلابِيُّ فِي العَصْرِ الأُمَوِيِّ وَكانَ مُجايِلاً لِلفَرَزْدَقِ وَالرّاعِي النَّمِيرِيِّ وَجَرِيرٍ، وَلكِنَّهُ كانَ مُتَمَرِّداً آثَرَ حَياةَ الصَّعْلَكَةِ وَاللُّصُوصِيَّةِ، وَعُرِفَ بِفَتْكِهِ وَشَجاعَتِهِ. وَلا تَتَوَفَّرُ مَعْلُوماتٌ فِي كُتُبِ التَّراجِمِ حَوْلَ ظُرُوفِ نَشْأَتِهِ وَمَراحِلِ حَياتِهِ، وَجُلُّ أَخْبارِهِ كانَت عَنْ مُغامَراتِهِ وَجِناياتِهِ الَّتِي اقْتَرَفَها فِي حَياتِهِ حَتَّى لُقِّبَ بالقَتّالِ، وَقَدْ وَرَدَتْ هذِهِ الأَخْبارُ مفصلةً فِي كِتابِ (الأَغانِي).
وَأَشْهَرُ أَخْبارِهِ أَنَّهُ قَتَلَ ابنَ عَمِّهِ، وَسَبَبُ ذلِكَ أَنَّ القَتّالَ كانَ يَتَحَدَّثُ إِلَى ابْنَةِ عَمٍّ لَهُ يُقالُ لَها العالِيَةُ، كانَ لَها أَخٌ غائِبٌ يُقالُ لَهُ زِيادُ بنُ عُبَيْدِ اللّٰهِ. فَلَمّا قَدمَ رَأَى القَتّالَ يَتَحَدَّثُ إِلَى أُخْتِهِ، فَنَهاهُ وَحَلَفَ: لَئِنْ رَآهُ ثانِيَةً لَيَقْتُلْنَّهُ. فَلَمّا كانَ بَعْدَ ذلِكَ بِأَيّامٍ رَآهُ عِنْدَها، فَأَخَذَ السَّيْفَ وَبَصُرَ بِهِ القَتّالُ، فَخَرَجَ هارِباً، وَخَرَجَ فِي إِثْرِهِ، فَلَمّا دَنا مِنْهُ ناشَدَهُ القَتّالُ بِاللّٰهِ وَالرَّحِمِ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ فَبَيْنا هُوَ يَسْعَى، وَقَدْ كادَ يَلْحَقُهُ، وَجَدَ رُمْحاً مَرْكُوزاً فَأَخَذَهُ وَعَطَفَ عَلَى زِيادٍ فَقَتَلَهُ، وَقالَ:
نَهَيْـتُ زِيـاداً وَالْمَهامِهُ بَيْنَنا وَذَكَّرْتُــهُ بِـاللهِ حَـوْلاً مُجَرَّمـا
فَلَمَّـا رَأَيْـتُ أَنَّـهُ غَيْـر مُنْتَـهٍ وَمَــوْلايَ لَا يَــزْدادُ إِلَّا تَقَـدُّما
أَمَلْـتُ لَـهُ كَفِّـي بِـأَبْيَضَ صـَارِمٍ = حُسَامٍ إِذَا مَا صَادَفَ الْعَظْمَ صَمَّما
ثُمَّ خَرَجَ هارِباً، وَأَصْحابُ القَتِيلِ يَطْلُبُونَهُ، فَمَرَّ بِابْنَةِ عَمٍّ لَهُ، فَأَلْقَتْ عَلَيْهِ ثِيابَها، وَأَلْبَسَتْهُ بُرْقَعَها فَتَنَكَّرَ حَتَّى مَرَّ الطَلَبُ، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
فمنْ مُبْلِغٌ فِتْيانَ قَوْمِيَ أَنَّنِي تَسَمَّيْتُ لَمَّا اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ زَيْنَبا
وَأَدْنَيْتُ جِلْبابِي عَلَى نَبْتِ لَحْبَتِي وَأَبْدَيْتُ لِلْقَوْمِ البَنَانَ الْمُخَضَّبا
وَهَرَبَ بَعْدَ ذلِكَ إِلَى جَبَلٍ يُدْعَى عِمايَةَ، وَظَلَّ فِيهِ زَمَناً مُتَخَفِّياً، وَيُقالُ إِنَّهُ وَجَدَ فِيهِ نَمِراً فَأَلِفَهُ، وَقالَ فِي ذلِكَ:
وَلِـي صَاحِبٌ في الْغارِ هَدَّكَ صَاحِباً هُــوَ الْجَــوْنُ إِلَّا أَنَّـهُ لَا يُعَلَّـلُ
إِذَا مَا الْتَقَيْنا كَانَ جُلَّ حَدِيثِنا صــِماتٌ وَطِـرْفٌ كَالمَعابِـلِ أَطْحَـلُ
تَضــَمَّنَتِ الأَرْوَى لَنــا بِطَعامِنـا كِلَانـا لَـهُ مِنْهـا نَصـِيبٌ وَمَأْكَـلُ
فَـأَغْلِبُهُ فـي صـَنْعَةِ الزَّادِ إِنَّنِي أُمِيــطُ الْأَذَى عَنْــهُ وَلَا يَتَأَمَّــلُ
وَكَـانَتْ لَنـا قَلْـتٌ بِـأَرْضِ مَضـِلَّةٍ شـــَرِيعَتُنا لِأَيِّنـــا جــاءَ أَوَّلُ
كِلَانـا عَـدُوٌّ لَـوْ يَـرَى فـي عَدُوِّهِ مَحَـزّاً وَكُـلٌّ فـي الْعَـدَاوَةِ مُجْمِلُ
وَمِمّا وَرَدَ عَنْ القَتّالِ أَنَّهُ اعْتَرَضَ هُوَ وَجَماعَةٌ ابنَ هبّارٍ القُرَشِيَّ حِينَ كانَ مُتَوَجِّهاً إِلَى الشّامِ فِي تِجارَةٍ فقتلوهُ، فَأَخَذَهُمْ عامِلُ مَرْوانَ بنِ الحَكَمِ فَحَبَسَهُمْ حَتَّى يَقْتُلَ قَتَلَةَ ابنِ هبّارٍ، فَلَمّا خَشِيَ القَتّالُ أَنْ يُعْلَمَ أَمْرُهُ، اغْتالَ السَّجّانَ فَقَتَلَهُ، وَخَرَجَ هُوَ وَمَنْ كانَ مَعَهُ مِنَ السِّجْنِ فَهَرَبُوا، فَقالَ يَذْكُرُ ذلِكَ:
وَلَمَّـا رَأَيْـتُ الْبابَ قَدْ حِيلَ دُونَهُ وَخِفْــتُ لِحاقـاً مِـنْ كِتـابٍ مُؤَجَّـلِ
رَدَدْتُ عَلَـى الْمَكْـرُوهِ نَفْساً شَرِيسَةً إِذَا وُطِّنَــتْ لَـمْ تَسـْتَقِدْ لِلتَّـذَلُّلِ
وَكَـالِئُ بـابِ السـِّجْنِ لَيْـسَ بِمُنْتَهٍ وَكَـانَ فِـرَارِي مِنْـهُ لَيْـسَ بِمُؤْتَلِي
إِذا قُلْـتُ رَفِّهْنِـي مِنَ السِّجْنِ ساعَةً تَـدَارَكْ بِهـا نُعْمَـى عَلَـيَّ وَأَفْضـِلِ
يَشــُدُّ وِثــاقِي عَابِســاً وَيَتُلُّنِـي إِلَــى حَلَقَــاتٍ فـي عَمُـودٍ مُرَمَّـلِ
أَقُـولُ لَـهُ وَالسـَّيْفُ يَعْصـِبُ رَأْسـَهُ أَنَـا ابْنُ أَبِي أَسْماءَ غَيْرَ التَّنَحُّلِ
وَكانَتْ عَشِيرَةُ القَتّالِ تُبْغِضُهُ لِكَثْرَةِ جِناياتِهِ، وَما يَلْحَقُها مِنْ أَذاهُ، وَلا تَمْنَعُهُ مِنْ مَكْرُوهٍ، فَقالَ يَهْجُو قَوْمَهُ:
دَعَــوْتُ أَبَــا كَعْــبٍ رَبِيعَـةَ دَعْـوَةً وَفَـوْقِي غَوَاشـِي الْمَـوْتِ تُنْحِي وَتَنْجُمُ
وَلَــمْ أَكُ أَدْرِي أَنَّــهُ ثُكْــلُ أُمِّــهِ إِذَا قِيلَ لِلْأَحْرارِ فِي الْكُرْبَةِ اقْدُمُوا
فَلَــوْ كُنْـتَ مِـنْ قَـوْمٍ كِـرامٍ أَعِـزَّةٍ لَحَــامَيْتَ عَنِّـي حِيـنَ أُحْمَـى وَأُضـْرَمُ
وَلَكِنَّمـــا قَــوْمِي قُمَاشــَةُ حَــاطِبٍ يُجَمِّعُهــا بِــالْكَفِّ وَاللَّيْــلُ مُظْلِـمُ
وَكانَ القَتّالُ شَدِيدَ الفَخْرِ بِنَفْسِهِ وَالاعْتِدادِ بِها، فَقَدْ وَرَدَ فِي أَمالِي القالِي أَنَّ القَتّالَ الكِلابِيَّ نازَعَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِهِ، فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَنْتَ كَلٌّ عَلَى قَوْمِكَ، وَاللّٰهِ إِنَّكَ لَخامِلُ الذِّكرِ وَالحَسَبِ، ذَلِيلُ النَّفَرِ، خَفِيفٌ عَلَى كاهِلِ خَصْمِكَ، كَلٌّ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ فَقالَ القَتّالُ:
أَنَـا ابْنُ أَسْمَاءِ أَعْمَامِي لَهَا وَأَبِي إِذَا تَرَامَـى بَنُـو الْأَمْـوَانِ بِالْعَارِ
مَـا أَرْضـَعَ الـدَّهْرُ إِلَّا ثَـدْيَ وَاضِحَةٍ لِوَاضـِحِ الْـوَجْهِ يَحْمِي حَوْزَةَ الْجَـارِ
مِنْ آلِ سُفْيَانَ أَوْ وَرْقَـاءَ يَمْنَعُهـا تَحْـتَ الْعَجَاجَـةِ طَعْـنٌ غَيْـرُ عَـوَّارِ
وَكانَ القَتّالُ يُشَبِّبُ بِامْرأةٍ تُدْعَى عَلْياءَ، فَجاءَهُ يَوْماً الأَخْرَمُ بنُ مالِكٍ وَمُحصنُ بنِ الحارِثِ بنِ الهَصّانِ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ، فَشَرَطُوا عَلَيْهِ أَلّا يَذْكُرَ عالِيَةً فِي شِعْرِهِ، فَضِمِنَ ذلِكَ لَهُمْ، فَأَخْرَجُوهُ مِنَ السِّجْنِ عِشاءً، ثُمَّ راحَ القَوْمُ مِنَ السِّجْنِ، وَراحَ القَتّالُ مَعَهُمْ، حَتَّى إِذا كانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ انْحَدَرَ يَسُوقُ بِهِمْ، وَيَقُولُ:
قُلْتُ لَهُ يَا أَخْرَمُ بْنُ مَالِ ...
إِنْ كُنْتَ لَمْ تُزْرِ عَلَى الْوِصَالِ ...
وَلَمْ تَجِدْنِي فَاحِشَ الْخِلَالِ ...
فَارْفَعْ لَنَا مِنْ قُلُصٍ عِجالِ ...
وَذُكِرَ فِي (المُحَبّر) أَنَّ جارِيَةً لِعَمِّهِ أَغْضَبَتْهُ، فَقَتَلَها. فَادّعى عَمُّهُ أَنَّ الجارِيَةَ كانَتْ حامِلاً. فَلَمّا رَأَى القَتّالُ ذلِكَ، اسْتَثارَ الجارِيَةَ مِن القَبْرِ وَأَتَى بِرِجالٍ ثُمَّ بَعَجَها فَاسْتَخْرَجَ رَحِمَها فَقالَ: هَلْ تَرَوْنَ وَلَداً؟ ثُمَّ رَدَّها وَقالَ:
أَنا الَّذِي انْتَشَلْتُها انْتِشالَا ...
ثُمَّ دَعَوْتُ غِلْمَةً أَزْوَالا ...
فَصَدَعُوا وَكَذَّبُوا مَا قَالَا ...
حدّد الزركليُّ في (الأعلام) سنةَ وفاةِ القَتّالِ الكِلابيِّ بِنحوِ سنةِ 70 لِلهجرَةِ.
وردَ فِي (الأغانِي) أَنَّ الأَصمعيَّ أنشدَ لِلقتّالِ رائِيَّتَهُ التي يَقولُ فِيها: (إنَّ الْعُـرُوقَ إذا اسـْتَنْزَعْتَها نُزِعَتْ / وَالْعِـرْقُ يَسْرِي إذَا مَا عَرَّسَ السَّارِي) فقالَ: "لقدْ أحسَنَ وأجادَ، لولَا أَنَّهُ أَفسدَها بِقولِهِ إِنَّهُ طلبَ جُعلاً فَلَم يُعطَهُ، وكانَ فِي دَناءَةِ نَفسِهِ يُشبِهُ الحُطيئةَ، وكانَ فارساً شاعراً شجاعاً".
يرى الدُّكتور إحسانُ عبّاس أنَّ شِعرَ القتَّال يُمثِّلُ مِن حيثُ الموضوعِ أَنواعَ الصِّراعِ الذي كانتْ تشهدُهُ الباديةُ في عصرِهِ، ففيهِ صورُ المُنازعاتِ القَبَليَّةِ والصِّراعِ بينَ القَتَّالِ وقَبيلتِهِ. وشِعرُهُ -على الجُملةِ- يَتميَّزُ بالنَّقاءِ والبساطَةِ والتَّعبيرِ المُباشِرِ والقوَّةِ والنَّسقِ البدويِّ الجَميلِ.