
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هو عَبْدُ اللهِ بن رؤبة التَّميميّ، أبو الشَّعثاء، شاعرٌ مُخضْرم، توفِّي في خلافةِ الوليدِ بن عبد المَلِك سنة 90هـ/ 708م. كانَ أوّل من أطالَ الرَّجَز، اشْتُهر بالفصاحةِ والبلاغةِ، وقد استُشهدَ كثيرًا بأراجِيزِه في كتبِ الأدب واللّغة، وصنَّفه الأصْمعيُّ من أَشعر الرُّجَّاز.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
هو عبد الله بن رؤبة بن لَبيد بن صَخر بن كُتَيف بن عَمِيرة بن حُنَيّ بن ربيعةَ بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وقبيلة تميم من أكبر قبائل العرب، ومِن أشهرها في السّياسة والأدب في الجاهليّة والإسلام. وكانت تميم تنزلُ بوادي نَجْد شرقي الجزيرة العربيّة، وتنتشِرُ إلى أطرافِ السَّواد في العراق.
وكان العجَّاج يُكْنَى بأبي الشَّعْثاء، وهي ابْنتُه. والظَّاهرُ أنَّها كُبرى أولادِه وقد ذكرها في رَجَزٍ لهُ، فقال:
فَالْحَمْـدُ لِلّـهِ الَّـذِي قَـدْ أَنْعَمـا
عَلَـى أَبِـي الشَّـعْثاءِ نُعْمَى ثُمَّ ما
بَــــدَّلَها إِلَّا بِإحْســـانٍ كَمـــا
أَتَــمَّ نُعْمــاهُ عَلَـى مَـنْ أَسْـلَما
والعجَّاجُ لقبٌ لهُ، سُمِّي بهِ، لِشَطْرٍ قالهُ في أرجوزةٍ يفخر فيها بقومه ويذكر أيامهم، فقال:
حَتَّى يَعِجَّ ثَخْناً مَنْ عَجْعَجا
وعُرِف بهذا اللقب حتَّى غلب عليه واشْتُهر به.
كانَ العجَّاج مِن أسرةٍ عريقةٍ معروفةٍ بالمعرفة؛ فقد كانَ أخوه العبّاس عالِماً، ناسباً راويةً.
تزوَّج العجَّاج عِدّة نساء، ولمْ يُعرَفْ اسمُ زوجتهِ الأولى وهي أمّ ابنه رؤبة الراجز المشهور وابنته شَعثاء، ويبدو أنَّها ماتت ولم تعمَّر طويلاً، فتزوّجَ بعدها بامرأة تسمَّى عَقرب وكانَ لهُ منها أولادٌ، لكنّ وقعَ بينها وبين رؤبة عداوة حتَّى وقعَ بينه وبين أبيه العجَّاج منابذة بسببها. ثمَّ تزوّج من الدَّهْناء بنتُ مِسحل، لمْ يكنْ بينهما وفاق؛ فقد تزوّجها العجَّاج وكان كبيراً في السنِّ فلمْ يقَعْ في قلبها موقعاً حَسَناً فذهبَ بها إلى أهلها فطلَّقها سرّاً ليسترَ نفسه.
وقد نبغَ ابنه رؤبة حتَّى بلغَ مبلغَ أبيهِ في الرَّجَز، وكانا معاً أشهر رُجَّاز العرب إطلاقاً.
العجَّاجُ قديم، وُلِد في الجاهليَة، ونشأ بها نَشأته الأولى، فقال في ذلك:
عَهدَ نَبيٍّ ما عَفا وَما دَثَر
وَعَهدَ صدِّيقٍ رَأى بِرّاً فَبَر
وَعَهدَ عُثمانَ وَعَهداً مِن عُمَر
وَعَهدَ إِخوانٍ هُمُ كانوا الوَزَر
وفي الإسلامِ أدركَ الصّحابة الأوّلين، ولَقِي الصَّحابي أبو هريرة وروى عنهُ أحاديث. ورُوِي أنَّ العجَّاجَ سألَ أبي هُريرةَ عن أبياتٍ غزليّة لهُ وهي:
طــافَ الْخَيــالانِ فَهاجــا سَـقَما
خَيــالُ تُكْنَــى وَخَيــالُ تَكَتَّمــا
باتــا يَجُوســانِ وَقَــدْ تَجَرَّمــا
لَيـلُ التَّمـامِ غَيـرَ عِنـك أَدْهَمـا
قامَتْ تُرِيكَ رَهْبَةً أنْ تَصْرِما
ساقاً بخِنْداةٍ وكَعْبًا أَدْرَما
فقال له: ما تقولُ في ذلك؟ فقال أبو هريرة: كنا ننشد هذا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يعيبه. لمْ تذكرِ المصادرُ تفاصيلَ حياتِه فجلُّ ما وصَلنا هو نُتَفٌ من أخبارِه، والظَّاهِر مِن شِعرِه أنَّ حياتَه كانتْ هادئة لمْ يحدُثْ فيها أحداثاً مُهمّة. عاشَ في البصرةِ وكانتْ تمثّل في ذلك الوقتِ مركزاً أدبيّاً هامّاً فقد كان الشُّعراء يجتمعون في مكانٍ اسمه المربَد ليرُووا أشعارهم ويتنافرونَ فيه، وذكَرَ العجَّاج بعضاً من هذه المنافراتِ في شِعْره فقال:
وَشاعِرٍ آلَى بِجَهْدِ الْمُقْسَمِ
لَيَعضِدَنَّ باطِلِي وَأَصَمِي
بِالْقَولِ وَالظَّنِّ لَهُ الْمُرَجَّمِ
وَبِالْأَمانِي الَّتِي لَمْ تُزْعَمِ
كَما تَمَنَّى مارِثٌ في مَفطَمِ
فَلَمْ يَزَلْ بِالْقَولِ وَالتَّهَكُّمِ
حَتّى الْتَقَيْنا وَهْوَ مِثْلُ الْمُفحَمِ
وفَدَ على ملوكِ بني أُميّة ومدَحهم كيزيد بن معاوية والوليد بن عبد الملك؛ فقد كانتْ لديه حُظوةٌ عندهم فأقطعوه ضياعاً ووصلوهُ بالأموالِ والعطايا.
توفِّي في البصرةِ سنة 90هـ/708م.
لا يُذْكَرُ الرَّجَز في العربيّة إلّا ويُذكَر معه العَجَّاج وابنُه رؤبة، والعجَّاجُ أوَّل مَن رفعَ الرَّجَز وشبّهَهُ بالقَصيد وجعلَ لَهُ أوائل ونسيباً. وضعَه ابن سلّام الجُمَحي في الطبقة التّاسعة من فحول شعراء الإسلاميين، ولكنّ لمْ يتّفق كثيرٌ من النُّقّاد على تصنيف ابن سلّام ورأوه إجحافاً بحقِّ العجَّاج؛ إذ تأثرّ ابن سلّام برأيِ علماءِ عَصرِه بشأن الرجّازين فقدْ عدّوهم دون سائرِ الشُّعراء، وهذا – حسب رأي النُّقّاد - فيه تجنًّ على العجَّاج فمِن حَقّه أنْ يكونَ في الطَّبقة الأولى. وقال أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني: أخبرني ابن دريد قال: أخبرني عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمّه قال: قيل ليونس: مَنْ أشعرُ النّاس؟ فقال: العجَّاج، قيل: لمْ نسأل عن الرُّجَّاز، قال: وأشعر أصحاب القصيد، إنّما الشّعر كله كلام، فأجودهم كلاماً أشعرهم، ليس في شيء من شعر العجاج شيء من الكلام يستطيع قائل أنْ يقول: لو كان مكانه غيره كان أجود. قال العجاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الْإلَهُ فَجَبَرْ
وهي نحو من مائتي بيت، وهي مقيدة القافية، فلو أُطلقَتْ قوافيها كلها كانت منصوبة.
وسُئِل الأصمعيُّ عن أشعر الرُّجّاز، فقال: العجلي، ثمّ السعدي، ثمّ العجلي، ثمّ السعدي. يريد بالعجلي الأول: الأغلب، وبالسعدي الأول: العجاج، وبالعجلي الثاني: أبا النجم، وبالسعدي الأخير: سليمان بن رؤبة.
وكانَ العجَّاج يُجيد المَدح ولا يُحسن الهِجاء فقال له عبد الملك بن مروان: أتحسن الهجاء؟ قال: إنّ لنا حِلماً يمنعنا أنْ نظلم، وعزاً يمنعنا أنْ نظلم، وهل رأيت بانياً يُحسن أن يهدم؟ ولكنّ المرزباني قد بيّن أنَّ هذه الحجة ليست قوية؛ إذ الهجاء بناء كما المدح بناء فلا يهدِم أحدهما الآخر.
وتنوّعَتْ موضوعات شِعْره بين الغَزل ووَصف الصحراء ومنازل قومِه والفخر بهم وبنفسه.