
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
المُزَرِّدُ هُوَ يَزِيدُ بنُ ضِرَارٍ الذُّبْيانِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَأَسْلَمَ، وَهُوَ أَخُو الشَّاعِرِ الشَّمّاخِ بنِ ضِرارٍ، عُرِفَ المُزَرِّدُ بِهِجائِهِ فَهُوَ أَحَدُ مَنْ هَجا قَوْمَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَهْجُو الأَضْيافَ وَيَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِما قَراهُمْ بِهِ، وَلَهُ مُهاجاةٌ مَعَ كَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ، وقدْ تابَ عَنِ الهِجاءِ حِينَ تقدَّمَ بِهِ السِّنُّ وقالَ: (تَبَرَّأْتُ مِن شَتْمِ الرِّجالِ بِتَوبَةٍ / إِلى اللَّهِ مِنِّي لا يُنادَى وَلِيدُها) تُوفِّيَ نَحوَ عامِ 30 لِلهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
هو يَزيدُ بنُ ضِرارِ بنِ حَرْمَلَةِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ إِياسِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عُثْمانِ بْنِ جَحّاشِ بْنِ بِجالَةِ بْنِ مازِنِ بْنِ ثَعْلَبَةِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيانَ بْنِ بَغِيضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفانَ. ويكنّى أَبَا حَسَنٍ وقِيلَ أَبا ضِرارٍ.
وقد لُقِّبَ بالمُزرِّدِ لِقولِهِ:
فَقُلْتُ تَزَرَّدْها عُبيدُ فإنَّنِي لِدُرْدِ الشُّيوخِ في الِّسنينِ مُزَرِّدُ
والمُزَرِّدُ مِن ثَعلَبةِ بنِ سَعدِ إِحْدَى بُطونِ ذُبيانَ، وَقَدْ تَفَرَّعَتْ ذبيان إلى ثلاثِ قَبائِلَ هِيَ: ثَعْلَبَة، وَفَزارَة، وَمُرَّة. وَكانَتْ مَنازِلُهُمْ بِنَجْدٍ مِمّا يَلِي وادِيَ القُرَى وَجَبَلَ طَيء، ثُمَّ افْتَرَقُوا فِي الفُتُوحاتِ الاِسْلامِيَّةِ، وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْها قَبائِلُ طَيء، وَقَبِيلَةُ تَغْلِبَ مِنَ القَبائِلِ الَّتِي لَها وَقَعاتٌ كَثِيرَةٌ فِي الجاهِلِيَّةِ كَيَوْمِ الرَّقْمِ، وَهُوَ يَوْمٌ كانَ لِغَطْفانَ عَلَى بَنِي عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لكِنَّ أَشْهَرَ وَقَعاتِهِمْ كانَتْ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَبِيلَةِ عَبْس.
وأمُّ المُزرِّدِ هيَ مُعاذَةُ بِنْتُ بُجَيْرِ بْنِ خالِدِ بْنِ إِياسٍ وهِيَ أَنْمارِيَّةٌ مِنْ بَناتِ الخُرْشُبِ. وَللمُزَرِّدِ أخوانِ هُما الشّمّاخُ بنُ ضِرارٍ وجَزْءُ بنُ ضِرارٍ وكِلاهُما مِنَ الشُّعراءِ المُخَضرَمِينَ أَيضاً، والمُزرِّدُ أَسَنُّ مِنْهُما. ووردَ من أبناءِ المزرّدِ الحَسَنُ وكُثَيِّرٌ.
عاشَ المُزَرِّدُ بنُ ضِرارٍ أَكثرَ حَياتِهِ فِي الجاهِليّةِ، وأَدركَ الإِسلامَ فأَسْلمَ هُو وأَخَويهِ الشَّمّاخُ بنُ ضِرارٍ وجَزْءُ بنُ ضِرارٍ، وكانَ المُزَرِّدُ أَكبرَ إِخوَتِهِ، وَيَظْهَرُ مِمّا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَقَدَ أَباهُ صَغِيراً، فَقَدْ ذَكَرَ الجاحِظُ فِي (البَيان وَالتَّبيين) أنَّ ضِرارَ أَباهُمْ ماتَ وَتَرَكَ الثَّلاثَةَ الشُّعَراءَ صِبْياناً، وَذَكَرَ أَيْضاً أَنَّ أُمَّهُمْ وَتَكَنَّى أُمَّ أُوَيْسٍ أَرادَتْ الزَّواجَ مِنْ رَجُلٍ يُسَمَّى أَوْساً، فَلَمّا رَآهُ بَنُو ضِرارٍ بِفِناءِ أُمِّهِمْ لِلخِطْبَةِ، تَناوَلَ شَمَّاخُ حَبْلَ الدَّلْوِ ثُمَّ مَتَحَ، وَهُوَ يَقُولُ:
أُمُّ أُوَيْسٍ نَكَحَتْ أُوَيْسَا
وَجاءَ مُزرِّدٌ فَتناولَ الحَبلَ فَقالَ:
أَعْجَبَها حَدَارَةً وَكَيْسا
وَجاءَ جَزْءٌ فَتناوَلَ الحَبلَ فَقالَ:
أَصْدَقَ مِنْها لَجْبَةً وَتَيْسا
فَلمَّا سَمِعَ أَوسٌ رَجْزَ الصِّبيانِ بِها هَرَبَ وَتَرَكَها.
وَلَعَلَّ المُزَرِّدَ قَدْ مَرَّ بِحَياةٍ قاسِيَةٍ بَعْدَ فَقْدِ أَبِيهِ، وَانْعَكَسَ ذلِكَ عَلَى عَلاقَتِهِ بِالنّاسِ مِنْ حَوْلِهِ فَكانَ هَجّاءً خَبِيثَ اللِّسانِ كَما كانَ يُوصَفُ، وَقَدْ بالَغَ فِي هِجائِهِ حَتَّى أَنَّهُ -كَما يَذْكُرُ ابنُ قُتَيْبَةَ فِي كتابِهِ الشِّعْر وَالشُّعَراء- كانَ يَهْجُو قَوْمَهُ وَيَهْجُو الأَضْيافَ وَيَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِما قَراهُمْ بِهِ. وَقَدْ هَجا المُزَرِّدُ قَوْمَهُ أَنْمارَ بنَ بَغَيْضٍ حِينَ أَتَى رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
تَعَـلَّمْ رَسُولَ اللهِ أَنَّا كَأَنَّنَا أَفَأْنَـا بِأَنْمَارٍ ثَعَالِبَ ذِي غِسْلِ
تَعَلَّمْ رَسُولَ اللهِ لَمْ نَرَ مِثْلَهُمْ أَجَرَّ عَلَى الْأَدْنَى وَأَحْرَمَ لِلْفَضْلِ
وقد رُويَتْ هذهِ الأبياتُ لِلشَّمَّاخ ِأَيضاً.
ويَقولُ المُزرِّدُ واصِفاً قُدرَتَهُ على الهِجاءِ:
زَعِيمٌ لِمنْ قاذَفْتُهُ بِأَوابِدٍ يُغَنِّي بِها السَّارِي وَتُحْدَى الرَّواحِلُ
وَمَنْ نَرْمِهِ مِنْها بِبَيْتٍ يَلُحْ بِهِ كَشامَةِ وَجْهٍ لَيسَ لِلشَّامِ غاسِلُ
وكان لِلمزرِّدِ عَداوَةٌ ومُهاجاةٌ معَ كَعْبِ بنِ زُهيرٍ، وسانَدَهُ فِي عَداوَتِهِ تِلكَ أَخوهُ الشَّماخُ عِندما كبرَ، فَقَدْ وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ مُزَرِّداً قالَ لِأُمِّهِ: كانَ كَعْبُ بنُ زُهَيرٍ لا يَهابُنِي وَهُوَ اليَوْمَ يَهابُنِي. فَقالَتْ: يا بُنَيَّ نَعَمْ، إِنَّهُ يَرَى جَرْوَ الهِراشِ مُوثَقاً بِبابِكَ، تَعْنِي أَخاهُ الشَّمّاخَ.
ومِن قِصَصِ مُهاجاتِهِ معَ كعبٍ، أَنَّ الحُطيئةَ أَتَى كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ فَقالَ لَهُ: قَدْ عَلِمْتَ رِوايَتِي لَكُمْ وَانْقِطاعِي إِلَيْكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ الفُحُولُ غَيْرِي وَغَيْرُكَ فَلَوْ قُلْتُ شِعْراً تَبْدَأُ فِيهِ بِنَفْسِكَ ثُمَّ تُثَنِّي بِي فَإِنَّ النّاسَ لَأَشْعارِكُمْ أَرْوَى. فَقالَ كَعْبٌ:
فَمَـنْ لِلقَـوَافِي شَانَها مَنْ يَحُوكُها إِذَا مـا ثَـوَى كَعْـبٌ وَفَـوَّزَ جَـرْوَلُ
يَقُــولُ فَلَا يَعْيــا بِشـَيْءٍ يَقُـولُهُ وَمِـنْ قَائِلِيهـا مَـنْ يُسـِيءُ وَيَعْمَلُ
فاعْترضَهُ مُزَرِّدُ بنُ ضِرارٍ وغَضِب لعدمِ ذِكرهِ، فَقالَ:
وباسْـتِكَ إِذْ خَلَّفْتَنِي خَلْـَف شَاعِرٍ مِنَ النَّاسِ لَمْ أُكْفِئ ولَمْ أَتَنَحَّلِ
فَإِنْ تَجْشِبا أَجْشِبْ وإِنْ تَتَنَخَّلا وإِنْ كُنْتُ أَفْتَى مِنْكُما أَتَنَخَّلِ
وَقَدْ شَكَتْ أُمُّ المُزَرِّدِ مِمّا كانَ يَعُودُ عَلَيْها بسببِ هِجاءِ ابنَيها المُزرِّدِ وَالشَّمّاخِ، وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّها قالَتْ: عَرَّضْتُمانِي لِشُعَراءِ العَرَبِ الحُطَيْئَةُ وَكَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ. فَقالَ: كَلّا لا تَخافِي. قالَتْ: فَما يُؤَمِّنُنِي؟ قالا: إِنَّكِ رَبَطْتِ بِبابِ بَيْتِكِ جَروِي هراشٍ لا يَجْتَرِئُ أَحَدٌ عَلَيْهِما. يَعنيانِ أَنْفُسَهُما.
وَمِمّا يُرْوَى عَن المُزَرِّدِ أَنَّهُ كانَ جَشِعاً نَهِماً، ذكرَ صاحبُ (العقد الفَرِيد) أَنَّ الأَصْمَعِيَّ قالَ: كُنْتُ يَوْماً عِنْدَ هارُونَ الرَّشِيدِ، فَقُدِّمَتْ إِلَيْهِ فَالوذجة، فَقالَ: يا أَصْمَعِيُّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ. قالَ: حَدِّثْنِي بِحَدِيثِ مُزَرِّدٍ أَخِي الشَّمّاخِ. قُلْتُ: نَعَمْ يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ مُزَرِّداً كانَ رَجُلاً جَشِعاً نَهِماً، وَكانَتْ أُمُّهُ تُؤثِرُ عِيالَها بِالزَّادِ عَلَيْهِ، وَكانَ ذلِكَ مِمّا يَضُرُّ بِهِ وَيُحْفِظُهُ، فَذَهَبَتْ يَوْماً فِي بَعْضِ حُقُوقِ أَهْلِها، وَخَلَّفَتْ مُزَرِّداً فِي بَيْتِها وَرَحْلِها، فَدَخَلَ الخَيْمَةَ، فَأَخَذَ صاعَيْنِ مِنْ دَقِيقٍ، وَصاعاً مِنْ عَجْوَةٍ، وَصاعاً مِنْ سَمْنٍ، فَضَرَبَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
ولمَّا مَضَتْ أُمِّي تَزُورُ عِيالَها أَغَرْتُ عَلى العِكمِ الَّذي كانَ يُمْنَعُ
خَلَطْتُ بِصاعَي حِنطةٍ صاعَ عَجْوَةٍ إِلى صاعِ سَمْنٍ فَوقَهُ يَتَرَيَّعُ
ودَبَّلْتُ أَمثالَ الأَثافِي كَأَنَّها رؤُوسُ رِخالٍ قُطِّعَتْ لا تُجمَعُ
وقُلْتُ لِبَطْنِي أَبْشِرِ اليومَ إِنَّهُ حِمَىً آمِنٌ إمَّا تَحوزُ وتَرْفَعُ
فَإِنْ كُنتُ مَصْفُوراً فَهذا دَواؤُهُ وإِنْ كُنْتُ غَرثَاناً فَذا يَومُ تَشبَعُ
قالَ: فاسْتضْحَكَ هارونُ حتَّى أَمسَكَ بَطنَهُ واسْتلْقَى على ظَهْرِهِ، ثَمَّ قَعَدَ فَمَدَّ يَدَهُ وقالَ: خُذْ، فَذا يَومٌ تَشبَعُ يا أَصمَعِيُّ.
ويُروَى أَنَّ المُزَرِّدَ تابَ عَن الهِجاءِ عِندما تَقَدَّمَ بِهِ السِّنُّ، وعِندَما طَلَبَهُ عُثمانُ بنُ عفَّانَ إِثرَ شِكايَةٍ مِن رَجُلٍ هَجاهُ، وفِي ذلكَ يَقولُ المُزرِّدُ:
تَبَرَّأْتُ مِن شَتْمِ الرِّجالِ بِتَوبَةٍ إِلى اللَّهِ مِنِّي لا يُنادَى وَلِيدُها
وَرَدَ فِي (الأَعْلامِ) لِلزَّرْكَلِيِّ أَنَّ وَفاةَ المُزَرِّدِ كانَتْ فِي السَّنَةِ العاشِرَةِ لِلهِجْرَةِ، أَمّا مُحَقِّقُ دِيوانِ المُزَرِّدِ فَأَشارَ إِلَى أَنَّ الأَرْجَحَ أَنَّ المُزَرِّدَ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 30 لِلهِجْرَةِ، لِأَنَّ فِي شِعْرِهِ ما يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ أَدْرَكَ خِلافَةَ عُثْمانَ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ.
اشتُهِرَ المُزَرِّدُ بِالهِجاءِ، فَقَدْ كانَ هَجّاءً خَبِيثَ اللِّسانِ، وَأَشارَ ابنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْر وَالشُّعَراء) إِلَى أَنَّ المُزَرِّدَ مِمَّنْ هَجا قَوْمَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَهْجُو الأَضْيافَ وَيَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِما قَراهُمْ بِهِ.
المُزَرِّدُ مِنَ الشُّعَراءِ المُجِيدِينَ المُقَدَّمِينَ، وَقَدْ أَشارَ ابنُ سَلّامٍ إِلَى أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالشَّماخِ أَخِيهِ وَأَنَّ لَهُ شِعْراً وَشُهْرَةً. وَقَدْ اخْتارَ المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ فِي مُخْتاراتِهِ قَصِيدَتَيْنِ لِلمُزَرِّدِ. ولعلَّ ما أَضْعَفَ شُهرَتَهُ بينَ الشُّعراءِ هُوَ هِجاؤُهُ، فَقدْ رَأَى الأَصمعيُّ فِي كِتابِ (فُحولة الشُّعراءِ) أَنَّ المُزرِّدَ لا يَقِلُّ عَن أَخيهِ الشَّمَّاخِ فُحولةً ولكنَّهُ أَفسَدَ شِعرَهُ بِما يَهجُو النَّاسَ.
(الأَصْمَعِيُّ/ فُحولة الشُّعراء).
(ابنُ سَلَّامٍ الجُمحيّ / طبقات فُحول الشُّعراء).
(ابنُ قُتَيْبَةَ/الشِّعْر وَالشُّعَراء).
(ابْنُ رَشِيقٍ القَيْرَوانِيُّ/ العُمْدَةُ).