
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
علـيَّ جـرى دمـا دمعـى حزينا
وفــيَّ تعلَّـم الطيـرُ الأنينـا
فيـا بنت الهزار أبكى وأبكى
لننظــرَ أيّنـا أوفـى شـؤُونا
بكيـتِ ومـا عسـى تبكيـن إِلاَّ
بـذوراً أو وكـوراً أو غصـونا
أعينينــى فخطبـكِ دونَ خطـبي
وكـانَ الحرُّ فى الدُّنيا مُعينا
سـألتِ على مَ تستبكى السَّوارى
ولـم تُطلـع عَلَـى سـِرّ خـدينا
تــبيتُ مقلّبـاً يمنـى بيسـرى
لقـد أتعبتَ باليسرى اليمينا
وتغتـاب الفـراشَ وأنـت فيـهِ
إِلى السُّهد الذى خَدَعَ العُيونا
كأنَّــكَ سـُمتَ مَدرجـةَ الأفـاعي
فمـا نلتَ الحياةَ ولا المنونا
أإِن خـدعَت منـاكَ حجـاكَ همَّـت
قـواكَ لـتركب الأمـل الحرونا
فيغرِيـكَ الـذى ينهـاكَ حِينـاً
وينهـاكَ الـذى يغريـكَ حِينـا
وتضـحك فـى بكـائك لست تدرى
كأَنــكَ قـد ترقيـتَ الجنونـا
ومـا هـذي بحـال فـتى حزيـنٍ
أجَـداًّ كـانَ صـُنعكَ أم مجونـا
فيـا بنـتَ الهـزار سُقيتِ ممَّا
أتـاحَ اللـه منهمـراً هتونـا
ولا برِحَــت ســحائبُ مرضــعاتٍ
بناتِـكِ فى المسارِحِ والبنينا
ولا دهَمتــكِ فــى عــشّ عقـابٌ
ولا بلَغتـك أيـدى الصـَّائدينا
ولا زالَـت بـكِ الجنَّـاتُ خُضـرا
يناجى الورد فيها الياسمينا
عـذلتِ ولو علمتِ على مَا أبكى
لَمَـا جـاريتِ فـيَّ العاذلينـا
بكيــتُ قواعــدَ الاسـلام لمَّـا
تزعــزع ثبتهـا والمسـلمينا
قـد انفرطَـت عقودهمـو بـأرضٍ
حمـت عقباتُهـا المسـتجمعينا
فـذاكَ جـرى مـع اللاهينَ شوطاً
وذاك ســهَا مـع المتزَهّـدينا
فمـا بلغوا بذاكَ اللهو دنياً
ولا بلَغُـوا بـذاكَ السَّهو دِينا
وشــتوا فـي البلاد فكـلُّ أرضٍ
حَـوت منهـم غريبـاً مسـتكينا
نمـوتُ بهـا ونحيـا كـلَّ يـومٍ
فلا متنـا الزمـان ولا حَيِينـا
تكــاد تخــالهُ ممـا يعـانى
بهذا الدِّين فى الدُّنيا مَدينا
تضـيق النفـس بـى طولاً وعرضاً
إذا مرحَـت بـذكرِ الغابرينـا
همـو فرِحوا بعيشى يوم ماتوا
فعشـتُ عليهمـو عمـرى حزينـا
ولـو أن الـديار صـبرنَ يوماً
عليهـم مـا خربـن وما خوينا
بنفســى سـرَّمن را وهـي بَـرجٌ
حـوى كالبـدر معتصـماً ركينا
وشــعر البحـتري بهـا مطيـفٌ
يكــاد يفيـض سـامعُهُ حنينـا
فللشــُّعراء إن ركبــوا مكـرّ
وبحـرٌ إن همو راضوا السفينا
ولــو أنـى لحقتهمـو بشـعرى
لكنـتُ كمـا أحـاول أَن أكونا
قُصــورٌ تشــبه الآمـال طـولاً
وأشـكالٌ بهـا تحكـى الظنونا
مــوازينٌ بســاحتها أُقيمــت
موفــاةً الــى المستنصـفينا
وفيهـا البركة الفيحاء تجرى
ينابيعــاً عَلَـى ذهَـبٍ لجينـا
بكَـت مـن فرط ما فرحت ففاضت
محاجرهــا فأَسـبلَت الجفونـا
تلــحُّ مسـاقط الأنـداء فيهـا
فتنظـم فوقهـا الدُّرُّ الثمينا
كــأَنَّ مياههــا قطـرات حُسـن
وقد مسَحَ الشبابُ بها الجبينا
كــأَنَّ علـى حواشـيها رُسـوماً
بهـنَّ الفُـرس أنقطـت الفنونا
أنـاخَ بهـا الغمام وشقَّ فيها
جيـوب السـُّحب أبكـاراً وعُونا
فعــاد الأفــقُ رقعـة سـابريٍّ
علــى مرآتهــا للناظرينــا
فـأين اليـومَ أنـدلسٌ فـأبكي
رفـاتَ المجدِ والفخرَ الدّفينا
وأطـرق سـاحةَ الحمـراء علّـىِ
أرَى جَــدَّاءهَا عــادت لبونـا
وأنشـقُ نفحـةَ الأرحـام فيهـا
وأسـأل بعـد ناصرها القطينا
أأنتــم أنتمــو أم غيَّرتكـم
تصـاريفُ الـردى عِـزاًّ وهُونـا
فـأين سـلالة ابـن هشام فيكم
وأيـن الضـادُ بين الناطقينا
وأى الــدولتين أجــلُّ قـدراً
وأمنـعُ فـى معاقلهـا حصـونا
بنـى مـروان يا عَبَق المعالى
عليكـم رحمـةٌ فـى العالمينا
دفنتـم بعضـكُم بعضـاً وبتنـا
عليكـم فـى المقابر عاكفينا
ولـو أن الرفـات يـردُّ رجعـا
لمـا دُعِـيَ الدَّفين إذن دفينا
أعيـذ الـدينَ من قوم أناخوا
بكَلكَلِهــم عليـه أذًى ومينـا
وجـاؤوا الترهـاتِ فباتَ منهم
بنـو موسـى وعيسـى سـاخرينا
فئاتٌ تبتغــى بالـدِّين رزقـا
ودمـع الـدين يغمرهـم سخينا
فكـم مـن لحيـةٍ بيضـاءَ تحكي
شـُعاعَ الصبح يغشَى الناظرينا
تخضـبها دمـاءً الكـأس بكـرا
وتُنحلهـا بنـانُ الغيـد عِينا
وكـم مـن جُبـةٍ خضـراءَ تحكـي
بسـاطَ الـروض مرجـواًّ مصـونا
فيقتبـل الصـباحُ بهـا تقيـاًّ
ويقتبــل الظلامُ بهـا لعينـا
وكـم مـن راحـةٍ بيضـاء تحكي
أقـاح المنحنـى حسـناً ولينا
محاهـا اللثـم تبريكـاً فأمَّا
اذا احتجبت فقد محت اليقينا
وكـم حمـراء فوق الراس تحكي
جهنــمَ أوقــدَت للكافرينــا
وأخــرى جنّــةٌ سـُرقت نهـارا
فحاملًهــا إمـام السـارقينا
وكــم سـوداء كالأفعـة أُعـدَّت
لتخـرج مثلهـا سـُفعاً وجُونـا
فيـا مجـد الشريعة كيف تعفو
وتصــبح لا ليــوثَ ولا عرينـا
أإِن وَلّــى الأميــن وصـاحباهُ
يضـلّ عـن الصـراط المهتدونا
وهيهــات الصـلاح لـدِينِ قـومٍ
إذا كــان الأئمّــة مفسـدينا
لعــلَّ اللـهَ يلهمنـا نفوسـا
إذا غَنَيـت بنـا قضت الديونا
فلا يتطمّــع القرنــاء أنــى
سأضــرب فيهمــو مثلاً وفينـا
تَحـاربَ مـن بنـى الاسـلام قومٌ
وأذكـوا بينهـم حربـاً زبونا
فقيـل لقيصـرَ انسـفهم جميعا
فهــم بنفوســهم متشـاغلونا
فجــرّ جيوشــه بــراًّ وبحـرا
اليهــم رامحيــن وعائمينـا
فطــالعهُ امـرؤٌ منهـم حكيـمٌ
يـرى بفـؤاده السـرّ الكمينا
إذا عرَضـَت لـهُ حبلى الليالى
يَميـزُ بجوفها الخطب الجنينا
فقـال لقيصـر قـف قـالَ ماذا
تريـد خـذوه فابتدروا مئينا
فقـال أردتُ نصـحكَ قـالَ نصحى
فقـالَ نعـم مكانـكَ أو أُبينا
لقــد جشــَّمتَنا شـطَطاً وإِنَّـا
وحقّــكَ لا محالــة خاســرونا
فقـالَ وكيـف قـال غداً سأجلى
بآيــاتى لـك الحـقّ المينـا
ولاحَ الفجــر كســلاناً مُـديراً
كـؤوسَ النـور بين الظامئينا
وأطلــق خيلـه شـُقراً عليهـا
فــوارسُ كــالبزاة مـدرّعونا
واشـرعَ صـارماً بيـد الدياجي
خضـيباً مـن مقاتِلهـا دهينـا
وطـالع قيصـرَ الجنـديُّ يزجـى
كلابـاً خمسـةً تَفـرِى الحُزونـا
وأوقــعَ بينهـا شـراً فثـارت
وخضــَّبت الـذوائبَ والقُرونـا
فلمـا المـوت بلَّلهـا نجيعـا
وقــدَّت كــل أظفــرة وتينـا
رمـى ذئبـاً لهـا فهـوت عليه
كمـا تهوى الصخور اذا رمينا
ففــاضَ علـى مخالبهـا ذُمَـاءً
وبيـن نُيوبهـا أمسـَى طحينـا
لهـا شـَغَلٌ بـه عنهـا وكم من
عــدوٍّ يُصــلح المتخاصــمينا
فقــال لقيصـرَ الجنـديُّ هـذا
مثــالُ خصـومِك المتنافرينـا
سـتجمعهم عليـك الحرب فارجع
والاَّ كنـــتَ رأس الخاطئينــا
فعــاد يجيشــه يحتــث منـه
فــوارس بالــذهول مـدجَّجينا
كـذلك نحـن تجمعنـا المعالى
اذا بـاتت تفرّقنـا السـنونا
عبد الحليم حلمي بن إسماعيل حسني المصري.شاعر، قارب النبوغ وحالت منيته دونه.ولد في قرية (فيشا) من دمنهور (بمصر) والتحق بالمدرسة العسكرية.ثم توظف بالسودان، واستقال، وكانت له في أواخر أيامه حظوة عند الملك أحمد فؤاد حتى دعي شاعره، وتوفى بالقاهرة.له (ديوان شعر-ط) ثلاثة أجزاء صغيرة، و(الرحلة السلطانية-ط) جزآن.