
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أيُّ صــــوتٍ أثــــارَ بيـــنَ الـــدّيارِ
شــــــجنَ الراقـــــدينَ والســـــُّمارِ
طـــار خلفـــى صــداه يقتــدح الأفــقَ
ويُــــــورِى زَنَــــــادَه بالشـــــَّرارِ
فتلفــــتُ مفزَعــــاً عــــن يمينــــى
فـــإذا صـــارخٌ زقَـــا عـــن يَســارى
قلـــتُ مـــن أنــتَ قــال حــيٌّ يرجَّــى
ثـــــم يمَّمتـــــه فقــــال حــــذارِ
فرمـــى الخـــوفُ فــى ضــلوعى قلبــاً
هـــمَّ لـــولا مـــا فـــوقَه بــالفرارِ
قــــال مـــن أنـــت واشـــرأبَّ قليلاً
قلـــتُ ســارٍ فقــال مَــن قلــتُ ســارِ
وتقــــدَّمتُ أَوهـــم النفـــسَ بـــالأمنِ
وأرى الفـــــــــؤاد بالأوطــــــــارِ
فـــاذا فـــى مـــدارِج الليــلِ جســمٌ
شــــاحب اللَّــــونِ غـــامض الأســـرارِ
فـــاضَ مـــن رقـــةِ النســيم حنانــا
واختفــــى دِقــــةً عــــن الأبصــــارِ
قلــت مــن أنــتَ هــل مـن الجـن هـاذٍ
أم مــــن الانــــس راكـــضٌ للشـــِّجارِ
أم قتيــــــلٌ مضــــــرَّج بــــــدماء
أم غريــــــبٌ معفَّــــــر بغبــــــار
أم طريـــــحٌ أم مغــــرمٌ أم جريــــحٌ
مـــن بنــى الحــربِ أم صــريعُ عقُــار
وتشـــجعتُ ثـــم قلـــتُ لـــه انهـــض
وأبِـــن لـــى عـــن هـــذه الأطمـــار
قــال دعنــى لمــا أنــا ابــنُ سـبيل
أو غريــــــبٌ ولا مـــــن الأشـــــرار
إِنـــا هـــذا الـــذى تجافــاه قــوم
يملأُون الصــــــــدور بالأحجــــــــار
ضــــيَّعونى فكــــدت أبتـــاع نفســـى
إن يُتَــــح لـــى مـــن الخلائقِ شـــار
وقـــف المـــوت بيــن نفســى وبينــى
فكلانـــــا عــــن بعضــــِه متــــوار
أنـا مَـن مـاتَ والـداه ولـم يلقَ معيناً
أنـــــــا اليــــــتيمُ العــــــارى
لســـــتُ أدرى أصـــــرتُ ظلاً لظلـــــى
أم شـــــِعَاراً لــــذلَّتى وانكســــارى
إن أطـــالع أخـــا اليســـارِ يبــادر
نــــى بشـــكوى الزمـــان والإعســـار
غيرَانــى أرى القناعــة تكفــى المـرء
ذلَّ الســــــــؤَال دون اليســــــــار
لــم يُقلنــى عمّــى ولــم يــرعَ خـالى
ســـوءَ حـــالى ولـــم يَعُلنــى جــارى
ولـــو أنـــى وجـــدتُ روضـــةَ علـــم
فتَحــــت بابَهـــا لجـــانِي الثِّمـــار
لــم أبــت فــى الطريــق والليـلُ داجٍ
ودَّ منــــى لـــو يختفـــى بالنهـــار
عرضـــت لـــى المنـــى خلالَ المنايــا
مـــا انتفـــاع الغريـــق بالجِلّنــار
وجـــرت دمعـــةٌ علـــى الخـــدِّ منــه
مـــن بنــاتِ الغمــام فــوق البَهــار
حســـرةًُ أُهرقـــت علـــى مجـــد قــوم
لـــم يصــونوا حــتى حقــوق الجــوار
فتقـــدمتُ فــى الظلام والقيــتُ عليــه
مــــــــن الحنـــــــوِّ دثـــــــارى
وحملــــتُ اليــــتيم لســـتُ أبـــالى
مـــن رَآنـــى أعــدُو بــه نحــو دارى
وتلمَّســــــتُ لليــــــتيم حيــــــاةً
مـــن ممـــاتٍ وعصـــمةً مـــن دمـــار
ووقفـــتُ الغـــداةَ أبكـــي واســتبكى
عليــــــه القلــــــوبَ بالأشـــــعار
تلــك حــال الفقيــر فــى مصـر ليسـت
مثلَهــــا فــــى ســــوائر الأمصـــار
إنَّ دارَ الفقيـــــــرِ ملأى نبوغــــــاً
وكـــذا الــدُّر فــى زوايــا البحــار
يـــا كنــوزَ الأَمــوالِ كــونى رغامــاً
أو فكــــونِى حجــــارةً مــــن نـــار
ما انتفاع الوادى الجديب بما في السحب
إن لــــــم تغثــــــه بالأمطــــــار
مــا انتفـاع العيـنِ البصـيرةِ بالشـمسِ
اذا لــــم تشــــرق علـــى الأبصـــار
مــا انتفــاع الأزهــار بالطـلِّ إن لـم
تجــــرِ أنــــداؤه علــــى الأزهـــار
يــا بنــى مصــر إنَّ فــى مصــر أيتـا
مــــاً كبــــار الآمــــالِ والأوطـــار
علِّمــــوهم فربمـــا جـــارَوا النـــا
س وجــــاؤا بــــالمعجزاتِ الكِبــــار
إنَّ أســـــلافكم أقـــــاموا بمصـــــرٍ
أثــــراً خالــــداً علــــى الأدهـــار
تلــك اهرامهــم يتهِــن علــى الخلــد
ويــــــأبينَ طاعــــــةَ الأقــــــدار
والتهاويــــل والـــدُّمى والتصـــاوير
حفــــاةٌ علــــى الزمــــان عــــوار
كمواليـــــدِ ســـــاعةِ اســــتطلعتهنَّ
عيــــــونُ العــــــوَّاد والـــــزوار
صــــــامتاتٌ كأنهــــــا ناطقـــــاتٌ
عـــن خـــوالى العلا وماضــى الفخــار
إنمــا نحــن فــى ربيــع مــن العيـش
وفـــــي أنجـــــمٍ مــــن الأفكــــار
عبد الحليم حلمي بن إسماعيل حسني المصري.شاعر، قارب النبوغ وحالت منيته دونه.ولد في قرية (فيشا) من دمنهور (بمصر) والتحق بالمدرسة العسكرية.ثم توظف بالسودان، واستقال، وكانت له في أواخر أيامه حظوة عند الملك أحمد فؤاد حتى دعي شاعره، وتوفى بالقاهرة.له (ديوان شعر-ط) ثلاثة أجزاء صغيرة، و(الرحلة السلطانية-ط) جزآن.