
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كــم طـوى الـدهرُ عليهـا أُممـا
ومحاهــا مــن ســجلّ الكائنـات
هكــذا يطــوي ويمحــو طالَمــا
ســـنواتٌ فيــه تَتلــو ســنوَات
دوَلٌ فـــي دورهــا قــد لعِبَــت
ثــمّ بــادت وبـدت أخـرى تـدول
وبهــذا الكــون أســرارٌ خَبَــت
نحــت مكنوناتهـا نـار العقـول
ومطايـا الفكـر فيهـا قـد كَبَـت
حــائراتٍ لا تَعــي كيــف تجــول
بَينَمــا المَــرءُ يُــرى مُبتسـما
ولــهُ الأيــام تبــدو زاهــرات
إذ تــرَاهُ يــذرف الــدمع دمـا
شــَرقاً مــن حزنِــه بــالعبَرَات
هـذِه الـدنيَا ومـا فيهـا غـرور
عبَثـاً ترجـو مـن الـدنيا السّلام
أرضــعَتنَا ثَــديَ أنــسٍ وســرور
وسـَقَتنا المـرّ مـن بَعـد الفطام
فـــإلامَ هــذه الــدّنيَا تجــور
إِنّ هــذا ليـس مـن شـأنِ الأنـام
حكــمَ اللــه بنــا مــا حَكَمـا
فاقصـرِ البحـث بهـذي الغامضـات
وبحبـــلِ اللــه كُــن مُعتَصــِما
لا تَســل عمّــا بطــيّ الخافيـات
عنــدما ســلطانة البحــر سـَرَت
لَيلَــةً تزهــو بــأبهَى الحلَــلِ
كعــرُوسٍ فــي الـدّجى قـد خطـرت
وهــيَ بكــرٌ بالشـقا لـم تَحفـلِ
وعقــول النــاس منهــا ســُحِرَت
عَجَبـــاً لمّــا رأوهَــا تَنجَلــي
كشـــهابٍ نورُهــا شــَقّ الســّما
أو غَـدت إحـدى النجوم السابحات
ليـتَ شـعري فـي الـوَرَى من علما
أنهــا خُطَّــت بســفر الحادثـات
فـــدَعوها تَتَبــاهى عــن رضــى
مَـا لَهـا فـي السـيرِ مـن مُنتَقِدِ
حســَدتها رُبّمــا زُهــرُ الفَضــَا
فَأصـــابَتها بِعَينـــش الحَســـِدِ
أو هـوَ النـاموس فـي حكم القضا
لـــم يـــدَعهَا تَتَبــاهى لِغَــدِ
صــَدَمَت طــودَ جَلِيــدٍ قــد سـَما
لــم يُعِيـرُوه اعتِنَـاءً والتِفَـات
إنّمــا لمــا بهـا الخطـبُ طمـى
علِمـوا كيـفَ اصـطِدام الرّاسـيات
صـــيحَة للــه لمّــا ازدَحَمُــوا
قــامَ مـوجُ البحـرِ منهـا وقَعَـد
آهِ لَــــو للبَحـــر عَقـــلٌ وَدَم
كــان لَمــا عَـاينَ الخطـب جَمَـد
كــم عــرُوسٍ عــن عريـسٍ فصـَمُوا
مثلمــا تُفصــمُ رُوحٌ عَــن جَســَد
تَقـــرَعُ الســـنّ عَلَيــهِ نَــدمَا
وَتُنَـــاجي رَبّهَـــا بالحَســـرَات
ربّ إِنـــي عِفــتُ روحــي ألَمــا
لَيتَنـي مـا كنـتُ في هذي الحياة
طَيَّــرُوا البَـرقَ بأرجَـاءِ الأثيـر
فَغَـــدا فِيــهِ يصــِيحُ المَــدَدا
فــي فضــَاءٍ عنـدهُ عَـزّ النّصـير
وبحـــورٍ جَــرّدَت ســيفَ الــرّدى
وكــبير القَـومِ فِيهِـم كالصـّغير
لمَلاكِ المَــــوتِ كُــــلٌّ ســـَجَدا
فانشـَنَت كرباثيـا مـن بعـد مـا
مَــزّقَ الــبرقُ أَديــمَ السـّمَوَات
وَجَـــرَت تَـــوّاً تَشــُقّ الظُّلَمَــا
نحـوَ مَـن ضـاقَت بهم سبلُ النجاة
لـم يكـن للخيـل في الحربِ صَهيل
لا ولا فيهـــا صـــَلِيلٌ للســيوف
مُهَــجٌ فــي لَجــجٍ بــاتت تسـِيل
جَزَعــاً مــن مشــرَفيّاتِ الحتـوف
وسـَرَاةُ القـومِ كـم منهُـم قتِيـل
كـانَ لـو يحيَـا بـه تَحيَـا ألوف
كــم شــجاعٍ قـد عَنَـا مستسـلما
وهــو لا يعنــو لحـدّ المرهفـات
وأبـــيّ النفـــس أودى كَرَمـــا
كَفِــداءٍ عــن نفــوس الســيّدات
يــا لَــهُ ليلاً تَجَنّــى واعتَــدى
رَاخيـاً مِنـهُ عَلـى الصـّبحِ سـِتار
مَــأتَمٌ للنّــاسِ فيــه قَـد غَـدا
وهـو عـرسٌ عنـد حيتـانِ البِحَار
كــم كمــيٍ ســيفه قــد أَغمـدا
وشــجاعٍ حيـثُ سـارَ القَـومُ سـار
صــَبّتِ الــدّنيَا عليهِــم نِقَمــا
وبهــم قــد ضــَاقَتِ المُنفرجـات
وغَــدا مَـن كـانَ يرَعـى الـذمما
مثـل مـن كـانوا لدى الحقّ جُناة
وَتَلَـوا لمّـا دنـا وقـتُ الـوَدَاع
رَبّنَـــا إنّـــا إِلَيـــكَ أَقــرَبُ
عَلَلُـــوا أنفســـهُم بالإجتِمَــاع
عَــل مُــرّ المــوتِ فِيــهِ يَعـذُبُ
وَهــوَوا فـي قـاعِ بحـرٍ أيّ قـاع
مَـــاؤهُ هَيهـــات فِيــهِ ينضــبُ
فَـاحفَظَن يـا بحـر تلـكَ الرّمَمَـا
إنهـــا تُعــزَى لأًبطــالٍ كُمَــاة
ليــس للــدُّرّ الــذي فيـكَ كَمَـا
لرُفـــاتٍ مثـــل هــذي حَســَنَات
يـا نُجومـاً رَافَقَـت هـذا الوُجُود
مــن دُهــورٍ وبِهـا اللـه عليـم
بلغــت كرباثيــا ذاكَ المَقَــام
حيــثُ أشــباحُ الــرّدى تَزدَحِــمُ
خَطفَـت مـن مخلـبِ المـوتِ الزّؤام
كـلّ مَـن فـي البحـرِ حَيّـاً منهُـمُ
وبهــم جـاءَت إِلـى هـذا الحِمـى
فَأحَلّوهَـــا مَكَـــانَ النّيـــرَات
ليــتَ ذا الــدهر بهــذا خَتَمـا
وَكَفانَـــا شـــَرَّهُ والنّائِبَـــات
لــم يكُــن للخَطــبِ إِلاّكِ شــُهود
فوق ذاك البحر في الليل البهيم
كيـفَ حـال القوم في دار الخلود
يـا تُـرَى هـم فـي نعيمٍ أم جحيم
فَلَعَمــــري ليــــسَ إِلاّ حُلُمـــا
ذلــك الفِــردَوس قَصـّتهُ الـرّوَاة
وجحيــم القَــومِ أمســى عِنـدَما
خبطــوا فــي لجّــجٍ فـي ظُلُمـات
سـلّ سـيف الصـبحِ مـن غمد الظلام
وتَــوَارَت فــي الفضــاءِ الأنجُـمُ
بلغــت كرباثيــا ذاكَ المَقَــام
حيــثُ أشــباحُ الــرّدى تَزدَحِــمُ
خطَفـت مـن مخلـبِ المـوتِ الزّؤام
كـلّ مَـن فـي البحـرِ حَيّـاً منهُـمُ
وبهــم جـاءَت إِلـى هـذا الحِمـى
فأحَلّوهَـــا مَكَـــانًَ النيَـــرَات
ليــت ذا الــدهر بهــذا خَتَمـا
وَكَفانَـــا شـــَرَّهُ والنّائِبَـــات
رشيد أيوب.شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي، ولد في سبكتنا (من قرى لبنان) ورحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو يتعاطى تصدير البضائع، وعاد إلى قريته، فمكث أشهراً.وهاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين، واستمر إلى أن توفي، ودفن في بروكلن. كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما في نظمه من شكوى عنت الدهر.له: (الأيوبيات - ط) من نظمه، نشره سنة 1916، و(أغاني الدرويش - ط) نشره سنة 1928، و(هي الدنيا - ط) سنة 1939.