
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
آن النّشـــُورُ وَجـــاءَت ســاعَةُ الأُمَــمِ
واعتَلّــتِ الأرضُ إِذ حَــرُّ الــوَطِيس حمـي
طَمــى بِهَـا الخَطـبُ حـتى كـادَ محوَرُهـا
يزيــح عَــن مَركَـزِ القُطبَيـنِ مـن ألَـمِ
مكمـدةُ الـوَجهِ تبكـي مَـن أقـاموا بها
كـالقلبِ في الجسمِ أو كالنورِ في الظلمِ
مصــيبَة مَــا دَهَتهــا منــذ نشــأتها
حــتى وَلا نَكبَــةُ الطّوفَـانِ فـي القِـدَمِ
كُنّـــا ظّنَنّــا بــأنّ الســَيفَ دَولَتُــهُ
دالَــت وأنّ القَضـَايا فـي يَـدش القَلَـمِ
فَخَانَنــا الأمــرُ لمّــا جاءنَــا نَبَــأ
أنّ القَضــَايا بِغَيــرِ السـّيفِ لـم تُـرَمِ
كــانَت أوربّــا قُبَيـلَ اليـومِ نحسـَبُها
أمُّ التّمـــدّنِ نُـــورَ النـــاسِ كُلّهــمِ
فيهــا المُلــوكُ الألــى مَـدّوا أكُفّهـمُ
نحــوَ الســّلامِ لِرَفــعِ الضـّيمِ والنّقـمِ
حَتّـــى إِذا مَحّصـــَتهُم نـــارُ تَجرِبَــةٍ
خـانوا العُهـودَ وداسـوا حُرمَـةَ القَسـَمِ
قــامَت قِيَــامتهم مــن غيـرِ مـا سـَبَبٍ
حــتى كَــأنّ بِهِــم ضــرباً مـن اللَّمَـمِ
حُلّـــت مَـــوَاثيقهم جاشــَت ضــَغائِنُهم
عــافوا الإخــاءَ وفّكّـوا عُقـدَةَ الرّحِـمِ
واســتَنكُروا اللــه حـتى بـاتَ دأبُهُـمُ
حَشــدَ الجُيــوشِ ودَفــعَ النـاسِ للضـرَمِ
أعطــوا العَلامَــةَ للمرَيــخِ عـن بَشـَرٍ
مــن بحــرِ حــربٍ بِنَــارِ المـوتِ مضـط
مِــن كُــلّ مــاشٍ صـَلِيلُ السـيفِ يطربُـهُ
أو فــارِسٍ عِنــدَه التّصــهالُ كــالنّغَمِ
لاحَـــت بَيـــارِقُهُم فــي كــلّ مُعتَــرَكٍ
في البرِّ في البحرِ في الأوداءِ في القمَمِ
مُستَنشـــِقينض مــن البــارُودِ رَائِحَــةً
كَأنّهــا مــن أريــجِ الرّنــد والخـزَمِ
طــارُوا لخـوضِ المَنايـا فـي مَرَاكِبِهـم
وإن تخُنهُـــم لَطــارُوا فــي قُلــوبِهمِ
فَلَيلُهُــم مــن شــعاع الــبيض صـُبحُهمُ
وصــبحُهُم مــن دُخــانِ الحَـربِ كـالقَتَمِ
كَــم ناشــرٍ عَلَمــاً فــي طَيّــهِ كمنَـت
لـــهُ المَنِيّــةُ وهــوَ ناشــرُ العَلًَــمِ
بـاللهِ يـا قَـبرَ نـابوليون هَـل فَلِقَـت
عظــامُه فــانبرَت فــي مجـدها الهَـرِمِ
وقــامَ فَــوقَ صــفوفِ الجَيــشِ ترقُبُهـا
نَفــسٌ لــهُ لِســِوَى العليـاءِ لـم تَقـمِ
حــتى كَــأنّ فــتى الهَيجــاءِ أودَعَهـا
صــــُدورَهُم فَتَمَشـــّت فـــي نُفُوســـِهِم
للـــهِ حَــرَبٌ بهــا الأبطــالُ عاكِفَــةٌ
مِـــن كـــلّ مُقتَحِــمٍ للمَــوتِ مُبتســِمِ
حَـــربٌ أضـــاعَ ذوُو الألبَــابِ فَهمهُــمُ
فيهــا وكــلّ بصــيرٍ مـن لظاهـا عَمِـي
حَــربٌ تفتّــحُ أبــواب الجَحيــمِ بِهَــا
وَيَفخــرُ الــدّهرُ فــي أحـداثِهِ الحطـمِ
تَصـــُبّ نــاراً عَلــى الأبطَــالِ آكِلَــةً
مِـــنَ المــدافِعِ والمِنطَــادِ كَالــديمِ
أثارَهَـــا ســَيّدُ الألمَــان عَــن طَمَــعٍ
وســوفَ لا يجتَنــي منهــا سـِوَى النّـدمِ
تلــكَ الحقــولُ الــتي كـانَت تقيتهُـمُ
قَــد أصــبَحَت تَغتَــذي غربانهــا بهـمِ
ظمآنَـــةٌ لا يُـــرَوّي الغَيــثُ تُربتَهَــا
وفوقهــــا جُثَـــثُ الأشـــلاءِ كَـــالأكَمِ
يَبكــي التمَــدّنُ أزمانــاُ بِهـا خَفَقَـت
رَايــــاتُهُ بِســــَلامٍ فـــي رُبُـــوعِهِم
تلــك الرّبـوع الـتي شـادوا بِسـاحَتِهَا
معاهِــدَ العِلــمِ أمســَت وهـيَ كـالرّجَمِ
هُنَــــاكَ حُرّيّــــةٌ مقروحَـــةٌ لَطَمَـــت
وَجهــاً يَعِيــثُ بِــه جيــشٌ مـن السـقمِ
يــا حــاكمينَ عِبَــادَ اللــهِ ويحَكُــمُ
أيـــن العَدالـــة والإيفَــاء للــذّمَمِ
مَـــاذا يحـــلّ بِكُــم لمّــا نُفُوســهمُ
تشــكو إِلــى بـاعث الأمـوَاتِ مـن رَمَـمِ
كَــم والــدٍ قلبُــه قـد ذابَ مـن أسـفٍ
عَلــــى بَنِيـــهِ وأمٍّ دَمعُهَـــا كَـــدَمِ
تَرنُـــو ِإلـــى قُبّـــةِ الأفلاك مجهِشــَةً
وتَســتَغِيثُ ببــاري الخلــقِ مِــن عَـدَمِ
وغـــادةٍ كُلَّمـــا جـــنَّ الظَّلامُ هَـــوَت
علــى فِــراشٍ تقاســي محنــةَ الحُلُــمِ
طَـوراً تـرَى حبّهـا فـي الحـرب منهَزمـاً
وَتـــارَةً تَلتَقِيهـــش غيـــر مُنهَـــزِمِ
يبــدو لهــا وجهــه فــي زيِّ مُبتَهِــجٍ
أو شـــاحِبٍ بوشـــاحِ المَــوتِ مُلتَثِــمِ
إن كـان مـا قـد جَنَـاهُ العلـمُ مَهلَكَـةً
للنّــاس يــا لَيــتَ دامَ الجهـلُ لِلأُمَـمِ
أو كـان لا بُـدّ فـي الحـالَينِ مـن كَـدَرٍ
للنّـاس يـا لَيـتَ هـذا العيـش لـم يَدُمِ
رشيد أيوب.شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي، ولد في سبكتنا (من قرى لبنان) ورحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو يتعاطى تصدير البضائع، وعاد إلى قريته، فمكث أشهراً.وهاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين، واستمر إلى أن توفي، ودفن في بروكلن. كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما في نظمه من شكوى عنت الدهر.له: (الأيوبيات - ط) من نظمه، نشره سنة 1916، و(أغاني الدرويش - ط) نشره سنة 1928، و(هي الدنيا - ط) سنة 1939.