
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هُـوَ الـدهرُ لا يخشى القَنا والقواضِبَا
ولكـن يهـابُ الـدهرُ منـكَ المَوَاهِبَـا
فَلا تَـــكُ مَغــرُوراً بنفســكَ غــافِلاً
حَقِيقَتَهــا فَــاعلَم وَحــدّ العَوَاقِبَـا
ولا تَـــكُ ممّـــن طَيّشـــتَه مَطـــامِع
فَيَـأبى بـأن يَقضـي لـدى الحَقّ واجِبَا
عَلــى أثَــري يـا مَـن أرَاهُ مُجَاهِـداً
لِيَبلُـغَ فـي هـذا الزّمـانِ الرّغائِبَـا
فَمـا أنـا بالشـّاني ولكـن أنا الّذي
عَلــى منــبرِ الإخلاصِ مـا زالَ خاطِبَـا
فَمِــن دَرَكــاتِ الــذلّ تصـبحُ صـَاعِداً
عَلــى دَرَجــاتِ العِـزِّ تَعلـو مَراتِبـا
فَقَــد جَمَعَتنــي وَاللّيــالي حَــوَادِثٌ
فكــانَت مَوَاثِيــقُ اللَيَـالي كَوَاذبَـأ
فَنَكّبــتُ عــن صــِدقِ الزّمــانِ لأنّنـي
رأيـتُ زمـاني عـن هـوَى الصّدقِ ناكبا
وقَـــد صــَحِبَتني هشــمّةٌ لا تخُــونني
وَلَــو أنشــَبَت فـيّ الخُطـوبُ مَخَالِبَـا
إِذا لــم يكـن لـي غيـرُ نَفـسٍ أبِيّـةٍ
أبــى اللـهُ إِلاّ أن تُلَبّـي المَطالِبَـا
فَحَســبي افتخـاراً أن أجـوُدَ بِبَـذلها
لِخدمَــةِ خَلـقِ اللـهِ والعَـدلِ راغِبَـا
فَمَــا قَصــَبَاتُ السـبقِ إِلاّ لمَـن غَـدا
بميـدان هـذا الـدّهرِ للـدّهرِ حاسـبَا
ومــا المَـرءُ ِإلاّ مَـن تَـرَاهُ مُـدافِعاً
عَـنِ الـوَطَنِ المَحبـوبش قَلبـاً وقالبَا
فَقُــل للّـذي يَبغـي اهتِضـَامَ حُقوقِنَـا
ستُصــبِحُ مَغلُوبــاً وإن كنــتَ غَالِبَـا
فَمــا هــيَ إِلاّ النّفــس نسـمَة خَـالِق
فَحاشــا لهــا أن تَسـتَلِذّ المَصـَائِبَا
وَكُــن فَطِنـاً يـا مَـن مَلَكَـتَ عنانهـا
إِذا جَمَحَــت مـادَت بهَـا الأرضُ جانبَـا
فَلَيســوا بقَــومي مَـن ترَاهـم أذِلّـةً
ولكِــن قَـومي مَـن أذَلّـوا المَصـاعِبَا
لَنــا كــلّ قَلــبٍ فِيــهِ كـلّ عزيمَـة
تَجَـــرّدُ مِنهَـــا للــدّفاعِ كَتائِبَــا
فنحـنُ بَنـو الأعـرَابِ كُنّـا ولـم نَـزَل
بمـا خَصّنضـا المَـولى نَفُـوقُ الأجَانِبَا
فَمَـن يـا تـرى أعلـى الـوَرَى كمحَمّـدٍ
وأرفَعهُــم مَجــداً وأســمى مَنَاقِبَــا
وَمَـن مِثـل مَـن قـادوا الخلافـةَ بعده
وكـانوا لِصـرحِ العَـدلِ مِنـهُ جَوَانِبَـا
ألَسنَا الألى سادوا العِبادَ ودَوّخوا ال
بِلادَ وأبــدَوا فــي الحُـرُوبِ عَجَائِبَـا
وقَصـــّرَ عــن إِدرَاكِهــم كــلُّ لاحِــقِ
غَـداةَ امتَطـوا ظِهرَ العُلى والمَناكِبَا
فَكَــم دولَــةٍ شــدنا وســُدنا بِهمّـةٍ
أحَــدّ مِــنَ البِيـضِ الرّقـاقِ مضـارِبَا
وَكُنّـا قـديماً مثلمـا اليـوم قومُنَـا
إِذا صــُفّتِ الأقـوامُ نَعلـو المَناصـِبَا
فمـــا رَوَتِ الأيــامُ مــن عَهــدِ آدمٍ
إِلـى اليَـومِ عـن شـَعبٍ يفوق الأعاربَا
كَـــذاكَ بَنَينَــا للعُلُــومِ مَعاهِــداً
وَشــدنا لأهــلِ الأرضِ فِيهَــا مكاتِبَـا
وقــد أخــذَت عَنّـا الشـعوبُ مَعارِفـاً
كمــا أخَــذت عَنّــا قـديماً مَـذاهِبَا
ونحـنُ الألـى فـي النّـثرِ فاقوا بَلاغَةً
وأبـدوا لَـدى نَظـمِ القَريـضِ غَرَائِبَـا
وسـارَت بِنَـا الأمثَـالُ مـن فرطِ جودنا
فَكُنّــا بُحُــوراً بِالنّــدى وَســحائِبَا
كـذا قَـد وَرَدنَـا فـي الأصـُولِ وعِندنا
نُفُـــوسٌ أبِيّـــاتٌ تَنَــالُ المآربَــا
بموطِنِنَــا لَــولا الّــذي جــلّ عرشـُهُ
لَفَــاخَرَتِ الأرضُ الســما والكواكِبَــا
جَنــى شـَرفاً مـن فضـلِ عيسـى واحمـد
يَجُــرّ عَلــى هَــامِ الثّرَيّـا ذوَائِبَـا
مَطَـــالِعُ أنـــوَارٍ وَمَهبـــطُ حِكمَــةٍ
وَآيـــاتُ إِلهَـــامٍ تَظَـــلّ نَجَائِبَــا
فَيَـــا وَطَنـــي لا زلــتَ أوّلَ بُقعَــةٍ
مــن الأرضِ أبــدَت للبَرَايـا عَجَائِبَـا
طَــوَيتَ مــن الآثـارِ مـا لـو نشـرتَهُ
لضــاقت بِـهِ الـدّنيَا حِجـىً ومَوَاهبَـا
فَلا تحســـَبَنّ القــومَ شــَطّ مَزَارُهُــم
ولا تحســَبَنّ البَحــرَ أصــبحَ حاجِبَــا
جَــذبَتَ قلــوبَ النـاس حـتى رَأيتهُـم
يَحُجّـــونَ أفوَاجــاً فَحَســبكَ جَاذبَــا
وَحُرمَــةِ عَهــدٍ بَينَنَــا قَـد عهـدتها
وَعِـــزّةِ نَفــسٍ لا تَهَــابُ التّجارِبَــا
لأنــتَ مَنيــعٌ وَسـطَ مَـن قـد عرَفتهـم
يَصــُدّونَ بــالأروَاحِ منــكَ النّوَائِبَـا
كمــاة لَقَــد صـاغوا النفـوس أسـِنّةً
ومــن عَزمِهــم سـَلّوا قنـاً وقَوَاضـِبَا
وَحقِّـــك يــا حرّيــة قَــد عَشــِقتُها
وأنفَقــتُ عمـري فـي هوَاهـا محاربَـا
وســـرِّ جَمـــالٍ فِيــك هــامَ بحبّــه
بنـو الشـرقِ إِجلالاً فَحَلّـوا المَغارِبَـا
وحســن انعِطــافٍ منــك يعـذُبُ دونـهُ
عَـذابٌ لقـد أمسـى علـى الناس واصبَا
وَوَصـــف ســـَنَاءٍ لاحَ مِنـــك حَســِبتهُ
شــهاباً عَلـى وَجـهِ البسـيطَةِ ثاقِبَـا
لأنــتِ مُنــى الـدُنيَا وغايـة سـُؤلها
وأفضــَلُ شــيء قــد رَأتــهُ مُنَاسـِبَا
فلا يُختَشـــى ظلـــمٌ وأنــت عدالــةٌ
ولا ظُلَــمٌ فــالنّورُ يمحـو الغَيَاهِبَـا
رشيد أيوب.شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي، ولد في سبكتنا (من قرى لبنان) ورحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو يتعاطى تصدير البضائع، وعاد إلى قريته، فمكث أشهراً.وهاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين، واستمر إلى أن توفي، ودفن في بروكلن. كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما في نظمه من شكوى عنت الدهر.له: (الأيوبيات - ط) من نظمه، نشره سنة 1916، و(أغاني الدرويش - ط) نشره سنة 1928، و(هي الدنيا - ط) سنة 1939.