
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
آهِ طِيــبُ العيــش عنــي نَزَحَـا
وَجيـــوشُ الهــمّ ســَدّت طُرُقــي
وفَشــا الشــيبُ برَأســي فَمَحَـا
صـــبغَةً كــانت بــهِ كالغَســَقِ
قَلَبَـت قلـبي علـى جمـرِ الغَضـَا
نُـوَبُ الأيـامِ فـي عهـدِ المَشـيب
وبأحشـــائي حُســـَامٌ مُنتَضـــى
ضـَاقَ عَنـهُ ذلـك الصـّدرُ الرّحيب
يــا شـباباً يـومَ عنـي أعرَضـَا
دبّ فـي جسـمي الضـّنى أيّ دبيـب
فأنــا ذاك الّــذي مَــا برحَـا
دامِـــعَ العَيـــن كَــثيرَ الأرَقِ
صــارَ لمّــا بنــتَ عَنـهُ شـَبَحَا
لا يُــرَى لــولا لهيــب الحــرَقِ
يـا شـباباً كان لي نِعمَ الرّفيق
أينَمــا ســرنا وفـي أيِّ مَكـان
نَســتَمِدّ الحُـبّ مـن بحـرٍ عميـق
وغَــرَامٌ مُطلَــقٌ فِيــهِ العِنـان
فـي زَمـانٍ كـان لي نِعمَ الصّديق
آه واشــوقي لــذَيّاكَ الزّمــان
حيــثُ كــوبُ الحـبّ فيـهِ طَفحَـا
وَحُمَيّــا الحُـبِّ قلـبي قـد سـُقي
وَحُمَيّــا اللّــذّات منــهُ مَرَحَـا
عنـــد رَوضٍ بالصـــّفَا مُنــدَفِقِ
فَـدعا الـدهرُ علَينَـا بالشـتات
فَتَفَرّقنَـــا كَـــأن لــم نَكُــنِ
مثـل بـرقٍ أومَمَـت تلـكَ الحياة
أو كحلــمٍ مــرّ عنــد الوَســَنِ
صــَبّتِ الــدنيَا علـيّ الحَسـَرَات
وَزَمَـــاني يَنقَضـــي بـــالمِحَنِ
بــاتَ قَلــبي بالأســى مُتّشــِحا
وجُفـــوني غمضــهَا لــم تــذُقِ
يَــا شــَباباً مُنـذُ عنـي جَمَحَـا
لــم أزَل أرعَــى نجــوم الأفُـقِ
تائِهاً في الليلِ ما بينَ الصّخور
عنـدَ شاطي البَحرِ في ضَوءِ القمر
اسـألُ الأمـوَاجَ عـن أهلِ القُبور
ومــن الأفلاكِ استَقصــي الخبَــر
وأزُورُ الــرّوضَ أُصــغي للطيـور
عنــدما غَنّــت وقـد لاحَ السـَّحَر
كلّمــا هَــبّ نسـيمٌ فـي الضـّحى
أو شــَدَت وَرقــاءُ بيـن الـوَرَقِ
يــا شــبابي لــك ذكـرٌ قـدحَا
جــذوَةً تمحُـو بجسـمي مـا بقـي
نَخَــرَ الحــزنُ عِظــامي وَمشــى
فــي فـؤادي مسـرِعاً فـي تَلَفِـي
يــا شـبابي لا تُصـَدّق مَـن وَشـى
عُــد فـإني ذلـك الخـلّ الـوَفي
وَرَعــاكَ اللــهُ رفقـاً بالحَشـَا
فَبِهَــا مــا بَينَنــا سـرٌّ خَفِـي
شـــَفّها وَجــدٌ بهــا فَاتّضــَحَا
مــن حِجــابٍ بــالجَوَى مُنخــرِقِ
ولَهـــا قَلــبٌ عَلَيهــا رَشــَحا
نــزوَةُ حَمــرَاءَ لَــون الشــّفَقِ
يــا شـباباً قَـد طـوَتهُ بعـدما
نشـَرَتهُ فـي الدّنى أيدي الدهور
كنــتُ كــالمغرُور فيـهِ مثلَمـا
كــان غَيـري فـي هَـوَاهُ بغـرُور
كــان ظَنّـي فيـهِ يبقـى طالَمـا
أنـا بـاقٍ عنـدما الدنيَا تجُور
فــإذا بالــدهرِ فيــهِ شــَطَحَا
وأنـا فـي مـا بقـي مـن رَمَقِـي
صــحت لمّــا للنّـوَى قَـد جَنَحَـا
يـا شـبابي هـل لنـا أن نَلتَقي
بـاطِلاً أدعـو شـبابي كـي يَعـود
فَكَــأني بِشــبابي عَهــد عــاد
إنمـا قـد قِيـلَ في دارِ الخُلود
سـوفَ نلقـى ربّنـا يـومَ المَعاد
فـإلى ذاكَ اللّقـا أرعى العهود
يـا شـبَابي لابِسـاً ثـوبَ الحِداد
لــيَ طَــرفٌ بالبُكـا قـد صـَفحا
وَلِنَفســـي غَيـــرهُ لــم يَــرُقِ
أتَعـاطَى فـي اعـتزالي القَـدحَا
لَيتَنــي مِــن سـكرَتي لـم أفِـقِ
رشيد أيوب.شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي، ولد في سبكتنا (من قرى لبنان) ورحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو يتعاطى تصدير البضائع، وعاد إلى قريته، فمكث أشهراً.وهاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين، واستمر إلى أن توفي، ودفن في بروكلن. كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما في نظمه من شكوى عنت الدهر.له: (الأيوبيات - ط) من نظمه، نشره سنة 1916، و(أغاني الدرويش - ط) نشره سنة 1928، و(هي الدنيا - ط) سنة 1939.