
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قُلــتُ لمّــا طيــبُ عَيشـي هربـا
واختَفَــى فــي مـا ورَاءَ القمَـرِ
إنّهَــا دُنيَــا تُريــك العَجبَــا
لَيتنــي فِيهَــا عَــديمُ النّظــرِ
لَيتَنـــي أضـــرِبُ آلاتِ الطّـــرَب
فَــــأُعَزّي كــــلّ قَلــــبٍ ذائِبِ
أو إِذا هَــاجَ فــؤادي واضــطرَب
أتَغَنّــــى بِشـــَبَابِي الـــذّاهِبِ
كَـــرَبٌ فــي كَــرَبٍ فــوقَ كَــرَب
صــَارَ عَيشـي بَعـدَ حظـي الهـارِبِ
فَــدَعوني فــي الــدّجى مُحتَجِبـا
طــالَ لَيلــى مـا لـهُ مـن قِصـَرِ
أرقُـــبُ الأفلاكَ أرعَــى الشــُّهُبَا
وَبِنَفســي مَــا بِهَــا مِــن كَـدَرِ
لَيتَنـي أدركـتُ مـامعنى المَشـيب
عنـدما قـد كُنـتُ في شرخِ الشّباب
كــان ظنــي أن نجمــي لا يغِيـب
فــإذا بـالنجمِ قـد ولَّـى وَغَـاب
لَيـسَ لـي فـي هـذهِ الدّنيَا نصيب
بعـدما فـي العمـرِ ضيّعتُ الحساب
غيــر أنــي قَــد تخّـذتُ الأدَبَـا
حِرفَــةً ألهــو بِهَــا فـي كِبَـري
وتركـــتُ الــذكر عمّــا ذَهَبَــا
مــن حَيـاتي أو مضـى مـن خَبَـري
لَيتَنـي يـا لَيتَنـي موسى الكَلِيم
فَأُنــادي اللـهَ مـن رَأسِ الجَبَـل
رَبّ إن النــاس فــي لَيـلٍ بَهِيـم
حَيـثُ بضـدرُ الأمنِ في الدنيا أفَل
يَستَضـــِيئُونَ بِنَـــارٍ كَــالجَحِيم
أوجَــدوها مــن حُــرُوبٍ تَشــتَعِل
عَبَـــدُوا رَبّــاً لَهــا مُنتَســِبا
فَغَــدوا يَمشــونَ عُمــيَ البَصــِرِ
فَــأعطِني لَــوحَ الوَصـَايا سـَبَبا
لِســـلامٍ يـــا إلـــهَ البَشـــَرِ
لَيتَنـي فـي الحَقـلِ أرعى الغَنَما
صــارفاً عمــري سـميراً للنّجُـوم
خالِيــاً مِــن كــلّ هــمٍّ مثلمَـا
غَنَمـي قـد جَهِلَـت معنـى الهُمُـوم
فـــإذا هَبّـــت رِيـــاحٌ وَهمــى
مَطَــرٌ وَانتَشــَرَت فَـوقي الغُيـوم
أنفــخُ الشــبّابَ أشــدُو طَرَبــا
وَقَطِيعِـــي ســـائِرٌ فــي أثَــري
لَســتُ أخشــى مِــن غُـرَابٍ نَعَبَـا
آمِنــاً لَــم أدرِ مَعنــى الحَـذَرِ
لَيتَنــي أعلَــمُ فـي أيّ النّجُـوم
حَـــلّ رَبُّ العاشــقينَ الفارِضــي
لَبَعَثـتُ النفـسَ مـن خَلـفِ الغُيوم
فَتُنَــــاجِيهِ بِــــبرقٍ وَامــــضِ
رَاحَ لـم يُبـقِ لَنَـا غيـرَ الرّسوم
فــي حَوَاشــي كــلّ ســّرٍ غَــامضِ
ســائِق الأظعَــانِ أيــنَ احتَجَبَـا
صــاحب الآيــات ســامي الفِكَــرِ
يــا لَــهُ مِــن بحـرِ حُـبٍّ عَـذبا
نلتَهِـــي مِــن بعــده بالــدّرَرِ
لَيتَنـي فـي هـذهِ الـدّنيَا أكُـون
مثل مَن في الكهفِ قد كانوا نِيَام
يَقظَـيّ قَـد أتعَبَـت منـي الجُفـون
فلِهــذا كرهَــت نفســي القِيَـام
رُبّمــا إن نمــتُ دهــراً بِسـكون
عـدتُ والـدّنيَا غَدَت تَرعى الذّمَام
ربّ شـــيء بَعــدما قَــد صــَعَبَا
هَــــوّنَتهُ حَادثــــاتُ الغِيَـــرِ
مَــن تُـرَى يَعلَـمُ مَـا قـد كُتِبَـا
فـــي ســِجِلاّتِ القضــَا والقَــدَرِ
لَيتَنـي فـي رَوضـَةٍ عِنـدَ الغَـدير
بـاعتزالٍ عَـن جِهـادي في الوجود
مُصــغِياً كُلِّــي لِــذَيّاكَ الخريـر
وهـوَ يَتلـو مـن أناشـِيدِ الخُلُود
مَا أُحَيلى القلب في الدنيَا كسير
فهـو عنـوَانٌ لمَـن يرعـى العُهُود
رَقّ حـــتى كُلّمَـــا هَبّــت صــَبَا
حملتـــهُ مـــع نَســِيمِ الســَّحَرِ
وهــوَ يَتلــو باكِيــاً مُنتَحِبــا
يــا زَمَــانَ الحُـبِّ تحـتَ الشـّجَرِ
لَيتَنـــي كُنــتُ غَنِيّــاً فَــأجُول
بيـنَ أحيَـاءٍ عَلَيهـا الفقـرُ ساد
أُقــرضُ المسـكينَ إذ ربـي يقـول
سـأُجازي مَـن عَلـى المسـكين جَاد
آه كـم فـي هـذه الـدّنيَا جَهُـول
لَــو تُنــاديهِ لَنَـادَيتَ الجَمـاد
صـــَبّتِ الــدّنيَا لَــدَيه ذَهَبَــا
وَأحَلّتــــهُ مُتُــــونَ الســــُّرُرِ
وَهــوَ لَــو جَرّبتَــهُ مــا وَهَبَـا
لِبَنــي الإنســان غيــرَ الضــّرَرِ
لَيتَنـي أسـكُنُ مَـا بيـن الصـخور
عِنـدَ شـاطي البَحـر فـي بَرٍّ بَعِيد
حيثمـا أصـغي إِلـى صـَوتِ الدّهور
مِـن فَـمِ الأمـوَاجِ يُتلـى كالنّشيد
لُغَــةٌ يَشــتَاقُهَا قلــبُ الصـّبُور
فهـيَ تـدعو النّفسَ للعهدِ العَتِيد
فَــــذَرُوني إِنّ دمعـــي نَضـــبَا
وَكَـــذا طَرفــي قَضــى بالســّهَرِ
والّــذي أصــبُو إِلَيــه اقتَرَبَـا
لَيــتَ شـعري مـا أرَى فـي سـفري
رشيد أيوب.شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي، ولد في سبكتنا (من قرى لبنان) ورحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو يتعاطى تصدير البضائع، وعاد إلى قريته، فمكث أشهراً.وهاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين، واستمر إلى أن توفي، ودفن في بروكلن. كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما في نظمه من شكوى عنت الدهر.له: (الأيوبيات - ط) من نظمه، نشره سنة 1916، و(أغاني الدرويش - ط) نشره سنة 1928، و(هي الدنيا - ط) سنة 1939.