
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا بنـي الفقـر سـلاماً عاطراً
مـن بنـي الدنيا عليكم وثناء
وســقى العـارضُ مـن أكـواخِكم
معهـدَ الصـدق ومَهـد الأتقيـاء
كنتـمُ خيـر بنـي الـدنيا ومن
سـعدوا فيهـا ومـاتُوا سـُعداء
عشــتم مـن فقرِكـم فـي غبطـةٍ
ومــن القلـةِ فـي عيـشٍ رَخـاء
لا خصـــامٌ لا مِـــراءٌ بينكــم
لا خـــداعٌ لانفـــاقٌ لا ريــاء
خلـــقٌ بَـــرٌ وقلـــبٌ طــاهرٌ
مثـل كـأس الخمـرِ معنىً وصَفاء
ووفـــاءٌ تثبَــتَ الحــبُّ بــه
وثبـاتُ الحبِّ في الناسِ الوفاء
أصـــبحت قصـــتكم معتـــبراً
فـي البرايـا وعـزاءَ البؤساء
يجتلــي النـاظر فيهـا حكمـةً
لــم يُسـطِرها يَـراعُ الحُكَمَـاء
حِكَـمٌ لـم تقـرءوا فـي كتبهـا
غيـرَ أن طـالعتُمُ صـُحفَ الفَضاء
وكتــابُ الكــونِ فيــه صــُحفٌ
يقــرأ الحكمـةَ فيهـا العُقلاء
إن عيــش المَــرء فـي وَحـدَتهِ
خيــرُ عَيـش كافِـلٍ خَيـرَ هَنَـاء
فـــالورى شـــرٌ وهـــمٌ دائمٌ
وشــقاءٌ ليــس يَحكِيــه شـَقَاء
وفقيــــرٌ لِغَنــــىً حاســــدٌ
وغنـــىٌ يســـتذلَّ الفقـــراء
وقــــويٌّ لضــــعيفٍ ظــــالمٌ
وضــعيفٌ مِــن قـوىٍّ فـي عنـاء
فــي فضـاء الأرض منـأى عنهـمُ
ونجـــاءٌ منهـــمُ أي نَجـــاء
إن عيــش المــرءِ فيهـم ذلـةٌ
وحيــاةُ الـذلِ والمـوتُ سـواء
ليــت فرجينـي أطـاعت بولسـا
وأنــالته منـاهُ فـي البقـاء
ورثــت للأدمــعِ اللاتــي جَـرَت
مـن عيونٍ ما دَرَت كيفض البُكاءِ
لــم يكـن مـن رأيهـا فُرقَتُـه
ســـاعةً لكنــه رأيُ القضــاء
فــارقتهُ لــم تكــن عالِمــةً
أن يـومَ المُلتقـى يومُ اللقاء
مــا لفرجينــي وبـاريس أمـا
كانَ في القفرِ عن الدنيا غَناء
إن هــذا المــال كـأسٌ مُزِجَـت
قطــرةُ الصـهباءِ فيـه بـدِماء
لا ينــالُ المــرءُ مِنـه جُرعَـةً
لـم يَكـن فـي طيّهـا داءٌ عَيَاء
عَرَضـوا المجـدَ عليهـا بَـاهِراً
يَــدهَشُ الألبــابَ حُسـناً ورُواء
وأَرُوهــا زخـرفَ الـدنيا ومـا
راقَ فيهــا مِـن نعيـمٍ وَثَـراء
فــأبته وأبــى الحــبُّ لهــا
نَقـضَ مـا أبرَمَـه عَهـدُ الإِخـاء
ودَعَاهــا الشـَوق للقفـر ومـا
ضــمَّ مِــن خَيـرٍ إليـهِ وهَنـاء
فَغَـــدت أهواؤُهـــا طـــائرةً
بجنـاحِ الشـوقِ يُزجِيها الرَّجاء
يأمُــلُ الإِنســانُ مــا يَـأمُلُه
وقضـاءُ اللَـه فـي الكونِ وراء
مـا لِهـذا الجـوّ أمسـى قاتِماً
يُنـــذرُ النــاسَ بويــلٍ وبَلاء
مـا لِهـذا البحـر أضحى مائجاً
كَبِنَــاءٍ شــامخٍ فــوقَ بِنَــاء
وكــأَنَّ الفُلــكَ فــي أمـواجِه
رِيشــةٌ تحملُهــا كـفُّ الهـواء
وَلِفرجِينـــي يـــدٌ مبســـوطةٌ
بــدعاءٍ حيــن لا يُجـدي دُعـاء
لَهَفِــي والمــاءُ يَطفـو فَـوقَه
هيكـلُ الحُسـنِ وتِمثَـالُ الضيّاء
زهـرةٌ فـي الـرّوضِ كـانت غَضـَّةً
تملأُ الــدُّنيا جَمــالا وبَهــاء
مــن يَراهــا لا يَراهـا خُلِقَـت
مثـلَ خَلـقِ الناس من طِينٍ وماء
ظَنَّــتِ البحــرَ ســماءً فهــوت
لتُبــارى فيــه أَملاكَ السـّماء
هكــذا الـدنيا وهـذا مُنتهـى
كــلِّ حـيٍّ مـا لحـيٍّ مـن بَقـاء
مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطي.نابغة في الإنشاء والأدب، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته وكتبه، له شعر جيد فيه رقة وعذوبة، ولد في منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها، من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء أشراف، تعلم في الأزهر واتصل بالشيخ محمد عبده اتصالاً وثيقاً وسجن بسببه ستة أشهر، لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي، وقد عاد من سفر، وكان على خلاف مع محمد عبده مطلعها:قدوم ولكن لا أقول سعيد وعود ولكن لا أقول حميدوابتدأت شهرته تعلو منذ سنة 1907 بما كان ينشره في جريدة المؤيد من المقالات الأسبوعية تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف سنة 1909 ووزارة الحقانية 1910 وسكرتارية الجمعية التشريعية 1913 وأخيراً في سكرتارية مجالس النواب، واستمر إلى أن توفي.له من الكتب (النظرات - ط)، و(في سبيل التاج-ط)، و(العبرات-ط)، و(مختارات المنفلوطي-ط) الجزء الأول، وبين كتبه ما هو مترجم عن الفرنسية، ولم يكن يحسنها وإنما كان بعض العارفين بها يترجم له القصة إلى العربية، فيتولى هو وضعها بقالبه الإنشائي، وينشرها باسمه.