
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فــديتك مــن جـانٍ تجـور وتعتـبُ
ونبــذلُ جهـداً فـي رضـاكَ وتغضـُبُ
تـــرى كــل شــيءٍ حبّــةُ قلبــه
فتحلـو لـك العُتبى ويحلو التجنُّب
أمــا بيــن أيـدٍ ضـارعاتٍ مُشـفَّعٌ
وبيـــن دُمُـــوعٍ ســائِلاتٍ مُقَــرَّبُ
عَهِـدناك صـباً بالوفـاء فمـا لنا
نـرى ماءَ ذاكَ العهدِ قد صارَ يَنضُبُ
قســوتَ ومـا عهـدي بقلبـك صـخرةٌ
فجــوهرُكُ السـيَّالُ بـالرفق أنسـَبُ
فرحمـاكَ نهـرَ النيلِ بالأَنفسِ التي
إذا لـم تـدارَكها بِرُحمَـاكَ تعطَـبُ
ورفقــاً بهيــمٍ ضـامراتٍ بُطُونُهـا
لهـا الجـوعُ عُشـبٌ والخصاصَةُ مَشربُ
يَــبيتُ حزينــاً رَبُّهــا لِمُصـابِها
فيَطـوى كمـا تَطوى الليالي ويَندُب
لقـد عـاش هذا القفر دهراً حظيرةً
مـن الخِصـبِ فـي ألوانهـا تتقلـبُ
بهـا ما يشاءُ الطرفُ من حسنِ منظرٍ
أنيـقٍ ومـا تهـوى القلـوبُ وترغبُ
فمـا زالَ سـهمٌ للرزايـا يصـيبُها
وسـهمُ الرزايـا في الورى لا يخيبُ
إلـى أن غـدت قفـراً فلا غصن ناضرٌ
يلــوحُ بمغناهــا ولا روضَ مُخصــِبُ
وكـان البنـانُ الرطبُ يحسدُ لينَها
فأضـحت كصـُمِّ الصـخرُ أو هـي أصلَبُ
فَمُــدَّ يـداً بيضـاءَ مِنـك تُنيلُهـا
مِـنَ الخيـر مـا تَرجـو وما تَتَطلَّب
وليــس لنــا إلا الـدموع وسـيلةٌ
إليـك فـإن الشـبه بالشـبه يُجذَبُ
وقـد كـانَ فـي فَيض المدامِعِ ناقِعٌ
لِغُلَّتِنــا لــو كـانَ مِثلُـك يَعـذِبُ
فقــدنَاكَ فُقــدانَ الرضــيعِ لأُمِّـه
ولَـم يَبـقَ مَـن يحنُـو عليه ويَحدَبُ
فمـا كنـت إلا الـروح فـارق جسمه
فـأني لـه من بعد في العيش مَأرب
لئن كـان قـد أقصـاكَ قلـةُ شكرِنا
لنعمـاكَ والهِجـرانُ نعـمَ المـؤَدِّبُ
فهــا يــدُنا أن لا نعـودَ رهينـةَ
وأن لا نـزالَ الـدهرَ بالشكر نَدأَبُ
لعلــكَ خِلــتَ الأَرضَ يَبلــغ رِيَّهـا
دمــاءٌ بأَصــقاعِ الجنــوبِ تَصـبَّبُ
أجـل غيـرَ أنَّ الحـر تكـبر نفسـه
عـن الأمـر فيـه مـا يُهيـن ويثلبُ
فمن ذا الذي يرضى الحياةَ يشوبُها
مـن الجَـورِ عيـشٌ بالـدِّماءِ مُخَضـَّبُ
أمـا فـي قلوبِ الناسِ للناس رحمةٌ
وتُرضـــــِعهم أُمٌ ويجمَعُهــــم أَبُ
مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطي.نابغة في الإنشاء والأدب، انفرد بأسلوب نقي في مقالاته وكتبه، له شعر جيد فيه رقة وعذوبة، ولد في منفلوط من الوجه القبلي لمصر من أسرة حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها، من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء أشراف، تعلم في الأزهر واتصل بالشيخ محمد عبده اتصالاً وثيقاً وسجن بسببه ستة أشهر، لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي، وقد عاد من سفر، وكان على خلاف مع محمد عبده مطلعها:قدوم ولكن لا أقول سعيد وعود ولكن لا أقول حميدوابتدأت شهرته تعلو منذ سنة 1907 بما كان ينشره في جريدة المؤيد من المقالات الأسبوعية تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف سنة 1909 ووزارة الحقانية 1910 وسكرتارية الجمعية التشريعية 1913 وأخيراً في سكرتارية مجالس النواب، واستمر إلى أن توفي.له من الكتب (النظرات - ط)، و(في سبيل التاج-ط)، و(العبرات-ط)، و(مختارات المنفلوطي-ط) الجزء الأول، وبين كتبه ما هو مترجم عن الفرنسية، ولم يكن يحسنها وإنما كان بعض العارفين بها يترجم له القصة إلى العربية، فيتولى هو وضعها بقالبه الإنشائي، وينشرها باسمه.