
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا سائراً من مصر أعني القاهرة
عـج بـالمطيّ على البلاد الطاهرة
وجـز البحـار ولا تخـف أمواجهـا
والـبر لا تخـشَ السـباع الكاسرة
واقصـد مـن الشـام المقدس قرية
فيهـا القـرى أنـواعه متكـاثرة
فيهـا الفتـوة والفتاوة والرضى
ووجــوه أهليهــا وجـوه ناضـرة
هــي قريــة تـدعى بـدير عطيـة
مشــهورة فـي بـدوها والحاضـرة
تعطيـك مـا يرضـيك مـن إحسانها
وتفـوز منهـا بالهبـات الوافرة
فـإذا وصـلت وقـد بـدت أعلامهـا
وشــممت رائحــة هنالـك عـاطرة
فأنـخ مطيـك فـي فنا ذاك القنا
واقصـد بني القصاب وقت الهاجرة
وقــل السـلام عليكـم مـن غـائب
طـول الجفـا والبعـد كدر خاطره
قلـق الفـؤاد يـبيت معظـم ليله
مترقبـاً يرعـى النجـوم الزاهرة
هــذا وإن رســالة منكــم أتـت
فـي طيهـا بـاء الـبراءة ظاهرة
يبا ابن الشقيق لقد طلبت براءة
مـن عنـد سلطان البرايا صادرةه
أنّــى لعمــك أن يعـوم ببحرهـا
أنّــى يطيـق لعلـم ذاك مـذاكرة
وأبيــك لســت بصــالح لمصـالح
ترضـيك فـي الدنيا ولا في الآخرة
إنــي غــبي فــي الأمـور مغفـل
لا أســتطيع لمـا طلبـت مباشـرة
مـالي إلـى نيـل المعـالي نهضة
مـالي مـع ابناء الزمان معاشرة
لـي همـة عـن درك قصـدك قاصـرة
لكنهــا نحــو السفاسـف طـائرة
ولهــا ســكون عـن تطلـب رتبـة
لكنهــا نحــو الــدنايا دائرة
والنـاس قـد راجـت بضاعة بيعهم
وبضـاعتي بيـن البرايـا بـائرة
وحمـار عجـزي فـي العناء يعوقه
قيـد القضـا عن أن يزحزح حافره
كيـف الوصـول إلـى مناك ودونها
قلـل الجبال بل الحصون العامرة
ليكــن لكـم يـا آل قصـاب ولـي
نفـس علـى ضـيق المعيشـة صابرة
ولنصــطبر مثـل الـذين تقـدموا
وكمـا صبرنا في السنين الغابرة
ولنتبــع فـي ذاك منهـج والـدي
ذي الزهد والتقوى وأمي الطاهرة
ولنـدعُ مولانـا المهيمـن ولنقـل
لبيــك إن العيــش عيـش الآخـرة
والنفــس ترغـب أن تكـون غنيـة
ولهـا من المال البحور الزاخرة
والنفــس يكفيهـا لقيمـات كمـا
يكفــي لعورتهــا ثيـاب سـاترى
كـن راضـياً ابـن الشقيق وحامداً
إحســان مـولاك الكريـم وشـاكره
والعمــر آخــره تصـرم وانقضـى
فاجعـل إلهـي خيـر عمـري آخـره
احرص على التحصيل في حال الصبا
ولا تكــن تلعــب مـع مـن لعبـا
فـإن مـا يحفـظ فـي حـال الصغر
يثبـت فـي النفس كنقش في الحجر
العلــم مــاتحفظه فــي الصـدر
فــاحفظ تكـن بـه عظيـم القـدر
ولا تضــع وقتــاً وعــذ بــالله
منكـــل بطـــال كســـول لاهــي
لا فـــي معــاش دنيــوي يســعي
ولا بمــــرج أخــــروي يرعـــى
فغيــره أولــى وأحــرى وأحــب
لأهلـــه منــه حمــار ذو ذنــب
ولا تكــــن مثـــل فلان كانـــا
لا يعــرف الكميــون والــدكانا
ولا حمـــار الشــيخ والفــدانا
ولا حصـــاد الــزرع والعــدانا
أقصــى النســاء ثيبــاً وبكـرا
ولــم يخالــل خالــداً وبكــرا
لـم يرتـعِ لاا فـي رياض المدرسة
حـــتى غــدت مســكنه ومغرســه
مشـــمراً عــن ســاق الاجتهــاد
فـي الحفـظ للعلـم وفـي الأوراد
فلـــم يكـــن إلا قليــل حــتى
آثـــر غيـــرَه أمـــوراً شــتى
فاعتــاض عنــه ســفهاً كميونـا
واتخـــذ الصــَّدي لــه زبونــاً
يركــب فــي كميـونه إلـى صـدد
يقـول يـا شـيخ الكمايين المدد
ومـــن فليطـــة فــتى أتانــا
قــد تــرك الحمــار والأتانــا
وتـــرك الكبـــاش والســـخالي
جميعهــا للخــال وابـن الخـال
حرصــاً علــى تحصـيل مـا عسـاه
ينفعـــه دينــاً وفــي دنيــاه
فجــد كــل الجـد فـي التحصـيل
فــي بكــرة النهــار والأصــيل
مسـابقاً فـي الحفـظ مـن جـاراه
يعجـــب منـــه كـــل مــن رآه
فمـــا مضـــى إلا قليــل حــتى
انحـــل حبــل عزمــه وانبتــا
فكـــر راجعـــاً إلــى فليطــة
لـم يسـتطع صـبراً علـى اللطيطة
فكــان فيمــا رامــه ميســونا
إذا آثـرت علـى الرفيـع الدونا
أو مثــل قـوم السـيد المعصـوم
موسـى الكليـم في اختبار الثوم
وغيــره مــن البقــول والبصـل
إذ سـئموا السـلوى ومناً كالعسل
فــأين أنــت مــن فـتى عجلـون
جـــواد جـــد حــافظ المتــون
فجـــدَّ مثـــل جـــده ولا تـــن
واحـذر بـأن تكـون مثل الرستني
فمـــا للرجـــوع كــل الميــل
ولــم يبــت إلا ســواد الليــل
يهتـف فـي الصـبح من الخوف متى
فعـاد مـع فتـاه مـن حيـث أتـى
كـــأنه فيمـــا عنــاه عُيّــرا
أو أنـــه بمــا جــرى تطيــرا
وكنــت قــد قـابلته ومـن معـه
بمرحبـــا أهلاً وســـهلاً وســـعه
وقــد عقـدت القلـب مـن صـميمه
أن أبـذل المجهـود فـي تعليمـه
لكـن رحـى الأقـدار لا تجـري على
قطــب مــراد أحــد مــن الملا
تصـديق معنـى قـول سـيد البشـر
الصـادق المصـدوق فـي كـل خـبر
مـا لاق فـافعله ودع مـا لم يلق
كـــلّ ميســر لمــا لــه خلــق
عبد القادر بن محمد بن حسين القصاب، أبو المعالي الدير عطاني.أديب شاعر، وعالم أزهري ورع، ولد في ديرعطية من ريف دمشق، رحل إلى دمشق وتتلمذ على يد شيخها الشيخ عبد القادر بن صالح الخطيب في مدرسة الخياطين لمدة سنتين، ثم رحل إلى مصر لطلب العلم في الأزهر الشريف عام 1288هـ، مكث في الأزهر سبعة وعشرين عاماً متعلماً ومعلماً وأستاذاً، عاد إلى بلدته عام 1315هـ وأقام معهداً شرعياً في بلدته على غرار الأزهر درس فيه كل مواده وانتفع به خلق كثير، وأقام الجمعية الخيرية الدينية. انتقل إلى رحمته تعالى في ديرعطية ودفن به عام 1360هـ.من آثاره: (رسالة في التوحيد والحض على على طلب العلم) و(رسالة في الحكم والأمثال)، و(رسالة في النحو، و(نظم متن الدليل في فروع الفقه الحنبلي).