
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أمـا والـدم المسـفوك منك ولا وزر
لخطبـك ذنـب مـا جنـي مثله الدهر
نعيـــت فلا دمــع عصــيّ ولا كــرى
مطيـــع ولا ســهد ينهنهــه زجــر
مصـاب بـه ابـدى الـورى آية الاسى
فمــن مقـل مـاء ومـن أكبـد جمـر
ورنّ عمــداه فــي العريـن فهـاله
وفـي اقـاع فارتـاعت جآذره العفر
ونــاب فروقــا فاغتـدت ورياضـها
مصـــوحة لا مـــاء فــي ولا زهــر
دهتـك المنايـا حين لا الباس نافع
ولا الهمـة الشـماء والشـيم الغـر
ولـو كنـت فـي حرب تبارت فرومها
لأحجـم مـن إقـدامك الفيلق المجرر
مشـوا كالضـواري والحـراب نيوبهم
وقــائدهم لــؤمٌ وســائقهم غــدر
فلــم تتــبين فــي محيّـاك رهبـة
ولـم تعـده تلـك الطلاقـة والبشـر
ولمــا تقاضــوك الحيـاة بـذلتها
فسـال علـى تلـك الظبي دمك الطهر
شــربت بـه الحريـة الحـق للـورى
ومـا دم نجـل المصـطفى ثمـن نـزر
فكنـت الشـهيد الفـرد فـي حب أمة
غـدا عـاطلا منهـا بمصـرعك النحـر
ذوت روضـة الدسـتور حـتى سـقيتها
دمــا فغـدت غنـاء أفنانهـا خضـر
وخطّــت لــك الأقلام تاريــخ مفخـر
علــى مجلـس النـواب أسـطره حمـر
يقولـون إنّ الصـبر في الخطب واجب
وهـل يلتقـي ضـدان خطبـك والصـبر
لقـد كنـت فـي النواب أوفرهم حجى
وأمضــاهم عزمـا إذا نـابهم أمـر
وكــم لـك فـي دار الخلافـة وقفـة
تقاعـد عنهـا المـدعون وهـم كـثر
وكـم لـك رأيـا سـد للملـك ثلمـة
وكـم شـدّ أيـام الخطـوب بـك الأزر
ومـا خلـت قطـر المزن بعدك هاطلا
ولكـن بكتـك المـزن فلتهمل القطر
ولا الليـل منجابـا ولكـن من الاسى
تصــدّع حـتى لاح مـن صـدعه الفجـر
وجاريــة فـي اليـم تفـري عبـابه
ولـم يـك مـن دون الشراع لها خدر
لهـا منظـر القـى على البحر هيبة
فكـاد لـديها يسـكن المـد والجزر
إذا المـوج داناهـا انثني متهيبا
ولــم ادر أن المـوج يملكـه ذعـر
ومــا ذاك إلا أنّ للمــوت فوقهــا
رقيبــا لـه عيـن لهـا نظـر شـزر
تســـير بجثمــان الأميــر محمــد
فمـن فوقهـا بحـر ومـن تحتها بحر
ولمـا رسـت فـي ثغـر بيـروت رددت
زفيـرا فلـم يبسـم لها ذلك الثغر
وريعـت عـروس الشـام حـتى قبانها
نــوائح مــن حــزن لأدمعهـا نـثر
وبـاتت نحـور الغيـد فيها عواطلا
وزايـل أجفـان المهـا ذلـك السحر
ولمـا بـدت للعيـن سـاطعة الضـحى
بــدا مــوكب لا يسـتطاع لـه حصـر
مشــى خاشــعا لا أذن تسـمع نبسـة
ســوى زفــرات كالضـرام لهـا حـر
هنــاك بــدا نعـش الشـهيد يحفـه
وقــار وتعلــوه المثوبـة والاجـر
هنـــاك أب جــم الكآبــة قلبــه
بكـف الـردى شـطر وفـي صـدره شطر
يسـير الهـويني خلـف نعـش فقيـده
ويلثمـــه وجــدا وأدمعــه غــزر
واعظــم مـا يعطـي المفكـر عـبرة
أسـى تحتـه تبدو المهابة والقدجر
يقــول وقــد ضـم الـتراب فقيـده
أيصـفو لمثلـي بـع مصـرعك العمـر
برغمـي ورغم الروض والغاب والدجى
سكنت الثرى يا غصن يا ليث يا بدر
بكــت نسـمات الصـبح منـك خلائقـا
كمـا راق عذب الماء او رقّت الخمر
إذا أنـا لـم أمـرع ثـراك بمدمعي
فلا قيـــل إلا أنّ عـــاطفتي صــخر
وان انـا لـم اكتـب رثـاك بمهجتي
فلا خـط فـي طـرس المثويـة لي سطر
كفــاني يأســا أن يكــون محمــد
قريبــا ولكـن دونـه للـثرى سـتر
أقـبر شـهيد العـرب حليـة عصـرهم
بمــن يتحلـى بعـد سـاكنك العصـر
ومــن للمفـال الفصـل بعـد محمـد
إذا رد زيـد مـا يقـول بـه عمـرو
ومـن يرتقـي تلـك المنـابر ناثرا
لآليــء لفــظ لا يضــارعها الــدر
ومـن يبتغـي مـن روضة المجد نسمة
وقـد جـف منهـا ذلـك الغصن النضر
سـقتك الغـوادي والـروائح دمعهـا
وحيّـــاك ثغــر للبــوارق يفــترّ
ولا زال معتـــلّ النســيم مســلماً
عليــك وللازهــار فــي طيـه نشـر
أمين بن علي ناصر الدين.شاعر مجيد، لغوي، من أدباء الكتاب. مولده ووفاته في قرية (كفر متى) بلبنان. تعلم في مدرسة (عبية) الابتدائية الأميركية، ثم بالمدرسة الداودية، وكان يديرها أبوه. كتب إلى خير الدين الزركلي (سنة 1912) قائلاً: (قبل أن أبلغ العاشرة من العمر بدأت أقول أبياتا من الشعر، صحيحة الوزن، فكان والدي يكتبها لي ويصحح أغلاطها النحوية. وبعد ذلك تلقيت مبادئ العربية وآدابها وبعض العلوم واللغات. ثم عكفت على المطالعة فاستفدت منها ما يستفيد الضعفاء أمثالي. أما أسرتي فهي ولا فخر، من ذوات النسب القديم في لبنان ولها آثار مشكورة)، واشتهر قبل الدستور العثماني بتحريره جريدة (الصفاء) التي كان يصدرها والده، فتولاها هو سنة 1899 ثم مجلة (الإصلاح) لوالده أيضاً. واستمر يشرف على الصفاء ويكتب أكثر فصولها، مدة ثلاثين عاماً. وله من الكتب المطبوعة (دقائق العربية) في اللغة، و(صدى الخاطر) ديوان شعره الأول، و(الإلهام) من شعره، و(البينات) مجموعة من مقالاته، و(غادة بصرى) قصة. وله قصص روائية أخرى. ومن كتبه التي لم تزل مخطوطة (الفلك) ديوان سائر شعره في مجلد ضخم، و(نثر الجمان) مختارات من إنشائه، و(الرافد) معجم في اللغة لأسماء الإنسان وما يتعلق بها من أمراض وأعراض وما يستعمل من الأدوات والأواني، و(هداية المنشئ) معجم لما يسير ويطير ويزحف من الحيوانات والطيور والحشرات، و(بغية المتأدب) لغة، و(سوانح وبوارح) فكاهات، و(الثمر اليانع) نحو وصرف، و(يوم ذي قار) تمثيلية شعرية.