
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســقَى دارَهـا بـالرَّقمتين وحيَّاهـا
مُلِـثٌّ يُحيل التربَ في الدار أمواها
ورفَّ عليهــــــا رائحٌ متهـــــدّلٌ
مـن النبـت يُرضـِي جُردَها ومطاياها
ولا برحــتْ تمحــو نــدوبَ هجيرهـا
بــوادرُ مــن أسـحارها وعشـاياها
إلـى أن تَـرَى الأبصـارُ حسـنا تودُّه
وخُمْــصُ المطايـا بِطنـةً تتعافاهـا
ومــــابيَ إلا نفحــــةٌ حاجريّـــةٌ
تـؤدّي صـَباها مـا تقـول خُزاماهـا
أحـبُّ لظيمـاءَ العـدا مـن قبيلهـا
وأهـوى تـرابَ الأرض ما كنتُ أهواها
وأُغضــِي علــى أمـرٍ وفيـه غميـزةٌ
ليُكسـِبني منهـا المكانـةَ والجاها
وكيـف بوصـلِ الحبـلِ مـن أمِّ مالـكٍ
وبيـــن بلادينـــا زَرودُ وحَبْلاهــا
يراها بعينِ الشوق قلبي على النوى
فيحظَـى ولكـن مـن لعينـي برؤياها
فللــه مــا أصــفَى وأكـدرَ حبَّهـا
وأبعــدَها منّـي الغـداةَ وأدناهـا
إذا استوحشـتْ عينـي أنِستُ بأن أرى
نظــائرَ تُصـبيني إليهـا وأشـباها
فــأعتنقُ الغصــنَ القـويمَ لقـدِّها
وألثِـمُ ثغـرَ الكـأس أحسـِبه فاهـا
ويـوم الكـثيب استشـرفتْ لِـيَ ظبيةٌ
مولَّهـةٌ قـد ضـاع بالقـاع خِشـفاها
يــدلِّهُ خــوفُ الثُّكـل حبَّـةَ قلبهـا
فيـزدادُ حسـنا مقلتاهـا وليتاهـا
فمـا ارتـاب طَرْفي فيكِ يا أمّ مالكٍ
علــى صـحّة التشـبيه أنـكِ إياهـا
فــإن لـم تكـوني خـدَّها وجبينَهـا
فإنـك أنـتِ الجيـدُ أو أنتِ عيناها
ألُـــوَّامَهُ فــي حــبِّ دارٍ غريبــةٍ
يشـُقُّ علـى رجـمِ المطـامع مَرماهـا
دَعُــوه ونجــداً إنهـا شـأنُ نفسـه
فلـو أن نجـدا تلعـة مـا تعـدّاها
وهبكــم منعتـم أن يراهـا بعينـه
فهـل تمنعـون القلـبَ أن يتمنّاهـا
وليــل بــذات الأثــل قصـَّر طـولَه
ســُرَى طيفِهـا آهـاً لـذِكرتها آهـا
تخطَّـت إلـيّ الهولَ مشيا على الهوى
وأخطــارِهِ لا يُبعِـد اللـه ممشـاها
وقـد كـاد أسـدافُ الدُّجى أن تُضِلَّها
فمــا دلَّهــا إلا وميــضُ ثناياهـا
أصــاحِ تــرى أنّ الوفــاءَ لغـادرٍ
سـجيةُ ذلٍّ فـي الهـوى لسـتُ أنساها
قِنـي الشـرَّ منها أو أقِلْني عثارَها
لعلَّــك تلقَــى مثلَهــا فتَوَقَّاهــا
إذا أنـتَ لـم تحفـظْ لغيـرِ محـافظٍ
ولــم تـرعَ إلا ذمّـةً فيـك ترعاهـا
فعِـشْ واحـدا أو كن من الناس حَجرةً
فـإن الوفـاءَ لفظـةٌ مـات معناهـا
بلـى فـي بنـي عبد الرحيم وبيتِهم
أصــولُ العلا محفوظــةٌ وبقاياهــا
وعنــدهم العهـدُ القـديمُ لجـارِهم
إذا انتسـبت أُولَى الجبال وأخراها
ملـوكٌ بنَـوْا فـي ذروة العزّ خيرَها
ترابــا وأعلاهــا سـماءً وأسـناها
لهــم دوحــةٌ خضــراءُ رُوِّيَ أصـلُها
بمـاء النـدى الجاري وطُيِّبَ فرعاها
تمنَّـت علـى الله المنَى في ثمارها
لتُنجِــبَ واسـتعلتْ عليـه فأعطاهـا
نَمـتْ كـلَّ مفـرور عـن الـرأي سـنه
يقـول نعـم في المهد أوّلَ ما فاها
أغــرّ إذا أجــرى العـزائمَ كـدّها
خِماصـا وإن سـلَّ التجـاربَ أمضـاها
أخــا الفتـكِ حـتى تتقيـه بـدينه
فتلقَــى منيبــاً للتقيَّــةِ أوّاهـا
وعنـدَ زعيـم الـدين منهـم شـهادةٌ
بــأنَّ صــدورَ المكرمــات تقَفَّاهـا
تبــوَّعَ فــي خَــلِّ الثغـورِ فسـدَّها
وأســفرَ فـي سـُودِ الخطـوب فجلَّاهـا
هـم الجـوهرُ الصـافي وأنـتَ يتيمةٌ
مـن العِقد ما زانَ العقودَ ثَناياها
ولــولا أخــوكَ أو أخــوكَ وسـَطْتَها
كمـا أنـهُ أعلَـى الأنامِـل وُسـْطاها
ملكــتَ الكمــالَ قــادرا متسـلِّطا
فلـم تـكُ مـع فَـرطِ المحاسن تيَّاها
وســُدْتَ بنفــسٍ حِلمُهـا دون بطشـها
وســلطانُها مُـولىً عليـهِ بتقواهـا
إذا الغضـبُ الطـارِي أمـال طباعَها
أثـابَ بهـا الخُلْـقُ الكريمُ فسوّاها
كـــأنّ مُعَنِّيهــا لمجــدٍ أراحهــا
ومفقِرَهـا فـي طاعـةِ الجودِ أغناها
فلـو أن صـوبَ المـزِن أنكـر نفسـَه
تبصــَّر مــن أخلاقِهــا وســجاياها
ومَـوتَى مـن الأضـعانِ فـوق وجـوههم
ظــواهرُ غيــب نــاطقٍ بخفاياهــا
بعثــتَ إليهــم بالوعيــدِ كأنمـا
بعثــتَ إلــى أرواحهـم بَمناياهـا
أراد علاك منهُـــمُ مـــن أرادهــا
غـرورا ولـم يقـدِر عليها فعاداها
وهـل فـي أديـم الشمس للعين مثْبَتٌ
ولـه جَهَـدَ القـاريُّ يومـا فراماها
أبــا حســنٍ إن الوفــاءَ تجــارةٌ
إذا مـا تـولَّى ربُّهـا الشكرَ نمَّاها
وإن فــروضَ الجــودِ كيـف بعثتَهـا
إلــى مفصــِح حــرٍّ فإنـك تُقضـاها
مننــتَ وأعطيــتَ المــودَّة حقَّهــا
فــأكرِمْ بكـفٍّ ودُّهـا مـن عطاياهـا
ولا خيـرَ فـي جـدوَى سوى الحبِّ جرَّها
ولا فـي يـدٍ غيـر التوامِـقُ أسداها
أجبـتَ وقـد نـاداك شـعريَ مـن شَفَا
معمَّقــةٍ ينهــارُ بالرِّجــل جالاهـا
وكنــتَ يمينــا نصـرُها غيـرُ رائثٍ
إذا استصـرخَتْها في الملمَّة يُسراها
فمهمـا يَطُـلْ هـذا اللسـانُ ويتَّسـعْ
لـه القـولُ تسمعْها فِصاحا وتُرواها
خفــائف فـي الأسـماع وهـي ثقـائلٌ
علـى قَلـب مـن يشـنا علاك ويشناها
تُقــرِّب فـي أغراضـكم نـزعَ سـهمِها
وتُبعِـدُ فـي أعراضـكم ليـلَ مَسراها
عوالــق بالأســماع حــتى كأنهــا
قِــراطٌ يــودّ الســمعُ أن يتحلَّاهـا
إذا حصـَّنتْ عِرضـا يُحـاط بهـا وُقِـي
وإن حَصـَبَتْ وجهـا يغـاظ بهـا شاها
لـك العفـو منـه عـن أيـادٍ تسلَّفت
وعـن أُنُـفٍ يجرين في الجود مجراها
فلا تُعطِشــنْ غرســا كريمـا غرسـته
فمـا تُجتنَـى الأعـراقُ إلى بسُقياها
أعِـدْها أعِـدها إنمـا المجـدُ كلّـه
لمـولىً إذا مـا وحَّـد اليـدَ ثنَّاها
ســحائب كــانت مـن يـديك تربُّنـي
وقـد أوكـأت تلـك السحابُ رَواياها
فلا تعــدَم الآمــالُ عنــدك حظَّهــا
ولا تفقــد الآدابُ منــك مزاياهــا
وحيَّــاك بــالنيروز وفــدُ سـعادةٍ
يــراوحُ مَغــداها إليـك ومُمسـاها
ولا زالــت الأيــامُ تملِــكُ أمرَهـا
وتأمرُهــا فيمــا تشـاءُ وتنهاهـا
وكنـتَ بعيـن اللـه فـي كـلّ نوبـة
تحاذرُهــا نفســي عليـك وتخشـاها
فــإني مــتى علَّقـتُ نفسـي بحاجـةٍ
وخِفـتُ عليهـا الفـوتَ ضمَّنتُها اللهَ
مهيار بن مرزويه، أبو الحسن الديلمي.شاعر كبير في أسلوبه قوة وفي معانيه ابتكار، قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم، وقال الزبيدي: (الديلمي) شاعر زمانه فارسي الأصل من أهل بغداد، كان منزله فيها بدرب رباح، من الكرخ، وبها وفاته.ويرى (هوار) أنه ولد في الديلم (جنوب جيلان على بحر قزوين) وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية.وكان مجوسياً وأسلم سنة 494هـ على يد الشريف الرضي.وتشيع وغلا في تشيعه وسب بعض الصحابة في شعره، حتى قال له أبو القاسم ابن برهان: يا مهيار انتقلت من زاوية في النار إلى أخرى فيها.