
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نـاحّ الحمـامُ علـى غصـونٍ البـانِ
فأبـــاحَ شــيمةَ مُغــرمٍ ولهــانِ
مــا خلتــه مــذُ صــاح إلا أنـه
أضــحَى فقيــدَ أليفــه ومعــاني
وكـــأنه يُلقـــى إلــيّ إشــارةً
كيــف اصــطباري مُـذ نـأي خِلانـي
مــع أننـي واللـه مـذ فـارقتهم
مــا طــابَ عيشــي وصـفُو زَمـاني
لكننـــي صـــبٌّ أصـــونُ تلهفــي
حـــتى كــأني لســتُ باللهفــانِ
وببــاطنٍ الأحشـاءِ نـارٌ لـو بَـدَتْ
جمراتُهـــا مــا طاقهــا الثَّقلانِ
أبكـى دمـاً مـن مهجـتي لفراقهـم
وأودُّ أنْ لا تشــــعرَ العينــــان
لــي مــذهبٌ فـي عشـقهم ورايتُـه
ومـــذاهب العشـــاق فـــي إعلان
مــاذا علــيّ إذا كتمـت صـبابتي
حـتى لـو أن المـوتَ فـي الكتمان
مـا أحسـنَ القتلـى بأغصان النقى
مــا أطيــبَ الأحــزان بــالغزلان
قـالوا أتهوى والهوى يكسو الفتى
أبـــداً ثيـــابَ مذلــةٍ وهــوان
فــأجبتهم لــو صــحَّ هـذا إننـي
أختــارُ ذلــي فيـه طـولَ زمـاني
والـــذلُّ للعشــاقِ غيــرُ مَعــرة
بــل عيــنُ كــل مَعــزّةٍ للعـاني
أصـبو إلـى مـن حـاز قـداً أهيفا
يـــزرى ترنحــهُ بغصــن البــان
وأحــن نحــون شــقيق تــمٍ خـدِّه
قــد نــمَّ فيـه شـقايقُ النعمـان
ويروقنــي أبــداً نزاهـةُ مقلـتي
فــي حُســنِ طلعــةِ فاتــكٍ فتّـان
أمســى وأصــبحُ بيـن شـَعْرٍ حالـكٍ
ومُنيــرِ وجــهٍ هكــذا الملــوان
ولطالمـــا قضــَّيتُ معــه حِقبــة
ونســـيمُ مصـــرَ معطّـــرُ الأردان
زمــنٌ علــيّ بـه لمصـر فـديتُهات
حـــقٌّ وثيـــقٌ عاطــلُ النكــران
لـو شـابهتْ عينـاي فـائضَ نيلهـا
لــم تــوفِ بعـض شـفائه أحزانـي
أو لـو حكـى قلـبي بحـارَ علومها
طربــاً لمـا أخلـو مـن الخفقـان
ولكــم بأزهرهــا شــموسٌ أشـرقتْ
وأنـــارتْ الأكـــوانَ بالعرفــان
فشـذا عـبير علـومهم عـمَّ الـورى
وســـرتْ مـــآثرهم لكــل مكــان
وحوتهمــو مصــرُ فصــارت روضــةً
وهمــو جناهـا المبتغـى للجـاني
قـد شـبهوها بـالعروس وقـد بـدا
منهــا العروســي بهجـةَ الأكـوان
قــالوا تعطَّــر روضـُها فـأجبتهم
عطارُهـــا حســنٌ شــذاه معــاني
حَــبرٌ لــه شــهدت أكـابرُ عصـره
بكمـــال فضـــلٍ لاحَ بالبرهـــان
لـو قلـتَ لـو يُوجـد بِمصـرَ نظيرُه
لأجبـــتُ بالتصـــديق والإذعـــان
هـذا لعمـري اليـومَ فيهـا سـادةٌ
قــد زُينــوا بالحســنِ والإحسـان
يـا أيهـا الخـافي عليـك فخارُها
فإليـــكَ إن الشــاهدَ الحســنان
ولئن حلفــتُ بــأن مصــرَ لجنَّــةٌ
وقطوفهـــا للفـــائزين دوانــي
والنيــلُ كوثرهـا الشـهيُّ شـرابه
لأبــرُّ كــل الــبر فــي أيمـانِي
دار يحــق لهــا التفـاخرُ سـيما
بغريزهــا جَــدوى بنــي عثمــان
حــاز المحامــدَ إذ دُعـي بمحمـدٍ
ورقــي العُلا فعلـى علـى الأقـران
مــن كــل مثـل أميرنـا فقرينـه
اســـكندرٌ أو كســرى أنوشــروان
في وجهه النصرُ المبين على العدا
لاحـــتْ بشـــائرهُ لكــل معــاني
فــي كفــه ســيفانِ سـيفُ عنايـة
والشــهمُ إبراهيــم ســيفٌ ثـاني
سـلْ عنـهُ يُنبيـك الحجـاز مشافهاً
بــدمار أهــلِ الزيْـغ والبهتـان
مــن قبــل كـانت سـُبْله مـذعورةً
والآن صــارت فــي كمــال أمــان
لا غــروَ إن نجْــداً أدامـتْ شـكرَه
فلقـــد كســاها حُلــةَ الإيمــان
وســعتْ إلــى زنــجٍ طلائعُ جيشــه
فأطاعهــا العَـاتي مـن السـودان
وتقلـــبُ الأروام عـــدلٌ شـــاهدٌ
كـم منـه قـد نـالُوا شـديدَ طعان
حـتى لقـد بـاءوا بـوافرٍ خزيهـم
وتقاســموا حظــاً مــن الخسـران
لــم تُخْـطِ قامـةُ رُمحِـه أغراضـَها
وإصــابةُ الأغــراضِ نيــلُ أمـاني
أحيــا بـدولته علومـاً قـد غـدتْ
لوضــوحِها تُجلــى علــى الأذهـان
بطــلٌ مكــارمه الجليلــةُ قلَّـدت
هــامَ الزمــانِ مكلــلِ التيجـان
يهنيـك يـا مصـرُ لقـد خرت البها
بمحمـــدٍ باشـــا علــى الشــان
فــأخطى بغــاخر حكمِــه وتمتعـي
وبــذلك افتخــري علـى البلـدان
مُـدّي أكـفّ الشـكر وابتهِلـي بـأن
يُبقيـــه مـــولاه طويــلَ زمــانِ
رفاعة رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي. يتصل نسبه بالحسين السبط ، وهو عالم مصري، من أركان نهضة مصر العلمية في العصر الحديث.ولد في طهطا، وقصد القاهرة سنة 1223 هـ فتعلم في الأزهر، وأرسلته الحكومة المصرية إماماً للصلاة والوعظ مع بعثة من الشبان أوفدتهم إلى أوربة لتلقي العلوم الحديثة، فدرس الفرنسية، وثقف الجغرافية والتاريخ.ولما عاد إلى مصر ولي رئاسة الترجمة في المدرسة الطبية وأنشأ جريدة الوقائع المصرية.قال عمر طوسون: هو مؤسس مدرسة الألسن وناظرها، وأحد أركان النهضة العلمية العربية بل إمامها في مصر.توفي في القاهرة.ألف وترجم كتباً كثيرة منها: (قلائد المفاخر في غرائب عادات الأوائل والأواخر-ط)، مترجم والأصل لدبنج، (نهاية الإيجاز-ط) في السيرة النبوية، (تخليص الإيريز-ط ) رحلته إلى فرنسة وغيرها الكثير.