
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تُبْـدِي الغـرامَ وأهـلُ العشـق تكتمُه
وتـــدّعيه جِـــدالا مـــنْ يُســـَلِّمهُ
مـا هكـذا الحـبُّ يـا من ليس يفهمه
خــلِّ الغــرامَ لصــبٍ دمعُــه دمُــه
حيــران توجــدُه الــذكرى وتعـدمُه
دعْ قلبَــه فـي اشـتغالٍ مـن تقلبُّـه
ولبَّــه فــي اشــتعالٍ مــن تلهبُّـه
واصــنعْ جميــلَ فعــالٍ فـي تجنبـه
واقنــعْ لــه بعلاقــاتٍ عَلِقــنَ بـه
لــو اطَّلعــت عليــه كنــتَ تَرحمُـه
فــؤاده فــي الحمـى مسـعى جـآذرِه
وفــي نجـوم السـما مَرعـى نـواظرِه
فيــا عـذولاً سـعى فـي لـوم عـاذره
عــذلتَه حيــن لــم تنظـر بنـاظره
ولا علِمــتَ الـذي فـي الحـب يعلمـه
أمـا تـرى نفسه مَرعَى الهَوى انتجعتْ
وســاقها الحـبُ فانسـاقتْ ولا رجعـتْ
فاعذرْ أو اعذلْه ما وُرْقُ الحِمى سجعتْ
لـو ذقتَ كأس الهوى العذريّ ما هجعتْ
عينــاك فـي جُنـح ليـلٍ جُـنَّ مظلمـه
ولا صــــبوتَ لســــلوانٍ ولا ملـــلِ
ولا جنحـــتَ إلـــى لــومٍ ولا عَــذِلِ
ولا انثنيـت لخطـبٍ فـي الهـوى جلـلِ
ولا ثنَيــت عنــانَ الشـوق عـن طلـل
بــالٍ عفــتْ بيــد الأنـواء أرسـمُه
فكيــف ناقشــته فــي أصـل مـذهبهَ
ومـــا تحرَّيــتَ تحقيقــاً لملطبــهِ
فوالــذي صــانه عـن وَصـمةِ الشـبه
مــا الحــبُّ إلا لقـومٍ يُعرفـون بـه
قـد مارسـوا الحـب حـتى هان معظمه
تجيبـــه إنْ دعــا للوعــدِ أُمتُــه
وعزمـــه بينهـــم ســـامٍ وهممــتُ
قــومٌ لــديهم بيـانُ الحـب عجمتـه
عـــذابه عنـــدهم عــذبٌ وظلمتــه
نـــورٌ ومغرَمــه بــالراء مغنمَــه
يــا مـنْ دعـاهُ هـواه أن يعاشـرَهم
اســلكْ مشــاعرهم والـزمْ شـعائرَهم
وإن تكلَّفـــتَ أن تــدرى أشــايرَهم
كلَّفــتَ نفســك أن تقفــو مــآثرهم
والشـيءُ صـعبٌ علـى مـن لـس يُحكمُـه
فـي حـب ليلـى خلـىُّ البـال يعذلُنى
إن لـم أغـالظ فمـا ينفـكُّ يخـذلني
فوالــذي منــزلَ العشــاق ينزلنـى
إنــى أورِّى عَــذولي حيــن يسـألني
بزينــبٍ عــن هــوى ليلـى فـأوهمه
كـم في الهوى والنوى قاسيتُ من ألم
وكــم ملأتُ طــروسَ العشـق مـن كلـم
وكـم سـهرتُ سـميرَ النجـم في الظلم
وطالمــا ســجعتْ وهْنــاً بـذى سـلَم
ورْقــاءُ تعجــم شــكواها فــأفهمه
مـا السـحبُ إلا دمـوعُ العيـن باكيةً
ولا لظَــى غيــر أحشــائي محاكيــةَ
لا شــك أنـي أنـاغي الـوُرق شـاكيةً
وتثنـــى عــذباتِ البــان حاكيــةَ
عِلــمَ الفريـقِ فـأدرِي مـا تـترجمُه
إمــامُ عشــقٍ تَــوَّلى نصــرَ ملَّتــه
علــى الوشــاةِ وفاداهــا بمهجتـهِ
نــادى وقـد ذابَ وجـداً مـع ثنيتـه
يــا مــن أذاب فـؤادي فـي محبتـه
لـو شـئتَ داويـتَ قلبـاً أنـت مُسقمه
مــتى بربْــع صــحابي أبلـغُ الأملا
فكـم سـقى ماءُ دمعي السهلَ والجبلا
ومـا شـفى معهـداً مـن سـاكنيه خلا
سـقى الجبـال فرعـنَ الطودَ منه إلى
شـِعب المريحـاتِ هـامي المزنِ مرهمه
ملــثُ غيــثٍ يســحُّ الوابـلَ الهطلا
وصــــيبُ طيـــبٍ يستخصـــبُ الطَللا
أضـــحى بمنهمــر الأنــواء منهملا
وبـات يرفـض مـن وادي الحـزام على
وادي أرامٍ ومـــا والــي يلملمــه
حيَّــا منازلُهــا فيـضُ الحيـا وملا
أرجاءهــا مــن بـروقٍ يبْتسـمْنَ جلا
ولا عـدا عـن رُباهـا الجودُ إذْ نزلا
يسـوقه الرعـدُ مـن خير البطاحِ إلى
أمّ القُــرى وريــاحُ البشـر تقـدمُه
ســـمى جُـــودٍ ســـريعاتٌ نجــائبه
ولـــيُّ عهـــدٍ مُريعـــاتٌ رَغــائبهُ
وواكــفٌ بالنــدى تكفــي ســَواكِبه
وكلمـــا كـــفَّ أو كَلــتْ ركــائبُه
بــاداه بــالرحبِ مَســعاهُ وزمزمُـه
مــا درَّ مــن قبلــه غيـثٌ يُعارضـَهُ
ولا أضــــرتْ بمســــراهُ عوارضـــُه
تخـــاله وهـــو لا ريــحٌ يُناقضــه
لمــا ألــثَّ علـى البطحـاء عارضـه
علا المدينـــةَ بـــرقٌ راقَ مَبْســمه
بـرقٌ بواسـمه فـي الجـو قـد سـطعتْ
فقهقـهَ الرعـدُ بـالغبْرَا وقـد خشعتْ
والرجـع سـحَّ مـن الخضـرا وما جمعت
سـقى الريـاض الـتي من روضها طلعت
طلائعُ الـــدين حــتى قــام قَيِّمُــهُ
مغـــاربُ الأرض طُــراً أو مشــارقها
تســعى إلــى طيبـةٍ منهـا خلائقهـا
مدينـةُ العلـمِ هـل تخفـى حَقائقهـا
حيــث النبــوةُ مضــروبٌ ســرادقها
والنــورُ لا يسـتطيعُ الليـلُ يكتمـه
يلــوح فــي روضـةٍ مـأثورةِ الشـرفِ
دريُّ كوكبهــا يجلــو دُجــى السـُّدفِ
والبــدر يطلــعُ فـي أفـقٍ بلا كلـفِ
والشـمسُ تسـطع فـي خلف الحجابِ وفي
ذاك الحجــابِ أعــزُّ الكـون أكرمـهُ
يـا زائراً قـبرَ خيـرِ البدو والحضرِ
الثـمْ ثـرى تربـه المعشوشـِب النضرِ
يلقــاك حيـاً بـأهنى عَيْشـهِ الخضـر
محمــدٌ ســيد الســاداتِ مــن مُضـر
خيـرُ النـبييِّن محيـي الـدينِ مكرمُه
عَـــرِّجْ بســـاحته يمنحْــكَ تكرمــةً
فلا تخــفْ بعــدها بغيــاً ومظلمــةً
هــذا المشـفَّع يـومَ العـرض مرحمـةَ
فــردُ الجلالـة فـردُ الجـود مكرمـةَ
فــردُ الوجـود أبـرُّ الكـونِ أرحمُـه
مــن فــي صــَباحه يحكيـه مبتسـما
مـن فـي ملاحتـه حـازَ البهـا وسـما
كـم أقسـمَ الحقُ باسم المصطفى قسما
نـورُ الهـدى جوهرُ التوحيد بدرُ سما
ءِ المجــدِ واصــفُه بالبـدر يَظلِمُـه
بطيـــب عُنْصـــره طــابتْ ســريرتُه
شــمائلُ المجــد دونَ الحـدِّ سـيرتهُ
وسـورةُ الفتـح مثـل الحمـدِ سـورته
مـن نـور ذي العـرش منشـاه وصورته
ومنشــأُ النــورِ مــن نـورٍ يُجسـِّمه
مــن لاذَ مــن فَـزعٍ بالهاشـميِّ أَمِـنْ
أو حـادَ عنـه فعـن سـُبل الرشاد عَمٍ
بالفضـل قـد خصـّه مـولاه وهـو قَمِـنْ
ومُـودعُ السـر فـي ذاتِ النبـوة مِـن
علـــمٍ وحلـــمٍ وإحســـانٍ يُقســِّمه
مـا حكمـةُ اللـه ألا تُعجـز الحُكمـا
قـد أبـرزتْ للورى أسمى الورى عَظُما
لــبُّ اللبــاب تَسـامى أصـلُه ونمـا
فـذاك مـن ثمـراتِ الكـون أطيـبَ ما
جــاد الوجــودُ بــه أعلاه وأعلمـه
سـيوُفه بـالردى نحـو العـدا لمعـتْ
وكفُــه بالنَّـدى قبـلَ النِّـدا همعـتْ
صـفوفه في المدا رُوم الهدى اجتمعتْ
فمــا رأتْ مثلَــه عيــنٌ ولا ســمعت
أذنٌ كأحمــدَ أيــن الأيــن نعلمــه
لا تُعْــزَ رومــاً وتُركـاً أو جراكسـةً
لحســـنه إن فـــي هــذا مواكســةً
تقـــول آمنـــةٌ فيـــه منافســـةً
أضــحتْ لمولــدِه الأصــنامُ ناكســةً
علــى الـرؤوس وذاقَ الخـزيَ مُجرمـه
فلا تــرى الفــرسَ للنيـران جانحـةً
بعــد الخمــود ولا الأنــوارُ لائحـةً
والمانويــــةُ لا تنفـــكُّ نائحـــةً
وأصــبحتْ ســُبلُ التوحيــدِ واضــحة
والكفــرُ ينْــدبُه بالويــل مَـأتْمه
كـم ظلمـةٍ عنـد أهـل الزْيـغ كامنةٍ
قــد انجلــتْ بيــدٍ للنفـع ضـامنةٍ
وعصــبةٍ مــن هجــوم الـروع آمنـةٍ
والأرضُ تَبهــجُ مـن نـور ابـن آمنـةٍ
والعـدلُ ترمـي ثغـورَ الجـور أسهُمُه
فلا تــرى كاهنــاً للغيــب يســترقُ
كلاَّ ولا مــــــارداً إلا ويحـــــترقُ
والجـنُّ خـابوا الرجـا بل مَسَّهم فرقُ
وإن يقُــم لاســتراقِ السـمع مسـترِقُ
رصـــْدنه أنجــمُ الأرجــاء ترجمُــه
فكــم تحــدَّى وأبــدى فــي دلالتـهِ
مــن معجــزاتٍ تـوالتْ فـي رسـالتهِ
فقــل لطــاغٍ تمــادى فــي ضـلالتهِ
إن ابــنَ عبــد منــافٍ مـن جلالتـه
شــمسٌ لأفـق الهـدى والرسـلُ أنجمُـه
مـا جـاء مَـن سـلَب الأعـدا غنيتمُـه
بـــه قتـــادةُ قــد ردتْ كريمتُــه
فــي كــل آونــةٍ تَــزدادُ قيمتُــه
العــدل ســيرتُه والفضــلِّ شــيمتُه
والرعــبُ يقــدمه والنصــرُ يخـدمه
فـي حَوْمَةِ الدين أصْمَى الغيَّ والجدلا
وجَنْــدلَ الكفـرَ حـتى صـار مُبتـذلا
يــمٌ طويــلُ نجــادٍ حكمُــه عــدلا
أقـام بالسـيف نهـجَ الحـق مُعتـدلا
ســهلُ المقاصــدِ يَهــدى مـن يُممـه
يـا صـاح كـنْ برسـول اللـه مُقتديا
فــي فعلــه وبنـورِ الحـق مُهتـدياً
فكــم أبـادَ مـن البـاغين مُعتـديا
وكلمــا طـال ركـنُ الشـِّركِ مُنْتهِيـا
فـي الرَّيـغ قـامَ رسـولُ الله يَهدمه
بســـعدِ طـــالعه تســمُو كــواكبُه
وطالمــا ابتهجــتْ زهــواً مـواكبُه
ســَلْ الــبراقَ بمـاذا فـاز راكبـه
سـارتْ إلـى المسـجد الأقصـى رَكائبه
يزفُّـــه مُســـرجُ الإســرا وملجمــه
ســَرى بــه وهـو فـي أقصـى تعجبِـه
وفــاز طــه بـأعلى المجـد أعجبـهِ
لـه انجلـى مـا تـوارى فـي تَحجبـه
والشــوقُ يهتـف يـا جبريـلُ زُجَّ بـه
فـي النـورو النـورُ مرقـاه وسـُلَّمُه
فـي رؤيـةِ الرسـل ليلاً كمْ قضى أرَبا
وكــم دنــا وتــدلّى ثـمَّ واقتربـا
لقـد رأى الآيـة الكُبرى وما اضطربا
والعــرشُ يهـتزُّ مـن تعظيمـه طربـا
إذ شــرَّفَ العــرش والكرسـيَّ مَقـدمُه
اعــتزَّ بــالله حبــاً فــي معزتـهِ
وحــلَّ فــي الملأ الأعلــى بحــوزتهِ
فكيــف فــاز نــبيٌّ شــطرَ فــوزته
والحــقُ ســبحانه فــي عــزِّ عزتـه
مــن قـاب قوسـين أو أدنـى يُكلمـه
فـي السـبع فـازَ بخمـسٍ فـوزَ منصرفِ
بــأجر خمســين يُسـدى شـكر معـترفِ
ونـال مـا نـال مـن مجـدٍ ومـن ترف
فكــم هنالــك مــن عـزٍّ ومـن شـرف
لمــن شــديدُ القُـوى وحيْـاً يعلمـه
كفَّــارُ مكــةَ مــا كــانتْ مُجــوزةً
لا زال يمنــــحُ آيــــاتٍ معـــززةً
حــتى إذا جــاء بالتنْزيـل مُعجـزةً
بــل أصـبحت بالأحـاجي فيـه مُلغـزة
يمحــو الشــرائعَ والإحكـامُ محكمـه
أجــابَ كــلّ مصــيخٍ بالسـجود كمـا
آيــاتُه أخرســتهم مَنطقــاً وفمَــا
وحيــثُ كـلٌ لـديها ألقـوْا السـلما
هـانتْ صـفاتُ عظيـم القريـتين ومـا
يــأتيه جهلاً أبــو جهــلٍ ويزعمــه
فطالمـا بَـالغُوا في السبِّ أو ثَلموا
عِرْضـاً وأنفسـَهم واللـه قـد ظلمـوا
لـو ميَّـزوا قـدرَهم مـن قدره سلموا
حال السُّهَى غيرُ حالِ الشمس لو علموا
بـل أهـلُ مكـة فـي طغيـانهم عمهُوا
عمْـىُ البصـائر عـن قَـدْرٍ وعـن قَـدَرِ
صــمُّ المســامع عـن تقـديرٍ مُقتـدر
فمــن تخلــف فــي وِرْدٍ وفــي صـدرٍ
فاصـدعْ بـأمرك يـا بنَ الشمّ من مضر
فقــد بُعِثْــتَ لأنــفِ الشـِّرْكِ ترغمـه
مـن يَسـبْغِ شـأرَك في قاب الكمل يمُنْ
بحــظِ منهــزمٍ يكبْــوُا وعجـزِ زَمِـنْ
لــك الشـفاعةُ مـولاك الكريـمُ ضـَمن
لـك الجميـلُ مـن الذكر الجميل ومن
كـل اسـم جـودٍ عظيـم الجـودِ أعظمه
ففـي البدايـة كنـتَ السـيدَ الحكَما
وفـي النهايـة حـزتَ الحُكم والحِكَما
فرِّجـــه ودعْ الكهـــانَ والحِكمـــا
يـا أيهـا الآمـلُ الراجـي ليهنك ما
ترجــوه ذا كعبـة الراجـي وموسـمه
يمــمْ ضـريحاً إذا مـا قـام يحصـُره
عـــادٍ ملائكـــةُ الرحمــن تنصــره
روضـاً تبـاهتْ بـه فـي الدهر أعصره
قــبراً أشــاهد نـوراً حيـن تبصـره
عينــي وأنشــِقُ مسـكاً حيـن ألثْمُـه
خِضــَمْ جــودٍ تنــاهى فــي عزازتِـه
فيــه الأميــرُ بــرئٌ مــن إمـارته
مــن لـي ولـو بنصـيبٍ مـن خفـارته
كــم اســتنبْتُ رفـاقي فـي زيـارته
عنــي ومـا كـلُّ صـبِّ القلـبِ مُغرمـه
قلــبي طليـقُ اللِّقـا جسـمي مُقيـدُّه
فليــتَ شــعري مــتى يَفْـديه سـيدُه
كـــم أمَّـــهُ زائرٌ مثلــي يؤيــده
وكــم تصــافحه مــن لا يــدي يـده
ولا فمــي عنـد تقبيـل الـثرى فمُـه
أراه كالبـدر فـي العليـاء أرصـدُه
قريـــنَ بُعـــدٍ وبالآمــال أقْصــِدُه
مــن للمُريــد وقـد أقصـاه مُرشـده
مــتى أنــاديه مــن قـرب وأنشـده
قصـــيدةً فيـــه أملاهــا خُرَيْــدمه
حديثــةٌ السـنِّ مـا نيطـتْ تمائمُهـا
نضــيرةُ الغصـن قـد غنـتْ حمائمهـا
راجــتْ حواســدُها جــارتْ لوائِمُهـا
مهاجريــــةٌ أفــــترّتْ كمائِمهـــا
عــن ثغــرِ لســانُ الحــالِ ينظمـه
عــذراءُ منـذورةٌ فـي خدمـة الحـرمِ
عســى يكــونُ بهــا صــفحٌ لمجـترمِ
ويبلـغ القصـدَ قبـل الفـوتِ بالهِرمِ
كـم يأمـل الروضـةَ الغـراءَ ذو كرمِ
يرجــو الزيــارةَ والأقـدارُ تحرمـه
لمـا تجنَّـى زمـاني الـذنبَ وافتعلا
وابيـضَّ مسـودُّ شـعر الـرأس واشْتعلا
قصــدتُ مــنْ جـلَّ فـي سـلطانه وعَلا
مســتعدياً بحــبيب الزائريـن علـى
دهـــرٍ تَنكَّـــر بالإهمــالِ معجمُــه
هــل ســامَ فخــرك إنسـانٌ ولا ملَـكٌ
أورام قـــدرَك ســـلطانٌ ولا مَلِـــكُ
فـــانْ ألــمَّ زمــانٌ خطبــه حلــك
فقــمْ بعبـدك يـا شـمسَ الوجـود وك
حِمــاهُ مــن كــل خطـبٍ مـرٍّ مطعمُـه
فكــم سـقاه الـردى أقـذَى مشـاربِه
مــن حيـث سـاقَ لـه أدهـى نَـوائبه
فاجعــلْ زيــارته أبهــى منــاقبهِ
وادعُ الإلــه إذا ضـاق الخِنـاقُ بِـهِ
مـا خـابَ من أنت في الدارين مُكْرِمُه
أرجـــوكَ نَصـــرةَ إعــزازٍ مــؤزَّرةً
علـى هـوى النفـس إذ كـانتْ معـذّرةً
وقــد تــوالت جيـوشُ الهـمِّ منـذرةً
يــا سـيِّدَ العـربِ العرْبـاءِ معـذرةً
لنــادم القلــبِ لا يُغنــي تَنــدمه
إلــى حمــاكَ ضــعيفاً أمــرُه وَكلا
وكـم مليـكِ حمـىً بالجـاه رعـى كَلاَّ
أصــبحتُ كلاًّ علــى نُعمـاك بـل ثِكلا
أثقلــتُ ظهـري بـأوزارِي وجئتُـك لا
قلـــبٌ ســـليم ولا شـــيءٌ أقــدمه
سـلكتُ فـي هـذه الـدنيا سـلوك غبي
ومــا غـدوتُ مـن الأخـرى علـى رَهـبِ
لكـن تعلَّقـتُ فـي أذيـال خيـر نـبي
يـا صـاحبَ الوحي والتنزيل لطفك بي
لا زلـتَ تعفُـو عـن الجـاني وتكرمـه
رفاعــةُ يشــتكي مــن عصـبةٍ سـخرتْ
لمـا رأت أبحـرَ العرفـان قـد زَخَرَتْ
فــارفعْ ظلامــةَ نفـسٍ عـدلك ادخـرتْ
وهــاك جــوهرَ أبيـاتٍ بـك افتخـرت
جــاءتْ إليــك بخـط الـذنبِ ترقمـه
قبــولُ تَخمِيســها فضـلٌ عليـه ومَـنْ
لأنـــه زَمِــنٌ قاســَى ظــروفَ زَمــن
تلا مؤلفهـــا يرجـــو الخلاصَ ثمــنْ
فـانهضْ بقائلهـا عبـد الرحيـم وَمَنْ
يليــه إنْ هـمَّ صـرفُ الـدهرِ يهزمـه
فاكشــفْ بحقـك عنـد اليـوم مَظلمـةً
مــن الهمـوم غـدتْ كالليـلُ مظلمـةً
وانظـر إليـه بعيـن الفضـل مَكرمـة
واجعلـه منـك بمـرأى العيـن مَرحمةً
إذا ألــمَّ بــه مــنْ ليــس يرحمـه
وارحـمْ غريبـاً بُعيـدَ الـدار غائبه
حبــلُ النـوى حِمـلُ الأثقـالِ غـاربُهُ
فصـــِلْ رَغــائبه وافصــلْ غرائبــه
وإن دعــا فــأجبه واحــمِ جــانبه
يـا خيـرَ مـن دُفنتْ في الترْب أعظمه
أســيرُ بيْــنٍ قليـلُ الصـبر قاصـِرُه
وعصـــرُه بفـــراقِ الأهــل عاصــره
وأنـــت ذو كـــرمٍ لا شــيَّ حاصــره
فكـلْ مـن أنـت فـي الـدارين ناصره
لــم تسـتطع محـنُ الـدارين تهضـمه
وهــذه حاجــةُ الملهــوفِ مُجملُهــا
وأنــتَ أعلــمُ والمــولى يُجملُهــا
وتنتهــي وقريــبُ العفــو يشـملها
عليــك منــي صــَلاتُ اللـه أكملُهـا
يــا ماجـداً عمَّـتْ الـدارينِ أنعمُـه
يَسـقى البرايـا جميعـاً ريَّ عارضـها
إنســاً وجنـاً ووحشـاً فـي مرابضـها
تُشــفى الخلائق طُــراً مـن تمارضـها
يُبـدي عـبيراً ومسـكاً مسـكُ عارضـها
ويبــدأ الــذكرُ ذكراهــا ويختمـه
وهــا تحيــةُ ربــي أكـرم الكُرَمـا
تنحُـو ضـريحك يـا خيـرَ الورى كَرَما
ســواطعُ النـور منهـا تملأ الحرمـا
مـا رنـح الريـحُ أغصـانَ الأراكِ وما
حــامتْ علــى أبـرق الحنـان حُـوَّمه
تحيـــةً بصـــلات الـــبر عـــائدةً
بــالخير موصــلةً للرشــد قــائدةً
تُثنــى عليــك وليسـت عنـك حـائدةً
رَتنثنــــي فتعــــمُ الآلَ جـــائدةً
بكــل عــارض فضــلٍ جــاد مُســجمه
رفاعــةُ خمَّــسَ المنظــومَ مُــرتجلا
قريضــَه وهــو بـالخرطوم قـد وَجـل
قــالت هــواتفُه بــالله كـنْ رجلا
فـــإن جَـــدَّك طـــه للخطــوبِ جلا
فــأمرُ جــدك هــذا الجَــدُّ يحسـمه
مـاذا العناءُ وأهل البيت قد كفلوا
عـوداً جميلاً ومـا عـن وعـدهم غفلوا
لا تعنَ بالغير جَدّوا السيرّ أو قفلوا
هـم أجمعـوا أمرهـم لكيْدِ واحتفلوا
والأمــرُ للــه مــا يرضـاه يَحْكمـه
رفاعة رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي. يتصل نسبه بالحسين السبط ، وهو عالم مصري، من أركان نهضة مصر العلمية في العصر الحديث.ولد في طهطا، وقصد القاهرة سنة 1223 هـ فتعلم في الأزهر، وأرسلته الحكومة المصرية إماماً للصلاة والوعظ مع بعثة من الشبان أوفدتهم إلى أوربة لتلقي العلوم الحديثة، فدرس الفرنسية، وثقف الجغرافية والتاريخ.ولما عاد إلى مصر ولي رئاسة الترجمة في المدرسة الطبية وأنشأ جريدة الوقائع المصرية.قال عمر طوسون: هو مؤسس مدرسة الألسن وناظرها، وأحد أركان النهضة العلمية العربية بل إمامها في مصر.توفي في القاهرة.ألف وترجم كتباً كثيرة منها: (قلائد المفاخر في غرائب عادات الأوائل والأواخر-ط)، مترجم والأصل لدبنج، (نهاية الإيجاز-ط) في السيرة النبوية، (تخليص الإيريز-ط ) رحلته إلى فرنسة وغيرها الكثير.