
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قَبَــسٌ بَـدَا مِـنْ جَـانِبِ الصـَّحْرَاءِ
هَـلْ عَـادَ عَهْـدُ الْـوَحْيِ فِي سِيناءِ
أَرْنُـو إِلـى الطُّـورِ الأَشَمِّ فَأَجْتَلِي
إيمــاضَ بَــرْقٍ وَاضــِحَ الإِيمَــاءِ
حَيْــثُ الْغَمَامَـةُ وَالْكَلِيـمُ مَـرَوَّعٌ
أَرْســَتْ وَقُــوراً أَيَّمَــا إِرْســَاءِ
دَكْنَــاءُ مُثْقَلَـةُ الْجَـوَانِبِ رَهْبَـةً
مَكْظُومَــةُ النِّيـرَانِ فِـي الأَحْشـَاءِ
حَتَّـــى تَكَلَّــمَ رَبُّهَــا فَتَمَزَّقَــتْ
بَيْـنَ الصـَّوَاعِبِ فِـي سـَنىً وَسـَنَاءِ
وَتَنَزَّلَــتْ أَحْكَــامُهُ فِــي لَوْحِهَـا
مَكْتُوبَــــةً آيَاتُهَـــا بِضـــِيَاءِ
أَتْــرَى الْعِنَايَـةَ بَعْـدَ لأْيٍ هَيَّـأَتْ
للشــَّرْقِ مَنْجَــاةً مِــنَ الْغَمَّــاءِ
فَأُتِيـحَ فِـي لَـوْحِ الْوَصـَايَا جَانِبٌ
خَـــالٍ لَمُؤْتَنَــفِ مِــنَ الإِيصــَاءِ
وَتَخَلَّفَــتْ بَيْــنَ الرِّمَــالِ مَظِنَّـةٌ
لِتَفَجُّــرٍ فِــي الصــَّخْرَةِ الصـَّمَّاءِ
قَــدْ آنَ لِلْعَاشـِينَ فِـي ظَلْمَـائِهِمْ
حِقْبــاً خُرُوجُهُــمُ مِــنَ الظَّلْمَـاءِ
إِنَّــي لِمَيْمُــونُ النَّقِيبَـةِ مُلْهَـمٌ
إِبْـــرَاءُ زَمْنَـــاهُمْ وَرِيُّ ظِمَــاءِ
إِنْ لَــمْ يَقُــدْهُمْ قَـائِدٌ ذُو مِـرَّةٍ
وَالبَـأْسُ قَـدْ يُنْجِـي مِـنَ البْأْسَاءِ
هَــلْ مِـنْ بَشـِيرٍ أَوْ نَـذِيرٍ قـادِرٍ
مُتَبَيِّــنٍ مِنْهُــمْ مَكَــانَ الــدَّاءِ
يَهْــدِيهُمُ ســُبُلَ الرُّقِــيِّ مُلاَئِمـاً
لِزَمـــانِهِمْ وَطَــرائِقَ الْعَلْيَــاء
أَلشـــَّاعِرِيَّةُ لاَ تَــزَالُ كَعَهْــدِها
بَعْــدَ النُّبُــوَّةِ مَهْبِــطَ الإِيحَـاءِ
وَالصـَّوْتُ إِنْ تَـدْعُ الْحَقِيقَةُ صَوْتُهَا
وَالنُّــورُ نُـورُ خَيَالِهَـا الْوَضـَّاء
يَـا شـَيْخَ سِينَاءَ الَّتي بُعِثَ الْهُدَى
مِــنْ تِيهِهَــا فِــي آيَــةٍ غَـرَّاءِ
ســَنَرَى وَأَنْــتَ مُعَـرِّبٌ عَـنْ حَقِّهَـا
كَيْــفَ المــوَاتُ يَفُـوزُ بِالأَحْيَـاءِ
هَــذِي النِّيَابَــةُ شـَرَّفَتْكَ وَشـَرَّفَتْ
بِــكَ فِـي الْبِلاَدِ مكَانَـةَ الأُدَبَـاءِ
قَأَهْنَـأْ بِمَنْصِبِهَا الرَّفِيعِ وَإِنْ تَكُنْ
أَعْبَاؤُهَــا مِــنْ أَفْــدَحِ الأَعْبَـاءِ
حَسـْبُ القَرِيـضِ زِرَايَـةً فَاثْـأَرْ لَهُ
وَارْفَــعْ بِنَـاءَكَ فَـوْقَ كُـلِّ بِنَـاءِ
وَأَرِ الأُلـى جَـارُوا عَلَـى أَرْبَـابِهِ
آفَــاتِ تِلْــكَ الخُطَّــةِ العَوْجَـاءِ
إِنَّ التَّوَاكُـلَ وَالتَّخَـاذُلَ وَالقِلَـى
لأَقَــلُّ مَــا جَلَبَــتْ مِــنَ الأَرْزَاءِ
وَتَنَــزُّلِ الأَقْــوَامِ عَـنْ أَخْطَارِهَـا
وَتَعَســـُّفِ الحُكِّـــامِ وَالكُبَــرَاءِ
أَبْنَـاءُ يَعْـرُبَ فِـي أَسـىً مِنْ حِقْبَةٍ
شــَقِيتَ بِهَــا الآدابُ جِــدَّ شـَقَاءِ
جَنَـفَ البُغَاةُ بِهَا عَلَى أَهْلِ النُّهَى
وَاســــْتُعْبِدَ العُلَمَـــاءُ لِلْجُهَلاَءِ
وَتَخَيَّــلَ السـَّادَاتُ فِـي أَقْـوَامِهِمْ
شــُعَرَاءَهَا ضــَرْباً مِــنَ الأُجـرَاءِ
وَهُـمُ الَّـذِينَ تَنَاشـَدُوا أَقْـوَالَهُمْ
لِلْفَخْــــرِ آوِنَـــةً وَلِلتَّأْســـَاءِ
وَبِفَضــْلِهِمْ غُـذِيَتْ غِـرَاثُ عُقُـولِهِمْ
مِــنْ كُــلِّ فَاكِهَــةٍ أَلَــذَّ غِـذَاءِ
وَبِنفحَــةٍ مِنْهُــمْ غَـدَتْ أَسـْمَاؤُهُمْ
مِـنْ خَالِـدَاتِ الـذِّكْرِ فِـي الأَسْمَاءِ
أصـْلِحْ بِهِـمْ رَأْيَ الأُولَـى خَـالُوهُمُ
آلاتِ تَهْنِئَةٍ لَهُـــــمْ وَعَـــــزَاءِ
وَلْتَشــْهَدِ الأَوْطَـانُ مَـا حَسـَنَاتُهُمْ
فِـي المَنَصـِبِ الْعَالِي وَفِي الإِثْرَاءِ
وَلْتَعْلَـمِ الأَيَّـامُ مَـا هُـوَ شـأْنُهُمْ
فِــي كُــلِّ مَوْقِــفِ عِــزَّةٍ وَإِبَـاءِ
يَـا بَـاعِثَ المَجْـدِ الْقَدِيمِ بِشِعْرِه
وَمُجَـــدِّدَ الْعَرَبِيَّـــةِ الْعَربَــاء
أَنْـتَ الأَمِيـرُ وَمَـنْ يَكُنْـهُ بِالْحِجَى
فَلَــهُ بِــهِ تِيــهٌ عَلَـى الأُمَـرَاءِ
أَلْيَــوْمَ عِيـدُكَ وَهْـوَ عِيـدٌ شـَامِلٌ
لِلضــَّادِ فِــي مُتَبَــايَنِ الأَرْجَـاءِ
فِـي مِصـْرَ يُنْشـِدُ مِـنْ بَنِيها مُنْشِدٌ
وَصـَدَاهُ فِـي الْبَحْرَيْـنِ وَالـزَّوْرَاءِ
عِيـدٌ بِـهِ اتَّحَـدَتْ قُلُـوبُ شـُعُوبِهَا
وَلَقَــدْ تَكُــونُ كَثِيــرَةُ الأَهْـواءِ
كَـمْ رِيـمَ تَجْدِيـدٌ لِغَـابِرِ مَجْـدِهَا
فَجَنَـــى عَلَيْـــهَ تَشـــَعُّبُ الآرَاءِ
مَـا أَبْهَـجَ الشـَّمْسَ الَّتِي لاَحَتْ لَهَا
بَعْــدَ الْقُنُــوطِ وَطَـالَعَتْ بِرجَـاءِ
أَلشـِّعْرُ أَدْنَـى غَايَـةً لَـمْ يَسـْتَطِعْ
إِدْنَاءَهَـــا عَـــزْمٌ وَحُســـْنُ بَلاَءِ
مَـا السـِّحْرُ إِلاَّ شـِعْرُ أَحْمَدَ مَالِكاً
مِنْهَـا الْقِيَـادَ بِلُطْـفِ الاسـْتِهْوَاءِ
قَــدْ هَيَّــأَتْ آيَــاتُهُ لِوُفُودِهَــا
فِــي مِصـْرَ عَـنْ أُمَـمٍ أَحَـبَّ لِقَـاءِ
لاَ يُـــوقِظَ الأَقْـــوَامَ إِلاَّ مُنْشــِدٌ
غَـــردٌ يُنَبِّــهُ نَــائِمَ الأَصــْدَاءِ
كَلاًّ وَلَيْــسَ لَهَــا فَخَــارٌ خَــالِصٌ
كَفَخَارِهَـــا بِنَوَابِــغِ الشــُّعَرَاءِ
يـا مِصـْرُ بَـاهِي كُـلَّ مِصْرٍ بِالأولَى
أَنْجَبْــتِ مِــنْ أَبْنَـائِكِ الْعُظَمَـاءِ
حَفَلُــوا لأَحْمَــدَ حَفْلَــةً مَيْمُونَـةً
لَـمْ تَـأْتِ فـي نَبَـإٍ مِـنَ الأَنْبَـاءِ
مَـــا أَحْمَـــدٌ إلاَّ لِـــوَاءُ بِلاَدِهِ
فِـي الشـَّرْقِ يَخْفُـقُ فَـوْقَ كُلِّ لِوَاءِ
عَلَـمٌ بِـهِ الـوَادِي أَنَافَ عَلَى ذُرىً
شـــُمِّ الْجِبَــالِ بِــذُرْوَةٍ شــَمَّاءِ
بَسـَمَتْ ذُؤَابَتُـهُ وَمَـا زَانَ الرُّبَـى
فِــي هَامَهَـا كَالحِلْيَـةِ الْبَيْضـَاءِ
هَــلْ فِـي لِـدَاتٍ أَبِـي عَلِـيٍّ نِـدُّهُ
إِنْ يَصــْدُرَا عَــنْ هِمَّــةٍ وَمَضــَاءِ
أَوْ شــَاعِرٍ كَــأَبِي حُســَيْنٍ آخِــذٍ
مِــنْ كُــلِّ حَـالٍ مَأْخَـذَ الْحُكَمَـاءِ
فَهِـمَ الحَيَـاةَ عَلَـى حَقِيقَةِ أَمْرِهَا
فأَحَبَّهَـــا مَوْفُـــورَةَ النَّعْمَــاءِ
يَجْنِــي دَوَانِيهَـا وَلاَ يَثْنِيـهِ مَـا
دُونَ القَواصــِي مِـنْ شـَدِيدِ عَنَـاءِ
يقْضــِي مُنَـاهُ أَنَاقَـةً فِـي عيْشـِهِ
وَيَفِــيَ بِحَــقِّ المَجْــدِ أَيَّ وَفَـاءِ
عَظُمَـتْ مَـوَاهِبُهُ وَأَحْـرَزَ مَا اشْتَهَى
مِـــنْ فِطْنَـــةٍ خَلاَّبَـــةٍ وَذَكَــاءِ
إِنْ تَلْقَــهُ تَلْــقَ النُّبُـوغَ مُمَثَّلاً
فِــــي صـــُورَةِ لَمَّاحَـــةِ اللَّأْلاَءِ
طُبِعَـتْ مِـنَ الحُسـْنِ العَتِيقِ بِطَابَعٍ
وَضــــَّاحِ آيَـــاتٍ بَـــدِيعِ رُوَاءِ
زَانَ الخَيَــالُ جَمَالَهَــا بِسـِمَاتِهِ
وَأَعَارَهَـــا قَســـَمَاتِهِ لِبَقَـــاءِ
واليَوْمَ إِذْ وَلَّى الصَّبَا لَمْ يَبْقَ مِنْ
أَثَـــرٍ عَلَيْهَــا عَــالِقٍ بَفَنَــاءِ
لاَ شــَيءَ أَرْوَعُ إِذْ تَكُــونُ جَلِيسـَهُ
مِـنْ ذلِـكَ الرَّجُـلِ القَرِيبِ النَّائِي
أَبَــداً يُقَلَّــبُ نَـاظِرَيْهِ وَفِيهِمَـا
تَقْلِيــبُ أَمْــوَاجٍ مِــنَ الأَضــْوَاءِ
يرَنْـو إِلـى العَلْيـا بِسَامي طَرْفِهِ
وَيُلاَحِــــظُ الــــدُّنْيَا بِلاَ إِزْرَاءِ
يُغْضــِي سـَمَاحاً عـنْ كَثِيـرٍ جَفْنُـهُ
وَضــَمِيرُهُ أَدْنَــى إِلــى الإِغْضـَاءِ
فَـــإِذَا تُحَــدِّثُهُ فَــإِنَّ لَصــَوْتَهَ
لَحْنـاً رَخِيـمَ الْوَقْـعِ في الْحَوْبَاءِ
فِـي نُطْقِـهِ الـدُّرُّ النَفِيـسُ وَإِنَّمَا
تَصـــْطَادُهُ الأَســـْمَاعُ بِالإِصــْغَاءِ
لَكِــنَّ ذَاكَ الصـَّوْتَ مِـنْ خَفْـضٍ بِـهِ
يَسـْمُو الْحِفَـاظُ بِـهِ إِلى الْجَوْزَاءِ
أَعْظِــمْ بِشـَوْقِي ذَائِداً عَـنْ قَـوْمِهِ
وَبِلاَدِهِ فِـــي الأَزْمَــةِ النَّكْــرَاءِ
لَتَكَـادُ تَسـْمَعُ مِـنْ صـَريرِ يَرَاعِـهِ
زأْراً كَـزَأْرِ الأُسـْدِ فِـي الْهَيْجَـاءِ
وَتَــرَى كَأّزْنِــدَةٍ يَطِيـرُ شـَرَارُهَا
مُتَــدَارِكاً فِـي الأَحْـرُفِ السـَّوْدَاءِ
وَتُحِــسُّ نَــزْفَ حُشَاشــَةٍ مَكْلُومَــةٍ
بِمَقَــاطِرِ الْياقُوتَــةِ الحُمْــرَاءِ
فِــي كُـلِّ فَـنٍ مِـنْ فُنُـونِ قَرِيضـِهِ
مَــا زَالَ فَـوْقَ مَطَـامِعِ النُّظَـرَاءِ
أَمَّـا جَزَالَتُـهُ فَغَايَـةُ مَـا انْتَهَتْ
شــَرَفاً إِليْــهِ جَزَالَـةُ الفُصـَحَاءِ
وَتَكَــادُ رِقَّتُــهُ تَســِيلُ بِلَفْظِــهِ
فِـي المُهْجَـةِ الظَّمْأَى مَسِيلَ المَاءِ
لَـوْلاَ الْجَديـدُ مِنَ الْحَلَى فِي نَظْمِهِ
لَــمْ تَعْــزُهُ إِلاَّ إِلــى الْقُـدَمَاءِ
نَاهِيـكَ بِالْوَشـْيِ الأَنِيـقِ وَقَدْ زَهَا
مَـا شـَاءَ فِـي الدِّيبَاجَةِ الْحَسْنَاءِ
يَسـْرِي نَسـِمُ اللُّطْـفِ فِـي زِينَاتِهَا
مَسـْرَى الصـِّبَا فِي الرَّوْضَةِ الْغَنَّاءِ
هَتَكَـتْ قَريحَتُـهُ السـُّجُوفَ وَأَقْبَلَـتْ
تَسـْبِي خَبَايَـا النَّفْـسِ كـلَّ سـِبَاءِ
فَـإِذَا النَّـوَاظِرُ بَيْـنَ مُبْتَكرَاتِـهِ
تُغْـــزَى بِكُـــلِّ حَيِيــة عَــذْرَاءِ
فِــي شــدْوِهِ وَنُـوَاحِهِ رَجْـعٌ لِمَـا
طَــوِيَتْ عَلَيْــهِ ســَرَائِرُ الأَحْيَـاءِ
هَـلْ فِـي السـَّمَاعِ لِبَث آلامِ الْجَوَى
كَنُــــوَاحِهِ وَكَشـــَدْوِهِ بِغِنَـــاءِ
يشــْجِي قَــدِيمُ كَلاَمِــهِ كَجَدِيــدهِ
وَأَرَى الْقَـدِيمَ يَزِيـدُ فِـي الإِشْجَاءِ
فَمِـــنَ الْكَلاَمِ مُعَتَّــقٌ إِنْ ذُقْتَــهُ
ألْفَيْتَـــهُ كَمُعَتَّـــقِ الصـــَّهْبَاءِ
مَلأَتْ شــَوَارِدُهُ الْحَوَاضــِرَ حِكْمَــةً
وَغَـزَتْ نُجُـوعَ الْجَهْـلِ فِي البَيْدَاءِ
وَتُـرَى الـدَّرَارِي فِـي بُحُورِ عَرُوضَهِ
وَكَـــأّنَّهُنَّ دَنَــتْ بِهِــنَّ مَــرَائِي
كَــمْ فِـي مَـوَاقِفِهِ وَفِـي نَزَعَـاتِهِ
مِــنْ مُرْقِصــَاتِ الْفَــنِّ وَالإِنْشـَاءِ
كَــمْ فِـي سـَوَانِحِهِ وَفِـي خَطَرَاتِـهِ
مِــنْ مُعْجِــزَاتِ الْخَلْـقِ وَالإِبْـدَاءِ
رَســَمَ النُّبُـوغُ لَـهُ بِمُخْتَلِفَاتِهَـا
صــُوَراً جَلاَئِلَ فِـي عُيُـون الـرَّائِي
أَلمَمْــتُ مِـنْ شـَوْقِي بِنَحُـوٍ وَاحِـدٍ
وَجَلاَلُــــهُ مُتَعَــــدِّدُ الأَنْحَـــاءِ
مَلأَتْ مَحَاســـِنُهَا قُلُـــوبَ وَلاَتِــهِ
وَتَثَبَّتَــتْ فِــي أَنْفْــسِ الأَعْــدَاءِ
لِلــهِ شــَوْقِي سـَاجِياً أَوْ ثَـائِراً
كَــاللَّيْثِ وَالْبُرْكَــانِ وَالـدَّأْمَاءِ
لِلــهِ شــَوْقِي فِـي طَـرَائِقِ أَخْـذِهِ
بِطَـــرَائِفِ الأَحْـــوَالِ وَالأَشــْيَاءِ
فِــي لَهْــوِهِ وَسـُرُورِهِ فِـي زُهْـوِهِ
وَغُــرُورِهِ فِــي الْبَــثِّ وَالإِشـْكَاءِ
فِــي حُبِّــهِ للِنِّيـلِ وَهْـوَ عِبَـادَةٌ
للِــــرَازِقِ الْعُـــوَّادِ بِـــالآلاَءِ
فِــــي بِـــرِّهِ بِبِلاَدِهِ وَهِيَـــامِهِ
بِجَمَــالِ تَلْــكَ الْجَنَّـةِ الْفَيْحَـاءِ
فِـي وَصـْفَهِ النْعَـمَ التِي خصت بِهَا
مِــن حُســْنِ مُرْتَبُـعٍ وَطِيـبِ هَـوَاءِ
فِــي ذِكْــرِهِ مُتَبَاهِيــاً آثَارَهَـا
وَمَــــآثِرَ الأَجْـــدَادِ وَالآبـــاءِ
فِـي فَخْـرِهِ بِنُهُوضـِهَا حَيْـثُ الرَّدَى
يَهْــوِي بِهَـامِ شـَبَابِهَا النُّبَهَـاءِ
فِــي شــُكْرِهِ لِلْمَـانِعِينَ حِياَضـَهَا
وَحُمَــاةِ بَيْضــَتِهَا مِـنَ الشـُّهَدَاءِ
فِــي حَثَّـهِ أَعْـوَانَ وَحْـدَتِهَا عَلَـى
وُدٍّ يُؤَلِّــــفُ شـــَمْلَهُمْ وَإِخَـــاءِ
مَتَثَبِّتِيــنَ مِــنَ الْبِنَـاءِ برُكْنِـهِ
لِتَمَاســـُكِ الأَعْضـــَادِ وَالأَجْــزَاءِ
فِــي نُصـْحِهِ بِـالعِلْمِ وَهْـوَ لأَهْلِـهِ
حِــرْزٌ مِــنَ الإِيهَــانِ وَالإِيهَــاءِ
فِــي وَصـْفِهِ الآيَـاتِ مِمَّـا أبْـدَعَتْ
أُمــمٌ يَقِظْــنَ وَنَحْـنُ فِـي إِغْفَـاءِ
وَصــْفٌ تَفَنَّــنَ فِيـهِ يُغْـرِي قَـوْمَهُ
بِالأَخْــذِ عَنْهَــا أشــْرَفَ الإِغْـراءِ
لَـمْ يُبْـقِ مِـنْ عَجَـبٍ عُجَـابٍ خَافِياً
فِــي بَطْــنِ أَرْضٍ أَوْ بِظَهْـرِ سـَمَاءِ
هَــذَا إِلـى مَـا لاَ يُحِيـطُ بِوَصـْفِهِ
فِكْـــرِي وَدُونَ أَقَلَّـــهِ إِطْــرَائِي
بَلَغـــتْ خِلاَلُ الْعَبْقَرِيَّــةِ تِمَّهَــا
فِيــهِ وَجَــازَتْ شــَأْوَ كُـلِّ ثَنَـاءِ
فَـإذَا عَيِيـتُ وَلَـمْ أَقُـمْ بِحُقُوقِهَا
فَلَقَــدْ يَقُــومُ الْعُــذْرُ بـالإِبْلاءِ
مَــاذَا عَلَــى مُتَنَكِّـبٍ عَـنْ غَايَـةٍ
وَالشـــَّوْطُ لِلأَنْـــدادِ والأَكْفَــاءِ
أًعَلِمْــتَ مَــا مِنّـي هَـوَاهُ وَإِنَّـهُ
لَنَســِيجُ عُمْــرٍ صــَدَاقَةٍ وَفِــدَاءِ
أَيْ حَـافِظَ الْعَهْـدِ الَّذِي أَدْعُو وَمَا
أَخْشــَى لَــدَيْهِ أَنْ يَخِيـبَ دُعَـائِي
أَدْرِكْ أَخــاكَ وَأَوْلِـهِ نَصـْراً بِمَـا
يَنْبُــو بِــهِ إِلاَّكَ فِــي الْبُلَغَـاءِ
جـل المَقَـامُ وقَـدْ كَبَـتْ بِي هِمَّتي
فَأَقِــلْ جَـزَاكَ اللـهُ خَيْـرَ جَـزَاءِ
يَـأْبَى عَلَيْـكَ النُّبْـلُ إِلاَّ أَنْ تُـرَى
فِـــي أَوَّلِ الْـــوَافِينَ لِلــزُّمَلاَءِ
وَالشَّرْقُ عَالِي الرَّأْسِ مَوْفُوُرُ الرِّضَى
بِرِعَايَـــةِ النُّبَغَــاءِ لِلنُّبَغَــاءِ
يَـا مَـنْ صـَفَا لِـي وُدُّهُ وَصـَفَا لَهُ
وُدِّي عَلَـــى الســَّرَّاءِ والضــَّرَّاءِ
فَـــأَعَزَّنِي يَــوْمَ الْحِفَــاظِ وَلاَؤُه
وَأَعَـــزَّهُ يَـــوْمَ الْحِفَــاظِ وَلاَئِي
وَعَرَفْـتُ فِـي نَـادِي الْبَيَانِ مَكَانَهُ
وَمَكَــانُهُ الأَســْنَى بِغَيْــرِ مِـرَاءِ
يَهْنِيـكَ هَـذَا الْعِيـدُ دُمْ مُسْتَقْبِلاً
أَمْثَـــالَهُ فِـــي صــِحَّةِ وَصــَفَاءِ
خليل بن عبده بن يوسف مطران.شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة.ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين.ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين.وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي.وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.