
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَرَحَّلــتْ عَــنْ زَمَنِــي عَـائِداً
خِلاَلَ القُــرُونِ إِلـىَ مَـا وَرَاءْ
وَمَــا طِيَّتِـي غَيْـرَ أَنِّـي وَقَـفْ
تُ بآثَـارِ فَـنٍّ عَـدَاهَا الفَنَاءْ
هَيَاكِـــلُ شـــَيَّدَهَا لِلخُلُـــو
دِ نُبُــوغُ جَبَــابِرَةٍ أَقْوِيَــاءْ
فَجِســْمِيَ فِــي دَهْــرِهِ مَــاكِثٌ
وَقَلْبِـيَ فِـي أَوَّلِ الـدَّهْرِ نَـاءْ
أَجَلْـتُ بِتِلْـكَ الرُّسـُومِ لِحَاظـاً
يُغَـالِبُ فِيهَـا السُّرُورَ البُكَاءْ
فَمَـا ارْتَهَـنَ الطَّـرفَ إِلاَّ مِثَالٌ
عَتِيـقُ الجَمَـالِ جَدِيـدُ الرُّوَاءْ
مِثَــالٌ لإِيزِيــسَ فِــي صــَلْدِهِ
تُحَـسُّ الحَيَـاةُ وَتَجْـرِي الدِّمَاءْ
يَرُوعُــكَ مِــنْ عِطْفِــهِ لِينُــهُ
وَيُرْوِيـكَ مِـنْ رَوْنَقِ الوَجْهِ مَاءْ
بِــهِ فُجِـرَ الحُسـْنُ مِـنْ مَنْبِـعٍ
فَيَـا عَجَبـاً لِلرِّمَـالِ الظِّمَـاءْ
فتـــون الــدَّلاَلِ وَرَدْعُ الجَلاَلِ
وَأَمْـرُ الحَيَـاةِ وَنَهْـيُ الحَيَاءْ
فَـأَدْرَكْتُ كَيْـفَ اسْتَبَتْ عَابِدِيهَا
بِسـِحْرِ الجَمَـالِ وَسـِرِّ الـذَّكَاءْ
وَبَــثِّ العُيُـونِ شـُعَاعَ النُّهَـى
يُبِيـحُ السـَّرائِرَ مِـنْ كُـلِّ رَاءْ
لَقَــدْ غَبَــرَتْ حِقَــبٌ لاَ تُعَــدُّ
يِـدُولُ النَّعِيـمُ بِهَـا وَالشَّقَاءْ
تَـزُولُ البِلاَدُ وَتَفْنَـى العِبَـادُ
وَإِيزِيـسُ تَزْهُـو بِغَيْـرِ ازْدِهَاءْ
إِذَا انْتَابَهَا الدَّهْرُ مَا زَادَهَا
وَقَــدْ حَســَرَ المَــوْجُ إِلاَّ جَلاَءْ
لَبِثْــتُ أُفَكِّــرُ فِــي شــَأْنِهَا
مُطِيفـاً بِهَا هَائِماً فِي العَرَاءْ
فَلَمَّــا بَرَانِــيَ حَــرُّ الضـُّحَى
وَأَدْرَكَنِـي فِـي الطَّوَافِ العَيَاءْ
أَوَيْـتُ إلَـى السـَّمْحِ مِـنْ ظِلِّهَا
وَفِـي ظِلِّهَا الرَّوْحُ لِي وَالشِّفَاءْ
يَجُـولُ بِـيَ الفِكْـرُ كُـلَّ مَجَـالٍ
إِذا أَقْعَـدَ الجِسْمَ فَرْطُ العَنَاءْ
فَمَــا أَنَـا إِلاَّ وَتِلْـكَ الإِلهَـةُ
ذَاتُ الجَلاَلَـــةِ وَالكِبْرِيَـــاءْ
قَــدِ اهْتَـزَّ جَانِبُهَـا وَانْتَحَـتْ
تَخَطَّـرُ بَيْـنَ السـَّنَى وَالسـَّنَاءْ
وَتَرمُقُنِــي بِــالعُيُونِ الَّتِــي
تَفِيــضُ مَحَاجِرُهَــا بِالضــِّيَاءْ
بِتِلْـكَ العُيُـونِ الَّتِـي لمْ تَزَلْ
يُــدَانُ لِعِزَّتهَــا مِــنْ إِبْـاءْ
فَمَـا فِـي المُلُـوكِ سـِوَى أَعْبُدٍ
وَمَـا فِـي المَلِيكَـاتِ إِلاَّ إِمَاءْ
وَقَـالتْ بِـذاكَ الفَـمِ الكَوْثَرِيِّ
الَّـذِي رَصـَّعَتْهُ نُجُـومُ السـَّمَاءْ
أَيَـا نَاشـِدَ الحُسـْنِ فِي كُلِّ فَنٍّ
رَصـِينِ المَعَـانِي مَكِينِ البِنَاءْ
لَقَــدْ جِئْتَ مِـنْ آهِلاَتِ الـدِّيَارِ
تَحُـجُّ الجَمَـالَ بِهـذَا العَـرَاءْ
فَلاَ يُوحِشـــَنِّكَ فَقْـــدُ أَنِيــسٍ
سـِوَى الـذِّكْرِ يَعْمُرُ هذَا الخَلاَءْ
وَإِنَّ الرُّســُومَ لَحَــالٌ تَحُــولُ
وَلِلْحُسـْنِ دُونَ الرُّسـُومِ البَقَاءْ
لَـــهُ صــُوَرٌ أَبَــداً تَســْتَجِدُّ
وَجَــوْهَرُهُ أَبَــداً فِــي صـَفاءْ
بِكُـــلِّ زَمَــانٍ وَكُــلِّ مَكَــانٍ
يُنَــوَّعُ فِـي الشـَّكْلِ لِلأَتْقِيـاءْ
فَلَيْـسَ القَـدِيمُ وَلَيْـسَ الحَدِيثُ
لَــدَى قُـدْرَةِ اللـهِ إِلاَّ سـَوَاءْ
رَفَعْــتُ لَـكَ الحُجُـبَ المُسـْدَلاَتِ
وَأَبْرَحْـتُ عَـنْ نَاظِرَيْـكَ الخَفَاءْ
تَيَمَّــمْ بِفِكْــرِكَ أَرْضــاً لَنَـا
بِهَـا صـِلَةٌ مِـنْ قَـدِيمِ الإِخَـاءْ
بِلاَدَ الشــَّآمِ الَّتِـي لَـمْ تَـزَلْ
بِلاَدَ النَّوَابِـــغِ وَالأَنْبِيـــاءْ
فَفِــي ســَفْحِ لُبْنَــانَ حُورِيَّـةٌ
تَفَنَّــنَ مُبْــدِعُهَا مَــا يَشـَاءْ
إِذَا مَـا بَدَتْ مِنْ خِبَاءِ العَفَافِ
كَمَــا تَتَجَلَّــى صـَبَاحاً ذُكَـاءْ
تَبَيَّنْتَهَــا وَهْــيَ لِــي صـُوَرةٌ
أُعِيدَتْ إلىَ الخَلْقِ بَعْدَ العَفَاءْ
فَتَعْرِفُهَـــا وَبِهَــا حِلْيَتَــايَ
ســِحْرُ الجَمَـالِ وَسـرُّ الـذَّكَاءْ
خليل بن عبده بن يوسف مطران.شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة.ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين.ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين.وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي.وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.