
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عُـج بِـالمَطيِّ عَلـى اليَبـابِ الغامِرِ
وَاِربَــع عَلــى قَـبرٍ تَضـَمَّنَ نـاظِري
فَسَتَســــتَبينُ مَكـــانَهُ بِضـــَجيعِهِ
وَيَنِــمُّ مِنــهُ إِلَيـكَ عَـرفُ العـاطِرِ
فَلَكَــم تَضــَمَّنَ مِــن تُقــىً وَتَعَفُّـفٍ
وَكَريـــمِ أَعـــراقٍ وَعِــرضٍ طــاهِرِ
وَاِقـرَ السـَلامَ عَلَيـهِ مِـن ذي لَوعَـةٍ
صــَدَعَتهُ صـَدعاً مـا لَـهُ مِـن جـابِرِ
فَعَسـاهُ يَسـمَحُ لـي بِوَصـلِ في الكَرى
مُتَعاهِــداً لِــيَ بِالخَيـالِ الـزائِرِ
فَأُعَلِّــلَ القَلــبَ العَليــلَ بِطَيفِـهِ
عَلّـــي أُوافيـــهِ وَلَســتُ بِغــادِرِ
إِنِّـــي لَأَســـتَحيِيِهِ وَهُـــوَ مُغَيَّــبٌ
فـــي لَحـــدِهِ فَكَــأَنَّهُ كَالحاضــِرِ
أَرعـــى أَذِمَّتَـــهُ وَأَحفَــظُ عَهــدَهُ
عِنـدي فَمـا يَجـري سـِواهُ بِخـاطِري
إِن كــانَ يَــدثُر جِسـمُهُ فـي رَمسـِهِ
فَهَــوايَ فيـهِ الـدَهرَ لَيـسَ بِـداثِرِ
قَطَــعَ الزَمـانَ مَعـي بِـأَكرَمِ عِشـرَةٍ
لَهفــي عَلَيــهِ مِــن أَبَــرِّ مُعاشـِرِ
مـــا كــانَ إِلّا نَــدرَةً لا أَرتَجــي
عِوَضـــاً بِهــا فَرَثَيتُــهُ بِنَــوادِرِ
وَلَـــو أَنَّنــي أَنصــَفتُهُ فــي وُدِّهِ
لَقَضــَيتُ يَــومَ قَضـى وَلَـم أَسـتَأخِرِ
وَشــَقَقتُ فـي خِلـبِ الفُـؤادِ ضـَريحَهُ
وَســَقَيتُهُ رَبَــداً بِمــاءِ مَحــاجِري
أَجِــدُ الحَلاوَةَ فـي الفُـؤادِ بِكَـونِهِ
فيـــهِ وَأَرعــاهُ بِعَيــنِ ضــَمائِري
لَســـَأَلتُ مَغفِــرَةً لَــهُ وَتَجــاوزاً
عَنــهُ مِـنَ الـرَبِّ الجَـوادِ الغـافِرِ
أَخلِــق بِمِثلــي أَن يُــرى مُتَطَلِّبـاً
حَـــوراءَ ذاتَ غَـــدائِرٍ وَأَســـاوِرِ
مَقصــورَةً فــي قُبَّــةٍ مِــن لُؤلُــؤٍ
ذُخِــرَت ثَوابــاً لِلمُصــابِ الصـابِرِ
لَخَلـت ذِراعـي وَاِنفَـردَتُ فَـإِن أَكُـن
تــاجَرتُ فيهــا كُنـتُ أَربَـحَ تـاجِرِ
وَلَئِن حُرِمـتُ وَلَـم يَفُـز قِـدحي بِهـا
فَأَنــا لَعَمــرُ اللَـهِ أَخسـَرُ خاسـِرِ
مَـن جـاوَزَ السـِتينَ لَـم يَجمُـل بِـهِ
شـــُغلٌ بِجُمــلٍ وَالرَبــابِ وَغــادِرِ
بَـــل شــُغلُهُ فــي زادِهِ لِمَعــادِهِ
فَــالزادُ آكَــدُ شــُغلِ كُـلِّ مُسـافِرِ
وَالشــَيخُ لَيــسَ قَصـارُهُ إِلّا التُقـى
لا أَن يَهيــــمَ صـــَبابَةً بِجَـــآذِرِ
نَفَــرَت طِبـاعُ الغِيـدِ عَنـهُ كَراهَـةً
وَمِـــنَ العَنــاءِ عَلاقَــةٌ بِمُنــافِرِ
هَـل يَلتَقـي قِـرنٌ بِقِـرنٍ فـي الوَغى
إِلّا بِــــأَزرَقَ أَو بِعَضـــبٍ بـــاتِرِ
وَإِذا تَقَحَّـــمَ أَعــزَلٌ فــي مَــأزِقٍ
كــانَ الأَســيرَ وَلَــم يَكُـن بِالآسـِرِ
مــا يَشـتَهي نَهـداً وَلَحظـاً فـاتِراً
إِلّا خَلِـــيٌّ فـــي زَمـــانٍ فـــاتِرِ
حَســبيَّ كِتــابُ اللَـهِ فَهُـوَ تَنَعُّمـي
وَتَأَنُّســي فــي وَحشــَتي بِــدَفاتِري
أَفتَــضُّ أَبكــاراً بِهـا يَغسـِلنَ مَـن
يَفتَضـــُّهُنَّ بِكُـــلِّ مَعنـــى طــاهِرِ
وَإِذا أَرَدتُ نَزاهَــــةً طالَعتُهــــا
فَــأَجولُ مِنهــا فــي أَنيـقٍ زاهِـرِ
وَأَرى بِهــا نَهـجَ الهِدايَـةِ واضـِحاً
يَنجــو بِـهِ مَـن لَيـسَ عَنـهُ بِجـائِرِ
قَــد آنَ لــي أَن أَسـتَفيقَ وَأَرعَـوي
لَــو أَنَّنــي مِمَّــن تَصــِحُّ بَصـائِري
فَلَكَــم أَروحُ وَأَعتَــدي فــي غَمـرَةٍ
مُتَــرَدِّداً فيهــا كَمِثــلِ الحــائِرِ
وَأَرى شــَبابي ظاعِنــاً فــي عَسـكَرٍ
عَنّـــي وَشــَيبي وافِــداً بِعَســاكِرِ
فَغَــدَت مُظَفَّــرَةً عَلَــيَّ وَلَــم تَـزَل
قِــــدماً مُعَلّاةً قِـــداحُ الظـــافِرِ
وَلَقَـد رَأَيـتُ مِـنَ الزَمـانِ عَجائِبـاً
جَرَّبتُهـــا بِمَـــوارِدي وَمَصـــادِري
فَوَجَــدتُ إِخــوانَ الصـَفاءِ بِزَعمِهِـم
يَلقــاكَ أَمحَضــُهُم بِعَــرضٍ سـابِري
وَلَرُبَّمــا قَــد شــَذَّ مِنهُــم نـادِرٌ
وَأُصـــولُنا أَن لا قِيـــاسَ بِنــادِرِ
وَإِذا نَبــا بِــيَ مَنـزِلٌ أَو رانَـبي
صــَفَّقتُ عَنــهُ كَالعُقــابِ الكاســِرِ
فَــأَجوبُ أَرضــاً ســَهلُها كَحُزونِهـا
عِنــــدي وَأَوَّلُ قَطرِهـــا كَـــالآخَرِ
وَلَقَــد عَجِبــتُ لِمُــؤمِنٍ فـي شـِدقِهِ
جَـــرَسٌ كَنـــاقوسٍ بِبَيعَــةِ كــافِرِ
لَيــسَ يُهَينِــمُ دائِبــاً وَلَـم يَـرى
أَنَّ اللِســانَ كَمِثــلِ لَيــثٍ هاصــِرِ
وَلَــو أَنَّنـي أَدعـو الكَلامَ أَجـابَني
كَإِجابَــةِ المَأســورِ دَعــوَةَ آســِرِ
لَكِــن رَأَيــتُ نَبِيَّنــا قَــد عـابَهُ
مِــن كُــلِّ ثَرثــارٍ وَأَشــدَقَ شـاعِرِ
فَصـــَمَتُّ إِلّا عَـــن تُقــىً وَلَرُبَّمــا
قَــذَفَت بِحــارُ قَريحَــتي بِجَــواهِرِ
ما اِستَحسَنوا طولَ الخَطابَةِ بَل رَأَوا
تَقصــيرَها مَهمـا اِرتَقـوا بِمَنـابِرِ
وَلَمّــا رَأَوا ســَردَ الكَلامِ بِســائِغٍ
إِلّا لِعَبــــدٍ قــــارِئٍ أَو ذاكِـــرِ
فَــالعَيُّ فـي الإِكثـارِ لا فـي مَنطِـقٍ
يُهــدي إِلـى الأَلبـابِ نَفثَـةَ سـاحِرِ
وَلَقَـد أَقـولُ لِبَعـضِ مَـن هُـوَ عاذِلي
فـي القَصـدِ فـي شَأني وَلَيسَ بِعاذِري
لَمّــا رَأَيــتُ الأَرضَ أَصــبَحَ ماؤُهـا
رَنقــاً كَفَتنــي مِنـهُ حَسـوَةُ طـائِرِ
وَلَـو أَنَّنـي أَرضـى القَذا في مَشرَبي
لَكَرَعـــتُ كَرعَــةَ ظــامِئٍ بِهَــواجِرِ
وَعَبَـرتُ بَحـرَ الـرِزقِ أَلتَمِـسُ الغِنى
حِرصــاً عَلَيــهِ وَكُنـتُ أَمهَـرَ مـاهِرِ
لَكِنَّنـــي عَوَضـــتُ مِنـــهُ عِنايَــةً
بِقَناعَـــةٍ وَتَجَمُّــلٍ فــي الظــاهِرِ
فَمِـنَ الغِنـى مـا قَـد يَضـُرُّ بِـأَهلِهِ
وَالفَقــرُ عِنـدَ اللَـهِ لَيـسَ بِضـائِرِ
وَلَقَـد أَصـَبتُ مِـنَ المَطـاعِمِ حـاجَتي
وَمِـنَ المَلابِـسِ فَـوقَ مـا هُـوَ ساتِري
وَأَنــا لَعَمــرُكَ مُكَـرَّمٌ فـي جيرَتـي
وَمُعَظَّــــمٌ وَمُبَجَّــــلٌ بِعَشــــائِري
وَغَــداً بِمَيــدانِ السـِباقِ سـَنَلتَقي
فَيُـرى الثَقيـلُ مِـنَ الخَفيفِ الضامِرِ
وا ســَوأَتا إِن كُنــتُ ســُكَّيتاً بِـهِ
أَرجــو اللِحـاقَ عَلـى هَجيـنٍ عـاثِرِ
وَالوَيـلُ كُـلُّ الوَيـلِ لي إِن لَم يَكُن
مَــولايَ فـي تِلـكَ الشـَدائِدِ ناصـِري
إِنّـــــي لَأَشــــكُرُهُ عَلــــى آلائِهِ
فَهُـــوَ الــوَفيُّ بِعَهــدِهِ لِلشــّاكِرِ
وَإِلَيــهِ أَضــرَعُ فـي إِنابَـةِ مُخلِـصٍ
فَهُــوَ الَّــذي أَرجـو لِسـَدِّ مَفـاقِري
إبراهيم بن مسعود بن سعد التُجيبي الإلبيري أبو إسحاق. شاعر أندلسي، أصله من أهل حصن العقاب، اشتهر بغرناطة وأنكر على ملكها استوزاره ابن نَغْزِلَّة اليهودي فنفي إلى إلبيرة وقال في ذلك شعراً فثارت صنهاجة على اليهودي وقتلوه. شعره كله في الحكم والمواعظ، أشهر شعره قصيدته في تحريض صنهاجة على ابن نغزلة اليهودي ومطلعها (ألا قل لصنهاجةٍ أجمعين).