
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بلغـتُ بحمـد اللـه مـا أنـا طالبُ
زمانــاً وهنَّتنــي لـديكَ المطـالبُ
فأصـبحتُ لا أرجـو سـوى مـا رجـوتهُ
مرامـاً ومـا لـي فـي سـواكَ مـآربُ
وقد كنت من غيظي على الدهر عاتباً
فمـا أنـا في شيءٍ على الدهر عاتبُ
لئن كـانَ قبـلَ اليوم والأمس مُذنباً
فقـد جـاءَني مـن ذنبـه وهـو تائبُ
وجــدتُ بــك الأيــام مـولاي طلقـةً
وســالمني فيـك الزمـان المحـاربُ
وقـد شـِمتُ مـن جـدواكَ لي كلَّ بارقٍ
ونـــوؤك مرجـــوٌّ وغيثُــك ســاكبُ
فلا الأمــلُ الأقصـى البعيـدُ بنـازحٍ
لــديَّ ولا وجــهُ المطــالب شــاحبُ
وهــل تنجــح الآمــالُ وهـي قصـيَّة
وتبلــغُ إلاَّ فــي نــداكَ الرغـائبُ
لقــد حَسـُنَتْ فيـك الرعيَّـة بعـدما
أسـاءَت إليهـا بـالخطوب النـوائبُ
وألهمتهــا فيمــا تصـدَّيتَ رشـدَها
ألا إنَّ هــذا الرشـدَ للخيـر جـالبُ
كففـتَ يـدَ الأشـرار مـن كـلِّ وجهـةٍ
فلا ثـــمَّ منهــوبٍ ولا ثــمَّ نــاهبُ
ومــن لــوزير قلَّــد الأمــر ربَّـه
نظيــرك شــيخاً حنكتــه التجـاربُ
بصــيرٌ بتــدبير الأمــور وعــارفٌ
بمبــدئِها مــاذا تكـون العـواقب
أذلَّ بــكَ الأخطــارَ وهــي عزيــزة
فهــانتْ عليــه فـي علاك المصـاعب
تريـه صـباح الـرأي والأمـر مُبهـم
فتنجـاب مـن ليـلِ الخطوب الغياهبُ
ألَنْـتَ لـه فـي قسـوة البأس جانباً
فلانَ لــه فـي قسـوة البـأس جـانبُ
فأصـبح لـم يعـرض عـن الناس لطفه
ويحضــر فيهــم بأسـه وهـو غـائبُ
وبأسـكَ لا الـبيض الصـوارم والقنا
وجــودك لا مــا تســتهلُّ السـحائبُ
ومـا زلـت حتَّـى يـدرك المجد ثأرَهُ
وتُشــْرِقُ فــي آفــاقهنَّ المنــاقبُ
بأيـديك سـحرُ الخـطّ لا الخطّ تنثني
فتثنـي عليهـا المرهفـات القواضبُ
تخـرُّ لـك الأقلام فـي الطـرسِ سـُجَّداً
لمـا أنـتَ تمليـه ومـا أنـتَ كاتبُ
إذا شـئت كـانت في العداة كتايباً
وهيهـات منهـا إذ تصـولُ الكتـايبُ
تقـــرّط آذان الرجـــال بحكمـــةٍ
حكتهـا اللئالـي رونقـاً أو تقاربُ
مـتى أفرِغـتْ فـي قالب الفكر زيَّنتْ
وزانـت مـن الألبـاب تلـك القوالب
بهـــنَّ غـــذاء للعقــولِ وشــِرْعَةٌ
تســوغ وتصــفو عنــدهنَّ المشـاربُ
تصــرَّفتَ فــي حلــوِ الكلام ومــرِّهِ
فــأنتَ مُجِــدٌّ كيــف شــئتَ ولاعــبُ
ذَهَبْــتَ بكــلٍّ منهمــا كــلَّ مـذهب
ذهابـاً ومـا ضـاقت عليـك المذاهبُ
فمـن ذكـر وجـدٍ يسـلب المـرءَ لبَّه
علــى مثلــه دمــع المـتيَّم ذائبُ
ومــن غَــزَلٍ عَــذب كــأنَّ بُيُــوته
مســـارحُ آرام النقـــا وملاعـــبُ
وفـي الباقيـات الصـالحات مثوبـة
مـن اللـه ما يبدو من الشمس حاجبُ
دَمَغْــتَ بهــا مـن آل حـربٍ عصـابةً
تناقشــهم فــي صــنعهم وتحاســبُ
تناقَلَهــا الركبـانُ عنـك فأَصـبحت
تُجــابُ بهــا أرض وتطــوى سباسـبُ
مغيظـاً مـن القـوم الـذين تقـدَّمت
لهـم فـي المخازي الموبقات مكاسبُ
غضــبت بهــا للــه غيــر مَـداهنٍ
وغيــركَ يخشــى كاشــحاً ويراقــبُ
مــواهب مــن ربٍّ كريــمٍ رُزِقْتَهــا
ومــا هــذه الأشــياء إلاَّ مــواهبُ
أروح أجــرُّ الــذيل أســحب فضـله
وإنِّــي لأذيــال الفخــار لســاحبُ
بمـن لـم يقـم فـي الأكرمين مقامه
ولا نـابَ عنـه فـي الحقيقـة نـائبُ
فقـد وجـدت بغـداد والنـاس راحـةً
وقـد أَتْعَبَتْهـا قبـل ذاكَ المتـاعبُ
قضـى عمـري طـال فـي العـزِّ عمـره
أقــــاربه مســـرورة والأجـــانبُ
وإن قلـتُ مـا جـاء العراق ولا نرى
نظيـراً لـه فينـا فمـا أنـا كاذبُ
بنــادرة الــدُّنيا وفرحـةِ أهلهـا
أضــاءَت لنـا أقطارهـا والجـوانبُ
أمــولاي مــا عنـدي إليـك وسـيلة
تقرّبنـــي زلفــى وإنِّــي لراغــبُ
محاسـنُ شـعري مـا إذا أنـا قستها
بشــعرك والإِنصــاف فهــي مثــالبُ
وإنِّــي مــع الإِطنــاب فيـك مقصـِّرٌ
وإن كـانَ شـعري فيـك ممَّـا يناسـبُ
أهنِّيــكَ فيــه مَنصـِباً أنـت فـوقَه
بمرتبــة لــو أنصــفتك المراتـبُ
فإنَّـــك شــرَّفتَ المناصــبَ كلَّهــا
ومــا أنـتَ ممَّـن شـرَّفَتْهُ المناصـبُ
وَهَنَّيْــت نفســي والعــراق وأهلَـهُ
وكــلَّ امــرئ أهــل لـذاك وصـاحبُ
وزفَّــت إليــه كــلَّ عـذراء بـاكرٍ
كمـا زفَّـت الـبيضُ الحسانُ الكواعبُ
قـوافٍ بهـا نشـفي الصـدورَ وربَّمـا
تَــدبُّ إلـى الحسـَّاد منهـا عقـاربُ
شـكرتُكَ شـكر الـروض بـاكره الحيا
وشـــكرك مفــروض ومــدحك واجــبُ
وليــسَ يفــي شــعري لشـكرك حقَّـهُ
ولـو نُظمـتْ للشـعر فيـك الكـواكبُ
وممَّـا حبـاهُ اللـه مـن طيِّب الثنا
مشـــارقها مملـــوءة والمغــاربُ
وكلِّـــي ثنــاء فــي علاك وألســن
إذا كنـت ممـدوحي وأنـت المخـاطبُ
وإنِّــي لأبــدي حاجـةً قـد حجبتُهـا
إليــك ومــا بينـي وبينـك حـاجبُ
ســواي يـروم المـالَ مكترثـاً بـه
ويرغـبُ فـي غيـر الـذي أنـا راغبُ
وإنَّــك أدرى النـاس فيمـا أريـده
وأعلمهــم فيمــا لـه أنـا طـالبُ
وكيــف وهــل يخفـى وعلمـك سـابق
بمطلــبي الأســنى وفكــرك ثــاقبُ
فلا زلــتَ طلاَّع الثنايـا ولـم تـزلْ
تطــالعني منـك النجـوم الغـواربُ
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).