
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أعـادك يـا سـعد عيد الهوى
وأنــت مُلِــمٌّ بـدار اللّـوى
فأصـبحت تنحـر فيها الجفون
كمـا تنحر البُدن يوم القِرى
فمـن حـقّ طرفـي هذي الدموع
ومـن شـأن قلـبي هذا الجوى
فمـا غيـر قلبي يصْلى الفضا
ولا غيـر طرفـي يفيـض الدما
وكيــف وقفــت علــى أربـع
عَفَـتْ قبـل هذا بأيدي البلى
أتـدفع فيهـا بهـا مـا ترى
فكيـف تـداوي الأسـى بالأسـى
ولِـمَ لا اتَّبعـت كلام النصـوح
وكفكفــت دمعــك لمـا جـرى
إلـى أن تحقَّقْـتَ أنَّ الغـرام
يعيـد القـويَّ ضـعيف القـوى
وحـتى أطعـت الهـوى والشجيُّ
يعاصـي الملام لطـوع الهـوى
فــإن تلحُنــي بعـدها مـرَّةً
جزيتـك يـا سـعد بئس الجزا
ولمتُــكَ فــي عـبرات تفيـض
ووجــد يقطــع منـك الحشـا
وقلــت تسـلّ عـن الظـاعنين
فــإنَّ السـلوّ بـأمر الفـتى
ألـم تـك مـن قبلهـا لمتني
فمـاذا الوقوف وماذا البكا
وقـد كنـتُ مثلك بين الطلول
أسـاجل بالـدمع وَبْـلَ الحيا
وأروي الـدِّيار بماء الجفون
قلـم يـرق دمعـي وفيها ظما
ومــا برحــت عـبراتي بهـا
تبـلّ الغليـل وتـروي الصَّدى
وأذكــر فيهـا علـى صـبوتي
زمـان التصـابي وعهد الصبا
قَضــَيْتُ لــديه بمـا أشـتهي
ولكنَّــه قــد مضـى وانقضـى
أغـــازل غِزلانَــه للوصــال
وأشــرب للَّهــوِ كـأس الطلا
وأسـمع مـن نغمـات القيـان
كلامـــاً يعشــقني بالــدمى
يحـضُّ علـى مـا يسـرُّ النفوس
ويـدعو إلـى ما هو المشتهى
ينــادمني كــلُّ عـذب الكلام
يشـابه بالحسـن بـدر الدجى
وألقـى الزمـان بهـم باسماً
كـوجه الكريـم وزهـر الرُّبا
فــإن ترنـي بعـدهم راضـياً
ولـو بالخيـال فمـا عن رضا
ولكنَّهـــا زفـــرات تهيــج
فـأذكر يـا سـعد ما قد مضى
وإن جاشـتِ النفـس من وجدها
فتعليلهــا بحــديث المنـى
وأخـرج مـن ذكرهـم بالقريض
بمــدح علــيٍّ خـدينَ العُلـى
ففـي مـدحه ما يزيل الهموم
وفـي شـكره يسـتفاض النـدى
فلا بعــده للمنــى منتهــى
ولا غيــره للعُلــى مرتقــى
تواضــَعَ وهـو علـيُّ الجنـاب
رفيـع المحـلّ وسـامي الذُّرا
بآثـــاره أبـــداً يقتفــى
وأقـــواله أبــداً يقتــدى
ملاذ الجميـع لمـن قـد دنـا
مـن العـالمين ومـن قد نأى
أعـــاد منـــاقب آبـــائه
حيـاة العُفـاة وحتـف العدى
ويرتـاح للبـذل يـوم العطا
فينفــق أنفـس مـا قـد غلا
فإمَّــا ســألت نــدى كفّــه
فسـل مـا تشـاء وثق بالغنى
وأعجـبُ ما فيه يعطي الجزيل
ويلحـق ذاك الجـدى بالجـدى
ففيـه مع الجود هذا الحياء
وفيـه مـع البأس هذا التُّقى
أليسَ من القوم سادوا الأنام
فهــم سـادةٌ لجميـع الـورى
عليهــم تنــزَّل وحـي الإِلـه
ومنهــم تبلـج صـبح الهُـدى
وكيـــف يفــاخرهم غيرهــم
إذا كــانَ جــدّهم المصـطفى
يلــوذ بحضـرتهم مـن يخـاف
خطـوب الليـالي ويخشى الأذى
حمـاةٌ بهـم يـأمن الخائفون
نــوائبَ مــن شــدَّةٍ تُتَّقَــى
لهـم عنـد ضيق مجال الرجال
عـزائم ليسـت لـبيض الظبـا
أكـارم لا نـارهم فـي الظلام
تـوارى ولا جـارهم فـي عنـا
مضـوا وأتـى بعـدهم فرعهـم
ومـن قد مضى مثل من قد أتى
مهــابٌ إذا أنــتَ أبصــرته
فتحســبه مـن أسـود الشـرى
يجيـب إذا مـا دعاه الصَّريخ
همــام يلبِّـي إذا مـا دعـا
صـفا مـن يـديه غير النوال
لمـن يجتـديه فخـذ مـا صفا
أُؤمِّــلُ منـه بعيـد المـرام
وأرجـو بـه فـوق مـا يرتجى
وإنِّــي بنظمــي مـديحي لـه
كمـن شـرب الرَّاح حتَّى انتشى
ولا زال فـي كـلِّ عيـد يعـود
بــأرفع مجــدٍ وأعلـى بِنـا
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).