
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا ليلـةً فـي آخـر الشـَّهر
قـد جئتِ بعـد الصَّوم بالفطرِ
كشـف الصـباح لنـا حوادثها
وتكشــَّفت عـن مضـمر الغـدر
أصــبحتُ منهـا غيـر مفتقـر
أبـداً إلـى حـرس علـى وكـر
هجمــت علــيَّ بحــادث جلـل
وهجومهــا مـن حيـث لا أدري
خطــبٌ ألــمَّ ويــا لنازلـةٍ
طلعـت علـيَّ بـه مـع الفجـر
فــي ليلــة ليلاء تحســبها
يـوم الفـراق وليلـة القبر
مــا جــنَّ حتَّـى جـنَّ طـارقه
طـرق المـبيت بطـارق الشـر
وأظـن أن الشـمس مـا كسـفت
إلاَّ لتكشـــف بعــدها ضــري
ولقـد أقمـت مقـام ذي سـفه
صـَعُبَ المقـامُ بـه على الحر
فــي منـزل أخـذوا مسـاحته
يومـاً فمـا أوفـى علـى شبر
يـا مـؤجري داراً سـُرِقتُ بها
لا فُـزتَ بعـد اليـوم بـالأجر
لـولا الضـرورة كنـت مرتحلاً
عنهـا وكنـت نزلـت فـي قفر
دامـي العيـون علـى أُصَيبِيَةٍ
ســوء الحظــوظ وأوجـه غـر
مـا عنـدهم صـبر علـى أمَـل
يرجـونه فـي العسـر لليسـر
فرحـوا بزينتهـم ولو عقلوا
لــم يفرحــوا بغلائل حمــر
مــن كــل مبتهــج بكسـوته
طـرب الشـمائل باسـم الثغر
ناموا وما انتبهوا لشقوتهم
إلاَّ انتبـاه الخـوف والـذعر
يتلفَّتـــون إلــى غلائلهــم
فـدموعهم مـن فقـدها تجـري
ضـاقت بهـم بغـداد أجمعُهـا
واليـوم ضـاق لضـيقهم صدري
ونظيــرة الخنســاءِ مكـثرة
بــالنوح باكيـة علـى صـخر
ولقـد عجبـت لهـا ويعجبنـي
أمـران مـا اتفقـا على أمر
أبكــي علـى حـظٍّ منيـت بـه
وهـي الـتي تبكي على القِدر
هــذا وتضــحكني مقالتهــا
كيـف البقـاء بنا مع الفقر
فكأنمــا كـانت وأيـن لهـا
فــي نعمـة موصـوفة الخيـر
هـل كنـت قبل اليوم في سعة
وملابــس مــن ســندس خضــر
أوَ مـا ذكرت العمر كيف مضى
لا كـانَ ذاك العمـر مـن عمر
إذ تـــذكرين جلاجلاً ســـرقت
ولقـد نسـيت الجـوع في شهر
وبنـــوك يــومئذ بمســغبة
خمـص البطـون حـواني الظهر
صـفرٌ يسـوؤك مـا عرفـت بهم
مـن شـؤم وقـع حـوادث غـبر
وعــددت ألــف قضـيّة سـلفت
تطوى الضلوع بها على الجمر
مــا أنكــرت منهـنَّ واحـدة
فلطمتهـــا بأنامــل عشــر
وعــذرتها وعــذلت عاذلهـا
والعــذل بيَّـنَ بَيِّـنَ العـذر
وقـع البلاء فلـم يُفِـدْ جـزع
فتعلّلاً بعــــواقب الصـــبر
بعــد الرجـاء بمـوطن خشـن
يلقـي الكـرام بجـانب وعـر
بَلَــدٌ كبــارُ ملــوكِه بَقَـرٌ
صــاروا ولاة النهـي والأمـر
لا يفقهــون حــديث مكرمــة
فيهزّهــم نظمــي ولا نــثري
أصـبحتُ أشـقى بيـن أظهرهـم
فكــأنني أصــبحت فـي أسـر
يرقـى الـدنيُّ إلـى مراتبهم
حتَّـى يريـك النعل في الصدر
وإذا ســــألتهمُ بمســـألةٍ
بخلـوا ولـو بقلامـة الظفـر
ذهـب الـذين أنـال نـائلهم
وأعــدّهم مـن أنفـس الـذخر
إنْ سـاءَني زمـنٌ سـرِرت بهـم
وكفيـت فيهـم صـولة الـدهر
ومــدحتهم وشــكرت نعمتهـم
بغـرائب الأبيـات مـن شـعري
ولئن شــكرت بمثلهـا أحـداً
فـأبو الجميـل أحـقّ بالشكر
لـم يبق من أهل الجميل سوى
عبـد الغنـي ونيلـه الـوفر
إلاَّ تــــداركني برحمتــــه
إنِّــي إذاً وأبـي لفـي خسـر
وترحَّلــت بـي عـن مَباركِهـا
ولاّجــة فـي المهمـه القفـر
ومبــدّد الأمــوال مهلكهــا
بالمكرمــات لخالـد الـذكر
قســماً بــه وجميـل مصـطنع
مـن فضـله قسـماً لـذي حجـر
لـولاه مـا علـق الرجاء ولا
عرف الجميل بأهله ذا العصر
مــا زال أنـدى مـن مجلّلـة
بـالقطر تملـي سـائر القطر
فانشر ثناءك ما استطعت على
عبـق العناصـر طيـب النشـر
مزجـــت محبتــه بأنفســنا
مثـل امـتزاج الماء والخمر
لفضــائل شـهد العـدو بهـا
ومنــاقب كــالأنجم الزهــر
درع يقــي مــن كـل نائبـةٍ
لا مـا يقـي في البرد والحر
أمعلّلـــي بحــديثه كرمــاً
حَــدِّثْ ولا حــرج عـن البحـر
وإذا أثابــك مــن مكـارمه
فمثوبـة فـي الأجـر والفخـر
أدعـو لـه ولمـن يلـوذ بـه
فـي العـالمين دعـاء مضـطر
أنْ لا يــزال كمــا أشـاهده
كالبـدر أو فـي رفعة البدر
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).