
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
رُمينــا بـأدهى المعضـلات النـوائب
وفقــدُ الـذي نرجـو أجـلُّ المصـائب
وغـــائب قـــوم لا يرجّــى إيــابه
ومــا غــائب تحــت الـتراب بـآيب
نؤمِّــل فــي الــدنيا حيـاةً هنيَّـةً
ومـــا نحــن إلاَّ عرضــة للمصــائب
ونَغْتَـرُّ فـي بـرق المنـى وهـو خُلَّـبُ
وهيهــات مـا فـي الآل مـاءٌ لشـارب
نصـــدّقُ آمـــالاً محـــالاً بلوغهــا
ومــن أعجـب الأشـياء تصـديق كـاذب
تســالِمُنا الأيــام والقصـد حَرْبُنـا
ومــا هــي إلاَّ خدعــة مــن محـارب
ونطمــع أن تبقــى ويبقـى نعيمُهـا
فلـم يبـق منهـا غيـر حسـرة خـائب
فلا تحســبنّ الــدهر يــوفي بعهـده
أبـى اللـه أن يرعـى ذمـاراً لصاحب
وإنَّ الليـــالي لا تـــدوم بحالــة
وهــل تـترك الأحـداث كسـباً لكاسـب
يروقــك منهــا مـا يسـوؤك أمرهـا
وإنَّ الـردى مـا راق مـن حـد قاضـب
وجـود الفـتى نفـس الحمـام لنفسـه
فلــولاه لـم يسـلك سـبيل المعـاطب
وتســـعى بـــه أنفاســُه لحمــامه
وكـم أصـبح المطلـوب يسـعى لطـالب
كأنَّــا مــن الآجــال وهــي كواسـر
مـن الأسـد الضـرغام بيـن المخـالب
ولا يــدفعُ السـيفُ المنيَّـةَ والقنـا
وتمضـي سـيوف اللـه مـن غيـر ضارب
وكــلٌّ لمطلــوب الــردى وهـو لاعـب
كـــأنَّ المنايـــا لا تجــدُّ بلاعــب
فمــن لفــؤاد راعــه فقــد إلْفِـهِ
فأصــبح مــن أشــجان نهــب نـاهب
وجفــن يهــلُّ الــدمع مـن عـبراته
علــى طيّـب الأعـراق وابـن الأطـايب
على عمر الرماضان ذي الفضل والنهى
أحـاطت بـي الأحـزان مـن كـلِّ جـانب
أذَبْــتُ عليــه يــوم مـات حشاشـتي
وأمسـيت فـي قلـبٍ مـن الحـزن ذائب
بكيــت ومـا يجـدي الحزيـن بكـاؤه
وضــاقت علينـا الأرض ذات المنـاكب
فـتىً كـانَ فينـا حاضـراً كـلَّ نكبـة
فغــاب ولكــن ذكــره غيــر غـائب
تـــــذكّرُني آثــــاره بفعــــاله
فــأبكي عليهـا بالـدموع السـواكب
صـبور علـى البلوى غيور إذا انتخى
جميـل السـجايا الشـمِّ جـمّ المناقب
ومــا زال بـالآداب والفضـل مُفْعَمـاً
ولكنَّـــه إذ ذاك صـــفر المصــائب
وقـد كـانَ مثـل الشـهد يحلو وتارة
لكالصــلِّ نَفَّاثــاً ســموم العقـارب
وكـم أخـبر التجريـبُ عـن كنه حاله
ويَظْهَـرُ كَنـهُ المـرء عنـد التجـارب
لســان كحــدّ الســيف مـاضٍ غـرارُه
وأمضــى كلامـاً مـن شـفار القواضـب
وكـم صـاغ مـن تـبر القريـض جمانة
وأفـــرغ معناهــا بأحســن قــالب
وزانــت قـوافيه مـن الفضـل أفْقـه
فكــانت كأمثـال النجـوم الثـواقب
وأدرك فضــلَ الأوَّليــن بمــا أتــى
فقصــَّر عــن إدراكــه كــلُّ طــالب
معــانٍ بنظـم الشـعر كـانَ يرومهـا
أدقّ إذا فكــرت مــن خصــر كــاعب
لـوى سـاعد المجد المنون من الورى
بمــوت أشــمٍّ مــن لـؤي بـن غـالب
فـتىً كـانَ يصـميني الرَّدى في حياته
ولمــا تــوفيّ كـانَ أدهـى مصـائبي
فـتىً ظَلـت أبكـي منـه حيًّـا وميّتـاً
أصــبْتُ علـى الحـالين منـه بصـائب
رَعَيْــتُ لــه مــن صـحبة كـلَّ واجـب
ولـو أن حيًّـا مـا رعـى بعـض واجبي
ســقى اللــه قــبراً مزنـة الحيـا
وبُلّـغَ فـي الجنَّـات أعلـى المراتـب
ولا زال ذاك القــبر مــا ذَرَّ شـارق
تجــود عليــه ذاريــات الســحائب
ألا يـا شـهاب الدِّين صبراً على الأسى
وليـس يهـون الصـعب عنـد الصـعائب
نعزيــك بــالقربى علـى كـل حالـة
وفــي عــزّ ربّ المجـد عـزّ الأقـارب
فإنــك أرعــى مــن عليهــا مـودة
وإنـــك أوفـــى ذمـــةً للمصــاحب
وإنـــك ممـــن يهتـــدى بعلــومه
كمـا يهتـدي السـاري بضوء الكواكب
عـن البحـر عـن كفيـك نروي عجائباً
ولا حَــرَجٌ فــالبحر مـأوى العجـائب
إذا كنــتَ موجــوداً فكلّــي مطـامع
ونيــل الثريــا مــن أقـلِّ مـآربي
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).