
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قَـدَحت فـي مزجهـا بالماء ناراً
فأعــادت ظلمـةَ اللَّيـل نهـارا
شــمس راحٍ فـي الـدجى يحملهـا
طلعة البدر إذا البدر استنارا
عُتِّقَــتْ فــي الـدَّنِّ حتَّـى إنهـا
لتعـي ما كانَ في الماضي وصارا
فســلوها كيــف كــانت قبلنـا
عــادٌ الأولــى صـغاراً وكبـارا
أيّ نــــادٍ للهـــوى يـــومئذٍ
يوم نادينا إلى اللهو البدارا
وجلوناهـــا عروســـاً طالمــا
حـبيب مـن حَبَـب المـزج نثـارا
وكســونا بالسـَّنا جسـم الـدجى
وخلعنـا فـي اللذاذات العذارا
وســـعى ســـاقٍ بهــا تحســبُه
غصـناً يهـدي إلينـا الجلَّنـارا
علَّــمَ الغصـن التثنـي والصـّبا
طـرب الأنفـس والظـبي النفـارا
وبمـــا فُضـــِّل مـــن بهجتــه
تفضل المرو على البيض العذارى
ســـمحٌ ممتنـــعٌ قيـــل لـــه
أدِرِ الكــأسَ علينــا فــأدارا
فـترى النـاس سـكارى فـي هـوى
ذلـك السـاقي ومـا هـم بسكارى
يــا شــبيه الـورد والآس ومـا
أحســن التشـبيه خـدًّا وعـزارا
بـــأبي أنــتَ وإن جــلَّ أبــي
عاطنيهـا مثـل خـدَّيك احمـرارا
واسـقني مـن فيـك عـذباً سائغاً
إنَّ بــي منـك ومالسـكر خمـارا
بيــن نــدمانٍ أراقــوا دَمَهـا
بنـت كـرم تسلبُ الشيخ الوقارا
حنفـــاءٍ حلَّلــوا مــا حرّمــت
ورأوا فـي أخـذها رأي النصارى
ركبــوا لِلَّهــو فــي مضــماره
أشــقراً يصـدم أجراهـم عثـارا
وكميتــاً مــا جـرتْ فـي حلبـةٍ
للــوغى يومـاً ولا شـقَّت غبـارا
فكــأَنَّ الكــأسَ فيمــا فَعَلَــتْ
أدركـتْ عنـد عقـول القوم ثارا
كــلُّ مختــال بهــا فــي عـزَّةٍ
قـد مضى يسحبُ في الفخرِ الإِزارا
وإذا مـــا عـــاودته نشـــوةٌ
ألبسـته تـاج كسـرى والسـوارا
خَــفَّ بـالراح فلـو طـارَ امـرؤٌ
قبـل هـذا اليوم بالراح لطارا
وســـمرنا بالـــذي يطربنـــا
مــن حــديث وشـربناها عقـارا
وتناشـــدنا علـــى أقــداحها
مِــدَحاً تزهــو نظامـاً ونثـارا
بـــأغرٍّ أبلـــج مـــن هاشــم
أبلَــجَ المحتـد فرعـاً ونجـارا
تشـــرق الأقمــار فــي غُرَّتــه
فهــو الشـمسُ الـتي لا تتـوارى
ســرّ رمـز المجـد مبنـى بيتـه
علــم الســؤدد ســرًّا وجهـارا
كالحيـا المنصـبِّ بـل أندى يداً
والحسـام العضب أو أمضى شفارا
تلــك أيــديه الـتي إحـداهما
تـورثُ اليُمْـنَ وبالأخرى اليسارا
مســتفاض الجـود منهـلُّ النـدى
يــوم لا تلقــى بـه إلاَّ الأوارا
والقــوافي الغــرّ فـي أيَّـامه
يجتنيهـــا بأيــاديه ثمــارا
فــي زمــانٍ مـذنبٍ لـم يعتـذر
بكريـم لبنـي الفضـل اعتـذارا
تـــرك الـــدهر ذليلاً طائعــاً
لمنيـع مـن أعـزّ النـاس جـارا
ولـــي الفخــر بــأنِّي شــاعر
لأنــاس لبسـوا التقـوى شـعارا
هـم أقـاموا عَمَـدَ الـدِّين وهـم
أوضحوا في الحقِّ للخلق المنارا
كــلّ حِلــي مــن فخــارٍ وعُلًـى
كـانَ حِليـاً مـن حُلاهـم مستعارا
فـي سـبيلِ اللـه ما قد أنفقوا
مــن أيــادٍ فاسـألوها نضـارا
أمَّــةٌ يســتَنزَلُ الغيــثُ بهــم
وبهـم تَستكشـِفُ النـاس الضرارا
فـإذا اسـتنجدتهم كـانوا ظبـا
وإذا اسـتمطرتهم كـانوا قطارا
جـــبروا كــلّ مهيــض للعُلــى
وأنـابوا الكفـر ذلاًّ وانكسـارا
أجَّجــوا نيرانهـا يـوم الـوغى
بمواضــيهم وإن كـانوا بحـارا
فــي مقـامٍ قَصـُرَتْ فيـه الخُطـا
بــالطَّويلات ومــا كــنَّ قصـارا
فعليهــــم صــــلوات أبَـــداً
تَتـــولاّهم غُـــدُوًّا وابتكــارا
أو لســـتَ الآن مـــن بعـــدهم
قبسـاً مـن ذلـك النـور أنـارا
طالمــــا ســـيّرتها قافيـــةً
غـرَّة لـم تتَّخـذ فـي الأرض دارا
حـــاملات مثــل أرواح الصــبا
مـن شـذى مـدحك شـيحاً وعـرارا
هــذه أيَّــام أنــواء الحيــا
إنَّ أنــواءَكَ مـا زالـت غـزارا
فاســقني فيهــنَّ ســحًّا غــدقاً
أجلـب العـزّ وأستقصـي الفخارا
واتَّخــذني لــك ممَّـن لـم يجِـد
عنـك فـي معترض المدح اصطبارا
وابــق للعيـد وحـزْ فـي مثلـه
مفخـراً يسـمو وصـيتاً مسـتطارا
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).