
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أتــراكَ تعــرفُ عِلَّـتي وشـَفائي
يـا داءَ قلبي في الهوى ودَوائي
مـا رقَّ قلبـك لـي كـأن شكايتي
كــانت لمســمع صــخرةٍ صــمَّاء
والشـوق بـرَّح بـي وزاد شـجونَهُ
يـا شـدَّ مـا ألقـى من البرحاء
عجبـاً لمـن أخـذ الغرامُ بقلبه
أنَّــى يعــد بــه مـن الأحيـاء
هـل يعلـم الواشـون أن صبابتي
كـانت بلحـظ مهـا وجيـد ظبـاء
وتجرُّعـي مضـضَ الملام مـن الـتي
حلـت عقيـب الجـزع في الجرعاء
لـم يحسـن العيـش الذي شاهدته
مـن بعـد ذات الطلعـة الحسناء
فمـتى أبـلُّ صـدىً بمرشـف شـادن
نقـض العهـود ولا وفـى لوفـائي
وجفا وملّ أخا الهوى من بعد ما
كنــا عقيــدي ألفــةٍ وإخــاء
ونــأى بركـب الظـاعنين عشـية
أيـن الركـابُ وأينَ ذاك النائي
أصـبحتُ لمَّـا مـاسَ عـدل قـوامهِ
أشـكو طِعـان الصـعدة السـمراء
وأجيـبُ سـائلَ مهجـتي عن دائها
دائي هــواك فلا بليــت بـدائي
لـم يـدر واللمـسِ الممنـع طبّه
أن الـــدواء بمقتضــى الأدواء
عُـج يا نديم على الكؤوس ميمِّماً
وأدِر علـــيَّ ســلافة الصــهباء
وأعـد حـديثَك لـي بـذكر أحبّـةٍ
كـانوا بـدور سناً لعين الرائي
مــرت بنــا أخبـارهم فكأنهـا
أرَجُ الصــّبا عــن روضـة غنـاء
وتحـاكمتْ بي في الهوى أشواقُهم
فقضــى علــيَّ الحــبُّ أيَّ قضـاء
لـو كنـت أدري غـدركم بمحبكـم
مـا كنـتُ أمكِنكُـمْ علـى أحشائي
لامَ النصــيحُ فمـا سـمعتُ ملامَـه
وصــَدَدْتُ عنـه لشـقوتي وعنـائي
مـا كانَ أرشدني إلى سبل الهوى
لـو أننـي أصـغي إلـى النصحاء
كيـف المنازلُ بعد ساكنة الحمى
عهــدي بهــا قمريَّــة الأرجـاء
لمـا وقفـت علـى منازلهـا ضحىً
حَيَّيتُهـــا بتحيَّـــةِ الكرمــاء
عــادتنيَ الأيَّــام فـي سـُكانها
كعـــداوة الجُهَّــال للعلمــاء
هـل أصبح الدهر الخؤون معاندي
أم كــانت الأيـام مـن خصـمائي
مـا للَّيـالي إن نظـرْنَ فضـائلي
نظــرتْ إلــيَّ بمقلــة عميــاء
إنِّــي أصـون الشـعر لا بخلاً بـه
عــن أن يـذل بسـاحة اللؤمـاء
أن كنت تثني بالجميل على امرئ
فعلـى جميـل أبي الثناء ثنائي
أعيى المناضلَ والمناظرَ فارتقت
عليــاؤه قـدراً علـى العليـاء
متوقــد مثــل الضـرام فطانـة
وبلطـف ذاك الطبـع لطـف الماء
فتبلَّجــت منــه شــموس فضـائلٍ
ظهـرت علـى الـدنيا بغير خفاء
وعلــت علـى أفهامنـا ألفـاظه
فتمثَّلـــت بكــواكب الجــوزاء
تلـك الرويّـة والسـجيَّة لم تزل
أقمــار أفــقٍ أو نجـوم سـماء
كـم قـد أفيضت من يديه لنا يدٌ
شـكراً لهاتيـك اليـد البيضـاء
إيْ والـذي جعـل العلى من مجده
فــرح الصــديق وغمَّـة الأعـداء
شـِمنا بـوارق نـائل مـن سـيله
متتـــابع الإحســـان بـــالآلاء
هيهـات يحكـي جـوده صوب الحيا
والغيــث موقـوف علـى الأنـواء
بحـر إذا التمـس المؤمِّـلُ ورْده
فاضــت عليــه زواخـر الأنـداء
إن قيل في الزوراء أصبح قاطناً
فـاعلم بـأنَّ المجدَ في الزوراء
نُشـرت علومـك في البلاد جميعها
كالصــُّبح إذ ملأ الفضـا بضـياء
ولــك الـذَّكاءُ كأنّمـا برهـانه
يكسـو سـناه تبلّـج ابـنِ ذكـاء
ونظـرتَ فـي الأشـياء نظرة عارف
حتَّــى عرفــت حقــائق الأشـياء
وكشـفتَ مـن سـر العلوم غوامضاً
فيهــن كــانت حيـرة الحكمـاء
أجريـت حكـم اللـه بيـن عباده
فعَلَــتْ بحكمــك رايـة الإفتـاء
وكأنمـا يـوحى إليـك فقـد بدت
لــك معجـزات النظـم والإنشـاء
فَعَلَـت لـك الأقلام في مهَج العدى
مـا تفعـل الأبطـال في الهيجاء
خــرسٌ إذا أنطقتَهــا بأنامــل
أخرَســْتَ فيهـا ألسـن الفصـحاء
أبكيتهــا فتضــاحكت لبكائهـا
روضُ الفضــائل لا ريــاض كبـار
فـإذا مـدحت مـدحت غيـر مراهن
فيهــا وغيــر معــرض لريــاء
فاهنـأ بهـذا العيـد إنك عيده
يـا فرحـتي دون الـورى وهنائي
وأجـزْ عبيـدك فـي رضـاك فـإنه
وأبيــك غايـةُ مطلـبي ورجـائي
لا زلــت منفــرداً بمـا أدَّيتـه
مـــن رفعـــةٍ وفضـــيلة وعلاء
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).