
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أجــابَ مـا سـألتْهُ لمـا انثنـى
يرنــو بألحـاظ كألحـاظ المهـا
وأثبــــت الحـــب لـــه دلائلاً
بصــبّه منهــا النحـول والضـنى
يـــا رشـــاً ملكتــه حشاشــتي
فجـار فـي حكـم الغـرام واعتدى
رعيـاً رعـاك اللـه فـي مسـتغرم
إن لــم تــراع ذمَّـةً فيـك رعـى
يــا قلــب خَفِّـضْ لوعـةً وجـدتها
فربمــا واصــل مــن كـانَ جفـا
لا توســـعاني بـــالهوى ملامــة
إن الجمـال قـائدي إلـى الهـوى
نظــرتُ ســِرباً بــالعقيق نظـرة
فــأورثتني نظرتــي هـذا الأسـى
حـيّ العقيـق فـاللوى مـن مربـع
نهبــت فيــه طربــي فـالمنحنى
زمـــان لهـــو صــبوة قضــيته
ذاك زمــان قــد تقضــّى ومضــى
وكلمــا هـب الصـبا مـن نحـوهم
زاغ عــن الصــبر فـؤادي وصـبا
مــالي وللأيــام لا كــانت فقـد
أصـمتنيَ الأحـداث فـي سهم الردى
تَخَـــوَّنَتْني كـــلَّ يــوم نكبــةٌ
ضــرامها فــي كــل آن تُحتَضــا
هـل علـم الـدهر الـذي أسـاءني
أيّ أخــي عــزم وذي فضــل قلـى
آه علـــى عمــر مضــى أكــثره
ولـم أنـل فيـه من الدهر المنى
مضــى بـي العمـر وكـاد مسـرعاً
أن ينجلـي صـبح المشـيب والجلا
وعانــد الـدهر العبـوس مطلـبي
إذا جنيـت الـورد أضـحى لي سفا
وإن حلبنـــا مـــا نــروم دَرّه
كــانت عــزوزاً لا تـرد بـالروا
إنَّ اللَّيــــالي حمَّلتنـــي ثقلاً
تنـوء مـن ثقـل بـه شـمُّ الـذُّرا
واتَّقــدت مــن الغــرام لوعــة
كأنمــا نيرانهــا نـار الفضـا
فســعرت مــن حـر أنفاسـي بهـا
لظــىً أذاب حــرُّه شــحم الكلـى
يـا مـانعي المـورد مـن رضـابه
مــا آن للظمــآن ورد مـن أضـا
وروضـــة يطربنــي الــورق إذا
تَـــذكَّرَ الإلــف لمغــداه شــدا
كأنَّمــا الطــلّ علــى أغصـانها
قلائد الــدر علــى غيــد الطلا
ونســَّمَتْ ريــح الصــبا عرارهـا
فهــزّ عطفيـه لهـا بـانُ النقـا
إذا انتشـقنا أرجـاً مـن طيبهـا
كــأنْ نشـقنا أرجـاً مـن الشـذى
أنعِـــم بـــه مُرْتَبَعــاً كــأنَّه
بتلكمـا الغيـد محـاريب الـدُّمى
تعاهـــدتها مــن حيّــيٍ مــاطر
يسـقي أهاضـيب الحجـاز والرُّبـا
يــا حــادي العيـس ذميلاً سـيره
يهجهـج العيـس إلـى ربـع الخلا
تمشــي هزيــزاً وهزيــزاً تـارة
إن هزّهـا حـادي الهوينـا وحـدا
هــل أنـت مـوفٍ بـالوقوف سـاعة
بــأربع غيرهــا خطــب البلــى
لــم يبــق إلاَّ سـفعة فـي دمنـة
وأرســماً مثــل الخيــال وجثـا
فمســبلاً فيهــا بقايــا أدمــع
فناشــداً فيهــا قلوبــاً وحشـا
بــالله إنْ عُجــت علـى ربوعهـا
حـي الربـوع النـازلين فـي منى
واهـــاً لصـــبٍّ كلـــه صــبابة
لا يســتفيق مـن تباريـح الجـوى
يكـــاد وجــداً يتلظَّــى وهــوىً
ومــا اســتقر ســاعة ولا ســجا
قــد حُـرِمَ النَّـوم علـى أجفـانه
فبـات يرعـى الفرقـدين والسـها
أرشــفة مــن ريــق مــن أحبُّـه
فتنطفـي جـذوة وجـد فـي الحشـا
وكلَّمــا نهنهــت دمعــاً واكفـاً
كأنَّمــا ينصـبّ مـن مـزن الحيـا
يـا عيـن لا تلـوين بـي في عبرة
لعــلَّ أنْ يبتَــلّ بالمــاء صـدى
دعــوت دمعــي فأجــاب طائعــاً
ورمــت للقلــب اصـطباراً فعصـى
فلا تلمنـــي إنْ بكيــت عَنْــدَما
فـإن دمـع العيـن في العين سرى
إذا رجـــوتُ مطلبـــاً بــادرته
ومــا عقـدت حبـوةً علـى الرَّجـا
أعْــدَدتُ للبيــداء هُوجـاً ضـُمَّراً
أنْحــرُ فـي أخفافهـا أدم الفلا
تلــوي التليــل للحمـى تلفتـاً
وتسـبق الريـحَ إذا الريـحُ جـرى
مهمـــا تحــث لمطلــب ومقصــد
تقاصــرت فيهـا فسـيحات الخُطـا
وحيــث نـاويت النـوى أنويتهـا
وكــلُّ حَــرٍّ أبصـر الـذل انتـوى
وصـــارم أبيـــض لــو جرّدتــه
ظننــت برقــاً لاح علـويّ السـنا
إذا تصــــديت بــــه لضـــربة
فلقــت فــي غــراره أمّ الصـدى
معتقلاً أســـــــنَّةً خطَّيـــــــةً
كــأن فـي طعانهـا سـفع الـذكا
إنِّــي ومـن أنـالني مـن العلـى
مراتبـاً مـن دونهـا وخـز القنا
إذا رأيــت الــذُّلَّ رحَّلْــتُ لــه
أنضــاء أسـفارٍ ونـاوحت النـوى
نجائبــاً مثــل الظليـم ترتمـي
لـدى الفيافي الغفل أنأى مرتمى
ولــم أرِدْ مَــوْرِدَ عــذبٍ شــابَهُ
ضــيمٌ رأى تكــديره لمــا صـفا
ونـــازعتني شـــيمة لا ترتضــي
إلاَّ المعـــالي غايــةً ومنتهــى
وكــم هجــرت موطنـاً مـن أهلـه
والـدار مـن سـكانها قـد تجتوى
وربّ طِــرف لا يــرى الطــرف لـه
إثْـــراً إذا الطـــرف اقتفـــى
يجتـــاز بــي فدافــداً دويــة
لا تهتــدي لمفحـص فيهـا القطـا
أفـري أديـم القـاع فـي حـافره
لمـا طوى البطنان واجتاز المدى
ضــافي الســبيب أعــوجيٌّ ووأوأٌ
ولـم يكـن أسـفى ومـا فيـه سفا
ولائم جســــارتي قلــــت لـــه
إنَّ القضـــاء كـــائن لا يتقــى
وكيـف أخشـى مـا قضـى اللـه به
وإنَّمــا الإنسـان أهـداف القضـا
ولا أبـــالي والوقــار شــيمتي
أأحْسـَنَ الـدهر المسـيء أم أسـا
يــا رُبَّ عــزمٍ بالــدنا جرَّدتُـه
كــأنَّه حــدّ الحســام المنتضـى
وموقـــف مــن الــوغى شــَهِدْتُهُ
ترشـح بـالموت العـوالي والظبا
وإننــي كــذلك القيــل الــذي
إذا بــدا تأجـج الحـرب اصـطلى
سـلّم إلـيَّ الأمـر وانظـر باسـلاً
لا يخطـئ الأغـراض يومـاً إن رمـى
أســطو بماضـي الشـفرتين أحـدبٍ
غـــراره يبـــتّ أوداج العــدى
وحاســـد مــن غيظــه فضــائلي
حـاكى شـؤوني بـالنهى ومـا حكى
وفـي سـواد القلـب كنـت جـاعلاً
وداده حتَّــى بـدا لـي مـا بـدا
وخرشــــفيٍّ لا يـــوارى عيبـــه
قطعـة لـؤم صـيغ مـن طين الخنا
لــو كــانَ عينــاي بـأم رأسـه
لمـــا درى بنفســـه إلاَّ قـــذى
والظلـم واللـؤم طبـاع بـالفتى
يكتمــه العجـز ويفشـيه القـوى
قــابلت أفعــالاً لــه بمثلهــا
ولا يليـــن جـــانبي إذا قســا
وقـــد تنــوَّرت الأنــام خــبرةً
فـزال عـن عينـيَّ مـن ذاك العمى
وقــد عَلِمْــتُ أنَّ قلــبي مفعــمٌ
بمــا لقـي مـن أهلـه ومـا رأى
مــن لـي بخـلٍ إن رأى بـي زلـةٍ
ســـامحها وعــثرةً قــال لعــا
وهـــل صــديق يرتجــى وفــاؤه
هيهــات هــذا أمَــلٌ لا يرتجــى
ولسـت بـالغمر الـذي ما جرّب ال
دهــر ولا ذاق الســرور والعنـا
بــل كــل خطــب خطــر بلــوته
حتَّـى تـروى القلـب فيـه فارتوى
يـا ربـة القرطيـن هـل من ليلة
تحكـي مـن الوصـل ليالينا الألى
ليلـة غـاب الواشـي عـن مَحَلِّنـا
فكنـت أجلـو بالـدجى شمس الضحى
حمـراء لـم تقطـب بمـزج صـرفها
فهــي كــورد الجلّنــار تجتنـى
للـــه أيــام قضــينا شــطرها
منــادمي أبلــج معسـول اللمـى
عــــاطيته مشـــمولة كريقـــه
لـو جليـت فـي جنـح ليـل لانجلى
مهفهـــف يميـــس تيهــاً قــدُّه
كأنَّمــا مــال بـه ريـح الصـبا
وبــاللّوى كــانَ لنــا معاهــد
سـُقيت صـوب المزن يا دار اللوى
مــرَّت ليالينــا وأوطــار بهـا
كأنهـــا أضــغاث أحلام الكــرى
أموعــد المشــتاق فــي وصـاله
إنجــازك الوعــد لمحتـاج مـتى
هـذي عـرى الصـبر الـتي عهدتها
قـد فُصـِمَتْ بالوجـد هاتيك العرى
إنَّ الأمـــاني بـــاللّبيب ضــَلَّةٌ
ومــا عســى يجــدي لعـل وعسـى
وإنهـــا لحســرة مــا تنقضــي
أو إننـي أقضـي بتصـريف القضـا
هل عائد لي زمنٌ عبرة بذي الغضا
وهـل يرينـي الـدهر ما كنت أرى
ولــي بــأحوال الزمــان عـبرة
كفـى الزمـان عـبرة لـذي النهى
أخـبرني هـذا الـدنا عـن القضا
بفطنــة تـدني إلينـا مـا نـأى
قــد ابتليــت وبَلَــوْتُ أمْرَهــا
فلا أبــالي بعــدها بمــا أتـى
عَهْـدُك فـي هـذا الزمـان قد مضى
وذلــك الغصـن الرطيـب قـد ذوى
ســلكت مـن كـلِّ الفجـاج وعرهـا
وذقــت منهــا مــا أمــر وحلا
قــد قـذفتني فـي البلاد غربـتي
وقـد أرتنـي كـلَّ مـا رمت النوى
مـا كنـتُ أرضـى بـالعراق مسكناً
لـو لم يكن في أرضها أبو الثنا
الســيّد المحمــود فــي خلالــه
وفــائض البحريــن علمـاً ونـدى
يقــول مــن نــاظَرَه فـي علمـه
مــا بعــد هـذا غايـةٌ ومنتهـى
لا هــو بــالفظِّ الغليــظ قلبـه
وبــالوغى أشـدّ مـن صـمّ الصـفا
تخـــاله حيــن تــراه ضــاحكاً
كروضــة باكرهــا قطــر النّـدى
غمــر الـرّواء لـم تـزل راحتـه
منهلَّــةً لمــن نــأى ومـن دنـا
المقتنـي الحمـد الطويـل ذكـره
والحمــد للإنسـان أسـنى مقتنـى
شــهم الجنــان لــوذعيٌّ فاضــِلٌ
أشـمّ عرنيـن العلـى عالي الذرا
فــاق الأنـام بـالتقى وبـالحجى
وزينـة المـرء التقـى مع الحجى
وزينــة الإنســان بــل وفخــره
إمَّـــا بأفضــالٍ وإمــا بتقــى
سـعى إلـى الفضل فنال ما ابتغى
وليــس للإنســان إلاَّ مــا ســعى
مكـــارم الأخلاق فيهـــا مولــع
مـا اعتام شيئاً غيرها ولا انتضى
مـا زال يرقـى بـالحجى وبالنهى
حتَّـى رقـى بـالعلم أعلـى مرتقى
لا يختشــي فــي اللـه لـوم لائم
أفـتى علـى الحـقّ وبـالحقّ قضـى
يقــذف مـن فيـه الجمـان لفظـه
بحــر ولكـن بـالعلوم قـد طمـى
مــا انقبضـت راحتـه عـن سـائل
ومــا سـمعنا منـه هجـراً ولغـا
تــدرّع البــأس الشــديد قلبـه
وفـي رداء الفضل والتقوى ارتدى
إلــــى ذُرا جرثومـــةٍ طيبـــةٍ
إذ ينتمـي القـرم ولمّـا ينتمـى
ألْهَمَــهُ اللــه علومــاً بعضـها
لـو نشـرت سـَدَّ بهـا رحـب الفضا
قريحــة مثــل الركــام سـيلها
أو هـي كالنـار إذا اشـتدَّت صلا
تجـري بمـا يطلـب منهـا غيثهـا
وليـس بالبـدع مـن الغيث الجدى
فكــم أبــان مـن خفايـا علمـه
حتَّـى الـذي عنَّـا اختفى فيه خفا
فــأفحم الجاهــل فــي عبــارة
أوضـح فيها ما انطوى وما انشرى
وألقَــمَ الجاحــد منهــم حجـراً
فبـان فعـل السـيف منـا والعصا
تَبَيَّــن الرشــد مــن الغـيّ بـه
وزال إظلام الضــــلال بـــالهوى
فهـل لـه فـي ذا الـورى مشـابهٌ
هيهـات مـا بيـن الثريا والثرى
لـو كـانَ فـي العـالم مثل علمه
لفــاخرت جميــع أقطـار الـورى
أزال ســقم الشــك فـي تحقيقـه
فكــم صـدور فـي معانيهـا شـفى
دوَّن مـــا أجـــاب فــي مجلِّــدٍ
تــذكرة لمــن روى ومــن وعــى
مشــتملاً علــى العلــوم كلّهــا
وحــاز فيــه كــل فضــل وحـوى
أرســـلها إليهـــم فـــأيقنوا
أنَّ ببغــداد الكمــال قـد ثـوى
وراح للســـلطان أيضــاً مثلــه
فحــاز إذ ذاك السـرور والهنـا
لــدى أميــر المـؤمنين والـذي
صــيَّره اللــه علـى الخلـق ذُرا
حـامي حمـى الإسـلام والغوث الذي
يغــاث فيـه المسـتغيث إذ دعـا
خليفـــة اللــه علــى عبــاده
وذروة فيـــه الخطـــوب تتقــى
لـو كـانَ فـي البحـر ندى يمينه
لا نساغ ما البحر عذباً في اللها
والنصــر والإقبــال بعـض جنـده
إذا سـطا أو إن رمـى أو إن غزا
وهــادم الكفــر بســيف بــاتر
حتَّـى تـرى عمادهـا العـالي هوى
لاذت ســـلاطين الـــورى ببــابه
ترجــو مراضـيه وتـأبى إن أبـى
وإنَّ هــذا الــدينَ فــي أيَّـامه
أعــاده مــن المشــيب للصــِّبا
طـــاعته فــرض علينــا واجــبٌ
ويـل لمـن عـن أمره السامي عتا
إذا أتـــاه بطشــه اســتبلّ لا
يعــرف إلاَّ عفــوه مــن ملتجــا
أمَـــدَّ مـــن همَّتـــه وعزمـــه
ظِلاًّ علــى الإسـلام منـه قـد ضـفا
خلافـــة جـــاءت لـــه وراثــة
عــن جـدّه عـن النـبيّ المصـطفى
إنَّ علينــا أكــبر الفـرض بـأنْ
نـدعو لـه بالنصر في طول المدى
إذ نظــم الملــك وشــاد سـمكه
وقـد أبـاد مـن طغـى ومـن بغـى
لمـــا عليـــه عرضــت أســئلة
وردّهـــا إلــى معــاليه أتــى
فكـــان عــالي أمــره بطبعــه
ونشــره فــي كـل أقطـار الملا
ليســتفيد النــاس مــن علـومه
ويهتــدى فيــه وفيــه يقتــدى
وراكــبٍ مــن المعــالي سـابقاً
مــا عــثر الجــدّ بـه ولا كبـا
لــو ظــلَّ منــي أمــلٌ أنشــِدُه
إليــك مــن دون الأنـام لاهتـدى
مفــتي العراقيـن ومـولاي الـذي
ألـوذُ فيـه حيـث مـا أمـري وهى
مـأوى أولـي الفضـل وشـمس عزهم
والملتجـى والمقتفـى والمنتـدى
والضـّيف تغـدو عـن معـالي فضله
شــاكرة مـن فضـله حسـن القـرى
تضـــرب فـــي دســيعة مــائدة
ممــا عليهـا مـن جـذور يشـتوى
مـا تشـتهي الأنفـس فيهـا مائدة
يــذهب عنــد مسـّها مـسّ الطـوى
مــا علمــت بــأنَّ فـي عراقنـا
سـوابقاً بـالعلم تعـدو المرطـى
نحـــن وشــكراً للــذي صــيّرنا
ينــابع العلــم وأعلام الهــدى
إذا أتانـــا جاحـــدٌ مُبـــاحثٌ
راح وفـي فيـه اغتذى عفر الثرى
أقْســِمُ بــالربِّ العظيــم شـأنه
ومـن علـى العـرش تجلَّـى واستوى
مـا لَـكَ في الدنيا نظيرٌ في ندىً
ولا حجـــىً ولا نهـــىً ولا عُلـــى
لـو كـانَ يـدري الشرك ما حويته
مــن العلــوم الغامضـات لبكـى
عــذراً لحُســَّادك فيمــا جحـدوا
لا تـدرك الجونـةُ أبصـار السـخا
مقالــة المنصـف فيـك جهـرة لا
شـك كـل الصـيد فـي جـوف الفرا
ذو جــدوة هاطلــة إذا اجتــدى
ونخـــوة عاليـــة إذا انتخــى
درى أميــر المــؤمنين بالــذي
أظهَرْتَــه وفــي ســواه مـا درى
ولــو رآك طرفــه لمــا ارتضـى
إلاَّ بـأنْ تسـمو إلـى أوج السـما
قــد سـر فيـك قلبـه مـن سـمعه
ولا يفيــد الأذْنَ تصــوير الـرؤى
للــه مــا هــذا الـوزير إنَّـه
علــيٌّ المــولى حبــاك بالرضـا
مُعَمِّـــرٌ بغــداد فــي إحســانه
مـن بعـد مـا أبادها ريب الوبا
وراض أهـل البغـي بالقتـل فلـن
تســمع فــي ديـارهم إلاَّ الـوعى
إذ يختلــي الأعنـاق ضـرب سـيفه
كأنهــا العيــس وقـد لسـَّت خلا
إذا امتطـى العـزم وصـال صـولة
قــدّ الـرؤوس جـازلاً مـع المطـا
لــو نــالت المـزن نـوال كفـه
لما اشتكى الظمآن من عيم الظما
لــو كــانَ للّيــل ســنا آرائه
أضــاء مــن صـباحها ومـا عسـا
وعـــارف بالنـــاس ذو فراســة
أخفـت لـه مـا قد توارى واختفى
أعلاك أعلـــى رتبـــة ومنصـــب
ذاقـت أياديـك بـه طعـم الشـرا
تقـــدّ فيــك المعضــلات كلهــا
لأنــت ســيف ولــك الفضــل جلا
تلقــى هزبــراً نــابه حســامه
إبّــان حُـمَّ الأمـر وانشـقت عصـا
الثـابت الجـأش الوقـور جانبـاً
مـا ارتـاع مـن حادثة ولا انثنى
ولسـت منهـم إن نـأوا وإن دنوا
وهـل يقـال الـدرّ من هذا الحصى
أنَّــى لهــم بمـا بـه أكمـدتهم
وبــاعهم مــع طـول باعيـك ورا
فــدتك نفســي مـن هزبـر باسـل
وقـلَّ مـن نفسـي لعليـاك الفـدا
وقـف علـى العـافين مـا تملكـت
يمينـــه ممـــا علا ومـــا غلا
هــل العلــى إلاَّ يــد مبســوطة
يؤمهــا لوِردهــا مــن اعتفــى
وصـــــارم مجــــرَّد مرهفــــة
مجــوهر الإفرنـد محـدود الشـبا
وحســـن خلــقٍ وأحــاديث عُلــىً
لــو أنــس العاشـق فيـه لسـلا
يهــتزّ عِطــف ســامعيها طربــاً
كأنَّمــا ذاق المــدام فانتشــى
وعـــزة بالــدين بــل ورفعــة
وغيــرة يحمــى لهــا ويحتمــى
وكـــلّ مـــا ذكرتـــه وقلتــه
فيـك علـى رغـم العدى قد انطوى
مـن ذا يهنِّـي العلـم فـي سميذع
أصـبحَ بعد الهدم في أسمى البنا
قــد كــانَ مخفيـاً فلمـا جـاءه
محمـود ذو المجـد ابتـدا وأنفا
إليـــك منِّـــي ســيِّدي قصــيدةً
فــأنت حســبي مـن غنـاء وكفـى
قصــّرت يــا مـولاي فـي مقصـورة
مضـمونها الشـكر عليـك والثنـا
فــإن تنـل منـك الرضـا جـائزة
فهــو الـثراء للفقيـر والغنـى
لـو أنَّ هـذا العيـد أضحى ألسناً
تتلـو لـك الشكر الجميل ما وفى
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).