
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قَلـــبٌ يَــذوبُ ومهجــةٌ تَتَقطَّــع
وجـوًى يهيـجُ بـه الفؤاد المولَعُ
لي بعد مَن سكن الغضا نار الغضا
تطـوى علـى الزفرات منها الأضلع
مـا زِلـتُ تُصْبيني الصّبا بهبوبها
سـَحراً وتبكينـي الـبروق اللُّمَّـعُ
وتهيجنـي الورقـاء ما إنْ أصْبَحَتْ
تشــدو علـى فنـن الأراك وتسـجع
تُملـي علـيَّ حـديث فـرط شـجونها
في الشجوِ وفي صُحفِ الغرام فأطمعُ
وقضــى ادِّكـار الظـاعنين بـأنَّه
لا يســـتقرُّ لمســـتهامٍ مضـــجعُ
أرأيـتَ أنَّ المزمعيـن على النوى
عزَمـوا على أخذ القلوب وأزمعوا
لـو كنـتَ يومَ البين حاضرَ لوعتي
لرأيـت كيـف تصـوب تلـك الأدمـعُ
أشـكو إليـك وأنـت أبصر بالهوى
مـا أودعـوا يا سعد ساعة ودّعوا
هم أهرقوا دمعي المصونَ وأوقدوا
فـي القلـب غُلَّـةَ وامـقٍ لا تنقـعُ
ولقـد رعيـتُ لهم هناك وما رَعوا
وحَفِظْــتُ وُدَّهـم القـديم وضـيَّعوا
وأخــذت أذكرهـم وبيـنَ جـوانحي
كبــدٌ تكــادُ لمـا بهـا تتصـدَّعُ
حُيِّيـت يـا دار الأحبَّـة في اللوى
بحيـاً يصـوبك فـي العشـيِّ ويقلعُ
حتَّـى يـراقَ علـى ثـراك فـترتوي
بعـد الظمـا تلـك الطلول الخشع
كــانت منازلنــا تـروقُ بـأوجهٍ
غَرَبَـتْ فـأينَ تقـول منها المطلعُ
يـا عهـدنا الماضـي وليسَ براجعٍ
أفــترجعنَّ بمــا مضــيت فـترجعُ
واهـاً لعيشـك يـا نـديم بمثلها
والكـأسُ مـن حـدق الأوانـس تترعُ
حيــث الصـبا غـضٌّ وأعلاق الهـوى
ممَّــا تُغَــرُّ بهـا الملاح وتخـدعُ
نجـد الهـوى رطْـبَ المَجَـسِّ فواصلٌ
لا ينثنــــي وملايـــمٌ ومُمَنَّـــعُ
ونــروض باللّــذّات كــلَّ أبيَّــةٍ
منهـا لنـا فيهـا القياد الأطوعُ
نكصــَتْ علـى أعقابهـا أسـرابها
وخلا مــن الظبيـات ذاك المربـعُ
ويــحَ المـتيّم مـن فـراقِ أحبَّـةٍ
عفَــتِ المنـازلُ بعـدهم والأربـعُ
يتجــرَّع المــرَّ الزعـاف وإنَّمـا
كــأس الصـدود أقـلُّ مـا تتجـرع
ولربمـا احتمـل السـلوَّ لـوَ انَّه
يصـغي إلـى قـول العـذول ويسمع
لـي فـي المنازل حيثُ رامة وقفةٌ
فيهـا لمـن عـانى الصبابة مصرعُ
إنَّ الأحبَّـــةَ فــي زرود ولعلــعٍ
سـُقي الغمـامَ بهـم زرودُ ولَعْلَـعُ
هتـفَ النـوى بهـم ضحًى فتبادروا
فيـه إلـى تلـف المشوق وأسرعوا
يـا هَـلْ تراهـم يألفون وهل ترى
يَهَــبُ الزمـان لأهلـه مـا ينـزع
يشـتاقهم أبـداً علـى شحط النوى
قلــبٌ بــه حُــرَقٌ وعيــنٌ تـدمعُ
أنفــكُّ أستشــفي بطيـب حـديثهم
أو يشـتفي هـذا الفـؤاد المُوجعُ
لا تســألنِّي كيــف أنــتَ فـإنَّني
جَلــدٌ علــى الأيــام لا أتضعضـعُ
صــفعتْ قـذال المطمعـات أبـوَّتي
وقفــا الدنيَّــةِ بـالأُبوَّة يُصـفعُ
أنـا مـن جميل أبي جميل لم أزلْ
أُدعـى إلـى المجـد الأثيل فأتبع
عنـه المكـارم في الوجود تنوعت
أجناســها والجنــس قـد يتنـوّع
أفْنَــتْ عطايــاه الحطـامَ وإنَّـه
للــه أو لســبيله مــا يَجْمَــعُ
لـولاه مـا عـرف الجميـل ولا زها
فــي غيــره للفضــل روضٌ ممـرعُ
متهلّــلٌ بجمــال أبهــج طلعــةٍ
ممَّــن تشــير إلــى علاهُ الإصـبعُ
ترجـى المنـافع مـن لَدُنه وإنَّما
نـالَ المعـالي مـن يضـرّ وينفـعُ
أيـنَ الضـياغمُ مـن علاه إذا سطا
هـو لا مـراء مـن الضـياغم أشجعُ
فـي موقـف ترد النفوس من الردى
والهـامُ تسـجدُ والصـوارمُ تركـعُ
والحـرّ يطـرب حيـث صادية الظبا
تــروى وسـاغبة القشـاعم تشـبع
ذو رأفــة فـي العـالمين وشـدَّةٍ
تــومي لعاتيــة الأُمـور فتخضـعُ
قطعــت أراجيـف الرجـاء لأهلهـا
وكــذلك العضــب المهنَّـد يقطـعُ
للـه درّك لـو وزنـت بـك الـورى
لرجحـــت حينئذٍ وقــدرك أرفــعُ
يـا مـن رأيـت به المديح فريضة
ومــن المدايــح واجــب وتطـوّع
فـإذا رضيت فما الشهاد المجتنى
وإذا غضـبت فمـا السمام المنقع
شـكراً لسـالفة الصـنايع منك لي
حيـث المكـارم والمكـان الأَرفـعُ
بلَّغتنــي نعمــاً خطبـت بشـكرها
فأنـا البليـغ إذا خطبت المصقعُ
ونشـرتُ بعـد الطـيّ فيـك قصائدي
طيـب الثنـاء عليـك فيهـا يسطعُ
لـولا مـدايحك الكريمـة لـم تكن
تصــغي لــه أذنٌ ويطــرب مسـمعُ
أكبــتّ حســَّادي بنعمتــك الـتي
أمسـتْ تـذلّ لهـا الخطـوب وتخضع
أتنـالني أيـدي الزمـان بحـادثٍ
يومــاً وجانبــك الأغــرّ الأمنـع
قسـماً بمـن رفـع السماء فأصبحت
زهـر النجـوم بنظـم مـدحك تطمع
إنَّ الأُبــوَّة والرياســة والعُلـى
مـن غيـر وجهـك شمسـها لا تطلـعُ
فــي كــلِّ يـومٍ مـن علاك صـنيعة
أنـت المجيـد لهـا وأنت المبدعُ
والنــاس إلاَّ أنــت فـي كبّارهـا
صـمٌّ عـن الفعل الجميل إذا دُعوا
تــالله إنَّـك واحـدٌ فـي أهلهـا
ولأنــت أنـت المشـتكى والمفْـزَعُ
مـا ضـلَّ عـن نيل الغِنى ذو حاجة
وإلـى مكارمـك الطريـق المهيـعُ
ترجـو نَـداك وتتَّقـي منـك العِدى
فالبـأس بأسـُكَ والسـَّماحة أجمـعُ
تعطــي وتمنــع نــائلاً وأبــوَّة
لا كـانَ مـن يعطـي سـواك ويمنـعُ
اللــه يعلــم والعـوالم كلُّهـا
إنِّــي لغيــرِ نَــداك لا أتوقــعُ
لا زالَ لـي مـن بحـرِ جـودك مورد
عــذب ووبــل ســحابة لا تقلــعُ
فلئن طمعــتُ فلـي بجـودك مطمـعٌ
ولئن قنعــتُ فلـي بجـودك مقنـعُ
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).