
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خَيَـالٌ تجلَّـى مـن يـدٍ منـه بيضـاءِ
دُجـى ليلـةٍ مثـل الشـبيبةِ سـوداءِ
سـرى لابسـاً ثـوبين مـن شـفقٍ ومـن
دُجًـى وانثنـى مـا بين فجرٍ وظلماءِ
بــدا بهمـا بيـنَ اسـودادٍ وزُرْقَـةٍ
كشــادخةٍ بيضـاءَ فـي وجـه هيفـاءِ
ولـم يُشـجني بَعـدَ الحـبيب مفـارقٌ
كطيـفٍ أثـارَ الوجـدَ من بعد إطفاءِ
سـُرِرْتُ بمَسـْراهُ وبـاتَ علـى النَّـوى
قريبــاً بــه منِّـي مَـزارُ الأحبَّـاءِ
ولـو أوفـتِ الأيـامُ وانقضـتِ النوى
لمـا سـَمَحَتْ عيـنُ الرَّقيـبِ بإغفـاءِ
شـُموسٌ تـرى مِـنْ دونهـا كـلَّ مُمْسـِكٍ
بِجِـذْلِ القنـا يرنـو بمقلـةِ حرباءِ
يشـوقُ فـؤادي مـا يشـقُّ عليـه مـن
شـذا روضـةٍ مـن نعمـة الحَلْي غنَّاءِ
وكـــلَّ غيـــورٍ لا يــزال يروعُــهُ
تنســـُّمُ روضٍ أو ترنُّـــم وَرْقـــاءِ
يـذودُ اللحـاظَ الهيم عن ماءِ وجهه
تفَتَّـحُ نَـوْر الحُسـْنِ منهـا بأَرجـاءِ
مــتى شـاء يحْجبهـا بنصـلٍ وذابـلٍ
وإن شــاءَ يَحجُبْهــا بصـلٍّ ووجنـاءِ
يُــرَوّضُ مــنْ أحــداجِها كـلّ مهمـه
وتــبردُ مـن أنفاسـها كـلُّ رَمْضـاءِ
علــى وَجْهِــهِ للحُســْنِ نـورٌ مضـلِّلٌ
قـد اكتحلـتْ عينـاه مِنْـهُ بأَضـواءِ
فلـو كـان نُـوراً هادياً قلتُ مُدَّ مِن
ســنا وجــه مولانــا الأميـرِ بلألاءِ
إمـام هـدًى عـدلٌ بـه اللـه نُـورَه
أَتــمَّ وأَبْــدى ســِرّه بعـد إخفـاءِ
هـو المـالئُ الآفـاق عـدلاً بـه خَلتْ
قلـوبُ البرايـا مـن تعـادٍ وشَحْناءِ
غَــدتْ باسـمهِ واسـمَيْ أبيـه وجـدِّه
مَنابِرُهــا تزهــو بأفضــلِ أسـماءِ
بــآلِ أبــي حفـصٍ علا عَلَـمُ الهـدي
وطــالتْ مبـاني كـلّ مجـدٍ وعليـاءِ
إذا عُـدِّدَتْ صـِيدُ الملوك ثنى الورى
خناصـِرَهم منهـم علـى خَيـرِ إبـداءِ
رُحمــــاءٌ للمطيــــعِ وهـــمْ ذوو
قلــوبٍ علـى المعاصـي غِلاظٍ أَشـدَّاء
ومـا خُطبـتْ إلاّ بهِـمْ دَعْـوة الهـدى
بآيـة مـا كـانوا لهـا خيرَ أكفاءِ
هـمُ أمَّنوهـا فـور مـا قـد تَحَيَّـرَتْ
دجاهــا نهوضـاً واضـطلاعاً بأَعبـاءِ
ألا أن إرث الهـدْي صـار لخيـر مَـنْ
أتـاه تـراثُ المجـدِ عَـن خيرِ آباءِ
لســبطِ أبــي حفـص وصـرح علا أبـي
محمـــدٍ الســَّامي أبــي زكريــاءِ
تصــوبُ بــأرزاقِ العفـاة لـه يـدٌ
تصـيبُ مـدى الـدهرِ العداةَ بأرزاءِ
يفيــدُ أفــانينَ المعـارف شـافعاً
بهــا مـا حبـا مـن عارفـاتٍ وآلاءِ
أفــاضَ ينــابيعَ العلــوم مَعِينُـهُ
وأصــفى فمـا فيهـا مجـالٌ لأقـذاءِ
وأغنـى عـن الصـقلِ الضـرابُ سيوفَه
فمــا عَلِقـتْ منهـا متـونٌ بأصـداءِ
نـداك على العافي وبأسُك في العِدا
حيـــاةٌ لأمْـــواتٍ ومــوتٌ لأحيــاءِ
فمــا يعصــم الأعـداءَ منـك توقُّـلٌ
بعليـاءَ تمشـي دونهـا كـلُّ عصـماءِ
كأنــك إذا فُــتَّ الثريَّــا مكانـةً
ســطوتَ بكفَّيهــا خصــيبٍ وجــدباءِ
ورُعْـتَ عَبـورَ الشـِعْرَيَيْنِ فلـم تغـر
خفوقـاً وبـذا السعد نورَ الغميصاءِ
وقـد قبـضَ الليـثُ الذراعَ فلم يَهِج
دراكــاً بــذي رُمْــحٍ تَلاه وعــوَّاءِ
وخَيلُـك قـد أنسـى النعـائِم خَوْفَها
شــبا ذابــحٍ مــنْ خلفهـنَّ وزَوْراءِ
فهـل خَفِيـتْ في الصُّبْح من خَوفِ غارةٍ
علـى سـاحةِ الخضـراء منهـنَّ شعواء
جيـادٌ إذا تَغشـى الـدروعَ حسـبتها
رعانــاً تغشــتها يلامِــعُ بيــداءِ
كأنَّـــك راءٍ زئبقـــاً مترجرجـــاً
علــى مُلــسِ أصــلابٍ لهــنَّ وأصـلاءِ
فكـم قَـذَفَتْ شـمس النهـار بنقعهـا
وكــم صـدِئت مرآتهـا بعـد إمهـاءِ
وكــم نــائم قــد نَبَّهـتْ وبصـيرةٍ
بهــا جُلِيَـتْ مرآتهـا بعـد إصـداءِ
أيـاديكمُ فـي السـلمِ تحيي عُفَاتكم
وتُـرْدي أعـاديكم لـدى كـلّ هيجـاءِ
تقـودُ إلـى استئصـالهم كـلّ جحفـلٍ
يُواصــِلُ تأويبــاً إليهـم بإسـراءِ
تُظِــلُّ عــوالي ســُمْرِه كــلّ ضـيغمٍ
كــأنْ قــد أقلَّتْـهُ قـوادمُ فتْخَـاء
مـتى شـاءَ لم يقنع من القِرن نَصْلُهُ
بغيـر سـوادِ الطَّـرف أو بالسُّويداءِ
يـرى كـلّ خـافي مقتـلٍ مـن سـنانه
بعيــنٍ كزرقــاء اليمامـة زرقـاءِ
يُقِــلُّ القنـا حتَّـى يُخَلـنَ سـوامِقاً
تُهَصـــّرُ مــن رايــاتِهنَّ بأقنــاءِ
هنيئاً لكـمْ بـل للدِّيانـة والـدُّنا
وأهليهمــا فـي ظِلِّكُـمْ كـلُّ نعْمـاءِ
سـما لحـظُ أهـل الغـربِ منـك لنيِّر
وشـمسٍ بَـدَتْ مـن مطلعِ الشرق بيضاءِ
طليعــةُ فتــحٍ أقــدَمَتْها سـُعودُكم
فهنّيتُــمُ مــن بعــدها كـلَّ سـرَّاءِ
عَـرا عُـربَ إحـدى العـدوتين بمثله
مـن العـدْوة الأُخـرى مُقـدّم أنبـاءِ
هَـوَى عُـرب تلكـم مِـن هوى عُرْبِ هذه
تَشــابهت الــدُّنيا توافـقَ أهـواءِ
يقِـلُّ لمـا يـأتي من الفتحِ ما أتى
فكـم جـادَ وبـلٌ بعـد ظـلٍّ وإنـداءِ
دَعـا الخلـقَ داعي هَدْيِكم وبدا لهم
ســناكمْ فكـلُّ ذو التفـاتٍ وإصـغاءِ
مطيــعٌ مطيــبٌ فــي عُلاكـم ثنـاءه
مجيــبٌ منيــبٌ مُسـرعٌ غيـر نأنـاءِ
بــدا منكــمُ نُــورُ الإِلـه متممـاً
فأشــرق مـن طـيِّ الضـلوع بأحنـاءِ
ترفّــعَ عــن لحـظِ العيـونِ وخـوِلت
بــإدراكه مـن دونهـا كـلُّ حَوبـاءِ
مـن الجـانبِ الشـرقيّ نُـوديَ كلُّ مَنْ
علــى الأرض مــن دانٍ ومــن نــاءِ
كمـا أسعد اللهُ ابنَ عمرانَ إذ سرى
إلـى الجانبِ الغربيِّ منْ طُورِ سَيْناءِ
هـو النـورُ نـورُ اللـه مُتَّحـدٌ وإن
تعــدَّدَ فــي شــتَّى عصـورٍ وأنحـاءِ
تعـودتَ أن تُنْسـِي بجُـودكَ في النَّدى
علـى فضـلِ مـا أسـْلَفْتَهُ كـلَّ أنداءِ
وكــم ببّغــا كـانت بمهجـر جُنْـدَبٍ
فآضـــتْ بنعمــاكم مغــرِّدَ مُكَّــاءِ
فدامَ تحامِي الدِّين منكم على المدى
بـــأبيض قضــّاب وبيضــاء قضــَّاءِ
ودمــت لِـدُنيا المـؤمنين ودينهـم
مؤيّــــد رايــــاتٍ مُســـدَّد آراءِ
حازم بن محمد بن حسن، ابن حازم القرطاجني أبو الحسن.أديب من العلماء له شعر، من أهل قرطاجنة شرقي الأندلس، تعلم بها وبمرسية وأخذ عن علماء غرناطة وإشبيلية وتتلمذ لأبي علي الشلوبين ثم هاجر إلى مراكش.ومنها إلى تونس، فاشتهر وعُمّر وتوفي بها.وله (ديوان شعر - ط) صغير وهو صاحب المقصورة التي مطلعها:لله ما قد هجت يا يوم الندى على فؤادي من تباريح الجوىشرحها الشريف الغرناطي في كتاب سماه (رفع الحجب المنشورة على محاسن المقصورة - ط).من كتبه (سراج البلغاء) طبع طبعة أنيقة محققة باسم (مناهج البلغاء وسراج الأدباء).