
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أتـرى اللّـوى نشـرتْ عليَّ لواءها
سـُحُب تشـقُّ بهـا الـبروقُ مُلاءهـا
وتجـــود ســاحتَهُ بكــلِّ مقلّــدٍ
أَزهارهـــا وممطِّـــل جرباءهــا
فتنـوبُ عـن عينـي وتُغْنـي عَيْنُها
فـي سـَقْي أطلال الحـبيبِ عَماءهـا
مــنْ كـلِّ بكـرٍ حـرَّةٍ مـا فـارَقت
إطراقَهــا وبكاءهــا وحياءهــا
يبـدو احمرارُ البرق في صفحاتها
خَجَلاً إذا رفــعَ النسـيمُ رداءهـا
تبـدو الرُّبـى خُضْراً وكانت قَبلها
عُفـراً إذا سـَفَحَتْ بهـا أنواءهـا
وإذا تمـــرُّ بروضـــةٍ معتلَّـــة
ضـَمِن انْبِـراءُ بروقهـا إبراءهـا
ومــتى تَـزُرْ عَفـراءَ أرضٍ تَبْكِهـا
كبكــاءِ عُــرْوة عُـذْرَةٍ عَفْرَاءهـا
تَسـْقي مغـانيَ لـم تفـارقْ وحشـةً
أطلالَهــا مــذ فــارقتْ أطلاءهـا
وبمهجـتي مـن ذلـك السـّرب الذي
حـلَّ الجوانـحَ وارْتمـى أَفناءهـا
ثُعَليَّــةُ الألحــاظِ لمـا إن رَنـتْ
أَصـْمَتْ فـؤاداً لـم يُطِـقْ إصماءها
أذكـى الحيـاءُ بوجنتيهـا نـارَهُ
حيـث الشـبيبةُ قـد أسالتْ ماءها
خجِلــتْ وأدْنَـت كفّهـا مـن خـدّها
فحســـبتُها مخضـــوبةً حناءهــا
وتكلَّلـــتْ وَتنطَّقَـــتْ وتَقرَّطـــتْ
فحكـــى تَلألــؤُ آلهــا لألاءهــا
تتطلَّــع الجـوزاءُ فـي إكليلهـا
ونِظامِهــا والشــّعْريانِ إزاءهـا
أتْبَعْتُهـــا إذ وَدَّعـــتْ بتحيَّــةٍ
مثــلَ التحيَّـة تقتفـي جوزاءهـا
حكـتِ الغزالـةَ والغـزالَ بلحظِها
وَبجِيــدها وبإلفِهــا بيــداءها
شـيْمُ البـوارقِ شـيمةٌ مـن أهلها
فــإذا رأوهـا يَمَّمُـوا أنحاءهـا
عُرْبٌ بدينِ الشُّهْب دانوا في الهُدى
وعَلَـوْا بـأُفقِ المَعْلـواتِ علاءهـا
مـن كـلِّ معتـاض البـدا من دارِهِ
دارا إذا مـا الـدَّارُ ملَّ ثَواءها
يرتــادُ أبكـارَ الرِّيـاضِ بقـومه
وبقـــولِهِ مُتَخَيِّـــراً أكلاءهـــا
كـم بيـتِ شـَعرٍ قـد ثَنـاهُ مقوضاً
وبيـوتِ شـعرٍ قـد أقـامَ بناءهـا
يَرْضـَوْنَ إقْـواءَ الـبيوتِ وإنْ هُـمُ
نظمـوا البُيُـوتَ تجَنَّبوا إقْوَاءها
بــانُوا بكـلِّ قضـيب بـانٍ ناضـِرٍ
ســَقتِ النـواظرُ زهـرَهُ أَنواءهـا
قُضــْبٌ منعّمــة ممتّعــة الجنــى
قــد ظللتهــا قُضـْبُهُمْ أَفياءهـا
تجنـي نواظرُهـا علـى مـن يجتني
أَنوارَهــا أو يَجْتلــي أضـواءها
كــانت ظلالُ وصـالها تنـدى فقـد
أَحْمَــتْ هـواجرُ هجْرِهـا رمضـاءها
قـد كـانت الأيَّـام تسـمحُ بالمنى
وتُنيــل قبـلَ سـُؤالِها أنواءهـا
حتَّـى اقتضـتْ شِيَمُ التنقُّلِ أن ترى
مســـترجعاتٍ رِفْــدَها وحِباءهــا
وتَعــاقُبُ الأضــدادِ يقضـي أنَّهـا
ســَتُديلُ مــن ضــَرَّائها سـَرَّاءها
والــدَّهر نقلتـه وإن هـي كـدَّرت
شـُرْبَ النفـوسِ فقـد تُتيحُ صفاءها
فيسـوءها طـوراً بمـا قـد سـرَّها
ويسـرّها طـوراً بمـا قـد سـاءها
فــترجَّ مـن عَطْـفِ اللَّيـالي كـرّةً
فلكــم جَلــتْ بسـرورها غَمَّاءهـا
كيـف السـَّبيلُ إلـى وِصـال بخيلةٍ
منعــتْ لقـاءَ خيالهـا ولقاءهـا
ضـَنَّتْ فـأعيت فـي الضنانة بالذي
ســُئلتْ وأعْيـا طيفُهـا إعْياءهـا
لَـوْ قـدْرَ ما بَخلَتْ تَجُود حكتْ ندى
كــفّ الأميــر محمــدٍ وســخاءها
مَلِــكٌ كسـا الإِسـلامَ ثَـوْبَ نضـارةٍ
بظبــا أطــاحَتْ كفُّــه أعـداءها
ومضــت عزائِمُــهُ إلــى أعـدائِهِ
صـُدُقاً فأمضـى المرهفـاتِ مضاءها
كــم ذلَّلـتْ عُربـاً وعُجمـاً خَيْلُـهُ
إذ ظلَّلــتْ بِعجاجِهــا صــحراءها
تـذرُ الجماجمَ إن عَصَتْ مثل اسمها
وتُــديرُ فـي أرجـائهم أرحاءهـا
جـابتْ إلـى الأعـداءِ كـلَّ تَنوفـةٍ
وطــوَتْ إلـى أعـدائها عُـدَواءها
لـو يمَّمَـتْ حُجـراً عدا عن أن ترى
تلـك الكتـائبَ نَقْعُهـا زرقاءهـا
ليحـــت فلاحــت كالأهِلَّــةِ رِقَّــةً
سـلب التقهقـرُ والمُحـاق ضِياءها
أو كالقسـيّ العُـوج أحْكـم عَطْفَها
صــَنَعٌ تَخَيَّــرَ نَبْعَهــا وسـَرَاءها
تَـرْدي بكـلِّ مُشـَمِّرٍ يُـردي العِـدا
طعنــاً ويفــري سـَيْفُهُ أعضـاءها
ســفحوا دمـاءَ عُـداتهم بصـفائحٍ
ولــيَ الجِلادُ صــِقالَها وجلاءهــا
لـم تُمْضـِها يَـدُ صَيْقَلٍ مُنذُ اغْتَدى
وَصــْلُ الضـِرابِ مواصـلاً إمضـاءها
صـُقِلتْ بِضـَرْبٍ قـد أبـى أن تكتسي
أَغمادَهــا أو تكتســي أصـداءها
طــالتْ هــوادي خيلهـم فكأنَّهـا
نخــلٌ غـدا أسـلُ القنـا سـُلاءها
مَلَـؤوا صـدورَ عُـدَاتِهم خوفاً بها
إذ خــالطوا بصـدورها أحشـاءها
كــانت بألسـنة الصـوارم عُجْمَـةٌ
فاســْتَنْطَقَتْ أيــديهُمُ عَجْماءهــا
خَطُّـوا حروفـاً فـي وجـوه عداتِهمْ
وَليَـتْ حـروفُ المرهفـات سـَحَاءها
جعلـوا القنـا أقلامَهـم وطروسَهُم
مُهَــجَ العـدا ومـدادهنَّ دماءهـا
لـم تقـرأ الكتـاب أحرفها التي
قــد أصــبحت كُتَّابُهــا قرَّاءهـا
وأظــنّ أنَّ الأقــدمين لـذا رَأوْا
أن يَجْعلـــوا خطيــةً أســماءها
جيــشٌ تُعَضــِّلُ منــه كـلُّ مفـازةٍ
ويُغِـصُّ بـالجُرْد العِتـاقِ فضـاءها
سـالت رعـان الـذعرِ منها عندما
هــالتْ سـنابكُ خيلهـا صـَفواءها
وقضـتْ بفرقـة فِرْقَـةٍ عَصـَتِ النُّهى
فـي أمرهـا إذ طـاوعت أهواءهـا
خمـدوا بوقـدة جمرة الحرب التي
هــاجتْ شــرارةُ شـَرِّهمْ هيجاءهـا
مـا واجهوا بشبا الوشيجِ وجوهها
حتَّـى اقتفـوا بسـيوفهم أقفاءها
صـــبَّحتهم بســـوابحٍ كســـوائح
أضـحى مُـراقُ دم العـدا دأماءها
أطفــأت بالهنــديّ شـعلة فِتنـةٍ
أضــحى حُسـامكَ حاسـماً أَدْوَاءهـا
لـم تُصـْدرِ الأرمـاح إلاّ بعـد مـا
أرْيـتَ مـن قُلُـبِ القلـوب ظماءها
وكتــائب أصـليتَ نيـران الظبـا
وشـبا القنـا إذ أدْبـرَتْ أصلاءها
وتجلَّلــت بالنبــل أدرعُ خيلهـا
مثـل السـيولِ الحـاملاتِ غشـاءها
مـن كـلِّ سـابغة الـذيول حصـينة
جَــدلاء أحكــمَ قينُهـا إنشـاءها
بلـغَ النهاية في التكاثف سردُها
فـأَتتْ كمـا وشـَّى الرِّياحُ نِهاءها
يهـدي هواديهـا إلـى أرض العدا
مَلــكٌ لِصــَيْدِهمُ أعــدَّ عــداءها
خيـل غنيـن بصـيد آسـاد الشـرى
عـن أن تصيد بها المها وظِباءها
يصـل الجهـادَ بهـا ويُبْصـِرُ راحةً
للنفــسِ فيهـا جُهـدَها وعناءهـا
كـم ردَّ أرض عِـداه بحـراً مـن دَمٍ
وأَصـارَ أرضـاً بالعجـاج سـماءها
أذكــى لِعَيْـنِ الخلـقِ عيـنَ كلاءةٍ
ســاوى سـهاداً صـُبْحُها إمسـاءها
عيـن قـد اكتَحَلَـتْ بنور الحقِّ لم
تــؤثر علـى يَقَظاتِهـا إغفاءهـا
تُغضـِي عـن الجـاني فيحسـب أنَّها
ليسـت بيقظـى مـن يَـرَى إغضاءها
فـإذا رأتـه أسـاءَ سهواً وارعوى
أبقــتْ عليـه فأحسـَنَتْ إبقاءهـا
ليسـت تسـيء إلى المسيء وطالما
قــد أحسـنتْ للمحسـنينَ جزاءهـا
فعلـى كلا الحـالين شـيمة فَضـْلِهِ
تُســْدي وتَمْنَـحَ دائمـاً نعماءهـا
أنســى حِجــاهُ وعلمُــهُ وعطـاؤه
حلـمَ الملـوك وعلمَهـا وعطاءهـا
نجـلُ الهمام المرتضى يحيى الذي
لبَّــى العلا إذْ أَسـمعته نـداءها
سـِبطُ الهُمـام أبـي محمـدٍ الـذي
أفنـى العـداة معـاوِداً إفناءها
نجل الرضى الهادي أبي حفص الذي
نَصـَرَ الهِدايـة قـاهِراً أعـداءها
زَخَــرَت براحَتِــه بِحــارُ سـماحةٍ
مـا أحْـوَجت لِوَسـيلةٍ مَـنْ جاءهـا
فـإذا رأتْ هِيـمُ الأمـاني نوءهـا
غَنِيـتْ بـه عـن أن تمُـدَّ رِشـاءها
كــفٌّ تكــفُّ أذى العــدوّ وكفُّــهُ
قبضــاً وتبسـطُ للعُفـاةِ رجاءهـا
بِكـمُ أتـمَّ اللـه أَنـوارَ الهـدى
إذ حـاولتْ أيـدي العدا إطفاءها
إنَّ الإِمامــة غيــرُ عادمـةٍ بكـم
إعلانَ دعوتهــــا ولا إعلاءهــــا
سـيكونُ فـي أخرى الليالي خَتْمُها
بكــمُ كمـا قـد كنْتُـمُ إبـداءها
فلأنــتَ أكـرمُ مجتبًـى مـن صـَفْوةٍ
شـادتْ علـى أسـر العدا علياءها
أوصــت لهــا آباؤهــا بمكـارمٍ
وفضــائلٍ أوصــت بهـا أَبناءهـا
هـم إخـوةُ الهـادي لأمَّتـه الـتي
بــالغَرْبِ قــد سـمَّاهمُ غرباءهـا
قـاموا بـأمر هدايـة قـد طابقت
قــولَ النّــبيّ ووصـفَهُ أنباءهـا
نهضـوا بدعوتها التي حملوا على
أيـدي الغَنـاء وأيَّـدوا أعباءها
فـأَنرْتَ مـا أَسـْدَوهُ مـن أثوابها
وأنــرتَ مـن أضـوائِها ظلماءهـا
فـإذا رأت مَـن أمّهـم خَلفـاً ولا
أعنــي ســواك تـذكّرتْ خُلَفَاءهـا
أعلـى الإِلـه بكـم معـالم دينِـهِ
وأزانَ بهْجَتَهــا بكــم وبهاءهـا
وأراك فـي الـدُّنيا مُـرادَكَ كلَّـهُ
حتَّــى يُطَبّــقَ أمرُكــم أرجاءهـا
وأدام دعوتَــكَ السـعيدة ناصـراً
راياتِهـــا ومســـدِّداً آراءهــا
واللــهُ يُبقـي باتصـالِ بقـائكمْ
ودوامِ نصــركَ نصــْرَها وبقاءهـا
حازم بن محمد بن حسن، ابن حازم القرطاجني أبو الحسن.أديب من العلماء له شعر، من أهل قرطاجنة شرقي الأندلس، تعلم بها وبمرسية وأخذ عن علماء غرناطة وإشبيلية وتتلمذ لأبي علي الشلوبين ثم هاجر إلى مراكش.ومنها إلى تونس، فاشتهر وعُمّر وتوفي بها.وله (ديوان شعر - ط) صغير وهو صاحب المقصورة التي مطلعها:لله ما قد هجت يا يوم الندى على فؤادي من تباريح الجوىشرحها الشريف الغرناطي في كتاب سماه (رفع الحجب المنشورة على محاسن المقصورة - ط).من كتبه (سراج البلغاء) طبع طبعة أنيقة محققة باسم (مناهج البلغاء وسراج الأدباء).