
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نصـــرٌ أزال غيـــاهب الأشــجان
فتعجــل الصــهبا مـع النـدمان
حمــراء صــافيةً كــأن حبابهـا
در توهـــج فــي خضــيب بنــان
رقـت علـى الأكـواب حـتى غلغلـت
رشـــحاتها بمكـــامن الأذهــان
هلا بخيــط شــعاعها قـد أضـرمت
فـي الخـد لا عجـةً مـن النيـران
يـوحي فـم الإبريـق مـن نزغاتها
ســحراً يفــك معاقــد الإيمــان
عايـــةٌ ترثـــي أوائل عزهـــا
نحبـاً إذا انصـبت مـن الكيـزان
صـرعت أبـا قـابوس ضـمن سـديره
وسـطت علـى الأقيـال فـي غمـدان
ورأت أعـاجيب الزمـان فلـم تجد
فـي الكـون مثـل هزيمة الطليان
قــوم أراد اللَـه خفـض مكـانهم
فتشـــبثوا بحبــائل الشــيطان
غـدروا بمـا صـنعوا وليس بناتج
حـر الجنـى فـي مغـرس العـدوان
إن الجمـاد يكـاد ينطـق مخـبراً
عمـــا جنتـــه خلائف الرومــان
دهمــوا طرابلسـاً عشـية أهلهـا
لا يرقبـــون مغيــرة القرصــان
وخلــت معــاقلهم فلا جنـد بهـا
إلا عصـــابات مـــن الشـــجعان
ظنـوا احتلال الثغـر مبدأ نصرهم
يــا غــش ذاك البـارق الفتـان
ومشـوا علـى جـوف البلاد بجيشهم
يـــتراطنون بـــأطيب الألحــان
حـتى إذا شهدوا المعارك أدرجوا
تلـك الأمـاني الغـر فـي الأكفان
نقمـوا علـى أهل الوزارة رأيهم
فـي الحـرب حيـن تناطح الجمعان
فـي حومـة الميـدان شـق عليهـم
مـا دبـروا فـي حومـة الـديوان
لا در درهــم بمــا قــد أملـوا
بعــدت منــازعهم عــن الإمكـان
يرجـون تـذليل الأبـاة فمـن لهم
برياضــة الآســاد فــي الـدحلان
إن المغاربـة الألـى لـم يذعنوا
للخســف فــي زمـن مـن الأزمـان
كبتوا الأعادي في اللقاء وصيروا
هجمــاتهم خــبراً بكــل لســان
مــن كـل مفتـول الـذراع مشـيعٍ
شـــثن البنــان مشــمر الأردان
يتـــذامرون كأنمــا أصــواتهم
صــبب الأتــى بمــترع الغـدران
فتيــان حــرب لا يــزل طعـانهم
عــن لـوح ظهـر أو صـفيح لبـان
بــأكفهم زرق الخنــاجر كلهــا
بـالطعن مـن علـق النجيـع قوان
لا يــــألفون رمايــــة إلا إذا
قصــرت ســواعدهم عــن الأقـران
تحكــي لــواحظهم بكــل عجاجـة
شـــرراً نضــمنه كــثيف دخــان
وجنودنـا صـبرٌ علـى ضـنك الوغى
يتراصـــفون تراصــف البنيــان
يتضـاحكون مـن الـردى حـتى غدا
لهـم صـدى البـارود عـزف قيـان
مـاذا جنـى أبنـاء رومـة بعدما
شــالت نعــائمهم بكــل مكــان
شــغفوا ببنـازي فلمـا جالـدوا
أبطــالهم حنــو إلــى ميــدان
يتشـايحون إلـى الفـرار كـأنهم
كـدر القطـا صـدت عـن الـبيزان
وكأنمــا كسـت الـدماء جنـوبهم
فـي الـروع أو شـحة من المرجان
يـتراجعون إلـى الثغور وقد غدت
بحمايــة الأســطول حــرز أمـان
لــولا الســفين لأصـبحت أشـلاؤهم
فـي القفـر عنـد مجاثم الضبعان
مـا كـان أجبنهـم علـى شـباننا
قلبــاً وأجرأهـم علـى الصـبيان
فـي رومـة حـتى المعـاد غضاضـةٌ
ضــربت علــى ســاحاتها بجـران
فسـقت أهاضـيب السـماك منـازلاً
مـن برقـة الحمـراء إلـى فـزان
حيــث السنوســي الإمـام يمـدنا
بكتــائب مــن أنجــد الفرسـان
بعـث العـزائم والمكـارم هـاتف
نفــذت عقيرتــه إلـى السـودان
مــاذا أقــول بمعشــر ينميهـم
عرقــان مــن أددٍ ومــن عـدنان
أهـل الوقـار فـإن بدت لعيونهم
نـار الـوغى طـاروا بكـل عنـان
وأبيـك قـد طمـع البغاة بأرضنا
فغــدا الســلاح كفالـة الأوطـان
وإذا الممالــك وقفـت أطماعهـا
صـدئت سـيوف الهنـد فـي الأجفان
فليعلــم الأقــوام أن أناتنــا
دامــت إلــى حيـن مـن الأحيـان
ولقــد دفعنـا للقضـاء نفوسـنا
بيـد الخليفـة مـن بنـي عثمـان
نسيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان.شاعر، من الكتاب المفكرين، من نوابغ الأمراء الأرسلانيين، ولد في بيروت، وتعلم بالشويفات، ثم بمدرسة الحكمة ببيروت، وأولع بشعر الجاهليين والمخضرمين، فحفظ كثيراً منه، وقال الشعر وهو في المدرسة، فنظم (واقعة سيف بن ذي يزن مع الحبشة) في رواية ذات فصول، وأتم دروسه في المدرسة السلطانية ببيروت. وعين مديراً لناحية الشويفات (بلبنان) فأقام نحو عشر سنوات، محمود السيرة، واستعفى، وسكن بيروت. ولما أعلن الدستور العثماني انتخب رئيساً لنادي جمعية الاتحاد والترقي في بيروت. ثم نقم على الاتحاديين لسوء سيرتهم مع العرب، فانفصل عنهم، وانضم إلى طلاب (اللامركزية) وأخذ ينشر آراءه في جريدة (المفيد) البيروتية، فكان لمقالاته فيها أثر كبير في الحركة العربية، ثم استمر مدة يلاحظ تحرير تلك الجريدة متطوعاً. كان مجلسه في مكتبها مجمع الكتاب والادباء وقادة الرأي. ولما نشبت الحرب العامة (سنة 1914م) انقطع عن أكثر الناس ولزم بيته. ثم انتقل إلى الشويفات (سنة 1915) وانصرف إلى استثمار مزارعه ومزارع شقيقيه شكيب وعادل، ولم يزل في انزوائه إلى أن توفي، وكان أديباً متمكناً، جزل الشعر، حلو المحاضرة، سريع الخاطر في نكتته وإنشائه، بعيداً عن حب الشهرة، يمضي مقالاته في المفيد باسم (عثماني حر).