
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يــا راقــد الضــحوات والأسـحار
هلا انتبهـــت لـــداهم الأخطــار
تبــاً لقلــب ليــس فـي سـودائه
للمجـــد زنـــد مثقــب بشــرار
تسـري الهمـوم ومـا نـؤم وفودها
وأبيــك غيــر جوانــح الأخيــار
وكــذا المحامـد تسـتعيد لأهلهـا
مـــــا آزروا بتحمــــل الأوزار
إن الخطــوب علـى تقـادم خلقهـا
منســــوجة بخيوطـــة الإعمـــار
لا تــترك الأيــام نغبــة طــائرٍ
حـــتى ترنقهـــا بنبــذ غبــار
قـد سـاورتنا كربـةٌ تـدع الكـرى
لا يســتقر مــن الجفــون بــدار
بــرحٌ تمكـن فـي الصـدور نزيلـه
يحكـــي جمــاراً شــيعت بجمــار
مـا أصـعب الشـجن الـذي بـدوامه
تــرك الفــؤاد مفــرق الأعشــار
فعلام نكتــم لوعــةً ضــاقت بهـا
بعــد التجلــد ندحــة الأضــمار
نأســى علـى عـز الخلافـة بعـدما
دارت عليــــه دوائر المقـــدار
عـــز أذل الخـــافقين وأرزمــت
أصـــداؤه فــي شاســع الأقطــار
يـا دولـةً مـا كـان أضـلعها على
جلـــلٍ وأمنعهــا لحــوض ذمــار
دانــت لسـطوتها الأسـود وأصـبحت
تعنــو البنـود لهـا بكـل مغـار
وابيــض مــن كـرم محيـا صـيتها
لمــا تــورد متــن كــل غــرار
قبلاً تقاصــرت المطــامع دونهــا
عجــزاً وخــابت طلبــة الأوتــار
وتراجعــت عنهـا العيـون كأنهـا
مغلولــــةٌ بسلاســــل الأشـــفار
هـي معـدن الفضـل الذي قد أومضت
شــــذراته بمفـــارق الأعصـــار
ميمونــة الأعــراق أشـرق نورهـا
بالمســتجن بنــوره فــي الغـار
تـروي الممالـك من مواطر عملمها
إن نقصـــتها كـــدرة الأمطـــار
خضـعت لهـا كـل الأمـور وبـات في
يــدها نصــاب النقــض والإمـرار
كـم فـي البريـة مـن مليـكٍ ضارعٍ
نصـــرته عنــد تخلــف الأنصــار
أعـزز علينـا اليوم أن يقوى على
تلــك الخلافــة ســاعد الأغيــار
طــور بــه دال الزمــان وإنمـا
طبــع الزمــان تــداول الأطـوار
دولٌ تجــور علـى الأنـام بفعلهـا
وشــعارها فــي العـدل أي شـعار
فــي كــل عــامٍ فلــذة مبتـورةٌ
مــن جســمنا بمخــالب الأنمــار
فـالثغر يلقـي فـي الهلاك قرينـه
والمضــر يلحــق ذاهــب الأمصـار
لا تبلـــغ الأطمــاع دوة أرضــنا
إلا علـــى جســـرٍ مــن الأعــذار
أيـن العهـود ومـا يخـط يراعهـم
لجلاء حــــقٍّ أو لكــــفِّ ضـــرار
فــالحق أصــبح لا يصــان حريمـه
إلا بخـــــط مهنـــــدٍ بتــــار
هيهـات مـا كـانت حفيظتهـم سـوى
قــول بــذاك المنطــق الغــرار
كـم دولـةٍ عنـد الشـدائد أفلتـت
مــن عهــدها كجــرادة العيــار
نمنـا علـى ملـث الوعـود وفاتنا
مــا دبــر الأعـداء فـي الأسـحار
فـي الأمـس ضـيعنا السـداد فإنما
عــون الخطــوب عــواقب الأبكـار
وتبــاين الأغــراض صــير عقـدنا
فـــي ســلكه متنــافر الأحجــار
مــا كــان أخلقنـا بكـل كرامـةٍ
لـو كـان شـمل الملـك غيـر نثار
يــا أهـل ودي مـن لـوعي رسـالةٍ
محبوكـــة بوشـــائعٍ مــن نــار
أو ما رأينا السيل قد بلغ الربى
حــتى اســتقل بمــائج التيــار
كيــف التجلــد للغضاضــة أنهـا
صــدعٌ علــى الأيــام غيـر جبـار
تتضـرم الأنفـاس فـي نحـر الفـتى
مــا دام مشــدوداً بغــلٍّ شــنار
إن المعيشــة لا يطيــب رحيقهــا
إلا إذا دارت بجـــــام فخــــار
يـا ضـمي ليلتنـا عليـك بحتفنـا
إن لـــم تمتعنــا بعــز نهــار
فالآلــة الحــدباء أهنـأ مرقـداً
مــن كــل مهـد فـي حضـيض صـغار
ومناعــة الأكتــاف أيمــن خطــةٍ
لســناء ملــك أو أمــان ديــار
لــولا النجـوم الثاقبـات حصـينةٌ
فـي الجـو مـا سـلمت مـن الأكدار
تبـدو لنـا الـدنيا على مس الأذى
ملتفــــة بملاءة مــــن فــــار
فتــدرعوا بـالحزم للجلـل الـذي
فـــدح البلاد بأثقـــل الأوقــار
وتقلــدوا العـزم المـتين فـإنه
قيــد المنــى وحبالــة الأوطـار
إن العزيمــة لـو أصـابت شـاهقاً
مــا غــدرت منــه محــل وجــار
لا تجزعــوا عنـد المكـاره إنمـا
لجــج المغــاص بيعــدة الأغـوار
مــن رام للمجــد المؤثـل غايـةً
هــانت عليــه وعــورة المضـمار
والبـأس جلبـاب الكـارم فهل بكم
مــن كــان يقنـع منـه بالأطمـار
زيـن الشـباب بـان يكـون خلـوقه
أبــداً عجــاج الفيلــق المـوار
فتســابقوا فـي كـل غمـرةٍ مشـهدٍ
فيهــا الحتــوف حديـدة الأظفـار
لا أبعـد اللَـه الألـى قـد جاهدوا
شــرفاً فمـا تـوا ميتـة الأحـرار
خلــوا المضـاجع منكـم وتخيـروا
مــن رقعــة الظلمـاء كـل دثـار
لـو كـان مـا قـد حل فينا نازلاً
فـي الطيـر مـا حنـت إلى الأوكار
لا تثمــروا الأفعـال حـتى تغتـذي
أعراقهــا بـدم الـوتين الجـاري
والمجــد لا يعــتز فــي شـرفاته
إلا بيجــــرة صــــارمٍ هبــــار
أبـت المعـالي أن تكـون عقودهـا
إلا صـــفوف العســـكر الجـــرار
وكـأن أدخنـة البنـادق في الوغى
للعـــزة القعســـاء وشــي إزار
والمـال دريـاق الهمـوم فعاونوا
أجنــادكم فــي ســاعة الإقتــار
لا تمســكوا مــا تكنـزون فإنمـا
ضــحى المــروءةَ عابـد الـدينار
إن النفــائس والنفــوس رهــائنٌ
للمــوت عنــد صــيانة الأخطــار
وتــذكروا الأجــداد إذ نــادتكم
للمكرمــــات بالســـن الآثـــار
شرعوا الفضائل في الحياة فجملوا
بعــد الممــات مســافر الأسـفار
إن لـم نـدافع عـن محـارم ملكنا
فالملــك ثــاوٍ فـي شـفير بـوار
كـم فـي الحـوادث مـن نذير زاجرٍ
لـــولا تشــاغلنا عــن الإنــذار
فاكشــف بليتنــا وســدد أمرنـا
يــا كاشــف الظلمــات بالأقمـار
نسيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان.شاعر، من الكتاب المفكرين، من نوابغ الأمراء الأرسلانيين، ولد في بيروت، وتعلم بالشويفات، ثم بمدرسة الحكمة ببيروت، وأولع بشعر الجاهليين والمخضرمين، فحفظ كثيراً منه، وقال الشعر وهو في المدرسة، فنظم (واقعة سيف بن ذي يزن مع الحبشة) في رواية ذات فصول، وأتم دروسه في المدرسة السلطانية ببيروت. وعين مديراً لناحية الشويفات (بلبنان) فأقام نحو عشر سنوات، محمود السيرة، واستعفى، وسكن بيروت. ولما أعلن الدستور العثماني انتخب رئيساً لنادي جمعية الاتحاد والترقي في بيروت. ثم نقم على الاتحاديين لسوء سيرتهم مع العرب، فانفصل عنهم، وانضم إلى طلاب (اللامركزية) وأخذ ينشر آراءه في جريدة (المفيد) البيروتية، فكان لمقالاته فيها أثر كبير في الحركة العربية، ثم استمر مدة يلاحظ تحرير تلك الجريدة متطوعاً. كان مجلسه في مكتبها مجمع الكتاب والادباء وقادة الرأي. ولما نشبت الحرب العامة (سنة 1914م) انقطع عن أكثر الناس ولزم بيته. ثم انتقل إلى الشويفات (سنة 1915) وانصرف إلى استثمار مزارعه ومزارع شقيقيه شكيب وعادل، ولم يزل في انزوائه إلى أن توفي، وكان أديباً متمكناً، جزل الشعر، حلو المحاضرة، سريع الخاطر في نكتته وإنشائه، بعيداً عن حب الشهرة، يمضي مقالاته في المفيد باسم (عثماني حر).