
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أمـن بعـد الفجيعـة بالنسيب
تـرى شـيئاً يعـد مـن الخطوب
إذا فكـرت فـي صـنع المنايا
رأيــت عجيبهـا رأس العجيـب
تغيــر ولا تجـاهر بالمغـازي
عليــك ولا تعــالن بـالحروب
مــتى جــرت علـى حـي سـلاحاً
عـن الكـر استعاضـت بالدبيب
لقـد أودى النسـيب فـأي نجمٍ
مــن العليـاء آذن بـالمغيب
فلا لــب اللــبيب أزاح عنـه
منيتــــه ولا رأي الطـــبيب
مصــابٌ فيـه يمتنـع التأسـي
وداعـي الصـبر يعدم من مجيب
غـدا قلـم البليـغ يكل وصفاً
لـديه ومنطـق اللسـن الأريـب
فـأين قريحـة الخنذيـذ منـه
وأيـن كـذاك عارضـة الخطيـب
مضـى لسـبيله مـن قـد عرفنا
بفرقتــه مســاورة الكــروب
وأدركنـا لـم الشـعراء قدماً
أطالوا القول في نأي الحبيب
ســريٌّ كــان فيــاض الأيـادي
أثيـل المجـد والحسب الحسيب
تواضــع شـيمةً وأنـاف قـدراً
فقـد أضـحى بعيـداً فـي قريب
إذا صـد الفـؤاد الصـلد عنه
ثنـاه إليـه بـالقول الرطيب
تكلـف الشـباب علـى المعالي
متـاعب قـد تحال على المشيب
مضـى الحصـن المنيع لكل شاكٍ
مـن الضـراء والزمـن المريب
ومن قد كان يولي العرف جزلاً
كوابــل مزنــةٍ جـم الصـبيب
ويغضـي عـن إسـاءة كـل بـاغٍ
كـأن الـذنب إحصـاء الـذنوب
لقـد كـانت خلال الخيـر فيـه
كقطـع الـروض فـي تـربٍ خصيب
مضـى وكـأنه مـا كـان يومـاً
لقــومٍ بـالزعيم ولا النقيـب
ولا كـانت سـراة النـاس تترى
تيمــم نحـوم مغنـاه الحيـب
ولا ســاس الأمـور علـى وجـوهٍ
ولا عـاني الخطـوب علـى ضروب
ألا يـا أيهـا الثـاوي فربداً
بمنزلـة الـدخيل أو الغريـب
لقـد كـان لـك الجلسـاء شتى
وبشـرك كـان منقطـع الضـريب
وكـان بـك الأحبـة فـي سـرورٍ
تعـالى اللَـه فجـاع القلـوب
نسيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان.شاعر، من الكتاب المفكرين، من نوابغ الأمراء الأرسلانيين، ولد في بيروت، وتعلم بالشويفات، ثم بمدرسة الحكمة ببيروت، وأولع بشعر الجاهليين والمخضرمين، فحفظ كثيراً منه، وقال الشعر وهو في المدرسة، فنظم (واقعة سيف بن ذي يزن مع الحبشة) في رواية ذات فصول، وأتم دروسه في المدرسة السلطانية ببيروت. وعين مديراً لناحية الشويفات (بلبنان) فأقام نحو عشر سنوات، محمود السيرة، واستعفى، وسكن بيروت. ولما أعلن الدستور العثماني انتخب رئيساً لنادي جمعية الاتحاد والترقي في بيروت. ثم نقم على الاتحاديين لسوء سيرتهم مع العرب، فانفصل عنهم، وانضم إلى طلاب (اللامركزية) وأخذ ينشر آراءه في جريدة (المفيد) البيروتية، فكان لمقالاته فيها أثر كبير في الحركة العربية، ثم استمر مدة يلاحظ تحرير تلك الجريدة متطوعاً. كان مجلسه في مكتبها مجمع الكتاب والادباء وقادة الرأي. ولما نشبت الحرب العامة (سنة 1914م) انقطع عن أكثر الناس ولزم بيته. ثم انتقل إلى الشويفات (سنة 1915) وانصرف إلى استثمار مزارعه ومزارع شقيقيه شكيب وعادل، ولم يزل في انزوائه إلى أن توفي، وكان أديباً متمكناً، جزل الشعر، حلو المحاضرة، سريع الخاطر في نكتته وإنشائه، بعيداً عن حب الشهرة، يمضي مقالاته في المفيد باسم (عثماني حر).