
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أأغنـى سـلاح الصـبر وقعـة الخطـب
وأنقـذ صرعى الحزن من غمرة الكرب
إلا رحمـة للشـام قـد نـاب أهلهـا
أسـى ليـس يؤسـى بالمداواة والطب
فيــا لــك مـن خطـب لشـدة وقعـه
تـوازن بعـد العهـد فيه مع القرب
تفيــض شـؤون العيـن حـتى كأنهـا
تجـود بسـقياها علـى نـابت الهدب
لئن خطـب دمـع فـي الخـدود فـإنه
رسـالة قلـبٍ قـد تسـتر فـي الجنب
تفجــع قطــر الشـام طـراً كأنمـا
منــابره العجمـاء تفصـح بـالنحب
علــى أحمــد حــق النحيـب فـإنه
خزانــة علـم الأوليـن مـن العـرب
هلال مــن الأقمـار أضـوأ مـن سـما
وفـرد مـن الأحيـاء أنفـع مـن حزب
قضـى عمـره بيـن اليارعات والدوى
ومــا مســجي بالــدفاتر والكتـب
إمــام يــؤم النـاس مـترع فضـله
ويغـتر الـوراد مـن جفـره العـذب
يصــوب العقــول القـاحلات بشـرحه
ويمتعهــا بعـد القحولـة بالخصـب
لـــه نظــرات لا تطيــش ســهامها
بتعييـن إيجـاب مـن الأمـر أوسـلب
هــو البحــر يعطــي دره متطوعـاً
ويقــذف مـن أمـواجه سـاطع الحـب
أخــو كــرمٍ حــر الشـمائل زانـه
لسـان لعمـر الحـق يروي عن القلب
لــه عزمــات فـي الأمـر إذا جـرت
تنكـب عـن منهاجهـا أدهـم الخطـب
لقــد كلفتــه شـيمة المجـد خطـة
لقطـع صـبر المـرء بالسعي والدأب
وأورده الطبــع العصــامي مـورداً
يجـــدل فرســان الحصــافة والإرب
فلــم تحـل الأعبـاء دون اجتهـاده
ولا فلـت الأتعـاب مـن عزمـه الصلب
وأدرك مــن هــذا الزمـان رغيبـةً
يغادرهـا التاريخ ديناً على الشعب
هـي المعهد السامي الذي قد تبينت
فضــائله الحســنى بطلابـه النجـب
نشـا حيـن كان النشء في وسط غيهب
مـن الجهل حتى راعهم صبحه المنبي
وقـام عليـه رائد الـرأي والحجـى
وجـامع شـمل العلم في صدره الرحب
فمـــا كــان إلا روضــةً معنويــةً
تــدبجها ســحب المعـارف بالسـكب
فليــس علـى أعناقنـا مـن فريضـةٍ
كعرفاننـا فصـل المغيـب في الترب
لعمــر قــد كـانت تـدور أمورنـا
وآمالنــا طـراً علـى ذلـك القطـب
فقــدناه فقــدان الــذخائر أنـه
لنعم عتاد القوم في الموقف الصعب
إذا أنصـفته أمـة العـرب لـم تكن
تضــن عليــه بالرثــاء وبالنـدب
بهـم حاجـة قصـوى علـى كـل حالـةٍ
إلـى مثلـه فـي جودة الرأي واللب
لقـد طلـب الشـرق الضـياء لعينـه
فأعشاه مأتى الشمس من جانب الغرب
ومـن يـك أعشـى ليـس يـدري طريقه
تشـبث فـي أحبولـة الصـائد الندب
لقـد نصـبوا فـي الشرق ألف حبالةٍ
وهـان عليهـم صـيد أشـباله الغلب
خـذوا النور من شمس البلاد وبدرها
كـذاك قضـت فـي الكون هندسة الرب
ألا أنـزل المـولى علـى قـبر أحمد
غيوثـاً مـن الرضـوان دائمـةَ الصب
وأبقــى بنيــه فـي أمـان وغبطـةٍ
عالــج تصــديع المصـيبة بـالرأب
نسيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان.شاعر، من الكتاب المفكرين، من نوابغ الأمراء الأرسلانيين، ولد في بيروت، وتعلم بالشويفات، ثم بمدرسة الحكمة ببيروت، وأولع بشعر الجاهليين والمخضرمين، فحفظ كثيراً منه، وقال الشعر وهو في المدرسة، فنظم (واقعة سيف بن ذي يزن مع الحبشة) في رواية ذات فصول، وأتم دروسه في المدرسة السلطانية ببيروت. وعين مديراً لناحية الشويفات (بلبنان) فأقام نحو عشر سنوات، محمود السيرة، واستعفى، وسكن بيروت. ولما أعلن الدستور العثماني انتخب رئيساً لنادي جمعية الاتحاد والترقي في بيروت. ثم نقم على الاتحاديين لسوء سيرتهم مع العرب، فانفصل عنهم، وانضم إلى طلاب (اللامركزية) وأخذ ينشر آراءه في جريدة (المفيد) البيروتية، فكان لمقالاته فيها أثر كبير في الحركة العربية، ثم استمر مدة يلاحظ تحرير تلك الجريدة متطوعاً. كان مجلسه في مكتبها مجمع الكتاب والادباء وقادة الرأي. ولما نشبت الحرب العامة (سنة 1914م) انقطع عن أكثر الناس ولزم بيته. ثم انتقل إلى الشويفات (سنة 1915) وانصرف إلى استثمار مزارعه ومزارع شقيقيه شكيب وعادل، ولم يزل في انزوائه إلى أن توفي، وكان أديباً متمكناً، جزل الشعر، حلو المحاضرة، سريع الخاطر في نكتته وإنشائه، بعيداً عن حب الشهرة، يمضي مقالاته في المفيد باسم (عثماني حر).