
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
زَيْدٌ بنُ عَمْرٍو بنِ نُفَيْلٍ، أَحَدُ الأَحْنافِ فِي الجاهِلِيَّةِ؛ فَقَدْ تَرَكَ عِبادَةَ الأَصْنامِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ ما ذُبِحَ عَلَيْها، وَذَهَبَ إِلَى الشّامِ لِلبَحْثِ عَنْ أَدْيانِ أَهْلِها فَرَجَعَ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ الأَدْيانِ، وَالْتَزَمَ الحَنِيفِيَّةَ دِينَ إِبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَقَدْ عاصَرَ الرَّسُولَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ بِعْثَتِهِ، وَقالَ عَنْهُ النَّبِيُّ: "يُبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ"، تُوُفِّيَ فِي مَيْفَعَةَ فِي البِلْقاءِ نَحْوَ عامِ 17ق.ه/ 606م
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هُوَ زَيدٌ بنُ عَمْرٍو بنِ نُفَيْلٍ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ رَباحِ بنِ عَبدِ اللّٰهِ بنِ قُرْطِ بنِ رَزاحٍ بنِ عَدِيٍّ بنِ كَعْبٍ بنِ لُؤَيٍّ بنِ غالِبٍ بنِ فِهْرٍ بنِ مالِكٍ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إِلْياسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزارٍ بنِ مَعَدٍّ بنِ عَدْنانَ، وَيُنْسَبُ زَيْدٌ إِلَى بَنِي عَدِيٍّ بنِ كَعْبٍ فَيُقالُ: العَدَوِيُّ.
وَذَكَرَ الأَصْفَهانِيُّ فِي (الأَغانِي) أَنَّ أُمَّ زَيدٍ هِيَ جَيْداءُ بِنتُ خالِدِ بنِ جابِرِ بنِ أَبِي حَبِيبِ بنِ فَهْمٍ. وَكانَتْ جَيْداءُ عِنْدَ نُفَيْلٍ بنِ عَبْدِ العُزَّى، ثُمَّ ماتَ عَنْها نُفَيلٌ فَتَزَوَّجَها ابْنُهُ عَمْرٌو فَوَلَدَتْ لَهُ زَيْداً، وَكانَ هذا نِكاحاً يَنْكَحُهُ أَهْلُ الجاهِلِيَّةِ. وَوَرَدَ أَنَّ زَيْداً تَزَوَّجَ مِنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الحَضْرَمِيِّ، وَتَزَوَّجَ أَيْضاً مِنْ فاطِمَةَ بِنْتِ بَعْجَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بنِ خُوَيْلِدٍ بنِ خالِدٍ بنِ المُعَمَّرِ بنِ حَيّانَ بنِ غَنَمٍ بنِ مَلِيحٍ مِن خُزاعَةَ. فَأَنْجَبَ مِنْها الصَّحابِيَّ سَعِيدَ بنَ زَيْدٍ أَحَدَ العَشَرَةِ المُبَشِّرِينَ بِالجَنَّةِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمَّ كَرَزَ بِنْتَ عَمّارِ بْنِ مالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ الكِنانِيَّةَ، وَأَنْجَبَ مِنْها ابْنَتَهُ عاتِكَةَ الَّتِي تَزَوَّجَها عَبْدُ اللّٰهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ، ثُمَّ الزُّبَيْرُ بْنُ العَوّامِ.
يُعَدُّ زَيْدٌ بنُ عَمْرٍو بنِ نُفَيْلٍ مِنْ أَشْهَرِ الأَحْنافِ فِي الجاهِلِيَّةِ، الَّذِينَ اعْتَزَلُوا عِبادَةَ الأَوْثانِ، وَسَعَوْا إِلَى البَحْثِ عَنْ الأَدْيانِ، لكِنَّ الأَخْبارَ عَنْهُ لا تَكْشِفُ عَنْ نَشْأَتِهِ وَتَكْوِينِهِ وَعَنْ أَسْبابِ تَشَكُّلِ وَعْيِهِ وَمُخالَفَتِهِ لاِعْتِقادِ قَوْمِهِ، فَزَيْدٌ رَفَضَ عِبادَةَ الأَصْنامِ، وَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ أَكْلَ ما يُذْبَحُ عَلَى الأَوْثانِ وَشُرْبَ الخَمْرِ وَالزِّنَى، وَكانَ يَتَحَنَّفُ فِي غارِ حِراءَ، وَقَدْ وردَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشامٍ أَنَّ أَسْماءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُما قالَتْ: "لَقَدْ رأيتُ زيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل شَيْخًا كَبِيرًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى الْكَعْبَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا معشرَ قُرَيْشٍ، وَاَلَّذِي نَفْسُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو بِيَدِهِ: مَا أَصْبَحَ مِنْكُمْ أَحَدٌ عَلَى دِينِ إبْرَاهِيمَ غَيْرِي، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أيَّ الْوُجُوهِ أَحَبُّ إلَيْكَ عبدتُك بِهِ، وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُهُ، ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى رَاحَتِهِ."
وَقَدْ ذَكَرَ هذِهِ المَعانِي فِي شِعْرِهِ، فَأَشارَ إِلَى مُخالَفَتِهِ لِاعْتِقاداتِ قَوْمِهِ وَأنكرَ عَلَيْهِمْ عِبادَةَ الأَوْثانِ وَأظهرَ إِيمانَهُ بِإِلٰهٍ واحِدٍ، وَأَنَّهُ عَلَى دِينِ إِبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
أَرَبًّا وَاحِدًا أَمْ أَلْفَ رَبٍّ أَدِينُ إِذَا تَقَسَّمَتِ الأُمُورُ
عَزَلْتُ اللَّاتَ وَالعُزَّى جَمِيعًا كَذَلِكَ يَفْعَلُ الجَلْدُ الصَّبُورُ
وَلَكِنْ أَعْبُدُ الرَّحْمَنَ رَبِّي لِيَغْفِرَ ذَنْبِيَ الرَّبُّ الغَفُورُ
ويقولُ:
وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ لَهُ الأَرْضُ تَحْمِلُ صَخْرًا ثِقَالَا
دَحَاهَا فَلَمَّا رَآهَا اسْتَوَتْ عَلَى المَاءِ أَرْسَى عَلَيْهَا الجِبَالَا
وَقَدْ واجَهَ زَيْدٌ بِسَبَبِ آرائِهِ التَّضْيِيقَ مِنْ قبلِ أَقارِبِهِ فِي مُحاوَلَةِ صَدِّهِ عَنْ أَفْكارِهِ حَتَّى أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ مِنْ مَكَّةَ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ عَمَّهُ الخَطّابَ بنَ نُفِيْلٍ كانَ قَدْ أَخْرَجهُ مِنْ مَكَّةَ وَجَماعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَنَعُوهُ أَنْ يَدْخِلَها حِينَ فارَقَ أَهْلَ الأَوْثانِ، وَكانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ الخَطّابُ بنُ نَفِيْلٍ. وَكانَ زَيْدٌ بنُ عَمْرٍو إِذا خَلَصَ إِلَى البَيْتِ اسْتَقْبَلَهُ ثُمَّ قالَ: لَبَّيْكَ حَقّاً حَقّا، تَعَبَّداً وَرَقّا، البِرُّ أَرْجُو لا الخالَ، وَهَلْ مَهْجَّرٌ كَمَنْ قالَ، ثُمَّ يَقُولُ:
عُذْتُ بِما عاذَ بِهِ إِبْراهِمُ
مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ وَهْوَ قائِمُ
يَقُولُ أَنْفِي لَكَ عانٍ راغِمُ
مَهْما تُجَشِّمْنِي فَإِنِّي جاشِمُ
ووردَ أَيضاً أنَّ زَوجتَهُ بِنْتُ الْحَضْرَمِيِّ كانتْ تَلومُهُ وتُنكرُ عليهِ مخالَفتَهُ لقومِهِ، فقد ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ أن زَيْداً قَدْ أَجْمَعَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ، لِيَضْرِبَ فِي الْأَرْضِ يَطْلُبُ الْحَنِيفِيَّةَ دِينَ إبْرَاهِيمَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَتْ صفيَّةُ بِنْتُ الْحَضْرَمِيِّ كَلَّمَا رَأَتْهُ قَدْ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ وَأَرَادَهُ، آذَنَتْ بِهِ الْخَطَّابَ بنَ نُفَيلٍ، وَكَانَ الْخَطَّابُ بنُ نُفَيلٍ عَمَّهُ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ، وَكَانَ يُعَاتِبُهُ عَلَى فِرَاقِ دِينِ قَوْمِهِ، وَكَانَ الخَطَّابُ قَدْ وكَّل صَفِيَّةَ بِهِ. وَقَالَ: إذَا رَأَيْتِيهِ قَدْ هَمَّ بِأَمْرٍ فآذِنينِي بِهِ -فقالَ زيدٌ:
لا تَحْبِسـِينِي فِـي الْهَـوا نِ صـَفِيَّ مـا دَأْبِي وَدَابُهْ
إِنِّــي إِذا خِفْـتُ الْهَـوا نَ مُشــَيَّعٌ ذُلُــلٌ رِكـابُهْ
وَأَخِـي ابْـنُ أُمِّـي ثُمَّ عَمْ مِـي لا يُـواتِينِي خِطـابُهْ
وَإِذا يُعـــاتِبُنِي بِســُو ءٍ قُلْـتُ أَعْيـانِي جَـوابُهْ
وَإِذا أَشــاءُ لَقُلْـتُ مـا عِنْــدِي مَفـاتِحُهُ وَبـابُهْ
وكانَ زيدٌ قدْ رحلَ إِلى الشَّامِ طلباً لِمعرفةِ الأَديانِ، فاطَّلعَ على اليهوديَّةِ والنَّصرانيَّةِ، لكنَّهُ -كما ذكر ابنُ إسحاقَ- أنَّ زَيْداً لم يَدخل يَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ، وَفَارَقَ دِينَ قَوْمِهِ، فَاعْتَزَلَ الْأَوْثَانَ وَالْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَالذَّبَائِحَ الَّتِي تُذْبَح عَلَى الأوثان وَنَهَى عَنْ قَتْل الْمَوْءُودَةِ، وقَالَ: أعبدُ ربَّ إبْرَاهِيمَ، وبادَى قَوْمَهُ بعيْب مَا هُمْ عَلَيْهِ. وقد ورَدَ في صَحيحِ البُخاريِّ في سببِ التزامِهِ بِدينِ إبراهيمَ عليه السّلام أنَّ زيداً خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ اليَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِي، فَقَالَ: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللهِ، قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللهَ، فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ: وَمَا الحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللهَ، فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ".
وقدْ أَشارَ ابْنُ سَلَّامٍ في طَبقاتِهِ أنّ أُميَّةَ بنَ أَبي الصَّلتِ مَرَّ بِزيدٍ بنِ عَمْرٍو بنِ نُفَيْلٍ وَكَانَ قدْ طلبَ الدّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ هُوَ وَورقةُ بنُ نَوْفَل، فَقَالَ لَهُ أُميَّةُ يَا باغِيَ الْخَيْرِ هَل وجدْتَ قَالَ لَا، قَالَ وَلم أُوتَ مِن طَلَبٍ، قَالَ أَبَى عُلَمَاءُ أَهلِ الْكِتابِ إِلَّا أَنَّهُ مِنَّا أَو مِنْكُم أَو مِن أَهلِ فِلسطِينَ.
وقدْ أَثنَى النّبيُّ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ عَلى زَيدٍ، فَقد وردَ أَنَّ ابْنَهُ سَعِيدَ بْنَ زيْد بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ، قَالَا لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَسْتَغْفِرُ لِزَيْد بْنِ عَمْرٍو؟ قَالَ: "نَعَمْ، فَإِنَّهُ يُبْعث أُمَّةً وحدَه".
ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ في (جَمهرة أنسابِ العربِ) أَنَّ زَيداً بنَ عَمْرٍو بنِ نُفَيْلٍ ماتَ مَقْتُولاً، قَتَلَهُ أَهْلُ مَيْفَعَةَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى البَلْقاءِ بِقُرْبِ دِمَشْقَ مِنْ لَخْمٍ أَوْ جُذامٍ، وَحَدَّدَ الزَرْكُلِيُّ في (الأعلام) سَنَةَ وَفاتِهِ بِنَحْوِ عامِ 17ق.ه/606م.
تَكْثُرُ المَعانِي الدِّينِيَّةُ فِي شِعْرِ زَيْدٍ بنِ عَمْرٍو بنِ نُفَيْلٍ، وَذكرِ اعْتِزالِهِ لِقَوْمِهِ فِي عِبادَتِهِمْ الأَصْنامَ، وَيُعِدُّ شِعْرُهُ بَحْثاً عَنْ طَرِيقِ الهِدايَةِ، بحيث يُمَثِّلُ الاتِّجاهُ التَّوْحِيدِيُّ الاتِّجاهَ الأَساسِيَّ فِي شِعْرِهِ.
اخْتَلَطَ شِعْرُ زَيدٍ بنِ عَمْرٍو بنِ نُفَيْلٍ بِشِعْرِ غَيْرِهِ مِنَ الشّعراءِ الأَحْنافِ مثل وَرَقَةَ بنِ نَوْفَلٍ وَأُمَيَّةَ بنِ الصَّلْتِ وَغَيْرِهِما مِنْ الَّذِينَ رَكَّزُوا عَلَى المَعانِي الدِّينِيَّةِ فِي شِعْرِهِمْ.
(رواه ابن عساكر وحسنه الألباني.).
(رواه أبو يعلى).