
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أظلـــم الليــل ولاح القمــر
ســابحا فــي الأفـق المضـطرب
تــارة يخفــى وطــورا يظهـر
كرقيــب بيــن تلــك الســحب
والمغــــاني لابســــات جللا
مـن نثـار المزن يبهرن النظر
ولأغصــان النقــا منــه حلـى
ولأجيـــــاد الأزاهيــــر درر
ونســيم الليــل يســري عجلا
ولــه مــع قضـب الـروض سـمر
ومــن الفتيــان يبـدو معشـر
ســار كــل منهــم فـي مـذهب
ذا لـــه محبوبـــة تنتظـــر
ذاك يبغــي شـرب بنـت العنـب
وجـــرت مركبـــة ضـــمت ثلا
ثـــة ضــباط بثــوب الحــرس
كلهـم يصـبو إلـى الغيـد ولا
يبتغـي غيـر الهـوى مـن مؤنس
فـانتحوا والمبتغى شرب الطلا
فنــدقا يــذهب هــم الأنفــس
قــد حـوى أقـداح خمـر تزهـر
عنــد مــزج بنجــوم الحبــب
كــم لهــا مـن نشـوة تعتـبر
ســـببا يحـــدث ســـوء الأدب
قــال منهــم ذو غــرام غـزل
لا يتــم الأنــس إلا بالحســان
آه مــن لــي بفتــاة تخجــل
بسـنا طلعتيهـا حـور الجنـان
ريقهــا خمـري ونقلـي القبـل
مــن فــم مـا قبلتـه شـفتان
حبــذا الأعيــن فيهــا حــور
وثــــور تزدهـــي بالشـــنب
وجبــاه قــد علتهــا الطـرر
كنجـــوم ســطعت فــي غيهــب
بينما هم بالغواني في افتكار
نظــروا حسـناء تمشـي مسـرعه
وجههــا أشـرب لـون الجلنـار
والســنا ألقـى عليـه برقعـه
فيـه ماء الحسن يجري فوق نار
وجنــــات كجنـــان ممرعـــه
نظمــت فـي الثغـر منهـا درر
ولهــا شــعر بلــون الــذهب
قـــدها غصـــن عليــه ثمــر
مــن نهــود لنهــاهم تسـتبي
صـاح ذاك الغـر يا ذات السنا
ليــس غيـر اللهـو شـيء حسـن
ببهــا وجهــك عقلـي افتتنـا
حبــذا الــوجه بــه يفتتــن
فأجــابت يـا فـتى لسـت أنـا
بفتــــاة عرضـــها ممتهـــن
ليــس لـي فيمـا أردتـم وطـر
إن أمـــي بانتظــاري وأبــي
فـالتمس مـن تسـتبيها الغـرر
تلـــك أن تــدع لأمــر تجــب
قـال لا أبغـي سـوى أن تنهلـي
كـأس خمـر فوقها يطفو الحباب
لــك منهــا لــو خــد خجــل
مثلمـا منـك لهـا طعم الرضاب
فأجــابته كمــن لــم يحفــل
ليـس مـن عاداتنا شرب الشراب
قـال قـد سـاقك نحـوي القـدر
فأرضــي الأمــر وإلا فاغضــبي
إن إفلاتــــك أمــــر عســـر
قبــل أن أدرك أقصــى أربــي
فــأزال الخــوف مـن وجنتهـا
حمـرة الـورد فلاحـت كالبهـار
وتجلــى الجيــد مـن جبهتهـا
بلآلـــي عـــرق ذات انتثــار
وجـــرت تســرع فــي مشــيها
حيـن لـم يبـق لها إلا الفرار
فمضــي مــن خلفهــا لا يحـذر
قـــائلا لا تــذهبي لا تــذهبي
قادهـــا مغتصـــبا لا يفكــر
فــي مصـير الظـالم المغتصـب
صــرخت باكيـة تبغـي المجيـر
والـورى عـن صـوتها فـي صـمم
وإلــى فنــدق خمــار شــهير
أدخلـت والليـل داجـي الظلـم
بـع ذا فاجأهـا الأمـر الخطير
وهـــو لا شــك أشــد النقــم
فمضــت والــدمع منهـا يقطـر
والحشـــى مضـــطرم بــاللهب
ودعــت واللــه مصــغ ينظــر
رب قابـــل فعلهــم بالغضــب
ودرى القيصـر بـالأمر الفظيـع
فاسـتثار الجـرم منـه الغضبا
وجـزى المجـرم بالنفي السريع
فــانتحى ســيبيريا مكتئبــا
إن فـي الخمـرة مـا لا يستطيع
نجــوة مــن شــره مـن شـربا
تحمـل المـرء علـى مـا يحظـر
وبهــا يــذنب مـن لـم يـذنب
فــدع الخمــر ففيهـا الخطـر
كامنــا تحــت غشــاء الطـرب
أمين بن علي ناصر الدين.شاعر مجيد، لغوي، من أدباء الكتاب. مولده ووفاته في قرية (كفر متى) بلبنان. تعلم في مدرسة (عبية) الابتدائية الأميركية، ثم بالمدرسة الداودية، وكان يديرها أبوه. كتب إلى خير الدين الزركلي (سنة 1912) قائلاً: (قبل أن أبلغ العاشرة من العمر بدأت أقول أبياتا من الشعر، صحيحة الوزن، فكان والدي يكتبها لي ويصحح أغلاطها النحوية. وبعد ذلك تلقيت مبادئ العربية وآدابها وبعض العلوم واللغات. ثم عكفت على المطالعة فاستفدت منها ما يستفيد الضعفاء أمثالي. أما أسرتي فهي ولا فخر، من ذوات النسب القديم في لبنان ولها آثار مشكورة)، واشتهر قبل الدستور العثماني بتحريره جريدة (الصفاء) التي كان يصدرها والده، فتولاها هو سنة 1899 ثم مجلة (الإصلاح) لوالده أيضاً. واستمر يشرف على الصفاء ويكتب أكثر فصولها، مدة ثلاثين عاماً. وله من الكتب المطبوعة (دقائق العربية) في اللغة، و(صدى الخاطر) ديوان شعره الأول، و(الإلهام) من شعره، و(البينات) مجموعة من مقالاته، و(غادة بصرى) قصة. وله قصص روائية أخرى. ومن كتبه التي لم تزل مخطوطة (الفلك) ديوان سائر شعره في مجلد ضخم، و(نثر الجمان) مختارات من إنشائه، و(الرافد) معجم في اللغة لأسماء الإنسان وما يتعلق بها من أمراض وأعراض وما يستعمل من الأدوات والأواني، و(هداية المنشئ) معجم لما يسير ويطير ويزحف من الحيوانات والطيور والحشرات، و(بغية المتأدب) لغة، و(سوانح وبوارح) فكاهات، و(الثمر اليانع) نحو وصرف، و(يوم ذي قار) تمثيلية شعرية.