
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لـو أسبل الدمع من فرط الأسى جبل
لبــات دمعـك يـا لبنـان ينهمـل
ولــو تصــدع طــود عنـد نائبـة
لكـان صـدعك مضـروباً بـه المثـل
هـذي رياضـك لا تثنـي الصبا غصناً
فيهـا ولا الزهـر في أفنانها خضل
وهـــذه أثلات الســـفح ذاويـــةً
حزنــاً وليـس عليهـا طـائرٌ زجـل
وتلـك شـم الروابـي فيـك خاشـعةً
كأمــا قــد دهاهــا حـادثٌ جلـل
أمسـى بنـوك ومـا في الحي مرتزق
لهــم ومــا لأبــي منهــم شــغل
فـأزمعوا البعد عن أوطانهم حذراً
مـن فاقـةٍ أهلهـا بين الورى همل
مضــوا وقـد حملتهـم كـل جاريـةٍ
تقـري العباب وفيها النار تشتعل
يحفهــا المــوج زخـاراً فتحسـبه
مــن حولهـا هضـبات بينهـا جبـل
لـم يـدر راكبهـا والبحـر مضطربٌ
أفوقهــا أمــلٌ أم تحتهــا أجـل
لـم يـبرحوك اختيـاراً بيـد أنهم
ضـاقت بهم جنبات العيش فانتقلوا
وودعــوك بايمــاء ومــا نطقـوا
كيلا تخــونهم الألفــاظ والجمــل
مـا فيـك إلا نسـيم بالشـذا عبـق
كــأنه مـن نسـيم الخلـد منفصـل
وسلســل يــرد الشــاكي منـاهله
فينثنــي مســتبلا مــا بـه علـل
ومـا بهـذين عـن حـر النضار غنى
للمعــدمين إذا أعيتهــم الحيـل
وأغنيـــاؤك لا يســـدون عارفــةً
ولا يردهـــم عــن بخلهــم عــذل
لـم يبذلوا قط فلساً في سبيل ندى
فــإن تصــبتهم فتانــةٌ بــذلوا
تخـالهم يجهلـون المطل إن وعدوا
حـتى إذا جئتهـم مسـتنجزاً مطلوا
لـو أنهـم أنفقوا من فضل ما لهم
علـى المعامل أغنى المعسر العمل
كـأن لبنـان أمسـى عنـدهم بلـداً
لا ناقـــةٌ لهــم فيــه ولا جمــل
فـي أرض كـولمبس للنـازحين غنـى
عــن مـوطنٍ شـؤمه بالحشـر متصـل
أخنـى عليـه الـذي أخنى على لبدٍ
حـتى تشـابه فيـه القصـر والطال
بـه مـن الفقر ما بالجزل من ضرم
فروضــه ذابــل والزهــر مشـتعل
وأرض كــولمبس الفيحــاء منتجـعٌ
للرائديــن وفيهــا للغنـى سـبل
كـم خامـل بـات فيهـا نابهاً وله
جـاهٌ ومـن حـوله الأنصـار والخول
كأنمـــا الملأ الأعلــى تخيرهــا
داراً فلا خطـــأ فيهــا ولا خطــل
كأنمــا الـدهر مشـغوفٌ ببهجتهـا
حبــاً فلــو أمرتـه راح يمتمثـل
قـد كـان عاطـل جيدٍ وهو يجهلها
فـاليوم بـات ومـا فـي جيده عطل
ولـم يكـن قبلهـا فـي عينـه كحل
فمـذ رآهـا بـدا فـي عينه الكحل
أنيقـة الـروض خضراء الهضاب كما
تبـدوا لعـذارى لها من سندسٍ حلل
هنـاك مـن معجـزات الفن ما دهشت
لـه العصـور ولـم يسـمع به الأزل
عجــائب مــا رآهـا قـط ذو بصـر
إلا انثنـى وهـو مشـدوهٌ بهـا ثمل
هنــاك يـدرك ذو الاقـدام مـآربه
وليــس يخفـق إلا الجاهـل الوكـل
هنـــاك لا الفكــر جلابٌ لصــاحبه
شـرا ولا العقـل بالأوهـام معتقـل
هنـاك لا الـدين موحٍ بالشقاق ولا
رجــاله لهــم عــن نهجــه حـول
ولا التعصــب خفـاق اللـواء علـى
شــعب تفرقــهُ الاهــواء والملـل
فلا يضـام امـرؤٌ مـن اجـل مـذهبه
ولا يــرى ذاك إلا السـافل النغـل
ولا ينــادي لئيـم النفـس مضـطهدٌ
لمــن يخــالفه دينـاً بيـا رجـل
هنـاك لا تبطـر النعمـى معاشـرها
فإنمـا يبطـر القـوم الألى سفلوا
هنـاك لا يـدعي القوم الطغام على
وليـــس يزعــم ذئبٌ أنــه حمــل
ولا يـدس الرجـال الغـدر فـي ملقٍ
ولا يقولــون إلا إن هــم فعلــوا
ولا المناصـب تسـتهوي السراة ولا
يشـايع النـاس مـن فـي نفسه دخل
ومـا هنالـك إن تنظـر سـوى وطـنٍ
فـي حبـه يسـتوي العالون والسفل
فــإن تنبـه مـن الاعـداء نائبـةٌ
فكلهــم بطــل مــن خلفــه بطـل
يـا نـازحون عـن الأوطـان حسـبكم
أن لا تروهـا وقد أودى بها الفشل
وأن تصــافيكم الأيــام فـي بلـدٍ
رحـب الجـوانب فيـه يكـرم النزل
وحســبنا منكـم الأخبـار يحملهـا
ساري النسيم إذا لم تأتنا الرسل
أمين بن علي ناصر الدين.شاعر مجيد، لغوي، من أدباء الكتاب. مولده ووفاته في قرية (كفر متى) بلبنان. تعلم في مدرسة (عبية) الابتدائية الأميركية، ثم بالمدرسة الداودية، وكان يديرها أبوه. كتب إلى خير الدين الزركلي (سنة 1912) قائلاً: (قبل أن أبلغ العاشرة من العمر بدأت أقول أبياتا من الشعر، صحيحة الوزن، فكان والدي يكتبها لي ويصحح أغلاطها النحوية. وبعد ذلك تلقيت مبادئ العربية وآدابها وبعض العلوم واللغات. ثم عكفت على المطالعة فاستفدت منها ما يستفيد الضعفاء أمثالي. أما أسرتي فهي ولا فخر، من ذوات النسب القديم في لبنان ولها آثار مشكورة)، واشتهر قبل الدستور العثماني بتحريره جريدة (الصفاء) التي كان يصدرها والده، فتولاها هو سنة 1899 ثم مجلة (الإصلاح) لوالده أيضاً. واستمر يشرف على الصفاء ويكتب أكثر فصولها، مدة ثلاثين عاماً. وله من الكتب المطبوعة (دقائق العربية) في اللغة، و(صدى الخاطر) ديوان شعره الأول، و(الإلهام) من شعره، و(البينات) مجموعة من مقالاته، و(غادة بصرى) قصة. وله قصص روائية أخرى. ومن كتبه التي لم تزل مخطوطة (الفلك) ديوان سائر شعره في مجلد ضخم، و(نثر الجمان) مختارات من إنشائه، و(الرافد) معجم في اللغة لأسماء الإنسان وما يتعلق بها من أمراض وأعراض وما يستعمل من الأدوات والأواني، و(هداية المنشئ) معجم لما يسير ويطير ويزحف من الحيوانات والطيور والحشرات، و(بغية المتأدب) لغة، و(سوانح وبوارح) فكاهات، و(الثمر اليانع) نحو وصرف، و(يوم ذي قار) تمثيلية شعرية.