
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مــالت الشــمسُ مسـاءً للمغيـبْ
فبـدتْ للعيـن فـي مـرأىً عجيـبْ
ودعـت لبنـان والعيـش الخصـيبْ
وســماءً عُمرهــا فيهــا يطيـبْ
فلــذا اصــفرَّت دليــلَ الحَـزَنِ
إنمــا الشــمسُ وذاك الإصـفرارْ
حينمـا مـالت وقـد مال النهارْ
شــهدتْ كيــفَ يحــول الجلَّنـارْ
فـي محيّـا الصـبّ حـالاً للبهـارْ
ســاعة الـبينِ إذا فيهـا مُنـي
مثلهـا فـي البحـرِ كانت سائرهْ
تتهــادى وهــي فيــه مــاخرهْ
فلـــك فيهــا فتــاة ناضــرهْ
ذاتُ حســـنٍ وعيـــونٍ ســـاحرهْ
وأخوهـــا قرَبهــا فــي شــجنِ
قعــدَ الحــظُّ بـه حتَّـى اقتعـدْ
غــاربَ الســير ومَـنْ جـدَّ وجَـدْ
والـذي لاقـاه مـن بعـض الكمـدْ
لوعــة لـو هـيَ بـالبحرِ اتَّقـدْ
دون إفناهـــا فنــاء الزمــن
ولــدُنْ أقبــلَ أهــلُ المركــبِ
نحــوَ لبنــانَ وتلــك الهضــبِ
هتفـــتْ شـــوقاً فتـــاةُ الأَدَبِ
بـــاركِ اللهــمَّ أُمِّــي وأبــي
ليعيشــا بعـديَ العيـشَ الهنـي
وانثنت تبكي بكا الطفل الصغيرْ
بيـــن نَــوحٍ ووجيــبٍ وزفيــرْ
سـلمت بنـتُ أبـي المجدِ الخطيرْ
هكـذا يقضـي علـى الحرِّ الضميرْ
هكــذا يــا قــومُ حـبُّ الـوطنِ
بلغـا بعـد العنـا مـا يقصدان
بملـــذات الأمـــاني يحلمــانْ
أَمِنَــا شــرَّ مُصــيباتِ الزمـانْ
وبضــيمٍ لــم يكونــا يعبــآنْ
ليعــــودا للذيـــذ الســـكنِ
إنمــا الأيّــامُ لا تَبقــى علـى
حالهـا للمـرء مـا بيـنْ الملا
بينمــا الإنسـانُ فـي عيـشٍ حلا
إذ تــراهُ يشــتكي مــرّ البلا
هكــذا الــدنيا وحـالُ الزمـنِ
يــوم حــرٍ شمســه ذات ضــرامْ
أحرقـت فـي ذلـك الجـو الغَمامْ
دخلا بيتــاً علــى بعـض الأكـامْ
ليبيعــا أهــل ذيـاك المقـامْ
مـا اشـَتهوا مـن كـل صـنف حسنِ
كـان فـي البيت فتىً فذُّ الخصالْ
ربُّ جــاهٍ وغنــىً صـعب المنـالْ
مـذ رأَى إِلا بنة من أهل الجمالْ
حـدثته النفـسُ فـي نيلٍ الوصالْ
لا وربـــي ليـــس ذا بــالهينِ
هــشَّ للنـتِ وقـد حيّـا الشـقيقْ
وهـــو لا يحســـبُه إلاّ رفيـــقْ
فأجـــابتْ بمحياهــا الطليــقْ
مــعْ أخـي مـولاي أشـياءٌ تليـقْ
بمقــام الســيد الحُـرّ الغنـي
ســـحرتْ أفكـــارَهُ بنُــت الأدبْ
بخطــابٍ مــن براعــاتِ الطَلَـبْ
حســبَ الـدينا لـديها والـذهب
قيمـــةً تعــدلُ مثقــالَ حطــبْ
يــا لــهُ غِــراً سـقيمَ الفِطَـنِ
قـال أبغـي المشـترى منـكِ فكمْ
يـا تـرى هـذا يسـاوي مـن قَيمْ
ثــم هــذا ثــم هـذا ثُـمَّ ثُـمّ
فأجــــابته فنادهـــا نعـــمْ
وهـــو مشــغولٌ بشــيء أحســنِ
هــاجهُ مــرأى محُيَّاهـا البهِـي
واجتنـاءُ الـوردِ مـن خـدٍ شـهِيْ
فلـــديها كـــانَ كـــالمنتبهِ
وهــو حقــاً بالأمــاني ملتــهِ
بأمــاني نَيــلِ مــا لـم يكـنِ
بينمــا النفــسَ يمنـي بمنـاهْ
طامعــاً يسـبح فـي بحـر هـواهْ
إذ دعـــاه قولهــا للإنتبــاهْ
كــلُّ هـذا سـيدي منـي اشـتراهْ
هــل تــرى يـأمر لـي بـالثمنِ
قــال مــا تبغيـن كـي أدفعَـهُ
ولهـــاً أومــى بــأن تتبعَــهُ
هبـــت البنــت وســارت مَعَــهُ
ليــس تـدري مـا الـذي أزمعَـهُ
مـــن نوايــا شــرِّه والفتــنِ
وبهـــا لَمّــا خلا بــاحَ بمــا
يشــتهيه ولـدى البنـتِ ارتمـى
زجرتـــهُ إنمــا مــا أحجمــا
ودنـــا مستشــهداً رب الســما
إنـــه منــم غيــه لا ينثنــي
أجفلـــت فـــوراً فتــاةُ الأدبِ
وإليـــه نظـــرت فـــي غضــبِ
ثـــم قلـــت إن أمــي وأبــي
غــــذّياني طفلــــةً بـــالأدبِ
خســئتْ نفسـُك يـا هـذا الـدني
إبتعــد عنـي فلـن تحظـى بشـيّ
طالمـا بيـن عروقـي الـدمُ حـيّ
شـــرفي لا إنمــا أقــضِ علــيّ
ثـم نـادت يـا أخـي هيّـا إلـيّ
كــاد هـذا الوغـدُ أن يقتلنـي
ســمعَ الصــوتَ أخوهــا فنـبرى
داخلاً فارتـــاع ممّـــا نظــرا
أبصــر النــذلَ يهـزُّ الخنجـرا
ثــم ألفـى أختَـه فـوقَ الـثرى
ودماهـــا مثـــل ســيلٍ هتَــنِ
عشـتَ لا شـلَّت لـك الـدهرَ يميـنْ
هكــذا فليكــن الشـهمُ الأميـنْ
جـرَّدَ السـيفَ ونـادى يـا لعيـن
مُــتْ وأَلْقـاهُ علـى الأرضِ طعيـنْ
إنمـا الموت جزا الواغد الزني
ركـض النـاسُ علـى هـذا الصياحْ
وتعـالى الصـوتُ في تلكَ النَواحْ
أَبصـروا صـاحبَهم دامـي الجراحْ
يُسـلم الـروحَ فـزادوا بالنواحْ
يــذرفون الــدمع دمـع الحَـزَنِ
هجمــوا هجمـة أنـذالِ الرجـالْ
نحـو ذاك البطل السامي الخصالْ
أوثقـوا أيـديه في ربط الحبال
خســئت أنفســُكم ليـس الكمـالْ
أن تشــدوا ســاعداً لـم يـوهنِ
ثــم قـادوا ذلـك الشـهمَ إلـى
أوليـاءِ الأمـر كـي يلقى البلا
عجبــاً هــل لــم يغضـُّوا خجلاً
أيجــــــازون بمـــــوتٍ بطلا
حـــالهم تُــدهش كــل الفِطَــنِ
أيـن تمشـي يا ترى هذي الصفوفْ
كلهـم فـي لفظـة المـوت هَتُـوفْ
ألِحــربٍ قصــدَتْ تلــكَ الألــوفْ
لا لَعَمْــرِي إنمـا ضـربُ الـدفوفْ
بينهــم ليــس دليــل الشــجن
مــا تراهـم وقفـوا صـفاً فصـفّ
فلــدي ســرُّ ذا الأمــرِ انكشـفْ
كـلُّ هـذا الجمـع يـا قـوم عكفْ
ليــروا بينهــمُ مــوتَ الشـرف
يـا فـتى لبنـان مـت لـم تَهُـنِ
أمين تقي الدين.محامي، من الشعراء الأدباء.من أهل (بعقلين) بلبنان، تعلم ببيروت، وأقام زمناً بمصر فأنشأ فيها مجلة الزهور مشتركاً مع أنطون الجميِّل.وترجم عن الفرنسية (الأسرار الدامية - ط ) لجول دي كاستين.وعاد إلى بيروت فعمل في المحاماة إلى أن توفي في بلده.وآل تقي الدين فيها أسرة درزية كبيرة.