
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَفقـتُ وقـد نـامَ كـلُّ البشـرْ
وسـادَ علـى الكائناتِ السكونْ
وأَقبـل وسـط السـماء القمـرْ
يحـفُّ بـه النجم ساجي العيونْ
وليــس سـوى لمعـان النجـومِ
علـى المـاء يحكي بريق الّلآلْ
وليــس سـوى خطـرات النسـيم
تميـلُ مـع الغصن من حيث مال
مظــاهرُ وحــيٍ لأهـل النظيـم
ومجلـىً بعيـد المـدى للخيال
فيـا ليـلُ طُـلْ لا عراك القِصَرْ
لعلّـكَ يـا ليـلُ تجلو الشجونْ
ويـا قلـب طِـرْ بجنـاح الفكَرْ
لـك النجـم فـوق الأثير سفينْ
وطــار فـؤاديَ يبغـي السـما
وعيـــنُ الكــواكب لا ترقــدُ
مجــدّاً يحــثُّ الســرى كلمـا
عــدا فرقــداً راقــهُ فرقـدُ
إلـى أَن رأَى فـي الفضا سلَّما
عليهــــا ملائكـــةٌ تصـــعد
فأجنحـــةٌ رُصـــّعت بالــدررْ
وأجنحــةٌ مــن نضــارٍ ثميـنْ
إذا طـــويتْ فــدُجىً منتشــرْ
أو انتشــرت فصــياحٌ مــبينْ
تبـاركتَ يـا ربَّ هـذي الـذرى
وأنـت الإلـه القـويُّ العظيـمْ
قضـى النـاس في جهلهم أدهرا
وأنــت بحـال العبـاد عليـم
فلـم يفقهـوا كنه هذا الورى
وحــار بــه كـلُّ عقـلٍ حكيـم
تمـرُّ الليـالي وفيهـا العبرْ
وتمضـي السنون وتفنى القرونْ
وكـم فـي الطبيعـة سـرٌّ ظهـرْ
وســرُّ الطبيعــة ليـس يـبينْ
ألا أيهـا الكـون سـمعاً لمـا
إلُهُـــكَ يـــوحيه للشـــاعرِ
فمـا فـي الوجـود غمـوضٌ كما
يقــال فخــذه علـى الظـاهر
ولكنمــا الحـي تحـت السـما
هــو السـرُّ للعاقـل الفـاكرِ
نفخـــتُ بــآدم روح الكــبرْ
وأودعــت حـوّاءَ لطفـاً وليـنْ
فـإن ضـلً بعـض البنيـن الأثرْ
فــدعهمُ فـي جهلهـم يعمهـونْ
بــرأْتُ الطبيعــةَ فــي الأوَّلِ
لأجمــع أسـرارها فـي البشـرْ
فصـــغت الشـــهامة للرجــل
مـن الكـون مجمـوع كل الكبرْ
وقلـت بنفـس الفـتى فـانزلي
فنفـس الفـتى لـكِ خيـر مقـرْ
فمــا ضـرَّه قصـرٌ فـي النظـرْ
فلا تسـع الكـون منـه العيونْ
وطــيّ الجوانــح نفــسٌ تقـر
يضـيق بهـا الكون والعالمونْ
وكـوّنتُ حلمـاً مـن الراسـياتِ
وأنزلتـهُ فـي جـوار الشهامةْ
هــي الأم وهـو أب المكرمـاتِ
فمنـه الوفاءُ ومنها الكرامهْ
كلا الصــفتين أجــلُّ الصـفاتِ
فهـذا الإِبـاءُ وتلـك الفخامهْ
فيــا حبـذا منـه خلـقٌ أغـرّ
ويـا حبّـذا منـه طبـعٌ رزيـنْ
خلالٌ تجــــرُّ الخلال الزُهـــرْ
وكــل قريــنِ خليـل القريـنْ
تمشــّى المــروءةُ فـي صـدرهِ
تمشـّي الـدما في عروق الجسدْ
ويــوحي الإبــاءُ إلـى فكـرهِ
جفــاءَ الـذميم وحـبَّ الرشـدْ
فمـا يقبـل الضـيم مـن دهرهِ
ويـأبى لـه العـزُّ عيش النكد
وتسـمو عـن اللؤْم فيه الفكرْ
وتغشـي عـن السـيئات الجفونْ
نزيـه اللسـان صـدوق الخـبرْ
عفيــف الإزار سـليم الظنـونْ
يــرى حــبّ أوطــانه واجبـا
فقَّـدس فـي النفـس حـب الوطنْ
وعــاف المُخاتــلَ والكاذبـا
فصــادق فــي ســرّه والعلـنْ
ومــا خــان فـي ودّه صـاحبا
ولـم يخـفِ طـيّ الضلوع الضغنْ
وجــرّد مــن كــل خبـثٍ وشـرّ
ضـميراً صـفا كـالزلال المعينْ
وجـــانب غطرســةَ المفتخــرْ
ونزَّهــهُ الفضــلُ عمـا يشـينْ
ألا أيهـا القلـب قـل للعبادِ
بـأن الشـهامة فخـر الرجـالْ
وإنَّ الكرامــة بنـت الرشـادِِ
وإن المـــروءَة أم الكمــالْ
ومـا الفضـل إلا هـدى للفؤادِ
ومـا الحلـمُ إلا أمير الخصالْ
إذا أشـبه العمـرُ طيفـاً يمرْ
وكـان الفـتى هـدفاً للمنـونْ
فــإن دليــل الحيـاة الأثـرْ
ومـا النـاس إلا بمـا يفعلونْ
ويـا أيها القلب إن الطبيعهْ
كــذاك مجمّعــةٌ فـي النسـاءْ
تأمـلْ بهذي المجالي البديعهْ
وهـذي النجـوم بهـذا الفضاءْ
فمنها خلقتُ الفتاة والوديعهْ
لتظهـر فـي الأرض سـرَّ السماءْ
وصــوَّرتُها آيــةً فـي الصـورْ
ضـميراً عفيفـاً وقلبـاً حنـونْ
فجـــاءَت منـــاظرةً للقمــرْ
فمنـه الكسـونُ ومنها الفتونْ
بهــاءٌ مــن القمـر الطـالعِ
علـى القلب يُنزل وحي الغرامْ
وعيــنٌ مــن الكـوكب اللامـع
وشــَعرٌ كلَيـلٍ أسـير الهيـام
ومــن وهــج الشـفق السـاطع
علـى وجنتيهـا أقـام الضرام
وفـي الثغـر عقدٌ نضيد الدررْ
ومـا القـدُّ غلا أميـر الغصونْ
جمـال الطبيعـة فيهـا استقرْ
فكـــانت جلاءً لســـرّ مصــونْ
تخـذتُ وداعـة قلـب الحمـامهْ
وقلـتُ لهـا هـي تـاجُ جمالـكْ
إذا كان فخر الرجال الشهامه
فْـإن الوداعـة أبهـى خصـالكْ
فمنهـا العفـاف وحـبُّ السلامهْ
وهـذان فـي الكـون سر كمالكْ
ومصــدر كـل الصـفات الغـررْ
حنــان وعــزة نفــس وليــنْ
يحــدّث عنهــا نسـيم السـحرْ
ويسـرق منها الشذا الياسمينْ
تملَّكُهــا رقــةٌ فـي الشـعورِ
ونعــم فــؤَادٍ لـذاك امتلـكْ
دمــائه خلــق وصــفو ضـميرِ
يحــدّث عنــه صــفاءُ الفلـكْ
فمــا هـي إلا مثـالُ البـدورِ
ومـا هـي فـي النـاس إلا ملكْ
تحــبُ السـلام وتخشـى الضـررْ
وتهـوى الكريم وتجفو الضنينْ
ســلافُ نفــوسٍ ومجلــى كــدرْ
وتعزيــةٌ للفــؤاد الحزيــنْ
فيـا قلبَهـا مـا أرقَّـك قلباً
وأشــرفَ أخلاقَــك الزاهــراتْ
ويــا حبَهـا مـا أبـرَّك جبـاً
وأســمى عواطفَــك الطيبــاتْ
ويـا نفسـَها مـا ترنحتِ عجباً
ولا عـاش فيـك سـوى المكرماتْ
ومــا غـض منهـا لسـوءٍ بصـَرْ
وسـالت لغيـر الحنان الشؤُّونْ
طبــائع قلــبٍ شــريفٍ أبــرّ
يريــك الفضـائل كيـف تكـونْ
ألـم تـر مـا فعـل السـيداتُ
صــبيحة عيــدٍ ســعيد منيـرْ
حلمـنَ الملابـس فيهـا الهباتُ
وألبســنها كــل طفـل فقيـرْ
تبــاركتِ أيتهــا الفاضــلاتُ
فـذلك شـأن الشـريف الضـميرْ
ويـا قلـب فارجع بهذا الخبرْ
وقــل مـا تعلمـت للعـالمينْ
أنـا هكـذا قـد خلقـت البشرْ
ولكنمــا النــاس لا يعقلـونْ
أمين تقي الدين.محامي، من الشعراء الأدباء.من أهل (بعقلين) بلبنان، تعلم ببيروت، وأقام زمناً بمصر فأنشأ فيها مجلة الزهور مشتركاً مع أنطون الجميِّل.وترجم عن الفرنسية (الأسرار الدامية - ط ) لجول دي كاستين.وعاد إلى بيروت فعمل في المحاماة إلى أن توفي في بلده.وآل تقي الدين فيها أسرة درزية كبيرة.