
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
من أين من أين يا ابتدائي
ثـم إلـى أيـن يا انتهائي
أمــن فنــاء إلــى وجـود
ومــن وجــود إلــى فنـاء
أم مـن وجـود لـه اختفـاء
إلــى وجــود بلا اختفــاء
خرجــت مــن ظلمــة لأخـرى
فمــا أمــامي ومـا ورائي
مـا زلـت مـن حيـرة بأمري
معــانق اليــأس والرجـاء
إن طريــق النجــاة وعــرٌ
يكبـو به الطرف ذو النجاء
يـا قوم هل في الزمان نطس
يهـدي إلـى نـاجع الـدواء
لأي أمــــر ذِهِ الليـــالي
تـأتي وتمضـي علـى الـوِلاء
فتطلُــع الشـمس فـي صـباح
وتغــرُب الشـمس فـي مسـاء
أرى ضــياءً يــروق عينــي
ولســت أدري كنـه الضـياء
ومــا اهـتزاز الأثيـر إلا
عُلالـــــة نــــزرة الجلاء
نحـن علـى رغـم مـا علمنا
نعيــش فـي غيهـب العمـاء
نشــرب مـاء الظنـون عبّـاً
فلــم نَعـد منـه بـارتواء
تــأتي علينــا مشــاهدات
نــروح منهــنّ فــي مـراء
وكــم نــرى فعــل فـاعلات
مـن القـوى وهي في الخفاء
بـا ويلـة الحـسّ إنـه عـن
حقيقــة الأمــر فـي غطـاء
فــإن أجــزاء كــل جســم
مبتعــــدات بلا التقـــاء
وفــي دقـاق الجمـاد عـرك
يتّهـــم الحــسّ بالخطــاء
يـا قـوّة الجـذب أطلقينـي
مــن ثقلـة أوجبـت عنـائي
لــولاكِ لــولاك يـا شـكالي
لطـرت كـالنور فـي الفضاء
أنــتِ عمـاد السـماء لكـن
خفِيــت عــن عيـن كـل راء
ربطــتِ كـل النجـوم فيهـا
بعضـاً ببعـض ربـط اعتنـاء
فــدُرنَ فـي الجـوّ جاريـات
كأنهــا السـفن فـوق مـاء
نحـن بنـي الأرض قـد علمنا
بأننــا مـن بنـي السـماء
لـو كنت في المشتري لكانت
أرضــي ســماءً بلا امـتراء
فليــس فــوقٌ وليــس تحـتٌ
ولا اعتلاءٌ لــــــذي اعتلاء
وإنمــا نحــن فــوق نجـم
نحيــا محــاطين بـالهواء
فليــت شــعري أيّ ارتقـاء
للــروح يبقـى أي ارتقـاء
وأنــتِ يــا كهربــاء سـر
بــدا ومـا زال فـي غشـاء
عجــائب الكـون وهـي شـتّى
فيـك انطـوت أيمّـا انطواء
أضــأت إن شــئت كــل داج
لنــا وأدنيــت كــل نـاء
فــــأنت للكائنـــات روح
إن كــانت الـروح للبقـاء
وكـــم تقاضــاك فيلســوف
حقيقــــة صــــعبة الأداء
فقــال والقــول منـه ظـنّ
مـا الكـون إلاّ بالكهربـاء
وليلـــةٍ بتهـــا أنــادي
نجومهــا أبعــد النــداء
آخـــذ منهــن بالتــداني
فكــراً ويأخـذن بالتنـائي
فــأنثني باكيــاً بشــعري
ويطـرب الليـل مـن بكـائي
وربمــا كــرّ بعــد وهــن
فكـري فـألفى بعـض الشفاء
فــأرجع القهقــرى أغنّــى
ومـا سـوى الشـعر من غناء
أقـول والنَسـر فـوق رأسـي
وطــالع النجـم فـي ازائي
يـا أيهـا الأنجـم الزواهي
للــه مـا فيـك مـن بهـاء
أمـا كفـاك السـنى جمـالاً
حـــتى تجلّلــت بالســناء
يـا أنجـم النعش فاصدقيني
أمـات ذو النعـش بانطفـاء
إنــي إذا كنـتِ فـي حِـداد
إليـك أهـدي حسـن العـزاء
وأنــت يــا نسـر مـن كلال
وقعــت أن طلبــة الغـذاء
أخــوك هــل طــائر لـوكر
أم قاصــد منتهـى الفضـاء
كـــأن أم النجــوم ســيف
سـلّ علـى الليـل ذو مضـاء
رصــّعُ متنــاه بالــدراري
فـراق فـي الحسـن والرواء
كــأن نجــم السـها أديـب
فــي أرض بغـداد ذو ثـواء
كــأن خــط الشــهاب مُـدلٍ
لأســفل الــبئر بالرشــاء
كأنمـــا أنعــم الثريــا
فـي شـكلها الباهر الضياء
قُفّـــاز كــفّ بــه فصــوص
مـن حجـر الماس ذي الصفاء
بــرئت للمــوت مـن حيـاة
مــا نكبّـت مهيـع الشـقاء
لـم يكفهـا أنهـا احتيـاج
حــتى غــدت حومــة البلاء
يـا أيهـا المـترف المهنَّا
يمــرح فــي ثـوب كبريـاء
مهلاً أخـا الكـبر بعـض كبر
ألسـت تقنـي بعـض الحيـاء
أنـت ابـن فقـر إلـى أمور
بهـنّ تـدعى يا ابن الثراء
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.