
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بنــي الأرض هـل مِـن سـامع فـأبثَّه
حــديث بصــير بالحقيقــة عــالم
جُبلنــا علـى حـبّ الحيـاة وإنهـا
مخيفـــة أحلام أطـــافت بحـــالم
سـعى النـاس والأقـدار مخبوءة لهم
ونـاموا ومـا ليـلُ الخطـوب بنائم
جــرت ســفُن الأيـام مشـحونةً بنـا
علــى بحــر عيـش بـالردى متلاطـم
تـأمّلت فـي الأحيـاء طُـرّاً فلم أجد
بهــم باسـماً إلاّ علـى ألـف واجـم
وربّ ســـعيد واحـــدٍ تــمّ ســعده
بــألف شــقىّ فـي المعيشـة راغـم
ومـا المـرء إلاّ دوحـة فـي تنوفـةٍ
ملوّحـــةٌ أغصـــانها بالســـمائم
لهـــا ورق قـــد جــفّ إلاّ أقلَّــه
وعيـدانها بيـن النيـوب العـواجم
ولابــدّ أن تجتــثّ يومــاً جـذورها
وتقلعهـا إحـدى الريـاح الهـواجم
أرى العمر مهما ازداد يزداد نقصه
إذاً نحـن فـي نقـص من العمر دائم
ولـولا انهـدام فـي بنـاء جسـومنا
لمـا احتيـج فـي تعميرها للمطاعم
لحـى اللـه بأسـاء الحيـاة كأننا
نكبّــل مــن حاجاتهــا بــالأداهم
نــروح كمـا نغـدو نجاهـد دونهـا
أمــوراً دعتنـا لارتكـاب الجـرائم
فلـو كنـت فـي هـذا الوجود مخيّراً
وفــي عــدمي لاخـترته غيـر نـادم
هــل المــوت إلا ســالك وحياتنـا
إليــه ســبيل مُســتبين المعـالم
ومـا زال هـذا الـدهر غضبان آخذاً
علـى النـاس من سيف المنون بقائم
تبصـّرْ تجـد هـذي البسـيطة منـزلاً
كــثير اليتـامى عـامراً بالمـآتم
وليـس الـذي آسـى لـه فقـد هالـك
ولكــن ضـياع المفجعـات الكـرائم
أرامــل تسـتذري الـدموع وحولهـا
يتـامى كـأفراخ القطـا والحمـائم
وكــائنْ تـرى مخدومـة فـي جلالهـا
سـعت حيـث أبكاها الردى سعي خادم
فليـت المنايـا حيـن قوّضـن بيتها
بـدأنَ بهـا مـن قبـل هدم الدعائم
أرى الخيـر فـي الأحياء ومض سحابة
بــدا خلّيــاً والشــر ضــربة لازم
إذا مـا رأينـا واحـداً قام بانياً
هنــاك رأينــا خلفـه ألـف هـادم
ومـا جـاء فيهـم عـادل يسـتعيلهم
إلــى الحــق إلا صـدّه ألـف ظـالم
جهلــتُ كجهـل النـاس حكمـة خـالق
علـى الخلـق طـرّاً بالتعاسـة حاكم
وغايــة جهــدي أننـي قـد علمتـه
حكيمـاً تعـالى عـن ركـوب المظالم
رأيـت لنفسـي فـي الحيـاة كـأنني
مـن العيـش مُلقىً في شدوق الضراغم
يخاصــمني منهـا علـى غيـر طـائل
أنـاس فابـدي الصـفح غيـر مخاصـم
وأقنــع بــالقوت الزهيـد لطيبـه
حـذارَ وقـوعي فـي خـبيث المطـاعم
وأتـرك مـا قـد تشتهي النفس نَيْله
لمــا تشــتهيه قلـة فـي دراهمـي
وكـم لـي فـي بغـداد من ذي عداوة
ومـا أنـا فـي شـيء عليـه بجـارم
إذا جئت بـالقلب السـليم يجيئنـي
بقلــب لـه مـن كَـثرة الحقـدوارم
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.