
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
للــه ســرّ فـي الأنـام مطلسـم
حــار الفصـيح بوصـفه والأعجـم
بـرأ ابـن آدم وهو إن لم تلقهَ
فـي الخلـق أقدم فهو فيه مقدّم
وإذا نظرنـا فـي العجائب نظرةً
ظهـر ابـن آدم وهو منها الأغطم
أما العجيب من ابن آدم فهو ما
نسـق الكلام بـه إذا نطـق الفم
والـوجه أعجـب مـا رأيـت وإنه
لَيَحــارُ فـي سـحنائه المتوسـّم
هــو مـن طـراز اللـه إلاّ إنّـه
بسـرائر النفـس الحديثـة معلم
أمـا الحـواجب فيـه فهي كواشف
والعيـن فيـه عن الضمير تترجم
ولــربّ خـافيه يكتّمهـا الفـتى
والــوجه منــه بسـرّها يتكلـم
كـلٌ يشـير إلـى السـريرة وجهُه
فكــــأنه بضـــميره متلثـــم
فـالوجه فيـه من القرونة مسحةٌ
للخافيــات بهــا وضـوح مبهـم
صـرع النهـى فـالوهم فيه تيقّن
تحــت الملامـح واليقيـن تـوهّم
ولـرب وجـه فـي تبسـّمه البكـا
ولــرب وجــه فـي بكـاء تبسـّم
والأنـف فـي وجـه ابن آدم زينة
فــالوجه لــولا أنفــه متجهّـم
كالهـدُب فـي شـفر العيون فإنه
لــولاه تنشـتر العيـون وتسـجم
إن الوجــوه صــحائف مطموســة
يمحـو كتابتهـا ويثبتهـا الدم
بينــاك تقـرأ حرفهـا متفهّمـاً
يبـــدو تحرّفهـــا فلا تتفهّــم
فالعقــل فيهـا عـالم متجاهـل
طــوراً وطــوراً جاهــل متعلّـم
إنـي أرى هـذي الوجـوه نواطقاً
بالســرّ لكــنْ نُطقهــنّ مجمجـم
وأرى لحــاظ عيونهــا متحـدّثاً
عنهــا ولكــنْ الحــديث مرجّـم
فكـأنني البـدويّ يسـمع راطنـاً
وكأنمــا هــي أعجمّــي طمطــم
ولــربّ وجــه يســتبيك بحسـنه
فــتروح منـه وأنـت صـبّ مغـرم
يبـدو إليـك وأنـت خلِوٌ من هوى
ويصــدّ عنـك وأنـت فيـه مـتيّم
وإذا تغّيــب فالبــدور مضـيئة
وإذا أضــاء فكــل بـدر مظلـم
للـه فـي وجـه ابـن آدم حكمـة
يعنـو السـفيه لهـا ومن يتحكّم
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.