
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أرى للـروح بالبـدن اتصـالاً
خَفيّــاً لا تــبين لــه رسـوم
تطيـف بـه الهـواجس شـاعرات
وتعجـز عـن حقيقتـه الفهـوم
فــإن الـروح للجثمـان تلـو
بـه منهـا ومنـه بهـا وسـوم
يتــم كلاهمــا هــذا بهــذا
كــذلك تـمّ أمرهمـا القـويم
فلا جســد يقــوم بغيــر روح
ولا روح بلا جســــد تقــــوم
همــا متلازمــان فمــا لكـلٍ
بغيــر قرينــه أبـداً لـزوم
لــذلك كــانت الأرواح منــا
بحيـث تهـي إذا وهـتِ الجسوم
ولسـت أظـنّ أن الـروح تبقـى
إذا مُحيِـت مـن الجسد الرسوم
وربَّتَمــا يكــون لهــا دوام
ولكــنْ غيــر شــاعرة تـدوم
ومـا هبطـت مـن الخضراء لكن
مـن الغـبراء أنبتها الحكيم
وأمــا هــذه الأجســام منـا
فتبنيهــا الماكـل والطعـوم
وتُرويهـا المشـارب والمحاسي
وتـذويها اللوافـح والسـموم
ويُوهِنهــا التقشـَف والتضـنّي
ويحســنها التـترّف والنعيـم
ويعــض مــن مطاعمنـا غـذاء
تُحـاك على العظام به اللحوم
وبعــض مــن مطاعمنـا وَقـود
تُـديم بـه حرارتهـا الجسـوم
لـه فـي جـوف آكلـه احـتراق
تكـون رَمـادَه فيهـا الشـحُوم
وللأرواح كالأجســـــــاد زادٌ
بـه تنمـو المشـاعر والحُلوم
هو النَغَم الرقيق من المثاني
هـو الأدب الرفيـع هو العلوم
فـإن الـروح تغـذوها الأغاني
ويجلـو هَمهـا الصـَوت الرخيم
ويصـقلها الجمـال إذا رأتـه
وتصـدئها القبـائح والهمـوم
فلا تنفــر بسـمعك مـن غنـاءٍ
بــه غنّتــك شــادية بغــوم
ولا تـــترفَعنّ عــن الملاهــي
ولـو شـهدتْ برفعتـك النجـوم
وكـن في المُطربات فتىً طروباً
فـإن النـاس أطربُهـا الكريم
وقــف عنـد الحـدود بلا تعـدّ
إلـى مـا ليـس يحمده الحليم
ولا تشــتطَّ فــي طــرب ولهـو
فكــلّ مُقــارفٍ شــَططاً ذميـم
فـإن وافقتنـي وجربـت جَريـي
وإلا فاتَــك الطبــع السـليم
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.