
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أدهــق الــدهر بالمنيّـة كاسـه
مــن قـديم وطـاف يسـقي أناسـه
كيــف يرجـى طـول البقـاء لحّـيٍ
جعـــل اللــه عمــره أنفاســه
تعســت هــذه الحيــاة وإن كـا
نـــت لعمـــري خلابــةً حسّاســه
قصــّرتها يــد الحــوادث لكــن
قـد اطـالت بهـا على الحيّ باسه
غيـر أن السـعيد مـن بـان عنها
وهــو مســتثمر بهــا أغراســه
والـذي عـاش مؤنسـاً وحشـة النا
س ممــــدّاً بفضـــله إيناســـه
مثـل ذاك الشـيخ الذي مذ فقدنا
ه فقـدنا بـه النهـى والكياسـه
نعـــي الخالصــي فــارتجّت الأن
فـــس حزنــاً مضــرّجاً بحماســه
هــو ذاك المهــديّ أحـرز سـبقاً
حيـن أجـرى إلـى الهـدى أفراسه
هـو ذاك الحـبر الـذي كان للشر
ع مقيمـــاً دليلـــه وقياســـه
كان في الدين آية الله أفنى ال
عمـــر فيــه رعايــةً وحراســه
أفــق العلــم قـد بـد مكفهـرّاً
عنــدما أطفــا الـردى نبراسـه
إن بكـاه الـدين الحنيفـي شجواً
فلأن كــــان ركنـــه وأساســـه
كــان ردءاً للحـق مرتـدي التـق
وى فكـانت طـول الحيـاة لباسـه
ولقـد كـان فـي العلـوم إمامـاً
حيـث فيهـا انتهت إليه الرياسه
أنـا أبكـي عليـه مـن جهة العل
م واغضـي عـن خوضـه في السياسه
لا لأنـــي أراه فيهـــا ملومــاً
بــل لأنــي أعيـب فعـل الساسـة
ليـس فـي هـذه الهنـات السـياس
يـات إلا مـا ينجلـي عـن خساسـه
قــد أبــت هــذه السياسـة إلاّ
أن تكــون الغشّاشــة الدسّاســه
وأبــت أن تصــافح النــاس إلا
بيـــدٍ مـــن خديعـــة فراســه
كلّمـــا مســـّت الأمـــور بكــفٍ
لوّثتهــا بمـا بهـا مـن نجاسـه
إن فــي هــذه السياســة سـهماً
جعـــل اللــه بــاطلاً قرطاســه
مـا تعـاطى غيـر الخـداع غلاد س
تـــون فيهـــا كلا ولا دلكْاســه
إن أحســـّت بقــوةٍ مــن خصــيم
كـانت الظـبي لـم يزايـل كناسه
وهـي إن آنسـت مـن الخصـم ضعفاً
كــانت الليــث مـبرزاً أضراسـه
لــو أردنـا إفاضـة فـي هجاهـا
لكتبنـــا لكـــم بــه كرّاســه
فلهـــذا أجــلّ عنهــا رجــالا
شـــغلتهم علــومهم بالدراســه
رحــم اللــه شــيخنا إنـه كـا
ن بعيــداً عمّـا تريـد السياسـه
ليــت تلـك العلـوم قـد شـغلته
عــن أمــور لا تشــتري بنحاسـه
أنتجــت بعــده فــأوحش أرضــاً
فــي العراقيــن عـوّدت إيناسـه
فقضــى بعــد نــأيه عـن إنـاس
طلبـوا علمـه ورامـوا اقتباسـه
أيهــا القــوم إن هـذا لرأيـي
فـي فقيـدٍ لـم تشـهدوا إرماسـه
فــإذا كنــت قــد أصــبت وإلا
فانبـذوا مـا أقوله في الكناسه
لسـت بالشـاعر الـذي يرسل اللف
ظ جزافــاً لكــي يصــيب جناسـه
أنــا لا أبتغـي مـن اللفـظ إلاّ
مــا جــرى فــي سـهولةٍ وسلاسـه
إنمـا غـايتي مـن الشـعر معنـىً
واضــح يـأمن اللـبيب التباسـه
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.