
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
علام حُرِمنــا منــذ حيــنٍ تلاقيــا
أفـي سـفر قـد كنـت أم كنـت لاهيا
عهـدناك لا تَلهـو عـن الخِـلّ سـاعةً
فكيـف علينـا قـد أطلـت التجافيا
ومـا لـي أراك اليـوم وحدك جالساً
بعيـداً عـن الخُلاّن تـأبَى التدانيا
أنابَـــكَ خَطــب أم عَــراك تعشــُّقٌ
فــإنّي أرى حزنــاً بوجهـك باديـا
ومـا بـال عينيـك اللـتين أراهما
تُـديران لحظـاً يحمـل الحزن وانيا
وأيُّ جَــوىً قـد عُـدت اصـفر فاقعـاً
بـه بعـد أن قـد كنـت أحمر قانيا
تكلّــم فمـا هـذا الوُجـوم فـأنني
عهــدتك غِرِّيــداً بشــعرك شــاديا
تَجَلَّــد تجلّــد يـا سـليم ولا تكـن
بمـا نـاب مـن صرف الزمان مُباليا
ولا تبـــتئس بالــدهر أن خطــوبه
ســحابة صــيف لا تَــدوم ثوانيــا
فقــال ولــم يملِـك بـوادرَ أدمـع
تنـــاثَرْن حـــتى خلتهــنّ لآليــا
لقـد هجتنـي يا أحمد اليومِ بالأسى
وذكَّرتنـي مـا كَنـت بـالأمس ناسـيا
أتعجَــبُ مــن حزنـي وتعلـمَ أننـي
قَرِيــع تباريــح تُشـيب النواصـيا
لقـد عشت في الدنيا أسيفاً وليتني
تَرَحّلــت عنهــا لا علــيَّ ولا ليــا
وقـد كنت أشكو الكاشحين من العدى
فأصــبحت مــن جـور الأخِلاّء شـاكيا
ومـا رحـت أستشـفي القلوب مداوياً
مـن الحِقـد إلاّ عـدت عنها كما هيا
ودارَيــت حــتى قيــل لـي متملِّـق
ومـا كـان مـن داء التَمَلُّـق دائبا
وحـتى دعـاني الحـزم أن خَـلِّ عنهم
فــإن صـريح الـرأي أن لا تُـداريا
وربّ أخ أوْقَـــرت قَلـــبي بحبّـــه
فكنــت علـى قلـبي بحُبِّيـه جانيـا
أراد انقيــادي للهـوان ومـا درى
بــأنيَ حــر النفـس صـعب قياديـا
إذا مـا سـمائي جـاد بالذُلّ غَيْثها
أبَيْــت عليهــا أن تكـون سـمائيا
ألا فَابْـك لـي يا أحمد اليوم رحمةً
ودعنــي وشــأني والأسـى وفؤاديـا
فـإنّ أحـقَّ النـاس بالرحمـة امـرؤٌ
أضـاعِ وداداً عنـدَ مـن ليـس وافيا
ومـا كـان حَظي وهو في الشعر ضاحك
ليظهـر إلاّ فـي سـوى الشـعر باكيا
ركِبـت بحـور الشـعر رَهْـواً ومائجاً
وأقْحَمْــت منهـا كـلّ هَـوْلٍ يراعيـا
وســَيَّرت ســُفْني فــي طِلاب فنُــونه
وألْقيـت فـي غير المديح المَراسيا
وقلت اعصِني يا شعر في المدح إنني
أرى النـاس مَـوْتَى تستحق المرانيا
ولــو رضـِيَت نفسـي بـأمرٍ يَشـيِنها
لمــا نطقــت بالشـعر إلاّ أهاجيـا
وكـم قـامَ ينعَـى حين أنشدت مادحاً
إلـيّ النـدى نـاعٍ فأنشـدت راثيـا
وكــم بشــّرتَنْي بالوفــاء مقالـة
فلمـا انتهـت للفعـل كانت مناعيا
فلمّــا بكــى أمســكت فَضـلِ ردائه
وكفكفـت دمعـاً فـوق خَـدَّيْه جاريـا
وقلــت لــه هَــوِّن عليــك فإنمـا
تَنـوب دواهـي الدهر من كان داهيا
ومــا ضــَرّ أن أصـفَيْت وُدّك مَعشـراً
من الناس لم يَجْنُوا لك الوُدّ صافيا
كفـى مَفخـراً أن قد وفَيْت ولم يَفُوا
فكنت الفتى الأعلى وكانوا الأدانيا
لعــلّ الــذي أشـجاك يُعقـب راحـة
فقـد يَشـكر الأنسـان ما كان شاكيا
ألاّ ربّ شـــرّ جــرّ خيــرا وربمــا
يجُــرّ تجافينـا الينـا التصـافيا
فلـو أن مـاء البحـر لم يك مالحاً
لرُحنـا من الطوفان نشكو الغواديا
ولـولا اختلاف الجذب والدفع لم تكن
نجـــوم بـــأفلاك لهــنّ جواريــا
وكيــف نــرى للكهربــاء ظـواهراً
إذا هـي فـي الأثبات لم تلق نافيا
تمـوت القـوى أن لم تكن في تبايُنٍ
ويَحَيْيـن مـا دام التبـايُنُ باقيـا
فلا تعجبَــنْ مـن أننـا فـي تنـافر
ألـم تـر في الكون التنافر ساريا
وهَبْهــم جَفَـوْك اليـوم بُخْلاً بـوُدّهم
ألـم تَغْـنَ عنهم أن ملكت القوافيا
فطِـرْ فـي سـموات القريـض مرفرفـا
وأطلـع لنا فيها النجوم الدراريا
فـأنت امـرؤٌ تُعطـي القـوافيَ حقّها
فتبـــدو وأن أرخصــتهن غواليــا
يجيبــك عفــواً أن أمـرت شـَرودها
وتأتيـك طوعـاً أن دعـوت العواصيا
فقـال وقـد ألْقَـي علـى الصدر كفّه
فشـدّ بهـا قلبـاً مـن الوجد هافيا
لقـد جئتنـي بـالقول رَطباً ويابساً
فـداويت لـي سـُقماً وهيّجـت ثانيـا
فـإني وأن أبـدي لـي القـوم جفوةً
أُمَنّــي لهــم ممـا أحـبّ الأمانيـا
ومـا أنـا عـن قومي غنيّاً وأن أكن
أطـاول فـي العزّ الجبال الرواسيا
إذا نـاب قـومي حادث الدهر نابني
وأن كنـت عنهـم نازح الدار نائيا
ومـا ينفـع الشـعر الذي أنا قائل
إذا لم أكن للقوم في النفع ساعيا
ولســت علــى شــعري أروم مَثوبـةً
ولكــنّ نُصــح القـوم جُـلّ مراميـا
ومــا الشـعر إلاّ أن يكـون نصـيحة
تنشـــِّط كســلاناً وتُنهــض ثاويــا
وليـس سـَرِيّ القـوم مـن كان شاعراً
ولكـن سـري القـوم مـن كان هاديا
فعلّمهــم كيـف التقـدم فـي العلا
ومــن أيّ طُـرْق يبتغـون المعاليـا
وأبْلَـى جديـد الغَـيّ منهـم برُشـده
وجــدّد رشـداً عنـدهم كـان باليـا
وســافر عنهـم رائداً ِخصـب نفعهـم
يَشـق الطَـوامي أو يَجـوب المواميا
وأن أفســدتهم خُطّــة قـام مُصـلِحاً
وأن لَــدَغَتْهمِ فتنــةٌ قـام راقيـا
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.