
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أمـا آن أن تُنْسـى من القوم أضغان
فيُبنَـي علـى أسّ المؤاخـاة بنيـان
أمــا آن يُرمَــى التخـاذُل جانبـا
فتكســبَ عــزاً بالتناصــُر أوطـان
علام التعــــادي لأختلاف ديانــــة
وأن التعـادي فـي الديانـة عُدوان
ومـا ضـَرَّ لـو كـان التعاوُن ديننا
فتَعْمُـــرَ بلــدان وتــأمنَ قطّــان
إذا جمعتنــــا وحـــدة وطنيّـــة
فمــاذا علينــا أن تَعَـدَّد أديـان
إذا القــوم عَمَّتْهــم أمـور ثلاثـة
لســان وأوطــان وبــاللَّه إيمـان
فــأيّ اعتقــادٍ مــانعٌ مـن أخـوّة
بهـا قـال أنجيـل كمـا قـال قرآن
كتابـان لـم يُنزلهمـا اللَّـه ربنا
علــى رُســْله إلاّ ليَســعَد أنســان
فمـن قـام باسم الدين يدعو مُفّرِقاً
فـدعواه فـي أصـل الديانـة بُهتان
أنَشـقى بـأمر الـدين وهـو سـعادة
إذاً فإتبـاع الـدين يا قوم خُسران
ولكــن جهـل الجـاهلين طَحـا بهـم
إلـى كـل قـول لـم يؤيّـده برهـان
فهـامُوا بتَيْهـاء الأباطيـل كالـذي
تخَبَّطَــه مــن شــدة المَـسّ شـيطان
مَــواطنكم يــا قــوم أُمّ كريمــة
تـدُرّ لكـم منهـا مدى العمر ألبان
ففــيِ حضــنها مهـدٌ لكـم ومَبـاءةٌ
وفـي قلبهـا عطـف عليكـم وتَحْنـان
فمــا بــالكم لا تُحســنون وواجـب
علــى الابـن للام الكريمـة أحسـان
أصـبراً وقـد أمسـَى العـدوّ يُهينها
أمـا فيكـم شـَهْم علـى الام غَيْـران
أجـل أنكـم تـأبى الحيـاة نفوسُكم
إذا لم يكن فيها على المجد عُنوان
ألسـتم مـن القـوم الـذين عَلاؤُهـم
تَقـاعس عنـه الـدهر وأنحـطّ كيوان
نمَتْكـم إلـى المجـد المُؤثَّـل تغلبٌ
كمــا قـد نمتكـم للمكـارم غَسـّان
فلا تُنكـروا عهـد الأخـاء وقـد أتت
تصــافحكم فيــه نــزار وعــدنان
أجـبْ أيهـا النَـدْب المسيحيّ مسلماً
صــفا لـك منـه اليـوم سـرٌّ وأعلان
فلا تَحرِمــا الأوطــان أن تتحالفـا
يــداً بيــدٍ حــتى تؤكَّــد أيمـان
ألا فانهضــا نحـو العِـدي وكلاهمـا
لصـاحِبه فـي المـأزِق الضَنْكِ معوان
وقـولا لمـن قـد لام صـَهْ وَيْـك أننا
علــى حــال فـي المـواطن أخـوان
فمَــنْ مبلــغُ الأعــداءِ أن بلادنـا
مَآســِد لــم يَطـرُق َذراهـنّ سـرحان
وأنّـا إذا مـا الشـّر أبـدى نُيوبه
رددنـاه عنـا بـالظُبي وهـو خَزيان
سنَستَصــرخ الآســاد مـن كـل مَربـض
فتمشـي إلـى الهَيْجـاءِ شـيب وشُبان
أسـود وغـىً تـأبى الحيـاة ذَمِيمـةً
وتلبـس بـالعزّ الـرَدىَ وهـو أكْفان
مَقــاحِيم تَصـْلَى المَعمَعـان مُشـِيحةً
إذا أحتَـدَمت في حَوْمة الحرب نيران
وتكسـو العَـراء الرَحـب مسْح عجاجة
يَمُـجّ بهـا السيفُ الرَدى وهو عُريان
ســننهض للمجــد المخلَّــد نهضــة
يقــرّ بهـا حَـوران عينـاً ولُبنـان
وتعــتزّ مــن أرض الشـَآم دمشـقها
وتهـتز مـن أرض العراقَيْـن بغـدان
وتطـرَب فـي الـبيت المقـدَّس صـخرة
وترتـاح فـي الـبيت المحرَّم أركان
وتَحســُن للعُــرب الكــرام عـواقب
فيحمَــدها مُفــتٍ ويشــكر مطــران
ولـو أنصـفتنا ساسـة الغرب لأغتدت
دمشـق لهـا مـن ساسة الغرب أعوان
ورقّـــت قلــوب للعــراق وأهلــه
وأصــغت إلـى شـكوى فلسـطين آذان
ولكنهــم رانــت عليهــم مطــامع
فأمسـَوْا وهـم صـُمٌّ عـن الحق عُميان
لقــد قيــل أن الغـرب ذو مدنيّـة
فقلـت وهـل معنـى التمـدن عُـدوان
وأيّ فَخـــارٍ كـــائنٌ فــي تمَــدُّن
إذا لم يقُم في الغرب للعدلِ ميزان
إذا كـــانت الأخلاق غيــر شــريفة
فمـاذا عسـى تُجْـدي علـوم وعِرفـان
بنفسـي أفـدي فـي العـراق مَنابتاً
يفــوح بهــا شـِيحٌ ويَعبَـق حَـوْذان
ريــاض رَعَتْهــا النائبـات بـأذْؤب
مـن الجَـور فأرتـاعت ظبـاء وغِزلان
لقد كان فيها الرَنْد والبان زاهياً
فأصـــبح لارنــد هنــاك ولا بــان
وأصــبح مَرْصــوداً بهـا كـل مَنْهَـل
عليـه مـن التَرْنيـق بالظلم ثعبان
وظــلّ ابنهــا عـن كـل حَـوْض مُحَلأً
يَحُــوم علـى سَلسـاله وهـو عطشـان
سـأبكي عليهـا كلمـا هبّـت الصـَبا
فمـالت بهـا مـن حـول دجلة أغصان
ومَـن ذَرَفـت آمـاقه الـدمعَ لؤلـؤاً
ذرفـت عليهـا أدمُعـي وهـي مَرْجـان
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.